كيف يمكن لتغيير بسيط في حياتك أن يقلل من مخاطر الاكتئاب؟

يُصاب واحدٌ من كل خمسة أمريكيين كل عام بحالة نفسية، وتستمر الأبحاث في إظهار زيادة في مشكلات الصحة العقلية بسبب جائحة "كوفيد-19" (COVID-19)، والسياسات الحكومية الناتجة عنها؛ إذ وجدت إحدى الدراسات الطبية أنَّ أعراض الاكتئاب كانت أعلى بمعدَّل ثلاث مرات مما كانت عليه قبل الجائحة.



ووجد استطلاع منفصل أجراه "مكتب التعداد" (Census Bureau) و"مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" (CDC)، أنَّ ثلث الأمريكيين يُظهرون الآن أعراض القلق أو الاكتئاب أو كليهما، فإذا تُرك الاكتئاب دون علاج، فسوف يتسبب في خسائر فادحة في مجتمعاتنا واقتصادنا وحياتنا اليومية.

ومن ناحية أخرى، إنَّها مكلفة مثل أمراض القلب أو الإيدز، وتكلِّف أكثر من 51 مليار دولار من خلال التغيب عن العمل ونقص الإنتاجية، و26 مليار دولار أخرى في العلاج المباشر.

ولحسن الحظ، أظهر بحث جديد أنَّ هناك خطوة سهلة يمكننا جميعاً اتخاذها للمساعدة على منع الاكتئاب وهي: الذهاب إلى النوم أبكر بساعة واحدة فقط، وهذا صحيح؛ فقط ساعة واحدة من النوم تقلل من خطر إصابة الشخص بالاكتئاب بنسبة هائلة تصل إلى 23%.

إقرأ أيضاً: 21 طريقة بسيطة وفعالة لتجاوز الشعور بالاكتئاب

وفي دراسة أجراها باحثون من "جامعة هارفارد" (Harvard University)، و"معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT)، و"جامعة كولورادو بولدر" (University of Colorado Boulder)، التي شملت 840 ألف فرد، تبيَّن أنَّ نتائجها من أقوى الأدلة على أنَّ جدول نوم الشخص يؤثر في مخاطر الاكتئاب.

وقالت "سيلين فيتر" (Celine Vetter)، الأستاذة المساعدة لعلم وظائف الأعضاء التكاملي في "جامعة كولورادو بولدر" (The University of Colorado Boulder): "لقد علمنا منذ وقت قريب أنَّ هناك علاقة بين توقيت النوم والمزاج، ولكنَّ السؤال الذي كثيراً ما نسمعه من الأطباء هو: إلى أي مدى نحتاج إلى تغيير وقت نوم الأفراد ليروا فائدة؟ ووجدنا أنَّه حتى النوم أبكر بساعة واحدة من موعد النوم، يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب".

هذا الاكتشاف هام بشكل خاص؛ ذلك لأنَّ الزيادة في جداول العمل عن بُعد أدت إلى نوم الكثيرين في وقت متأخر، وقد يكون لهذا آثار سلبية في صحتهم العقلية، وهذا هام أيضاً لأنَّ تغيير النوم يُعَدُّ خياراً علاجياً رخيصاً ويمكن القيام به بسهولة.

يواجه الأمريكيون العديد من الحواجز التي تحول دون رعاية الصحة العقلية؛ والسبب الأهم والأوضح: أنَّه مكلف؛ إذ تبلغ تكلفة جلسة العلاج لمدة ساعة ما بين 65 و250 دولار لكل جلسة دون تأمين.

وأدَّت السياسات الحكومية التي تؤثر في سوق التأمين إلى عدم قبول العديد من المعالجين للتأمين، وعلاوة على ذلك، فإنَّ التشخيص الأكثر خطورة للصحة العقلية يمكن أن يكون أكثر تكلفة؛ إذ ينفق المرضى الذين يعانون من الاكتئاب الشديد، ويتلقون رعاية طبية ما يقرب من 11000 دولار سنوياً وسطياً وفقاً لمنظمة "ون مايند أت ورك" (One Mind at Work) غير الربحية.

