لأصحاب العمل: سر الاحتفاظ بالعمال المنتجين عن بُعد يكمن في اهتمامك بهم

يجب على أصحاب العمل احتواء موظفيهم الذين يعملون عن بعدٍ من خلال فهم احتياجاتهم، حيث لم يعد العمل عن بعدٍ مقتصراً على الشباب الصغار في العشرين من العمر كما قد يعتقد الكثيرون. في الواقع، تشهد مزيدٌ من الفئات العمرية والمهن تزايدَ عدد العاملين عن بُعد، وعادةً ما يكون ذلك عبر العمل من المنزل. أظهر استطلاعٌ أجرته مؤسسة جالوب (Gallup) عام 2017 أنَّ نسبة العاملين عن بعدٍ بدوام جزئيٍّ قد زادت من 39% في عام 2012، إلى 43% في عام 2016؛ كما وارتفع عدد أولئك الذين ينجزون 80-100% من أعمالهم عن بُعدٍ بنسبة سبعةٍ بالمئة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن خبيرة العلاقات العامة والعمل عن بُعد: "كارين لاختانسكي" (Karen Lachtanski).

من الواضح أنَّ الوظيفة التقليدية في المكتب لثماني ساعاتٍ في حالة تراجع. ولأنَّ الأبحاث تظهر أنَّ العاملين عن بُعدٍ غالباً ما يكونون أكثر إنتاجيةً من نُظرَائهم في المكتب، فإنَّ أعدادهم ستستمرُّ في الارتفاع.

ومع ذلك، فإنَّ العاملين عن بُعدٍ لديهم احتياجات يجب تلبيتها حتَّى يشعروا بأنَّهم على تواصلٍ وارتباط مع زملائهم في العمل والشركة، سيؤدِّي تجاهل هذه الاحتياجات إلى انخفاض نسبة استبقاء العمَّال وزيادة تكاليف التوظيف، ممَّا يلغي مزايا الإنتاجية التي يوفِّرها هؤلاء. إذاً، ما الذي يمكن لأصحاب العمل فعله لتلبية احتياجات العاملين عن بعد؟

التكنولوجيا ثُمَّ التكنولوجيا ثُمَّ التكنولوجيا:

أدواتٌ مثل: برامج مؤتمرات الفيديو، والمستندات المتاحة عبر الإنترنت؛ أمرٌ لابدَّ منه، ولكن ضع في اعتبارك أيضاً العمليات الداخلية لشركتك. على سبيل المثال: هل هناك عملياتٌ تتطلَّب توقيع النماذج وفحصها؟ هل يمكن تحويلها إلى خطواتٍ رقميَّة بحتة؟

تبذل العديد من الشركات جهودها في رقمنة العمليات التي تواجه العملاء، متجاهلةً الأعباء التي يتحمَّلها الموظَّفون. تفيد العمليات الداخلية الرقمية العاملينَ في المكتب، وترفع إنتاجية جميع العاملين عموماً. ومع ذلك، فإنَّ العمليات الورقية تشكِّل عبئاً أكبر على العاملين عن بُعد؛ نظراً لأنَّ معظمهم ليس لديهم طابعاتٌ أو أجهزة مسحٍ ضوئي، ممَّا يجعل هذه العمليات اليدوية أكثر تعقيداً في عالمٍ يتحوَّل بسرعةٍ إلى عالمٍ رقمي.

إقرأ أيضاً: 7 طرق للتخلص من الأوراق والتحوّل إلى الحياة الرقمية

الوعي الداخلي:

"البعيد عن العين، بعيدٌ عن العقل"، تمثِّل هذه المقولة أكبر مخاوف العاملين عن بعد. غالباً ما يعامل المدراء العاملين عن بعدٍ بشكلٍ مختلفٍ عن العاملين في المكتب بطرائق غير ظاهرة. على سبيل المثال: لا يُسأَل العاملون عن بُعدٍ غالباً عن حياتهم المهنية أو أهداف النمو الشخصي، رغم أنَّهم يملكون التطلُّعات نفسها في هذا الصدد مثل نُظرَائهم في المكتب.

يظهر بحث جالوب (Gallup) المذكور في بداية المقال، أنَّ المدراء يتردَّدون في إجراء محادثاتٍ طويلةٍ مع العاملين عن بعد، أو معرفة أهدافهم المهنيَّة؛ ذلك لأنَّهم لا يعتقدون أنَّ هناك العديد من الفرص لهم مقارنةً بالعاملين في المكتب. ومع ذلك، قد لا يكمن النموُّ الوظيفي والشخصي في الترقيات، ولكن في مجالاتٍ إضافية.

