لا بأس في ألا يكون الموظفين على ما يرام في العمل

ليس مستبعَداً أن تقلب الأشهر العديدة الماضية تفكيرنا التقليدي حول بيئات العمل الآمنة رأساً على عقب، وأنا لا أقصد هنا التغييرات المادية في مكان العمل، مثل أجهزة تنقية الهواء وأزرار المصاعد ذاتية التعقيم؛ وإنَّما أقصد مكان العمل الذي يحمي الفرد من خطر التعرض للإصابة في العمل، ويحرره من الإكراه أو الترهيب أو المضايقة، ويُمكِّنه من التعبير عن مخاوفه أو طلب المساعدة دون الخوف من التجاهل أو التشهير. وسواء كان هناك وباء أم لا، فإنَّ بيئات العمل التي تمنع الأفراد من التعبير عن شعورهم بالقلق أو التوتر أو الارتباك أو الإنهاك، تعكس الثقافات والقيادة غير الصحية التي تؤدي إلى نتائج عكسية.



الآن أكثر من أي وقت مضى، عندما تتسلل أزمةٌ صحية عالمية إلى كل جانب من جوانب حياتنا - مع عدم وجود تغيير للوضع الراهن الجديد في الأفق - فإنَّنا نفقد التفاؤل والمرونة، وقد بدأَت تداعيات ذلك تؤثر فينا، ففي الاستطلاع الذي أجريناه مؤخراً حول المشكلات والمواقف المرتبطة مباشرةً بالأزمة الصحية، صنَّف أصحاب الشركات الصغيرة صحة وعافية موظفيهم كأولوية لا تقل أهميةً عن التعامل مع مشكلات التدفق النقدي والمخاوف بشأن فقدان العملاء الحاليين، حيث أعرب 41% منهم عن قلقهم بشأن صحتهم العقلية.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح لحماية الصحة والحفاظ على السلامة في العمل

تكشف الأزمة عن اختلاف جوهري آخر بين الشركات الكبيرة والصغيرة، فالأخيرة شخصية أكثر، ولا توجد درجات من التمييز بينهما، والخيارات صعبة للغاية؛ لأنَّ هناك عائلات تتأثر بكل قرار بشأن التوظيف والتعويض وما إذا كان يمكِن للشركة أن تستمر أم لا. ومع ذلك، يجد أصحاب الشركات الصغيرة صعوبةً في طلب المساعدة؛ إذ قال ما يقرب من 40% ممَّن شملهم الاستطلاع: إنَّهم لم يطلبوا أبداً إرشاداتٍ بشأن المشكلات المالية المتعلقة بالوباء من أي مستشار خارجي، وهذا ما يجعلني أتساءل، كم من هؤلاء المالكين لن يُعيروا اهتماماً لتعيين مدرب لياقة شخصي؟ أو يطلبوا المساعدة من مستشار مالي أو مستشار صحة عقلية؟ أو يعترفوا بأنَّهم لم يجدوا حلاً شافياً بعد؟ إذا كانت هذه الخيارات تشير إلى الضعف، فما مدى انفتاح بقية المنظمة على فكرة الضعف البشري؟ أنا بالتأكيد لا أدَّعي امتلاك الحلول كلها، ولكن إليك بعض الأشياء التي أحرص عليها:

1. الاهتمام بكل شيء:

معظم الأشخاص الذين أعمل معهم بارعون جداً في التعامل مع المشكلات أو المواقف الثابتة، ولكن ما نواجهه الآن مختلف تماماً؛ إذ تخلق المشكلات وطول مدتها نوعاً خاصاً من الإجهاد؛ لذا، أسأل دائماً كيف يُدير الموظفون أمورهم في هذه الظروف، وأُصغي إليهم، وأستعدُّ دائماً لاتخاذ إجراءات غير نمطية في المواقف غير النمطية، على سبيل المثال: نحن نقترب من نهاية فترة إعداد التقارير المالية في الشركة، وأنا أشعر بالتعب، وأشجع قادة المبيعات على أخذ يوم عطلة إضافي، وهذا ليس لطفاً أو إيثاراً؛ بل استثماراً مباشراً في صحة شركتنا وموظفينا.

2. أهمية الراحة:

في معظم البلدان، لا يستهلك الموظفون أيام الإجازة التي يستحقونها كافةً، ويَعُدُّون قضاء 7 أيام متواصلة بعيداً عن العمل أمراً ترفيهياً، وقد يؤدي العمل من المنزل إلى تعزيز هذا التوجه، فلا آمل ذلك، ونحن نعمل على التحقق من أنَّ هذا لن يحدث.

3. إضفاء الطابع الرسمي على الإجازة:

زادت الشركة أيام الإجازات الصحية المتاحة للموظفين من 5 إلى 10 أيام، في وقتٍ مبكرٍ من بداية الأزمة، ومنحَت المديرين المحليين نفوذاً للتعامل مع المواقف الفردية، وعلاوةً على ذلك، منحَت يوماً إضافياً للصحة دعماً لليوم العالمي للصحة العقلية.

إقرأ أيضاً: 12 نصيحة لطلب إجازة في العمل والحصول عليها

4. أهمية القدوة:

ترتكز قِيَمنا على الإنسانية، وأنا محظوظ للعمل مع أفراد يفعلون ما يقولون، ومنفتحين، ومبادرين، ويجيدون التواصل، ولا يخافون من التحدث عن نقاط ضعفهم. فيخلق هذا مكان عمل يشجع على المساواة بين الأفراد ويمنحهم حرية التفكير والاعتقاد، مقتدين في ذلك بقادتهم.

5. آليات المواجهة:

شخصياً، أحاول أنَّ أتذكر أنَّ بعضاً من البدائل القديمة، مثل وجبات الطعام السريع، والإفراط في مشاهدة التلفاز لم تكن يوماً أفضل خياراتي على الأمد الطويل، وسعياً وراء بدائل أكثر صحة، وأُذكِّر نفسي أيضاً أنَّني لستُ مضطراً للتقدم بسرعة دون تخطيط مسبَق، فالخطوات التدريجية أفضل من تكليف نفسي بمهمة ضخمة أخرى والعمل حتى الإنهاك لتلافي تقصيري.

وأنا أكتب هذا، أدرك أنَّني مرهقٌ، وأنَّ غداً هو يوم عمل، ولكنَّني لن أذهب، وكل ما سأفعله في الأسبوع المقبل سيكون أفضل نتيجة هذا القرار.

المصدر




مقالات مرتبطة