كيفية تحقيق الأهداف بسهولة

يحسب كثيرٌ من الأفراد أنَّهم لن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم؛ ذلك لأنَّ مستوى الإنجاز لديهم متدنٍّ على الرَّغم ممَّا يبذلونه من جهود؛ وبالنتيجة تراهم يراوحون في مكانهم ولا يحرزون أيَّ تقدُّم في حياتهم، فضلاً عن مواصلة تأجيل الأحلام تحت ذريعة "حتى يحين الوقت المناسب"؛ لكنَّ الحياة تعج بالمسؤوليات والواجبات ولن يكفيك التمني؛ بل يجب أن تتخذ قراراً حاسماً بالبدء ولا تنتظر أن تصبح ظروفك مثالية.



لا يخفى على أحد أنَّ تحقيق الأهداف عملية شاقة وتتطلب كثيراً من الوقت والمجهود والتصميم والالتزام حتى آخر خطوة كي لا تستسلم في منتصف الرحلة وتغرق بدوامة الفشل مرة تلو أخرى، فيستكشف المقال أفكاراً بسيطة بوسعها مساعدتك على تحقيق أهداف حياتك على أكمل وجه.

الإلهام غير كافٍ لتحقيق الأهداف:

من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالإلهام وتزداد حماسته ورغبته بتحقيق إنجازات متميزة في حياته عندما يسمع بقصص نجاح عظيمة قام بها أفراد إمكاناتهم متواضعة.

لكنَّ هذا الإلهام غير كافٍ لتحقيق الأهداف؛ لأنَّ تأثيره في الإنسان مؤقت؛ إذ كثيراً ما تدفعنا هذه القصص إلى اتخاذ قرار التغيير في حياتنا سواء كان الوصول إلى الوزن المثالي، أم الإقلاع عن التدخين، أم توفير مزيد من المال وغيرها، ثمَّ ما نلبث أن نفقد هذه الحماسة ونعود إلى عاداتنا القديمة المؤذية مجدداً؛ أي إنَّ تأثير الإلهام مؤقت وغير كافٍ لتحقيق الأهداف.

مصادر الإلهام في أيامنا هذه في متناول الجميع سواء من خلال مشاهدة "مؤتمرات تيد" (Ted talk)، أم أفلام شبكة "نتفليكس" (Netflix) التحفيزية، فلا تكمن المشكلة الفعلية في العثور على الإلهام أو الدافع؛ بل بنمط حياتك اليومي ودوره في تحقيق أهدافك.

شاهد بالفيديو: المبادئ 12 لتحقيق أهداف النجاح

يشكل نمط حياة الفرد المشكلة الرئيسة في عجزه عن تحقيق أهدافه:

لنفترض أنَّك عزمت على تأليف كتاب؛ لكنَّك تعجز عن إيجاد الطاقة والوقت اللازمَين للكتابة في ظل روتينك اليومي القائم على رعاية أطفالك، وإعالة عائلتك، وقد ترغب في اعتماد نظام غذائي صحي؛ لكنَّ انشغالك في العمل يمنعك من إيجاد الوقت اللازم لتناول وجبة صحية، أو أنَّك تنوي الإقلاع عن التدخين؛ لكنَّ ضغوطات العمل تزيد من رغبتك في التدخين؛ وبالنتيجة تفشل في الإقلاع عنه.

يصعب على الإنسان التخلص من روتينه الثابت؛ لأنَّنا ببساطة كائنات مفطورة على العادات، ويشرح الكاتب الأمريكي "تشارلز دويج" (Charles Duhigg) في كتابه "قوة العادات" (The Power of Habit) كيف يمكن تقسيم العادة إلى حلقة مكونة من ثلاثة أجزاء: الإشارة (cue)، والروتين (routine)، والمكافأة (reward).

على سبيل المثال يلتقط الفرد فور استيقاظه في الصباح هاتفه الجوال، ويدفعه فضوله (الإشارة) إلى تفقد رسائل البريد الإلكتروني؛ أي يقتضي الروتين تصفُّح صندوق الوارد، وحالما ينتهي من تفقد الرسائل يُشبَع الفضولُ (المكافأة)، ويفرز الدماغ هرمون السعادة "الدوبامين" ويشعر الإنسان بالرضى نتيجة ذلك.

