كيفية تحويل الخوف من الفشل إلى تجربة ناجحة

هل تعاني عادة التسويف التي تمنعك من إنجاز أي عمل؟ ربما تقضي ساعات طويلة في القراءة والبحث عن موضوع معيَّن حتى تضمن القيام به دون أخطاء، أو ربما لديك هدف كبير؛ لكنَّك لا تعلم من أين تبدأ بتحقيقه.



أسباب تحوُّل التسويف إلى عادة:

السبب غالباً في التسويف، سواء تأجيل القيام بالأشياء، أم تجنُّب القيام بها أصلاً، أم البدء بها دون إنهائها هو الخوف، والخوف من الفشل، والخوف من ارتكاب الخطأ أو تضييع الوقت دون جدوى، أو الخوف من النقد، ومع أنَّ المخاوف يمكن أن تكون شديدة، فإنَّها في جميع الأحوال نتاج تفكيرك، وغالباً ما تكون أوهاماً ليس أكثر، وحتى إن كانت حقيقية فإنَّ العواقب نادراً ما تكون بالسوء الذي تتوقعه.

تربينا جميعاً على تجنُّب ارتكاب الأخطاء منذ نعومة أظفارنا، من منطلق أنَّ الأخطاء تودي بنا إلى الفشل، فنشأت لدينا عقدة الهوس بالكمال وإتقان كل شيء نقوم به إلى أقصى حد، ثم قويت هذه المعتقدات عندما باشرنا حياتنا المهنية. 

المشكلة هي أنَّ التعلم وتحقيق النجاح والوصول إلى الأهداف، أو أي غاية أخرى، يتطلب التجربة وارتكاب الأخطاء والتعلُّم منها بما يحقق لك تطوير الذات اللازم لتحقيق النجاح، لكن ما يزال معظمنا متمسكاً بالمعتقدات السابقة؛ ومن ثَمَّ يخشى من الإخفاق. 

في الواقع، يظن الأستاذ في جامعة ستانفورد (Stanford University) "بابا شيف" (Baba Shiv) أنَّه يوجد صنفان من الناس، الأول هم الذين يخشون الفشل، والثاني هم الذين يخشون إضاعة الفرصة، ويتوخى الأشخاص الذين يخشون من الفشل الحذر ويتجنبون تجربة الأشياء الجديدة، وفي المقابل لا مشكلة لدى الأشخاص الذين يخشون من ضياع الفرص في تجربة الأشياء الجديدة؛ لأنَّها ما يسمح لهم باغتنام الفرص، وقد يكون هذا التصنيف مبسَّطاً؛ لكنَّه طريقة ممتعة للنظر في دوافعنا. 

غالباً ما تكون فرص الأشخاص الذين يقدِمون على تجارب جديدة، مع احتمال ارتكابهم للأخطاء، أكثر في تحقيق النجاح مقارنةً بالأشخاص الذين يتوخون كثيراً من الحذر، ولا يُقدمون إلا على تجارب محسوبة النتائج.

كيف تتغلب على خوفك من الفشل؟

كي تحقق النجاح، يجب أن تُقدِم على تجارب جديدة، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي تتعلم من خلالها، وعلى نقيض ما تعلَّمناه جميعاً خلال سنوات دراستنا، يحدث التعلم من خلال التجربة؛ أي من خلال تجربة الأشياء ورؤية النتائج، ثم تعديل الخطة بناءً على النتائج.

فلا تنسَ أنَّ هذه هي الطريقة التي تعلمت بها المشي عندما كنت طفلاً، فقد حاولت الوقوف في البداية، والاستناد إلى الأريكة مثلاً، ورفع جسمك باستخدام ساقيك، مع محاولة الحفاظ على توازنك، وبدأت بالتجربة الأولى وفشلت؛ لكنَّك سقطت ونهضت مراراً وتكراراً، حتى تعلَّمت المشي لأول مرة، وكانت خطواتك الأولى مضطربة وغير متوازنة وتعثرت، وسقطت أحياناً؛ لكنَّك أصبحت أفضل فأفضل من خلال التجربة؛ لذلك لا يوجد شيء أفضل من التجربة للتعلُّم.

كان دافعك في تعلُّم المشي هو الإثارة، والرغبة في الإنجاز؛ لذلك عاودت النهوض في كل مرة سقطت فيها وتأذيت؛ لأنَّك ترغب في اختبار تلك المتعة التي تمنحك إيَّاها تجربة المشي؛ أي إنَّك لم ترد تفويت فرصة تعلُّم المشي، وبعبارة أخرى كان دافعك أقوى من خوفك من التعثر والسقوط على الرَّغم من أنَّك ما زلت تتعثر وتضطرب في مشيتك.

إذاً لم يولد أي أحد منا وهو قادر على المشي، والتحدُّث والقراءة وعزف الموسيقى، ولقد أجرينا كثيراً وكثيراً من المحاولات، وعدَّلنا تجاربنا بناءً على النتائج التي حصلنا عليها، ولقد قمنا بما يلزم لتحسين أدائنا بينما واظبنا على المحاولة والتجربة.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح للتخلص من مشاعر الخوف من الفشل.

3 نصائح لتجاوز الخوف من الفشل:

إليك فيما يأتي 3 نصائح تساعدك على تجاوز خوفك من الفشل وتحقيق النجاح تدريجياً:

1. غيِّر مفهومك عن الفشل:

مع كل ما سبق، فإنَّ الحديث عن التغلُّب على مشاعر الخوف من الفشل أسهل بكثير من تطبيق ذلك فعلياً.

