كيف يمكن للشغف أن يعزز أداء الفريق؟

قال الكاتب الأمريكي الشهير "جوزيف كامبل" (Joseph Campbell): "إنَّ الشغف يجعل الناس يتجاوزون أنفسهم، ويتجاوزون عيوبهم، وحتى إخفاقاتهم"؛ وهذا صحيح على مستوى المنظمة أيضاً؛ إذ يمكن للقوى العاملة المتحمسة والمتفاعلة أن تدفع شركتك إلى الخروج من مستنقع الأداء المتواضع، فليس هناك وقت لنضيعه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "مات زيمير" (Matt Zimmer)، يُحدِّثنا فيه عن أهمية معرفة ما هو شغف الناس من أجل قيامهم بأعمالهم على أكمل وجه.

وإذا تُرِك مدير مُنهَك، يقدِّم أداءً متواضعاً، بسبب ضغط الإنتاجية والمواعيد النهائية الذي تُفرَض عليه كل يوم، ليتدبر أموره بنفسه، فمن المرجح أن يتخلى عن أي اعتبار لشغف القوة العاملة وتفاعلها، وقد يؤدي هذا إلى إنجاز المهام المطلوبة اليوم، ولكنَّ هذه العقلية تطرد ببطء الشغف والمبادرة من نفوس الموظفين.

لذا، يجب على الإدارة العليا أن تجعل الشغف أولوية واضحة للمنظمة؛ فالشركة التي يعمل فيها موظفون سعداء ومتفاعلون في العمل هي أكثر من مكان رائع للعمل، وتشير الدراسات إلى أنَّها تكون أكثر ربحية ونجاحاً؛ إذ تكون فيها ثقافات العمل الإيجابية أكثر إنتاجية.

وتشمل عواقب انخفاض تفاعل الموظفين انخفاض الإنتاجية، وارتفاع نسبة الغياب عن العمل، وزيادة أخطاء الموظفين، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية، واستقالة الموظفين، وانخفاض أسعار الأسهم.

كيف تساعد الموظفين على العثور على سعادتهم؟

لقد تخصص "جوزيف كامبل" في علم الأساطير، ولكنَّه كان من الممكن بسهولة أن يناقش ديناميكيات مكان العمل في هذا الاقتباس: "إذا كنت تتبع سعادتك، فإنَّك تضع نفسك على مسار كان موجوداً في انتظارك طوال الوقت، والحياة التي يجب أن تعيشها هي الحياة التي تعيشها الآن؛ فأينما كنت إذا كنت تتبع سعادتك، فأنت ستتمتع بهذا الانتعاش، وبتلك الحياة التي تمنيتها بداخلك، طوال الوقت".

"العثور على السعادة" في السياق التنظيمي يعني العمل مع الأفراد للعثور على نقاط قوَّتهم وضعفهم؛ إذ يحقق لهم عملهم الرضى بدلاً من استنزاف قواهم، ونقاط القوة لدى الفرد هي المهام التي تثير حماسته، في حين أنَّ نقاط الضعف هي المهام التي يستطيع إنجازها لكن لا يتطلع إلى القيام بها؛ بل يمكن أن تصيبه الرهبة منها.

أنت تريد مساعدة الناس على العثور على الأشياء التي يحبونها في العمل، فيتحمسون بسببها للمجيء إلى المكتب بدلاً من البحث عن مبررات لعدم المجيء، وهذا التفكير في نقاط القوة هو التفكير الذي تعلَّمته وتبنَّيته من الكاتب الإنجليزي "ماركوس باكنغهام" (Marcus Buckingham).

شاهد بالفديو: كيف تكون موظفاً مبدعاً وتتحلى بالشغف

يجب أن يسأل المديرون فرقهم:

يقول جميع المديرين إنَّهم يريدون فرقاً عظيمة تضم موظفين شغوفين وموهوبين، ولكنَّهم يجب أن يعوا أنَّ إنشاء فريق متميز يشكِّل هدفاً جيداً لا بد من تحقيقه، وبدلاً من ذلك، يتعين على المديرين أن يتحلَّوا برغبة حقيقية في تحقيق هذه الغاية؛ فالكلمات ليست قوية بما يكفي في هذه الحالة؛ بل الإجراءات هي الضرورية، ابتداءً من تحديد ما يلزم للوصول إلى تنفيذ تلك الخطوات.

