لماذا تحتاج إلى الأهداف متوسطة الأجل؟ وكيف تحددها؟

إنَّ أكثر الطرائق المضمونة لتحسين حياتك وتعزيز إحساسك بالسعادة والاكتفاء في الحياة هي تحديد الأهداف؛ حيث اكتشفَت دراسة أجرتها "جامعة الدومينيكان" (Dominican University) أنَّ الطلاب الذين دوَّنوا وحددوا أهدافهم كانوا أكثر احتماليةً لتحقيق مستويات دخل أعلى من الطلاب الذين لم يفعلوا ذلك؛ وإحدى طرائق تحديد الأهداف بفاعلية هي تحديد أهداف متوسطة الأجل.



توجد العديد من الأسباب الأخرى التي تجعلنا نأخذ تحديد الأهداف على محمل الجد، ولكن قبل أن ندخل في صميم هذا المقال، يجب علينا أولاً تحديد ما نعنيه بـ "الأهداف متوسطة الأجل".

ما هو الهدف متوسط الأجل؟

تتنوع الأهداف بين يومية وأهداف مدى الحياة ولكن ما هو الهدف متوسط الأجل؟ هو أي هدف ترغب في تحقيقه في السنوات الثلاث أو الخمس القادمة؛ حيث نستطيع إضافة أو إزالة سنة أو سنتين هنا ولكنَّه في الأساس بين ثلاث إلى خمس سنوات.

لماذا نستخدم الأهداف متوسطة الأجل؟

الهدف متوسط الأجل هو الهدف الذي يقارب ما بين الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها هذا العام والعام المقبل وأهداف حياتك طويلة الأجل، على سبيل المثال: إذا كنتَ تخطط للحصول على مبلغ كبير من المال بحلول وقت التقاعد، فهذا هدفٌ طويل الأجل؛ لذا فإنَّ الهدف متوسط الأجل والذي بتحقيقه ستحقق هدفك الأكبر هو توفير مبلغ من المال في السنوات الثلاث المقبلة.

تكمن مشكلة الأهداف طويلة الأجل في أنَّها غالباً ما تنطوي على طريق طويل؛ مما يعني أنَّ شعورنا بالحماسة تجاه ما سنتلقاه من تقدير ومكافأة على إنجازها يستغرق الكثير من الوقت، ويأتي هنا دور الهدف متوسط الأجل في سد هذا الفراغ وتقريبك أكثر من شعورك بالرضا؛ حيث تتبرمج أدمغتنا على الإشباع الفوري لرغباتنا، وهذا ما يجعل عملية إنقاص الوزن أمراً صعباً للغاية.

بصرف النظر عما يقوله العلم حول كيفية تخزين الجسم للدهون والاحتفاظ بها، فإنَّ فقدان الوزن يعتمد على مبدأ تقليل تناول الطعام وزيادة الحركة، ولكن المشكلة هي أنَّها عندما نشعر بالجوع، فإنَّ أجسامنا ترغب في الطعام في اللحظة ذاتها، فنحن بحاجة إلى هذا الإشباع الفوري، لذلك بصرف النظر عن مدى معرفتنا بأنَّ تناول كمية إضافية من الطعام لن يساعدنا على إنقاص الوزن، فنحن نأكله على أي حال؛ ذلك لأنَّ دماغنا يعطي الأولوية للإشباع الفوري على رغباتنا طويلة الأجل.

إقرأ أيضاً: 7 فوائد لأهمية تحديد أهداف واقعية

عَدُّ الأهداف متوسطة الأجل نقاط انطلاق:

يجب أن تنظر إلى الأهداف متوسطة الأجل على أنَّها نقاط انطلاق نحو شيء أكبر بكثير، فأحد الأسباب في أنَّ عدداً قليلاً جداً من الأشخاص يضعون الأهداف ويحققونها هو أنَّ دوافعهم تتراجع على مدى فترة طويلة، فغالباً ما نتجاهل الأهداف المستقبلية البعيدة ولا نضعها مرةً أخرى إلا عندما نتخذ قرارات في بداية العام الجديد.

في النهاية، يعود نجاحك أو فشلك في تحقيق هدف ما إلى سبب رغبتك في تحقيق هذا الهدف، فأسبابك يجب أن تكون قويةً بما يكفي لجذبك نحو ذلك الهدف، فإذا لم تكن كذلك، فسوف يكون الأمر صعباً مثل دفع صخرة كبيرة وثقيلة إلى قمة تلة شاهقة العلو، ومن ناحية أخرى، إذا كانت رغبتك قويةً في تحقيق الهدف، فسوف تكون مثل المغناطيس الذي يجذبك نحو تحقيقه.

إذا كان حلمك هو شراء يخت كبير لأنَّك ترغب في إثارة إعجاب أصدقائك، فسوف تفشل في النهاية لأنَّ تحقيق شيء لإبهار الآخرين يُعَدُّ سبباً ضعيفاً لتحقيق الهدف، ومن ناحية أخرى، إذا كان سبب رغبتك في ذلك هو إمكان معايشة تجربة البقاء في المياه المفتوحة وشعورك بالحرية في اختيار المكان الذي تذهب إليه حيث يمكنك الاستمتاع بهدوء الطبيعة، فمن المحتمل أن تكون أسبابك قويةً بما يكفي لجذبك نحو إنجاز الهدف.

إقرأ أيضاً: كتابة الأهداف

تحديد المسارات والأهداف المرحلية:

تخيَّل أنَّك تخرَّجتَ للتو من الجامعة، وبدأتَ العمل في وظيفتك الأولى، فقد يكون هدفك على الأمد الطويل هو أن تصبح مديراً تنفيذياً في الشركة، ولكن قد يستغرق ذلك من عشرة إلى عشرين عاماً وهي مدة طويلة عليك انتظارها.

فلذلك، قسِّم هدفك الأكبر إلى أهداف متوسطة الأجل إذا كنتَ تريد أن تجعله أكثر قابليةً للتحقيق، على سبيل المثال: قد تكتشف أنَّ جميع كبار المديرين التنفيذيين في شركتك حاصلون على ماجستير في إدارة الأعمال، لذلك قد يكون أحد الأهداف هو استكمال الدراسة لنيل شهادة الماجستير، ومن ثمَّ قد يكون الهدف الآخر هو الحصول على ترقية لتشغل منصباً إدارياً في غضون خمس سنوات، بمجرد أن تعرف ما تريد تحقيقه خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، يمكنك معرفة كيفية تحقيق هدفك الكبير.

وبدلاً من أن يكون لديك هدف كبير طويل الأجل بمسار غير واضح، فسوف تكون قد أنشأتَ مساراً واضحاً نحو تحقيق هدفك طويل الأجل، وبمجرد تحقيق هدفك متوسط الأجل​​، يمكنك التوقف والتفكير والبحث عن نقطة الانطلاق التالية نحو الهدف طويل الأجل.

ينجح هذا النهج مع أهداف اللياقة البدنية أيضاً، على سبيل المثال: لنتخيل أنَّ أحد أهداف اللياقة البدنية طويلة الأجل هو إكمال سباق مسافات طويلة في غضون خمس سنوات، وهو سباق فريد من نوعه لأنَّه يُجري تصفياتٍ صعبة؛ إذ يجب أن تثبت أنَّك شاركتَ في سباق المسافات الطويلة سابقاً في وقت محدد حسب عمرك وجنسك على سبيل المثال، للتأهل لسباق 2021؛ إذا كنتَ ذكراً ويتراوح عمرك بين 45 و49 عاماً، فسوف يتعين عليك إجراء سباق لمسافة طويلة في أقل من ثلاث ساعات وخمس دقائق، بينما تحتاج الإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 45 و49 عاماً إلى الجري في أقل من ثلاث ساعات و50 دقيقة، فهو وقت صعب التحقيق.

إذا لم تكن قد شاركتَ في سباق المسافات الطويلة من قبل، فسوف تحتاج إلى البدء ببعض الأهداف قصيرة الأمد، فربما تبدأ بسباق 5 كيلومترات متبوعاً بـ 10 كيلومترات وزيادة المسافة تدريجياً حتى تُجري أول سباق مسافات طويلة، ومن ثمَّ سيكون لديك معلومات كافية لتطوير تدريبك حتى تتمكن من إجراء السباق الأخير في وقت التأهيل.

لا تقربك هذه الأهداف قصيرة الأمد من هدفك النهائي فحسب؛ بل تمنحك أيضاً حافزاً للاستمرار في خطتك طويلة الأجل حتى تصل بك إلى هدفك المستقبلي.

شاهد بالفديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

كيف تحدد الأهداف متوسطة الأجل؟

إذا كنتَ ترغب في تحصيل فائدة كاملة من الأهداف متوسطة الأجل، فأنت بحاجة أولاً إلى تحديد هدف طويل الأجل ويجب أن يكون هدفاً كبيراً بما يكفي لتحفيزك وإثارة حماستك.

سأعطيك مثالاً من تجربتي، لدينا أنا وزوجتي هدف مستقبلي لبناء منزل نصممه بأنفسنا، وقد قدرنا التكلفة المحتملة لهذا وكان مبلغاً كبيراً، لذلك قسمنا الخطوات إلى أهداف متوسطة الأجل.

الهدف الأول هو توفير مبلغ معيَّن من المال بحيث يكفي لتغطية 50% من التكلفة الإجمالية، فالخطوة التالية هي إيجاد وشراء قطعة أرض يمكننا بناء المنزل عليها، ثمَّ نحتاج إلى الشروع في بناء المنزل، وفي هذا الهدف طويل الأجل هناك ثلاثة أهداف متوسطة الأجل: توفير المال وشراء الأرض وبناء المنزل.

لقد سجلتُ هذا الهدف طويل الأجل في مفكرتي في قسم المشاريع إلى جانب صور لنوع المنزل الذي نريد بناءه؛ حيث يحافظ ذلك على تركيزي، وقسمتُه إلى ثلاثة أهداف متوسطة الأجل.

هدفك بعيد الأجل هو الوجهة النهائية؛ حيث يمنحك سبباً للاستيقاظ في الصباح للاقتراب من تحقيق هذا الهدف، وتعمل الأهداف متوسطة الأجل على تزويدك بنقاط انطلاق ستبقيك على المسار الصحيح وتجذبك في النهاية نحو وجهتك.

المصدر




مقالات مرتبطة