يخبرنا الكاتب "دويج" بأنَّ تحويل العادات الهدامة إلى أخرى نافعة يتطلب معرفة آلية تغيير روتين الحياة؛ فلنفترض أنَّك مدخن، وحان وقت استراحة العمل، يعدُّ دماغُك هذه الاستراحة إشارةً للخروج والتدخين، وتساعدك جرعة النيكوتين على تنفيس الضغوطات (تحصيل المكافأة)، ولكن بدلاً من اللجوء إلى التدخين لتنفيس الضغوطات يمكنك أن تخرج في نزهة قصيرة، أو تمارس التأمل خلال الاستراحة.

يصعب على المرء تغيير روتين حياته، لا سيَّما عندما تكون الإشارات متكررة، بحيث يصبح من الأسهل التمسك بالعادات القديمة المألوفة.

إحداث تغييرات في البيئة المحيطة يسهم في تغيير روتين الحياة:

أثبتت الدراسات أنَّ تغيير البيئة من خلال الذهاب في إجازة على سبيل المثال يسهم في تغيير نمط السلوكات والعادات؛ ما يؤدي إلى تحسين كل من الصحة النفسية والجسدية على حد سواء.

تُعاد برمجة الدماغ وصرفه عن عاداته القديمة عند تغيير البيئة؛ وذلك نتيجة تكوُّن خلايا عصبية جديدة تزيد من قدرة الإنسان على التغيير، وهو ما يؤدي بدوره إلى استبدال العادات القديمة المؤذية بأخرى نافعة.

ننصحك بإجراء تغييرات بسيطة في الوقت الحالي لتلتمس الفرق بنفسك.

إقرأ أيضاً: 6 أفكار لتغيير روتين حياتك

يُستحسَن أن تجعل عملية تغيير الروتين سلسة قدر الإمكان:

يقول الباحث الاجتماعي الأمريكي "برين جيفري فوغ" (B.J. Fogg): "تُعَدُّ الأهداف نافعة عندما تيسِّر عملية اعتماد سلوكات معينة؛ لذلك بدلاً من تركيز جهودك على اعتماد سلوك معين عليك أن تركز على جعل عملية اعتماد السلوك أسهل".

لنفترض أنَّك تودُّ قراءة مزيدٍ من الكتب؛ لكنَّ مشاغلك تَحول دون ذلك، فعندما تنظر إلى روتينك اليومي ستدرك أنَّك تستخدم هاتفك المحمول لمدة ساعة كاملة قبل الخلود إلى النوم في الليل.

ننصحك في هذه الحالة بأن تُخرِج هاتفك المحمول من غرفة نومك، وتضع الكتاب قرب سريرك، وبهذه الطريقة يكون الكتاب في متناول اليد قبل الخلود إلى النوم.

تتزايد احتمالات تنمية روتين جديد مفيد عندما تقوم بإجراء تعديلات بسيطة في بيئتك بهذه الطريقة؛ أي بدل وضع هاتفك المحمول بجانبك في السرير في حين يكون الكتاب في الغرفة المجاورة لا بد أن تدرك الفرق بين الحالتين، وحتمية الفشل في الحالة الثانية.

تفيد دراسات علم النفس السلوكي بأنَّ تغيير البيئة المحيطة بالفرد يزيد من فرص النجاح في اعتماد روتين جديد نافع.

يقول الباحث الأمريكي "براين وانسينك" (Brian Wansink) في كتابه "الأكل بلا وعي" (Mindlessn Eatig): "ستتناول حصة أكبر من الطعام عندما تستخدم ملعقة كبيرة أو طبق كبير، كما أنَّك ستتناول مقداراً أقل من الطعام عندما تُبعِد الطبق عنك على الطاولة، وعندما تأكل لحم الدجاج وتتخلص من العظام ستنسى كم الطعام الذي أكلته، وتتناول مزيداً منه".

إقرأ أيضاً: ما هي أهم خطوة في تحديد أولويات الأهداف؟

في الختام:

بناءً على ما سبق ننصحك بإجراء تغييرات بسيطة في البيئات التي تعاملها يومياً حتى تزيد من فرص نجاحك في تحقيق أهدافك سواء كانت الوصول إلى الوزن المثالي أم اعتماد نظام غذائي نباتي أم غيرها.

من الهام أن تضع في حسبانك أنَّ التغييرات البسيطة يمكن أن تؤدي إلى تحقيق نتائج باهرة؛ لذلك عليك التوقف عن تكريس جهودك لتحقيق هدف معين، والاكتفاء بتمهيد الطريق أمامك وتيسيره من خلال تغيير روتين حياتك، فتضمن لك هذه الطريقة الحصول على النتائج التي تطمح إليها.




مقالات مرتبطة