ينبغي على المدراء تحديد مواعيد المكالمات بانتظامٍ لمناقشة العمل الجاري والفرص الإضافية، فذلك يمنح المدراء الفرصة لمراجعة العمل الذي أُنجِز بشكلٍ جيدٍ والثناء عليه، وكذلك التفكير في طرائق التعرُّف على عمل العاملين عن بعدٍ داخل الفريق والأقسام.

إحدى هذه الطرائق للتعرُّف على العاملين عن بُعد هي من خلال لوحة الوظائف الداخلية للشركة، إذ عادةً ما تُظهِر "لوائح الوظائف الداخلية" الوظائفَ المتاحة داخل الشركة، ولكن يمكن استخدامها أيضاً لإبراز الموظفين الحاليين. يتلقَّى العمال في المكاتب مهاماً أخرى للشركة، ومناصب مختلفةً من الناحية التنظيمية. في المقابل، لا يتعرَّف العمال عن بعدٍ إلى هذا الأمر، وبالتالي لا يدركون ما هو ممكنٌ في مواقع أخرى من الشركة. ولهذا يمكن أن تكون "لوائح الوظائف الداخلية" في الشركة وسيلةً لكشف جميع الفرص.

إقرأ أيضاً: 8 طرق لجلب الانتباه إلى صفحتك في شبكة LinkedIn

مصالح متساوية:

بعيداً عن المجموعة المعتادة من الحوافز الطبيّة ومزايا العطلات والإجازات، لا يستطيع العمال عن بُعدٍ تلقِّي الحوافز البسيطة التي يتمتَّع بها معظم العاملين في المكتب. يمكن أن يكون بعضها على شكل وجبات غداء مجانيةٍ وحفلات، وفي بعض الشركات يوجد مزايا أخرى مثل: خدمة التنظيف الجاف. يمكن أن يكون سماع الحديث عن الوقت الرائع الذي قضاه الجميع في احتفال الشركة مُحبِطاً لمن يعملون عن بعد أو غير المدعوين إلى الحضور.

يجب أن يعي المدراء ذلك، وأن يجدوا طرائق لإدراج العاملين عن بُعد أو إخبارهم بأنَّهم جزءٌ من الشركة، إمَّا عن طريق إرسال تذكارٍ لهم، أو تشجيعهم على أخذ فترةٍ متساويةٍ من الوقت، أو تقديم مزايا أخرى تناسبهم مثل: مخصصاتٍ ماليةٍ تغطي نفقات الوصول إلى الإنترنت.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لتحفيز الموظفين دون الحاجة للحوافز المالية

الوظيفة الاقتصادية المرنة:

كما لوحظ سابقاً، فإنَّ العديد من العمَّال عن بعدٍ يعملون بدوامٍ جزئي. في الواقع، قد يكون لديهم العديد من الوظائف التي عند جمعها معاً تساوي ثماني ساعاتٍ أو أكثر من يوم العمل، ما يعنيه هذا لأرباب العمل هو أنَّ هؤلاء قد يُكمِلون عملهم في ساعات العمل غير التقليدية. قد تكون هناك أوقاتٌ من اليوم يحتاج فيها العاملون عن بُعدٍ إلى العمل خلال الساعات التقليدية لحضور الاجتماعات عبر الإنترنت على سبيل المثال، ولكن في معظم الأحيان، يمكن تركهم ليعملوا وفقاً لساعات عملٍ مرنة.

قد يواجه العديد من المدراء صعوبةً في إدارة ما لا يمكنهم "رؤيته"، لكنَّ البحث يُظهر أنَّ العاملين عن بُعدٍ أكثر إنتاجية، وأنَّ ساعات العمل هي ذاتها بغض النظر عن الوقت الذي يُنجَز فيه العمل خلال اليوم. يجب أن يكون التركيز على نوعية وكميَّة العمل المتفق عليه والمؤدَّى فعلياً.

في حين أنَّ هناك فوائد للعمل عن بعد، هناك أيضاً بعض الأعباء، ويشمل ذلك: ارتفاع تكاليف الكهرباء والتدفئة، ونقص التواصل البشري، والاتصال بالإنترنت باستمرارٍ للبقاء على اطلاعٍ، والافتقار إلى المحادثات المتبادلة مع زملاء العمل. إنَّ معاملة الموظفين عن بُعدٍ على النحو الذي يجري التعامل به مع نظرائهم في المكتب، ليس أمراً صعباً ويتطلَّب فقط التفكير والوقت والمرونة.

ونظراً لأنَّ معظم الأشخاص يغيرون الشركات عندما يغيرون وظائفهم، يجب على أصحاب العمل التأكُّد من أنَّ احتياجات العاملين عن بعدٍ يُعتنَى بها تماماً مثلما يُرعَى العاملون في المكتب. فأولاً وأخيراً، لدعمِ القوى العاملة، ينبغي الاهتمام جيداً بالعاملين عن بعد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة