كيفية التعامل مع إجازات الموظفين

"لا، لن أقبل بذلك، فأنا سأغادر لقضاء العطلة في الثامن من شهر حزيران/ يونيو، ولن أعود حتى الخامس عشر من شهر تموز/ يوليو تقريباً". كان هذا رد كبير مسؤولي التعليم في شركتنا عند محاولتنا الالتقاء به في اجتماع؛ لقد صدمني جداً بجوابه هذا؛ فأنا أعلم أنَّنا في موسم الإجازات، ولكنَّه سيأخذ عطلةً طويلةً تبلغ خمسة أسابيع تقريباً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "رون توماس" (Ron Tomas) المدير العام لمجموعة "ستراتيجي فوكسد" (Strategy Focused) في مدينة "دبي" في "الإمارات العربية المتحدة"، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته مع الإجازات في منطقة الشرق الأوسط.

أضحى موسم العطلة الصيفية على الأبواب؛ وهذا ما يسبب مشكلةً شائعة للمغتربين في هذه المنطقة؛ فأنا أعمل في "دبي"، في الشرق الأوسط، والإجازات الطويلة هي ممارسة شائعة جداً هنا.

ليست الإجازة قضيةً كبرى:

إجازاتي موزعة على مدار العام؛ فأنا أقضي عطلة نهاية أسبوع طويلةً هنا وهناك، ورحلة إلى أوروبا مرة كل سنة، لكنَّها جميعاً تبقى في حدود فترة زمنية تبلغ أسبوعاً في المرة الواحدة كحد أقصى.

أنا أتذكَّر استطلاعاً حديثاً أجراه موقع "غلاس دور" (Glassdoor)، يوضِّح بالتفصيل أنَّ العديد من الأمريكيين لا يقضون كل الوقت المخصص لإجازاتهم، وكانت الأسباب هي نفسها دائماً، وفي أغلب الأحيان تتعلق بقيود العمل.

وبالمقابل، فإنَّ أخذ إجازة هو عادة متأصِّلة هنا في الشرق الأوسط، فحتى لو كانت الأمور تنهار تماماً، سيظل يُنظَر إليها على أنَّها حق مقدَّس، وأنَّه من المفترض أن يستغلها الموظف بصرف النظر عن كل ما يجري حوله.

وتختلف مدة الإجازة المدفوعة من دولة إلى أخرى، لكن ما وجدته مذهلاً هو أنَّه لا يوجد أي ضمان للإجازة مدفوعة الأجر في "الولايات المتحدة"؛ لذا يمكننا أن نتعلم كثيراً من غيرنا في هذا المجال.

إقرأ أيضاً: 12 نصيحة لطلب إجازة في العمل والحصول عليها

الموازنة بين الحياة الشخصية والعمل:

التوازن ما بين العمل والحياة الشخصية والقضايا المرتبطة بها موضوعٌ هام، ولطالما ظننتُ أنَّه يجب على كل شخص إيجاد حل خاص به لهذه المعضلة؛ إذ لا يمكن لأي منظمة أن تُنشِئ سياسةً شاملةً تعمل عملاً مثالياً يناسب جميع الموظفين؛ وإنَّما يتعين على كلِّ منظمة محاولة تسهيل هذه العملية؛ لذا اطلب من كل قسم ومديريه محاولة حلِّها مع الموظفين ضمن إطار عمل معين؛ فأنا شخصياً أحب العمل من المنزل، لكنَّني أحتاج أيضاً إلى تفاعل بشري.

لقد حصلت سابقاً على وظيفةٍ في إحدى الشركات؛ حيث كنت أعمل من المنزل خمسة أيام في الأسبوع، وانتهى بي الأمر بالنفور منها؛ وذلك لأنَّني لم أستطع تحمُّل الوحدة والمكالمات الجماعية طوال اليوم؛ لذا غادرت في النهاية، ولم تنجح بيئة العمل هذه بالنسبة إليَّ.

لكلِّ بلد ثقافة عمل خاصة به:

إنَّ عادات العمل في الثقافات المختلفة هي جزء أساسي يُحدِّد قدرتك على الاندماج في ثقافتك الجديدة؛ فعندما تُفكِّر ضمنياً في طريقة أدائك للعمل في بلدك، ترى أنَّ معايير بلدك هي الطريقة المقدسة التي لا ينبغي تجريب غيرها.

