كيف يستفيد الكبار من اللعب لتحسين صحتهم؟

ماذا لو جعلت اللعب جزءاً أساسياً من حياتك كالنوم أو الطعام أو الماء؟ يجب على البالغين الاقتداء بالأطفال واللعب مجدداً لتحسين صحتهم العامة.



يُعد اللعب علمياً مفيداً للدماغ كما هو مفيد للجسم؛ ولذلك تواصل الحيوانات البرية اللعب بعد أن تكبر وتعيش حياة طويلة، البشر مخلوقاتٌ اجتماعية يتيح لها الخيال أن تحلم بكل الأشياء التي تستطيع تحقيقها، وأن تُحققها بقوة الإرادة والإبداع، حينما لا تطلق العنان للطفل الذي في داخلك لا عجب أن يأتي يومٌ ترى نفسك فيه مستاءً لأنَّ عظامك الهشة شاخت ولم تَعُد تقوى على حمل جسدك.

مع تقدُّمك في العمر، تنسى غالباً ما يعنيه أن تتخيل، إنَّه التصور اليقظ، مع إضافة بعض اللمسات من البيئة المحيط بك، عندما تتخيل فإنَّك لا تتخلَ بالضرورة عن الواقع، وهذه القدرة المذهلة ستغذي روحك وصحتك طوال الحياة.

أهمية اللعب للأطفال والكبار:

يساعد اللعب الخشن والحر على تطوير الوعي الاجتماعي والإيثار والإنصاف والتعاون لدى كلٍّ من الحيوانات والبشر، قد يبدو الأمر وكأنَّه فوضى مطلقة في مكان اللعب؛ لكنَّ هذه الأصوات الصاخبة التي يصدرها الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة تعني في الواقع أنَّهم يطورون مهارات حل المشكلات في أثناء مطاردة بعضهم بعضاً.

يتعلم الأطفال عندما يلعبون كيفية تكوين صداقات، ويساعد اللعب المشترك الأطفال على الإنصات إلى وجهات نظر أقرانهم ورواية القصص وأن يكونوا جزءاً من شيء أكبر منهم، يعزِّز اللعب الاستقلالية والتنمية الاجتماعية للطفل ويعلِّمه كيفية اتباع القواعد.

فكِّر في شيء معقد تعاملت معه في المدة الأخيرة، لقد حاولت بطرائق عديدة حتى وصلت إلى حل في النهاية، تماماً كاللعب، إنَّ النهج الأفضل أحياناً هو الغوص مباشرةً في المشكلة حتى تعرف ما يفلح وما لا يفلح، ويبدأ الأطفال يشعرون بالخوف من ارتكاب الأخطاء فقط عندما يزرع الكبار ذلك في رؤوسهم، لا تضحِّ بروحك الطفولية وتنسى أهمية اللعب وقوته.

شاهد بالفيديو: نصائح صحية لحياة أكثر حيوية

ماذا يقول الباحثون عن قوة اللعب؟

يُكوِّن الأطفال صداقات أكثر ويكون أداؤهم الدراسي أفضل عندما يتضمن وقتهم في المدرسة فترات راحة، للأسف خفضت 40% من المدارس فترة الراحة بسبب تخفيضات الميزانية.

قد يظن الآباء أنَّ هذا ليس سيئاً جداً؛ إذ يستطيع للأطفال التركيز على المدرسة وتجنُّب المتنمرين في ساحة اللعب؛ لكنَّ الحقيقة هي أنَّ 47% من الأطفال قد تعرضوا للتنمر بحلول عامهم الدراسي الثالث في ساحات اللعب وخارجها، وتبيَّن في الواقع أنَّ فترات الراحة تساهم في خفض التنمر وتساعد على تطوير مهارات التواصل والتعامل الاجتماعي الإيجابية.

عندما يحدث خلاف بين الأطفال في أثناء اللعب، تساعد الألعاب الموجهة والوقت المستقطع على تلطيف الأجواء وتوفير بعض المتعة والاسترخاء، وعندما ينشأ الخلاف بين البالغين، فإنَّ توسط أشخاص آخرين ومناقشة الخلاف وقضاء الوقت بعيداً عن الموقف يساعد على تخفيف التوتر، وتنطبق قواعد ساحة اللعب على الحياة الواقعية، ويمنحك خيالك أيضاً القدرة على التفكير في الأمر من وجهة نظر مختلفة.

