للوصول إلى السعادة افعل ما تحب وليس ما يثير إعجابك

أنا أقضي كثيراً من الوقت مفكراً في تحسين حياتي وتطويرها، وغالباً ما يكون هذا التحسين بهدف تحقيق أهداف أخرى، مثل تعزيز نشاطي التجاري، أو الاهتمام بصحتي الجسدية، أو تكوين علاقات أفضل، ومع ذلك؛ فالهدف النهائي من ذلك هو أن أكون سعيداً، فلماذا لا أسعى إلى ذاك الهدف مباشرة؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون سكوت إتش يونغ (Scott H Young)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في إيجاد السعادة بالقيام بالمهام التي يحبُّها.

أظنُّ أنَّ الطريقة السهلة لتحسين ذلك هي اتباع النصيحة الآتية: افعل مزيداً من الأشياء التي تحبُّها، وقلِّل من الأشياء التي تثير إعجابك فقط.

أكثر حبَّاً وأقلُّ إعجاباً:

لدى كلٌّ منا أشياء يحبُّها، وهي أشياء ممتعة للغاية، وتناسب تصورنا لما نودُّ أن نكون عليه، ونشعر بالمرح والفرح الآني عندما نقوم بها، وتمنحنا أيضاً شعوراً بالرضى عن الشخص الذي نودُّ أن نكونه لاحقاً.

لدينا أيضاً أشياء تُثير إعجابنا فقط، وقد تمنحنا هذه الأشياء بعض مشاعر الفرح اللحظية، لكنَّ النشاط نفسه لا يقدِّم لنا أيَّ شعور بالتحسن أو بالرضى العميق تجاه أنفسنا؛ وذلك لأنَّه مجرد نشاط لتمضية الوقت فقط.

الطريق إلى السعادة العظمى في كلٍّ من الفرح اللحظي اليومي والرضى طويل الأمد عمَّا أنت عليه وأين يكون مكانك في الحياة طريق بسيطٌ، ويتمثل بإيلاء الأهمية لفعل الأشياء التي نحبُّها، والتقليل من أداء الأشياء التي تُثير إعجابنا أو تشغلنا فقط.

واجباتٌ أقل:

ثمة عدة أشياء يجب علينا فعلها في الحياة؛ فنحن بحاجة إلى العمل لدفع الفواتير، وبحاجة إلى دعم أصدقائنا وعائلاتنا، وبحاجةٍ إلى تناول طعام صحي والحفاظ على لياقتنا والعناية بأنفسنا.

لكن ثمة أيضاً كمٌّ هائل من الأشياء التي علينا فعلها، والتي لا نحبُّها ولا تعجبنا، ولسنا مجبرين على فعلها بالمعنى الدقيق للكلمة؛ إذ يقول بعض الأصدقاء أنَّنا يجب أن نتابع السياسة عن كثب وإلا فنحن مواطنون سيئون، ورأي المجتمع المحيط أنَّك إذا لم تكن قد قرأت أعمال الأديب الإنجليزي الشهير ويليام شكسبير (William Shakespeare)، فأنت شخص غير مبالٍ بالثقافة، وغالباً ما يكون لدى الوالدين قوائم بالأمور التي يتعين عليهم تعليمها لأبنائهم والتي تطول يوماً بعد يوم.

يجب أن تقلل من الأشياء التي تثير إعجابك لإفساح المجال لما تحب؛ يجب أن تقلل من الأشياء التي يجب عليك فعلها أيضاً؛ فإذا لم يكن لديك شيء ملح أو يُشعرك بالحماسة، فيمكنك حينها أن تمنع شعورك بالذنب إذا تجنبته من أجل شيء آخر تفضله وتحبه أكثر.

إقرأ أيضاً: 5 دروس مميّزة تقدمها لنا الحياة لتحقيق السعادة والرضا

عدم الشعور بالذنب تجاه الأشياء التي تحبها:

أحب الأشخاص المغرمين حقاً بما يفعلونه، وإن كان المجتمع يندهش في بعض الأحيان من هذا الأمر.

أنا مثلاً معجبٌ بالأشخاص المهووسين بممارسة ألعاب الفيديو، وتجاوز مراحلها بأسرع ما يمكن؛ لكنَّ المجتمع يعدُّ ممارسة ألعاب الفيديو غالباً هواية وضيعة، وأنَّ البالغين لا ينبغي لهم أن ينشغلوا بها كثيراً، لكنَّ الأشخاص الذين يمارسون هذه الألعاب مدمنون على ممارستها، وأنا معجبٌ بهم لأنَّهم على استعداد لبذل ما بوسعهم من أجل ما يحبونه، وإن كان العالم من حولهم يرفضه أحياناً.