لقد تبيَّن أنَّ اكتشاف نقاط القوة والضعف لدى أي موظف يتطلب اجتماعات فردية مباشرة، ويجب أن تكون عبارة عن محادثات إيجابية؛ وذلك لأنَّ الموظفين لن يكونوا صادقين إذا شعروا بأنَّهم سيتعرضون للعقاب عند التحدث بصراحة مطلقة، وخلال هذه الاجتماعات، يجب أن يُسأَل الأفراد: "ما هي المسؤوليات أو وظائف العمل التي تتمتع بها أكثر من غيرها؟".

خطِّط لعقد اجتماعين أو ثلاثة اجتماعات على الأقل مع كل شخص على حدة لمناقشة إجابته عن هذا السؤال؛ وذلك لأنَّ الإدارة على الأرجح لم تسألهم عن المهام التي يحبونها.

لا شك أنَّ هذا يستغرق كثيراً من الوقت، ولكنَّ النتيجة النهائية تستحق العناء، ولقد تبيَّن أنَّ هذا الأمر مفتاحٌ أساسي لتغيير الأقسام والمواقع ذات الأداء الضعيف، والواقع أنَّك يجب أن تقضي نحو 20 إلى 30% من وقتك في إجراء محادثات مع الموظفين، من أعلى رتبة إلى الأقل، خاصةً عند العمل مع أقسام تحتاج إلى التحسين؛ فهذه هي أهمية الناس وشغفهم من أجل تحقيق النجاح.

بعد الانتهاء من المقابلات، انظر في جميع المهام لمعرفة ما إذا كان يمكنك إعادة التوازن بين الأدوار والمسؤوليات الوظيفية؛ إذ يقضي الناس نحو 80% من وقتهم في أداء المهام التي يحبونها، وإذا لم تتمكن من القيام بذلك باستخدام القوى العاملة الحالية لديك، فهذا يعني أنَّك قد كشفت نقطة ضعف في فريقك، وتحتاج إلى إضافة شخص يتمتع بالمواهب ولديه شغف لملء هذه الفجوة.

إنَّ إيجاد التوازن داخل الفريق ولكل موظف هو رحلة لا تنتهي، ومع نمو الناس وتطورهم، فإنَّ تفضيلاتهم وشغفهم يتغير أيضاً؛ ولذلك يُعَدُّ هذا ممارسة يجب إعادة النظر فيها في كل عام من أجل الحفاظ على أداء فريقك ليبقى في أفضل حالاته.

إقرأ أيضاً: نموذج المحادثات COIN، تخفيف حدّة التغذية الراجعة الصعبة

الفرق القوية هي فرق متنوعة:

نادراً ما يكون الفريق المكون من أشخاص لديهم طباع ومهارات وقدرات متطابقة، أمراً فعالاً؛ على سبيل المثال، في كرة السلة: أنت لا تريد خمسة لاعبين مراكز مثل اللاعب "شاكيل أونيل" (Shaquille O’Neal) في الملعب؛ بل ستحتاج أيضاً إلى مدافعين ومهاجمين، ممن يتمتعون بنقاط قوة مختلفة مثل السرعة وخفة الحركة، من أجل تحقيق التكامل مع طريقة لعِب "شاكيل".

أنا شخصياً، شخص ذو تفكير استراتيجي لا أحب بعض التفاصيل التكتيكية، ومع أنَّني أجيد إجراء دراسات عن كفاءة العمل، إلا أنَّني لا أحبُّها؛ بل إنَّني أستمتع بتنفيذ المعلومات، وليس بعملية جمعها وتقييمها؛ لذلك أنا أحتاج إلى شخصٍ يوازنني، ولديه حبٌ للتفاصيل، وفي هذه الحالة بالذات، سيتحسن سير العمل.

إنَّ وجود "شخص يهتم بالتفاصيل" في الفريق يمنعني من الانغماس في التفاصيل، ومن ثَمَّ أتمكن من التركيز على قوَّتي وشغفي في الحفاظ على نظرة عامة رفيعة المستوى، ويمكنني أن أنتقل في كل مرحلة يجب أن أتحوَّل فيها من شخص استراتيجي إلى تكتيكي، ومع ذلك، أنا أعرف أنَّني أقدِّم أفضل ما لديَّ عندما أساهم في إنجاز المهام الاستراتيجية؛ وهذه المعرفة تساعدني على تكوين فريق متنوع وفعال.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح هامة تساعدك على بناء فريق عمل ناجح

التمتع بالصبر:

إنَّ إعادة تنظيم المسؤوليات والفرق تستغرق وقتاً وتُسبب اضطرابات مؤقتة، ولكنَّ النتيجة هي، زيادة سعادة وشغف أعضاء الفريق وتفاعلهم؛ وهذا الأمر يستحق الجهد وهو أمرٌ بالغ الأهمية من أجل نجاح فريقك.

المصدر




مقالات مرتبطة