لماذا تفشل كلُّ نصائح العمل من المنزل؟

لقد كنت أعمل من منزلي بانتظام طوال العقد الماضي، وطوال السنوات الخمس الماضية، أمضيت معظم وقتي في إنجاز عملي من منزلي، فقد أسستُ مدونتي، وألَّفتُ ستة كتب و90% من مقالاتي من منزلي، بصفتي متمرساً في العمل من المنزل، فقد قرأت كثيراً من النصائح الفاشلة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن أكثر النصائح الخاطئة عن العمل في المنزل شيوعاً، وعن نصائحه في هذا الصدد.

في الوقت الحالي، يعمل الناس من المنزل أكثر من أيِّ وقت مضى بسبب جائحة فيروس كورونا؛ لذلك إذا صدمتك قراءة بعض الأنواع من المقالات، فلست وحيداً، وفيما يأتي قائمة بالنصائح السيئة التي قرأتها على الإنترنت:

1. خصِّص مكتباً منزلياً منفصلاً:

إذ يوصي الجميع تقريباً بذلك، لكن هل يعيش الناس في قصور؟ فمعظمنا لا نملك غرفةً احتياطية يمكننا تحويلها إلى مكتب، بالتأكيد من الرائع أن يكون لديك مكتب منزلي مريح، لكن علينا أن نعمل وفقاً لما نمتلكه، وليس وفقاً لما نحلم به.

2. اعمل مع صديق:

ما الداعي لذلك إذا كنا نستطيع العمل بمفردنا؟ فلم نَعُد في المدرسة؛ بل يمكننا إنجاز أمورنا بأنفسنا.

3. استخدم الأدوات المناسبة:

يُعقِّد الناس ذلك كثيراً؛ لكنَّك لست بحاجة سوى إلى حاسوبٍ محمول وشبكة إنترنت جيدة، فلا تحتاج إلى أدوات جديدة للعمل من المنزل.

4. ارتدِ لباساً مناسباً:

قرأت في مكان ما أنَّه يجب عليك ارتداء الملابس نفسها التي ترتديها عادةً في العمل، وربما يناسب ذلك بعض الناس، لكن ارتدِ ما يحلو لك.

5. أنشئ قائمة مهام:

إنَّ هذه الأشياء تشوش ذهنك فقط.

6. حدِّد ساعات العمل:

ليس ذلك ضرورياً، إلا إذا كنت تعمل في خدمة العملاء، لكن بخلاف ذلك، فلا داعي لتخصيص ساعات محددة، فإنَّ فائدة العمل من المنزل هي عدم وجود ساعات عمل محددة؛ بل يمكنك العمل وقتما تشاء؛ فالأشخاص الذين يعملون لدي ليس لديهم ساعات عمل أيضاً، أنجز الأمور فقط، فلا يهمني متى تفعل ذلك.

شاهد بالفيديو: 10 نصائح للعمل من المنزل

توجد نصائح كثيرة غير مجدية عن العمل من المنزل؛ إذ يُطلب من معظم كتَّاب المحتوى تقديم نصائح، فيختلقون شيئاً ما أو ينسخون ما توصي به المواقع الأخرى، ومن واقع خبرتي، لا يوجد سوى عدد قليل من النصائح العامة التي ستسهل عليك العمل من المنزل، ها هي هذه النصائح:

1. اجعل العمل أولويةً لك:

إنَّها أهم نصيحةٍ ساعدتني في مسيرتي المهنية، فمنذ نحو خمس سنوات، سئمت من تقلبات حياتي المهنية؛ فتراني منتجاً تارة، وغير منتج تارة أخرى.

لقد جربت كلَّ تلك النصائح والتكتيكات غير المجدية، ولم ينفعني أيَّ شيء، لكن من خلال قراءة السير الذاتية للأشخاص الذين أعدُّهم قدوتي، تعلَّمت أنَّ كلَّ فرد من هؤلاء الأشخاص يمنح الأولوية للعمل.

أحد كتبي المفضلة هو كتاب "طقوسٌ يومية" (Daily Rituals) من تأليف الكاتب مايسون كاري (Mason Curry)؛ ففي هذا الكتاب، يمكنك أن تقرأ عن الطقوس التي اتبعها 161 من الفنانين والقادة والكتاب والعلماء الملهمين وغيرهم من المبدعين.

لقد لاحظت أنَّ كلَّ هؤلاء الأشخاص خططوا لأيامهم وفقاً لعملهم، ولا يعني ذلك أنَّ الأشياء الأخرى ليست هامة؛ إنَّما يعني أنَّك ملتزم بإنجاز عملك مهما حدث.

كلُّنا نعلم أنَّ هذا صحيح، فتذكَّر ذلك العمل الهام الذي كان عليك تسليمه قبل الموعد النهائي مهما تطلب الأمر، وتذكَّر الوقت الذي كان عليك فيه العمل بدلاً من زميلك المريض، فعندما تكون المخاطر كبيرة، فإنَّنا دائماً ما ننجز الأمور، فهل يهم في هذه الحالة الزي الذي ارتديته، أو في أيِّ مكانٍ كنت تعمل؟

بالطبع لا يهم، ما يهم هو أنَّ العمل كان أولويتك خلال تلك الأوقات، ويمكنك ارتداء ما تريد، يمكنك العمل من الأريكة، والعمل في الساعة الثانية صباحاً أو السادسة مساءً، وحتى في الحمام وباستخدام أيِّ نوع من التطبيقات.