عندما بدأت التدوين، كان يُنظر إلى هذا العمل نظرةً ازدراء، وكنت أسمع عباراتٍ مثل: "هل تقصد هؤلاء الأشخاص الذين يكتبون يومياتٍ على الإنترنت؟" والأمر نفسه حصل عندما أُغرمت بالعمل بمجال التنمية الشخصية، واكتساب العادات؛ إذ لم يكن من المقبول أن تحاول كثيراً.

أن تحب ما تفعل هو ما يعطيك الشعور بالسعادة أكثر من المال أو الشهرة أو المكانة؛ إنَّه أيضاً شيء تحت سيطرتك تقريباً، فقد تتأثر صحتك أو علاقاتك أو مهنتك بعوامل خارجية، لكنَّ فعل الأشياء التي تحبها هو خيارك وحدك إلى حدٍ كبير.

هذا لا يعني أنَّك يمكنك تجاهل الأشياء التي يتعين عليك فعلها، فهي ستشغل كثيراً من وقتك، وأحياناً وقتك كلَّه؛ وجزء من سبب عملك الجاد على أن تصبح أكثر نجاحاً هو التخلص من الأشياء المفروضة عليك، واستبدالها بأشياء تحبُّها، لكن حتى أكثر الأشخاص نجاحاً لا يتخلصون منها تماماً.

قد لا تتمكن من تخفيف الأشياء التي عليك القيام بها، لكن يمكنك بالتأكيد إجراء بعض التعديلات على الأشياء التي تثير إعجابك وتشغل وقتك فقط، أو تقليل الشعور بالذنب تجاه الأشياء التي تشعر أنَّه يجب عليك فعلها.

ضبط النفس لفعل ما تحبُّ:

تتطلب الأشياء التي تحبُّها شجاعةً، وانضباطاً لفعلها:

الشجاعة؛ لأنَّ الأشياء التي يجب عليك القيام بها والنشاطات المقبولة اجتماعياً والتي تثير إعجابك فقط، غالباً ما تكون هي الوضع الافتراضي؛ فالسمة العامة للمجتمع ليست الحب؛ بل هي الشعور بالضيق من أشياء مفروضة؛ لذا فإنَّ كونك شخصاً يفعل ما يُحبُّ، يجعلك تلقائياً غريباً بعض الشيء.

الانضباط؛ لأنَّ مجتمعنا مليء بالحلقات السلوكية الإدمانية التي تنتزع دوافعنا دون توفير رضى عميق عن هذا السلوك؛ فأنا مثلاً أحبُّ تعلُّم أشياء جديدة، مثل الرسم، والبرمجة، وقضاء الوقت مع الأصدقاء، ولكنَّني غالباً ما أشاهد مقاطع الفيديو الممتعة على موقع يوتيوب (YouTube) باعتدال؛ لأنَّ تطبيق اليوتيوب الموجود على هاتفي يصبح معززاً لهذا السلوك، ويزيد من احتمالات ممارسته، ويبعدني بطريقة غير مباشرة عن فعل ما أحبُّ بإبقائي مشغولاً.

إليك فيما يأتي بعض النصائح التي يمكنك اتباعها إذا كنت تريد أن تفعل مزيداً من الأشياء التي تحبُّها:

  1. اكتب في قائمة الأشياء كلَّها التي تحبُّ القيام بها وتستمتع بفعلها لكنَّها تمنحك أيضاً شعوراً بمعنىً ورضى أكبر.
  2. اكتب أيضاً قائمة بالأشياء التي قد تحبُّ القيام بها إذا منحتها فرصة، فقد تكون أشياء تثير اهتمامك، ولكنَّك لم تتقنها لدرجة تجعلك تشعر بالرضى باستمرار في أثناء قيامك بها.
  3. اكتب قائمة بالأشياء التي تفعلها بانتظام والتي تعجبك فقط أو حتى لا تعجبك.
  4. حاول أن تتخلص تدريجياً من تلك الأشياء الموجودة في البند رقم 3، واستبدلها بتلك الموجودة في البندَين رقم 1 أو رقم 2؛ إذ يمكنك القيام بذلك عن طريق تغيير عاداتك، أو وضع قيود على هاتفك أو تلفازك أو جهاز الكمبيوتر الخاص بك للحدِّ من استخدامها، أو ببساطة عن طريق قضاء مزيد من وقتك بالقيام بما تحبُّ؛ إذ يُتخلص تلقائياً من الأشياء التي تأخذ مزيداً من وقتك فقط.

شاهد بالفديو: كيف تصنع التغيير في حياتك من خلال تغيير عاداتك؟

في الختام:

على الرَّغم من أنَّ هذا قد يبدو استراتيجيةً لمن يتمتعون برفاهية وفرة الوقت، إلا أنَّه في الواقع خلاف ذلك؛ فإذا كانت حياتك مليئة بالأشياء المفروضة عليك، فمن الهام جداً أن يُنفق ما تبقى لك من وقت في فعل الأشياء التي تحبُّها حقاً، وعدم إهداره على الأشياء التي تشغلك فقط.

المصدر




مقالات مرتبطة