كيفية التعامل مع الأمور السيئة

ذات مرة، كنت أُجري محادثة مع رائد أعمال ناجح في مجال علوم الحياة، وقال لي: "إذا كنت تريد اختراع دواء ينقذ أرواح البشر، فعليك أن تتقبل حقيقة أنَّهم عاجلاً أم آجلاً سوف يموتون".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون سكوت يونغ (Scott H Young)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية التعامل مع الأمور السيئة.

في البداية، صدمت من الكلام الذي قاله؛ وذلك لأنَّني أعلم أنَّ الهدف من ابتكار العقاقير الجديدة أو القيام بالإجراءات الطبية هو إنقاذ أرواح البشر.

لكن كلما فكرت في الأمر شعرت أنَّ ما قاله منطقياً؛ إذ إنَّ التطورات الطبيَّة الجديدة ستؤدي حتماً إلى بعض المضاعفات، وسيكون للأدوية الجديدة آثاراً جانبية غير معروفة بحلول الوقت الذي ستصل فيه التجارب على البشر، لكن بعض الناس سوف يموتون على الرَّغم من وجود العلاجات المفيدة.

من الواضح أنَّنا يجب أن نسعى إلى تقليل هذه الخسائر، وهذا الأمر ليس مبرِّراً للسماح للأدوية غير الآمنة أو غير المختبرة بالوصول إلى عامة الناس؛ ومع ذلك فإنَّ الطريقة الوحيدة لتقليل الخسائر قدر الإمكان هي التوقف عن ابتكار علاجات جديدة، لكن ستكون التكلفة أكبر بكثير.

هذا المثال، يعكس معظم القرارات في الحياة على نطاق أصغر؛ إذ إنَّ القيام بشيء هام يعني قبول الحد الأدنى من الأمور السيئة التي يمكن أن تحدث، والطريقة الوحيدة لتجنب الخسارة تماماً هي عدم المنافسة مع أي شيء أو أي أحد على الإطلاق.

في النهاية سيخيب ظن شخص ما:

في المرة الأولى التي كتبت فيها كتاباً إلكترونياً وعرضته للبيع، شعرت بالهلع ليس لأنَّني لم أعرف عن ماذا يجب أن أكتب، فقد كتبت سابقاً سلسلة من المقالات؛ وليس لأنَّني كنت قلقاً من ألا يباع، فالموقع الذي عرضت الكتاب فيه لم يكن يحقق دخلاً كبيراً في ذلك الوقت؛ لذا كنت سأسعد إذا حققت حتى القليل من المبيعات؛ بل الأمر الذي كنت قلقاً بشأنه هو أن يطالب شخص ما باسترداد أمواله بعد أن يشتريه ويخبرني أنَّ كتابي لا قيمة له.

لقد كان موضوع الكتاب عن تغيير العادات، وهي ممارسة اتبعتها بهوس لبضع سنوات قبل أن أبدأ بالكتابة - وما زلت أقوم بذلك حتى اليوم - لقد كتبت عن هذا الموضوع في مدونتي، ووفرت لجميع الأشخاص لمحة مجانية عن الكتاب؛ لذلك كان لدى أي شخص سيشتري الكتاب، فكرة عمَّا سيحصل عليه.

لكن مع ذلك راودتني عدة المخاوف؛ وذلك لأنَّه كان أول كتاب سأنشره على الإطلاق؛ لذا أعددت ضماناً للمشترين باسترداد أموالهم، ليس لأنَّ هذا الأمر سوف يزيد المبيعات، لكن ببساطة لأنَّني أردت التأكد من أنَّ أي شخص قد يخيب أمله من الكتاب يمكنه استرداد أمواله ببساطة.

بعد ذلك أصدرت الكتاب ولم يحدث أي من مخاوفي على الإطلاق فقد كانت المبيعات قليلة، ولم يطالب أحد باسترداد أمواله، ومع مواصلتي في بيع الكتب، أدركت أنَّ استرداد الأموال هو أمر لا مفرَّ منه عند بيع العديد منها، ولقد بعت نسبة ضئيلة فقط من الكتب، لكن كان لا بد من أن يخيب ظن بعض العملاء بما أقدمه.

أصدر صديق لي في الفترة الأخيرة، وهو مدون أيضاً كتابه الإلكتروني الأول - الذي حقق نجاحاً وضجةً أكثر من كتابي الأول - لقد كانت مبيعاته ناجحة وكان لديه العديد من المراجعات الإيجابية، لكنَّه شعر بالإحباط بسبب أحد العملاء؛ وذلك لأنَّه طالَبَ باسترداد أمواله بغضب، ووصفه بالفنان المخادع.

إنَّ أكبر عامل في وجود عملاء خائبين الظن هو عددهم، ومن الواضح أنَّنا يجب أن نحاول تقليل خيبة الأمل من خلال أن نكون صريحين مع جميع العملاء عند تقديم العرض، لكن الطريقة الوحيدة لعدم وجود عملاء غير راضين هي عدم وجود عملاء على الإطلاق.

إقرأ أيضاً: كيف تحسِّن مزاجك عندما تمر بيوم سيء؟

الحد الأدنى من الأمور السيئة التي ستحدث:

في أي مسعى هام في الحياة، ستحدث أموراً سيئة، شئنا أم أبينا، وغالباً ما تكون هذه الأمور سيئة لدرجة أنَّك سترغب في أن تبذل جهداً جاداً لتجنبها، لكن حتى لو فعلت كل ما بوسعك سوف تحدث هذه الأمور في وقت ما.

أحياناً أخرى، "الأمور السيئة" ستكون سيئة بنحو يمكن إدارته، على سبيل المثال، قد تكره أن يرفضوك أو يحرجوك أو أن تتلقى رسائل كراهية، ولكنَّ استهلاكَ كثير من الطاقة لتجنبها هو أمر غير مُجدٍ، وقد تنجح في الحصول على عدد أقل من الرفض أو أن تشعر بإحراج أقل، لكنَّك غالباً ما تضحي بهدفك في قيامك بهذه العملية.

هل أنا صغير في السن لكي أشارك رأيي؟

واجهتُ خلال الكتابة في مدونتي، ما يكفي من الأمور السيئة التي يمكن إدارتها، إحداها أنَّني عندما أكتب مقالاً يرادوني شعور بوجود احتمال كبير أن أكون مخطئاً بشيء ما، ودائماً ما أشعر بالقلق من أن أقدم نصيحة سيئة، نظراً لأنَّني أبلغ من العمر 21 عاماً، فهناك فرصة كبيرة أنَّني سأختلف مع عدة أفكار كتبتها بعد عشر سنوات، ونظراً لقلِّة خبرتي توجد فرصة كبيرة ألا يتفقَ الآخرون مع أفكاري الآن.

عندما بدأت بالمدونة، كانت الأمور السيئة التي يمكن إدارتها مصدر قلق كبيراً بالنسبة إلي؛ إذ كنت أكتب لجمهور مر غالباً في تجارب أكثر من تجارب حياتي، حتى المجالات التي شعرت بمزيد من الثقة في الكتابة عنها، كانت خبرتي قليلة فيها.

الآن، بعد أكثر من أربع سنوات من الكتابة، كلما فكرت في الأمر أدركت أنَّه لو رفضت تلك الأمور السيئة التي يمكن إدارتها لكنت سأدفع ثمناً أكبر، وبالنسبة إلي إنَّ الكتابة تعني أنَّني أستطيع أن أعيش حلمي كإدارة عمل تجاري بالشابكة، والعيش في خارج البلاد، وتعلُّم أمور جديدة باستمرار، ومن جهة أخرى تلقيت آلاف الرسائل الإلكترونيَّة من أشخاص أخبرونني أنَّني قد ساعدتهم على حل مشكلة شخصيَّة من خلال كتاباتي.

لقد أصبحت مخاوفي تبدو سخيفة بعض الشيء، لكن بعد فوات الأوان وأشعر أنَّ معظم القراء يقرؤون؛ وذلك لأنَّهم يريدون التواصل مع قصة ما، وليس للحصول على نصيحة من خبير، فعندما قدمت نصائح سيئة سابقاً، كان معظم الناس الذين يقرؤون كتاباتي أذكياء بما يكفي لإعلامي بذلك على الفور، وقد لا ألاحظ عندما أطرح أفكاراً غبية، ولكن قرَّائِي يلاحظونها على الفور.

لقد بذلت قصارى جهدي لأبدِّل أسلوبي في الكتابة من أسلوب رسمي إلى أسلوب أكثر انفتاحاً للمناقشة والأفكار البديلة، لقد كان هدفي الأساسي هو تقديم النصيحة، والآن أصبح أملي الرئيسي هو تحفيز التفكير والمناقشة العميقة.

شاهد بالفديو: كيف أتصالح مع الماضي السَّلبي؟

ما هي مخاوفك بشأن الأمور السيئة التي يمكن السيطرة عليها؟

الشيء المضحك في الأمور السيئة التي يمكن إدارتها، هو أنَّه من السهل التعامل معها عملياً أكثر من نظرياً، فعندما تقضي كثيراً من الوقت في التفكير في الأمور المزعجة التي يمكن أن تحدث، يسود الخوف، وعندما تبدأ القيام بتلك الأمور فعلاً يكون الأمر مزعجاً بنحو يمكن إدارته، ولكنَّه يصبح أقل رعباً بكثير.

على سبيل المثال، فكرْ فيما إذا كنت تريد أن تدعو شخصاً ما لقضاء الوقت معك؛ سابقاً كان الخوف يسيطر عليك عندما تقلق بشأن ما إذا كان هذا الشخص سيرفضك أم لا، عملياً قد يرفضونك، وفي الواقع قد رفضوك في معظم الأوقات؛ لذا سيبقى هذا الرفض مزعجاً بالنسبة إليك، لكن ستتمكن من التعايش معه.

في الختام:

يوجد خيار في معظم المواقف التي يوجد فيها خوف كامن من حدوث أمور سيئة لا مفر منها، إمَّا أن تجلس بعيداً ولا تقوم بشيء على الإطلاق، أو أن تقوم بالأمر الذي تريد القيام به على أية حال وتشعر بالرفض، والإحراج، وربما ينتهي بك الأمر إلى القيام بشيء هام.

المصدر




مقالات مرتبطة