كيف يساعدك الأصدقاء على التحكم بمشاعرك؟

من المفيد أن يكون لديك أصدقاء وأحباء تلجأ إليهم للحصول على الدعم في الأوقات العصيبة؛ حيث يمكن أن يغمروك بعطفهم، ويشجعوك، ويؤكدوا على أنَّ الوضع سيِّئ بالفعل، لكن يمكنك تخطيه.



لكن تشير دراسة جديدة إلى أنَّ دعم الأصدقاء له فوائد أكثر؛ إذ يمكنه أن يساعدنا على رؤية المشكلة رؤيةً جديدةً أو الجانب المشرق منها بصورة أفضل من محاولة التعامل مع المشكلة بمفردنا.

جلب الباحثون في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (The University of California, Los Angeles)، أكثر من 120 شابة لمراقبة كيفية تعاملهنَّ مع المشاعر الصعبة؛ حيث عرضوا عليهن سلسلة من الصور السلبية، مثل وجوه حزينة أو غاضبة أو أشخاص يعيشون في فقر مدقع؛ وذلك لإثارة تلك المشاعر، بعد مشاهدة كل صورة، طُلب منهن إما الاستجابة لها استجابة طبيعية أو إعادة تفسيرها - رؤية الأمر رؤية مختلفة من أجل الشعور بتحسُّن حياله - أو الاستماع لوجهة نظر أخرى سجلها صديق جاء معهم للمشاركة في الدراسة، على سبيل المثال، إذا أظهرت إحدى الصور زوجان يتشاجران، فقد تكون وجهة النظر الأخرى للصورة هي أنَّهما يبدوان مستائين، لكنَّهما يعملان أخيراً على حل خلاف مهم.

بعد كل صورة، قيَّم المشاركون مدى شعورهم بالسوء في تلك اللحظة، لقد أجروا أيضاً العملية ذاتها باستخدام صور حيادية، مثل أشخاص يقرؤون أو يمشون.

شاهد بالفديو: ملخّص كتاب كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس

في النهاية، أدت رؤية الصور السلبية إلى جعل الناس يشعرون بالسوء، لكن ساعدتهم تجربة إعادة تفسير الصور أو النظر إلى الجانب المشرق منها، على التخفيف من انزعاجهم، لكنَّ ما ساعدهم أكثر هو سماع وجهات نظر أصدقائهم بالصور.

تقول الباحثة القائِمة على الدراسة رازيا ساهي (Razia Sahi): "يكون تنظيم المشاعر أكثر فاعلية، عندما يساعدنا الآخرون على تنظيمها".

لماذا كان الاستماع لوجهة نظر أحد الأصدقاء مريحاً جداً؟ وجدت إحدى نسخ التجربة أنَّه لم يكن مجرد وجود صديق هو الذي أحدث الفارق؛ بل كان سماع وجهة نظر أصدقائهم بالأمور، هو العامل الذي ساعدهم على التعافي.

يقترح الباحثون أنَّ سماع صوت صديق يشاركنا النقاش فيما يزعجنا، يجعلنا نشعر بوحدة أقل، أو قد يبدو منظورهم للأمور أكثر منطقية من أي شيء إيجابي نقوله لأنفسنا، والذي قد يبدو وكأنَّه وهم، أو لا نستطيع التوصل إلى وجهات النظر ذاتها عندما نكون في خضم المشكلة.

تقول المؤلفة رازيا ساهي: "يجب أن نميل إلى الدعم الاجتماعي في أثناء التجارب السلبية؛ نظراً لأنَّ أصدقاءَنا في بعض الأحيان يكونون أفضل بكثير في تنظيم عواطفنا من قدرتنا على تنظيمها بأنفسنا".

بالطبع، النظر إلى الجانب المشرق من الأمور لن ينجح طوال الوقت؛ إذ يمكن أن يبدو أحياناً قاسياً، كصديق يتجاهل مشاعرنا ويصر على أنَّ الأمور ليست سيئة كما نعتقد؛ حيث تظن أنَّ ذلك يعتمد على ما يزعجنا وكيف يستجيب أصدقاؤنا لما يزعجنا بالضبط، وما إذا كانوا يقدمون أنواعاً أخرى من الدعم أيضاً، مثل العطف أو التفهم؛ حيث تُجري رازيا ساهي حالياً بحثاً لاستكشاف آلية هذه العملية في الحياة اليومية خارج المختبر، للحصول على صورة أوضح.

إقرأ أيضاً: 7 أنواع من الأصدقاء لا يُمكن الاستغناء عنهم

أُضيفت هذه الدراسة إلى مجموعة أبحاث مثيرة للاهتمام، تشير إلى أنَّ تنظيم المشاعر، والذي غالباً ما نعتقد أنَّه مهمة فردية؛ هو في الواقع فعل اجتماعي، على سبيل المثال، يعرف شركاؤنا أحياناً ما هو الشيء الذي يجعلنا نشعر بتحسن أكثر مما نحن قد نعرف، والسماح للآخرين بمساعدتنا على التعامل مع مشاعرنا هو في الواقع بمنزلة تدريب لهم لتنظيم مشاعرهم.

ليس من السهل دائماً طلب الدعم، وقد نعاقب أنفسنا إذا لم نتمكن من التعامل مع مشكلاتنا بمفردنا، أو إذا شعرنا أنَّنا نزعج أصدقاءَنا، لكن على الأمد الطويل، سنكون أفضل حالاً إذا دعمنا بعضنا بعضاً.

المصدر




مقالات مرتبطة