عملياً، تعني هذه العقلية أنَّك تخطط يومك وفقاً لعملك؛ أي إنَّ عملك يأتي حرفياً في المقام الأول؛ إنَّه أمرٌ مختلفٌ لكلِّ شخص؛ فالأمر بسيط بالنسبة إلي: أستيقظ دون منبه، وأحتسي بعض القهوة، وأبدأ الكتابة، وبعد أن أنتهي من كتابتي، أتفرغ إلى الأمور العملية في الحياة.

يستخدم بعض الناس أطفالهم عذراً؛ فلكلِّ شخص أسبابه التي تمنعه من جعل العمل الأولوية الأولى في حياته، ولا بأس في ذلك، فلست مضطراً لشرح مشاغلك لأحد، وما زلت أتلقى هذه الأنواع من رسائل البريد الإلكتروني من الناس مراراً وتكراراً؛ إذ كتب لي أحدهم: "إنَّك لا تفهم الأمر، فأنا لدي كثير من الأشياء التي يجب أن أقوم بها".

لدينا جميعاً مثل هذه الأشياء، فماذا إذاً؟ إنَّ الأشخاص الذين يعتقدون أنَّ حياتهم أصعب من حياة الآخرين لا يرون الواقع؛ فحياتنا جميعاً صعبة، وهذا التذمر سيجعل الأمر أكثر صعوبةً فقط.

2. لا تبالغ في العمل:

إنَّه لموضوعٌ حساس إذا كان لديك رب عمل؛ إذ يعتقد بعض أرباب العمل والشركات ذات التفكير الرجعي أنَّه يجب عليك العمل 8 ساعات في اليوم؛ لأنَّ هذا ما ينص عليه عقدك، ويعتقد بعض رواد الأعمال أنَّهم بحاجة إلى العمل بجهد مضاعف، فمن أين يأتي هذا التفكير؟ هل سبق لك أن احتفظت بسجل لنشاطك؟ كم ساعةً في اليوم تكون منتجاً حقاً؟

بالنسبة إلي، فإنَّني أكتفي بنحو 4 إلى 5 ساعات، وبعد ذلك يتشوش تفكيري وأرتكب كثيراً من الأخطاء؛ ومن ثَمَّ سوف تتدهور جودة عملي إذا عملت كثيراً في اليوم، ونظراً لأنَّ كلَّ شخص مختلف، عليك أن تكتشف بنفسك كم ساعةً يمكنك أن تعمل في اليوم.

لا تبالغ في الأمر، إنَّني لا أقول يجب على الجميع العمل 4 ساعات في اليوم فقط؛ بل ربما يمكنك أن تعمل 7 ساعاتٍ يومياً بإنتاجية عالية، وفي هذه الحالة، اعمل طوال تلك الساعات، لكن إذا نفدت طاقتك بعد 5 ساعات، فيكفيك ذلك؛ فالحياة طويلة وتوجد أيضاً أشياء أخرى تحتاج إلى اهتمامنا؛ إنَّ مقولة المؤلف ليو تولستوي (Leo Tolstoy)، تلخص كلَّ شيء؛ إذ قال: "توقف للحظة عن عملك، وانظر حولك".

إقرأ أيضاً: 10 أمور عليك القيام بها للنجاح في العمل من المنزل

3. جرِّب عدة استراتيجيات لتحقيق لإنتاجية المرغوبة:

توجد استراتيجيات عديدة مختلفة لتحسين الإنتاجية، وما يهم هو أن تُنشئ نظاماً خاصاً بك للعمل من المنزل، فما يناسب الآخرين قد لا يناسبك، والأهم من ذلك، أنَّ ما كان مناسباً لك قبل عام قد لا يكون مناسباً اليوم؛ فحياتنا تتغير باستمرار، ونحن بحاجةٍ إلى تعديل عاداتنا وروتيننا حتى تتناسب مع ظروف حياتنا الحالية.

على سبيل المثال، يسود العالم اليوم كثيراً من القلق والشك بسبب فيروس كورونا، لكن تجاهل الأخبار لن يجعل الأمر أفض؛ إنَّ قراءة بعض الأخبار مفيدة في الواقع في حالة حدوث جائحة، إذاً لا يمكننا استخدام الاستراتيجيات نفسها عاماً بعد عام؛ بل نحن بحاجةٍ إلى التكيف طوال الوقت.

ما تعلمته هو أنَّ قراءة الأخبار مرات عديدة في اليوم يريحني أكثر؛ فأنا أعرف ما يحدث حولي وأعرف الإجراءات التي يتخذها الناس والشركات؛ لكنَّني لا أشاهد الأخبار طوال اليوم وبالتأكيد لا أشاهد الأخبار المثيرة للمشاعر.

إقرأ أيضاً: 7 سلبيات للعمل داخل المنزل – تعرّف عليها

في الختام:

يجب أن نجد توازناً ما بين التركيز على ما يمكننا السيطرة عليه (أنفسنا)، وما لا يمكننا السيطرة عليه (كلُّ شيء آخر)؛ إنَّها ليست عمليةً سهلة، لكن عُدَّها تحدياً يجب تجاوزه.

ابحث عن طريقة تجعل عملك في المنزل منتجاً، وانتبه لما يحيط بك، وفي أثناء وجودك في المنزل، لا تنسَ الاستمتاع بهذا الوقت أيضاً، إنَّك المتحكم وعليك أن تقرر ما هي الخطوة التالية، أليس ذلك شعوراً جميلاً؟




مقالات مرتبطة