إنَّ الأطفال الذين يقضون فترة راحة أو يلعبون في صالة الألعاب الرياضية يكونون أكثر لياقة، ويؤدون أداءً أفضل في الامتحانات الدراسية، كما يُظهر الطلاب الذين لديهم 15 دقيقة استراحة على الأقل سلوكاً أفضل في الفصل الدراسي من أولئك الذين لا يأخذون استراحة.

توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (The American Academy of Pediatrics)، بما لا يقل عن 60 دقيقة من النشاط اليومي للأطفال كوقت فراغ، ولا ينبغي للمدارس أن تلغيها أو تخفضها، وبالمثل، فإنَّ البالغين الذين يقضون وقتاً بعيداً عن مكاتبهم للتنزه واللعب يقدمون أداءً أفضل في العمل ويشعرون بتحسن.

كما أنَّ اللعب يمنع التدهور المعرفي مع تقدُّمك في العمر، علماً أنَّ 80% من البالغين لا يتمرنون تمرناً كافياً، وربما تساعدك مشاهدة الأفلام وتناول وجباتك المفضلة على الاسترخاء، لكن لن يضرك لو تمرنت قليلاً بين الحين والآخر؛ إذ إنَّ كبار السن الذين يمارسون الرياضة بانتظام أقل عرضةً لخطر التدهور المعرفي، وإنَّ ألعاب التفكير، وألغاز الكلمات المتقاطعة، والسباحة، والرقص وحتى اللعب مع الأحفاد، جميعها تحافظ على دماغك نشطاً.

تذكَّر كيف تبدو حرية اللعب:

لا تخف من أن تبدو سخيفاً، ودع روحك الطفولية تخرج للعلن وتلهو لتخفف عنك الضغط النفسي والعاطفي، يوسع الخيال أفكارك، ويولد روابط عصبية جديدة ويحافظ عليها، ويرفع معنوياتك، ويساعد اللعب طبيعياً على تجاوز التحديات والسيناريوهات المختلفة ورؤية الأمور وفق مسارها الطبيعي.

تذكَّر كيف يمر الوقت بسرعة ودون أن تلاحظ ذلك عندما تمارس ما تحب، وعندما تنغمس في اللعب ستشعر أنَّك حييت من جديد، ولا عيب في هذا الشعور على الإطلاق.

إقرأ أيضاً: أهم 9 نصائح صحية لكبار السن

أحضر مسدسات السهام إلى العمل وخذ بعض زملائك بعيداً عن مكاتبهم في أثناء فترات الراحة، كي تلعبوا معاً في منطقة خالية من الأشياء القابلة للكسر، صادق شجرة بلوط قديمة في الحديقة ودعها تكون مكان قراءتك الجديدة، وعندما تمر بجوار أرجوحة، اقفز إليها مباشرةً وتأرجح بأقصى ما تستطيع، حتى ترتعش قدماك وترى الحياة من منظور جديد.

يعلم اللعب الكبار والصغار كيفية تجاوز الملل والصعوبات وعيش لحظات ممتعة وإيجابية، فالحياة فيها اللذة والألم، وفي ساحة اللعب تستطيع أن تعيش حلوها ومرها، وعندما تلهو وتلعب بصفتك شخصاً بالغاً تصبح إنساناً حالماً وتعشق الخيال؛ لذا لا تفصل بين العمل واللعب.

إقرأ أيضاً: التقدُم بالسّن وأهميّة الرياضة لتفادي الشّيخوخة

في الختام:

يساهم اللعب كثيراً في ضبط الذات ويمنحك القدرة على تخيُّل أشياء رائعة لم تعشها شخصياً، فما هي قواعد وروتينات حياتك التي تستطيع أن تغيرها بقليل من اللعب الحر؟ أغمض عينيك وتخيل، إنَّها أعظم قوة لديك.




مقالات مرتبطة