إليك طريقة بسيطة يمكن أن تجعل الأمر أسهل، وهي ببساطة أن تغيِّر مفهومك عن الفشل، في الواقع، لا يوجد شيء اسمه الفشل؛ وإنَّما التعلُّم، وفي كل مرة تجرِّب فيها شيئاً ما ولا تحظى بالنجاح، فإنَّك تتعلم منه، ويمكن أن تتحسَّن من خلال ما تعلَّمتَه؛ إذ يتَحسَّن أداءك في كل مرة تتكرَّر فيها المحاولة إلى أن تصل إلى النجاح.

إذاً لا يوجد شيء اسمه الفشل، وما اعتدت على تسميته بالفشل هو مجرد جمع للمعلومات، وعندما تقوم بالتجربة، فإنَّك تحصل على مزيد من المعلومات عن كيفية القيام بذلك بشكل أفضل في المرة القادمة.

عندما تنظر إلى المشكلات على أنَّها تجارب تساهم في تطوير أدائك، فإنَّ موقفك الذهني يتغير، وبدلاً من الشعور بالإحباط عندما تواجه الإخفاق، فإنَّك تشعر بأنَّك شخص يسعى إلى ابتكار حل للمشكلة؛ أي إنَّك تعمل بسعادة كما لو مارست هواية ما، بدلاً من شعورك بأنَّك مُجبَر على القيام بذلك.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح فعّالة للتخلص من مشاعر الخوف من الفشل

2. ابدأ بمهام بسيطة وسهلة:

بعد أن غيَّرت وجهة نظرك عن الفشل وأصبحت مستعداً لخوض التجارب، فإنَّ الخطوة التالية هي تسهيل الأمور حتى تضمن نجاحك، فابدأ بشيء صغير جداً، وبمجرد أن تثبت لنفسك أنَّك قادر على إنجاز هذه المهمة السهلة والبسيطة، فإنَّك تستطيع الانتقال إلى الخطوة التالية على طريق تحقيق هدفك، وإذا لم تسر الأمور على ما يرام أو واجهت صعوبة في إعادة المحاولة، فتذكَّر أنَّك تُجري التجربة للتوصل إلى الطريقة المناسبة فقط؛ أي تستطيع تعديل التجربة والمحاولة مرة أخرى.

سواء أكان هدفك هو البدء بممارسة الرياضة بانتظام، أم تأسيس مشروع تجاري، فإنَّك تستطيع اتِّباع النهج نفسه، على سبيل المثال إذا رغبت في بدء ممارسة التمرينات الرياضية، فلا تبدأ بمحاولة الجري لمسافة 5 كيلومترات؛ بل ابدأ بشيء بسيط، مثل ارتداء حذائك الرياضي، وإذا شعرت بالرغبة في القيام بمزيد، فحاول الخروج من باب المنزل؛ ومن ثمَّ تجوَّل حول المبنى، وهكذا حتى تبدأ بالجري ويتحول ذلك إلى عادة، لكن أولاً أثنِ على نفسك بسبب اتخاذك للخطوة الأولى. 

هذه الطريقة فاعلة جداً، فمن خلال اتخاذ تلك الخطوة الصغيرة واختبار مدى سهولتها، فإنَّك ستكون قادراً على اتخاذ خطوات أكثر صعوبة تدريجياً، ولا تنسَ أن تقدِّر كل خطوة تتخذها في أثناء سعيك إلى تحقيق هدفك فهذا يمنحك مزيداً من الحافز للمتابعة. 

إقرأ أيضاً: 9 خطوات سحرية لتحقيق أهدافك

3. استخدم نجاحك في المهام البسيطة بصفتها حافزاً للقيام بمهام أصعب:

تستطيع استخدام العملية نفسها لإنجاز المهام الكبيرة والصعبة، وخاصةً المهام والمشاريع التي تؤدي إلى تطوير ذاتك، وامتلاك تصور أفضل عن العالم، ويمكن القول إنَّ هذه الطريقة هي ما نسميها بـِ "رحلة الألف خطوة"، ويكمن السر في جعل الخطوات الأولى بسيطة وسهلة جداً، وإنَّ التأكد من قدرتك على إنجاز هذا النوع البسيط من المهام يساعدك على فهم أنَّ مشروعك الكبير ليس بهذه الصعوبة التي تخيلتها، وأنَّ القيام بهذه المهام الصغيرة يزيد من زخمك وحماستك للقيام بمزيد من العمل والمثابرة حتى تحقيق الهدف.

في الختام:

سواء كنت ترغب في تغيير مهنتك، أم تأسيس مشروعك التجاري، أم تحويل حلمك إلى حقيقة، فإنَّ الطريقة هي ذاتها في جميع الحالات، ويمنحك البدء بالمهام البسيطة والسهلة الشعور بتحقيق إنجاز.

مع تعثرك في محاولاتك الأولى، فإنَّك يجب أن تفخر بنفسك لأنَّك أقدمت على المحاولة؛ لذا حدِّد هدفك، وابدأ بالخطوات البسيطة، وهنِّئ نفسك على ما أنجزته وأنجز المزيد وهكذا حتى تصل إلى تحقيق هدفك الكبير.




مقالات مرتبطة