لقد عرفت كثيراً من الأشخاص الذين يتوقون للحصول على فرصة للعمل في الخارج، لكنَّهم يعودون للشوق لمعاييرهم الخاصة في غضون عام واحد؛ إذ جرَّب كثيرٌ منهم عملاً واحداً فقط ثم غادروه؛ وذلك لأنَّنا جميعاً لدينا عقود سنوية، فكما يقول المثل: "يبدأ العمل بعد أن ينتهي سحره".

لقد قبلت في النهاية بعض عادات العمل هذه، حتى أنَّني بدأت أُفضِّل معظمها؛ وهذا جعلني أعيد التفكير في معاييري الخاصة؛ إذ تتكون شبكة علاقاتي الاجتماعية الجديدة من أشخاص من جميع أنحاء العالم؛ لذلك أصبحت حفلات العشاء بالنسبة إلينا درساً لتذوُّق المأكولات الجديدة، وبتنا عادةً ما نتحدث عن المدن التي سافرنا إليها وعشنا فيها وميزات العيش هناك. إنَّها تجربة حياة ثرية ومُرضية أتمنى للجميع أن يعيشوها.

شاهد بالفديو: 7 تغييرات إيجابية يحدثها السفر في حياتك

فوائد الثقافة الأخرى:

إنَّ العيش في ثقافة أخرى مفيد جداً إن كان لديك أطفال؛ وذلك لأنَّك ستُربِّي مواطنين عالميين ينتمون لجميع أنحاء العالم، كما أنَّ شركتك ستُغطي تكاليف تعليمهم كلياً، أو جزئياً على الأقل؛ وذلك اعتماداً على مستواك الوظيفي.

وهذه المدارس الدولية هي في الواقع بمنزلة منظمة الأمم المتحدة فيما يخص التعليم، ولا يمكنك تصوُّر الرحلات الرائعة التي يقدمونها في الإجازات وعطلات نهاية الأسبوع؛ إذ اتصلت بي صديقتي منذ فترة لتخبرني أنَّها وعائلتها سيغادرون "دبي"، فهي مديرة تنفيذية لسلسلة فنادق كبيرة، وزوجها أيضاً مدير فندق، وقد حصل للتو على مهمة كبيرة، وسينتقلون إلى "فيتنام"؛ حيث سيفتتح فندقاً جديداً تابعاً لرب عمله.

كانت الحماسة في صوتها كافيةً لتروي القصة بأكملها؛ إذ إنَّهم مواطنون بريطانيون عاشوا في جميع أنحاء العالم، وتنتظرهم الآن المغامرة التالية.

إقرأ أيضاً: النجاح في الإدارة: تعرّف على أهم 6 وسائل لتحفيز الموظفين

علينا إعادة التفكير في عالم العمل:

مع دخولنا عالم العمل الجديد المخيف هذا، نحن نحتاج إلى إعادة النظر في كثير من عاداتنا، وليس فقط فيما يخص المنظمة؛ بل نحتاج إلى إعادة التفكير في كل شيء تقريباً.

فقد بُنِيَت ثقافة العمل الغربية وفقاً لمقتضيات العصر الصناعي، والتفكير في ذلك مخيفٌ بحد ذاته، لكنَّ التركيبة العمرية للقوى العاملة الجديدة ستعمل على تسريع عملية التغيير؛ وذلك لأنَّ هذه هي القوة العاملة الجديدة، وليس لدينا خيار سوى التكيف معها.

سواء كنا نعيد التفكير في الإجازات والعطلات أم هيكل مكان العمل، يجب أن نضع كل الجوانب في الحسبان حتى نمضي قدماً؛ لذا، أُقدِّم نصيحتي لأقراني في العالم الغربي: "خذوا إجازاتكم واستمتعوا بوقتكم؛ وذلك لأنَّه في النهاية، إذا حدث لكم مكروه، فسيحلُّ محلكم موظف آخر وستتابع الشركة كأنَّ شيئاً لم يكن.

أتمنى لكم إجازات سعيدة".

المصدر




مقالات مرتبطة