وأدَّت النفقات، إلى جانب النقص في مقدمي الخدمات وكذلك النقص الطبي في جميع أنحاء "الولايات المتحدة" (United States) إلى التخلي عن العلاج تماماً، ووفقاً لـ "المجلس الوطني للصحة السلوكية" (National Council on Behavioral Health)، يرغب 56% من المرضى في الوصول إلى مقدِّم خدمات الصحة العقلية، لكنَّهم يواجهون عوائق.

وازدادت هذه الحواجز في أثناء الجائحة؛ إذ أُغلِقَت المرافق، وحُرِم المرضى غير المصابين بـ "كوفيد-19" (COVID-19) من الرعاية، وعندها بدأنا نرى الأرقام التي تُظهِر أنَّ عمليات الإغلاق أدت إلى زيادة تعاطي المخدرات، وانتحار الشباب، وزيادة الاكتئاب والقلق.

فعندما يعاني المرء من الاكتئاب، يكون من الصعب التغلب على العوائق الخارجية للرعاية، وقد يبدو إجراء مكالمة هاتفية صعباً جداً، وإذا رُفِضت، فقد يكون من المستحيل مواصلة البحث وطلب المساعدة، ولكنَّ هذا البحث الجديد يظهر أنَّ الأفراد لديهم القدرة على تحمُّل مسؤولية ظروفهم الخاصة؛ ذلك من خلال إجراء تغييرات يومية صغيرة يمكن أن تساعدهم على مكافحة مرضهم.

وقالت "أليس ووكر" (Alice Walker)، مؤلفة رواية "اللون الأرجواني" (The Color Purple)، الحائزة على "جائزة بوليتزر" (Pulitzer Prize): "يتخلى الناس عن قوَّتهم من خلال التفكير في أنَّه ليس لديهم أيَّة قوة".

وغالباً ما ينسى الناس أنَّ لديهم قوة داخلية لمواجهة مشكلاتهم، ثمَّ يلتمسون الحماية من مصادر خارجية؛ كالحكومة أو قادتهم، ولكنَّ هذا يؤدي إلى التبعية، وليس التمكين، وهو ليس الحياة التي كنا نهدف إليها نحن الأفراد.

شاهد بالفيديو: 7 علامات تدل على إصابتك بالاكتئاب

يقول "فريديريك باستيات" (Frédéric Bastiat) في كتابه "القانون" (The Law)، الصادر عام 1850: "الحياة والقوة والإنتاج؛ بعبارة أخرى، الفردية والحرية والملكية، هذا هو الإنسان، ومع دهاء القادة السياسيين الماهرين، فإنَّ هذه العطايا الثلاث من الله تسبق كل التشريعات البشرية، وتتفوَّق عليها.

عندما أتعامل مع قضايا الصحة العقلية على أنَّها إفصاح كامل عن المشاعر، كما يجب، تكون المسؤولية الذاتية إحدى المبادئ التوجيهية الهامة؛ فقد تواجه أعباء إضافية في حياتك اليومية لا يواجهها الآخرون، ولكن لا تزال مسؤوليتك هي مواجهتها والعمل من خلالها والتقدُّم، ففي النهاية، صحتك العقلية هي مسؤوليتك، ولا يمكن لأي شخص القيام بذلك نيابة عنك".

يمكن تطبيق هذا المبدأ نفسه على نطاق أوسع، على أولئك الذين ليس لديهم مشكلات في الصحة العقلية أيضاً؛ فقد تكون هناك ظروف غير عادلة أو غير سارة، نعم قد تكون لدينا حواجز في حياتنا خارجة عن إرادتنا، ولكن يمكننا التحكم بكيفية مواجهتها ونأمل أن نتغلب عليها.

فلا يمكننا العودة بالزمن في كل ما حدث خلال العام ونصف العام الماضي، ولكن إذا خلدنا إلى النوم أبكر بساعة واحدة، فقد نكون اقتربنا خطوة من استعادة السيطرة على صحتنا.

المصدر




مقالات مرتبطة