كيف نعيد التفكير في الامتيازات الوظيفية في ظل جائحة كورونا (Covid-19)؟

كانت الامتيازات والفوائد أدوات أساسية استُخدِمت للتنافس وجذب المواهب المتميزة لسنوات عديدة مضت؛ فقد استفاد أرباب العمل من تقديم بعض الامتيازات لموظفيهم لكسب المنافسة وجذب أفضل المواهب، مثل: خطط التقاعد، والإجازات المرنة، والحوافز، وغيرها.



رغم التسارع الحاصل في الوقت الحاضر والتغييرات الكبيرة لدى القوى العاملة، لا يزال أرباب العمل يستخدمون الامتيازات والفوائد لجذب الموظفين والاحتفاظ بهم، ولكن هذه الامتيازات والفوائد أصبحت مختلفة تماماً الآن؛ ذلك لأنَّ جائحة كورونا سبَّبَت تغييراً كبيراً في معظم السلوكات سيستمر لسنوات عديدة، ويؤثر في طريقة عمل الموظفين وتوقعاتهم من أرباب العمل.

يعدُّ فهم متطلبات وتوقعات الموظفين الحاليين والمتوقع تعيينهم في المستقبل أمراً بالغ الأهمية، خصوصاً بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ وذلك لاستخدام الامتيازات والفوائد بفاعلية كعنصر متميز في "حرب" جذب المواهب الجديدة في ظل جائحة كورونا (Covid-19).

الوضع الجديد غير قابل للتفاوض:

لقد كان نظام العمل عن بعد والجدولة الزمنية المرنة والإجازات غير المحدودة إحدى الخيارات التي تقدمها الشركات المتقدمة فقط؛ أمَّا الآن، فقد أصبحت المرونة قضية حاسمة، وعلى كلٍّ من الشركات الصغيرة والمتوسطة استيعابها وتبنِّيها لتظل قادرة على المنافسة؛ حيث يواجه الموظفون مواقف وتحديات شخصية مختلفة للغاية، وتتطلب مستويات مختلفة من المرونة.

على سبيل المثال: بما أنَّ بعض الطلاب يذهبون إلى المدرسة باستمرار، في حين يتلقى بعضهم الآخر تعليمهم من المنزل؛ يبحث الموظفون الذين لديهم أطفال في سن المدرسة عن خيارات العمل عن بعد والجدولة الزمنية المرنة.

وفقاً لاستطلاع أجرته مجلة وول ستريت (WSJ / Vistage Small Business CEO) عن شهر آب: أفاد 52% من المديرين التنفيذيين بأنَّ الخطط الخاصة بإعادة فتح المدارس ستؤثر في أعمالهم والقوى العاملة لديهم، كما أفاد 55% أنَّهم سمحوا للموظفين بالعمل عن بُعد؛ في حين أفاد 8% فقط من قادة الشركات الصغيرة والمتوسطة أنَّهم طلبوا من موظفيهم العودة إلى العمل شخصياً؛ كما كُلِّف المديرون التنفيذيون بوضع طريقة تجعل العمل المرن عادلاً ومنصفاً وشاملاً لجميع الموظفين دون معاقبة أحد، بغض النظر عن أوضاعهم الشخصية.

لقد اعتاد العديد من الموظفين العمل من المنزل، إذ حافظوا على معدل إنتاجيتهم دون الحاجة إلى التنقل ذهاباً وإياباً إلى العمل، وتخلصوا فعلاً من كل مصادر الإلهاء في مكان العمل؛ كما يُفضِّل العديد منهم الآن العمل من المنزل لتجنب العدوى بفيروس كورونا؛ في حين يفضل البقية أسلوب العمل الهجين، أي بمعنى تجزئة فترات العمل بين المنزل والمكتب، واتباع جدول عمل مرن.

تضع هذه المتطلبات الجديدة المديرين التنفيذيين أمام قرارات مصيرية للحفاظ على الموظفين دون التأثير في إنتاجيتهم وروحهم المعنوية.

إقرأ أيضاً: خرافات شائعة عن فيروس كورونا، وكشف السر حولها

خلق التناسق الثقافي:

إنَّه لمن الصعب جداً على القادة الحفاظ على ثقافتهم وتعزيزها في الوقت الذي يتوجب عليهم فيه تلبية الاحتياجات المتنوعة لقواهم العاملة؛ فرغم أنَّ أحداً لم يتعرض إلى هذا الوضع من قبل، إلَّا أنَّه يجب على القادة أن يحافظوا على ثقافتهم في نهاية الأمر؛ ويمكنهم القيام بذلك من خلال التمسك بقيمهم، وتعزيز أهداف شركتهم، وإعادة تصور طقوس وتقاليد الثقافة المناسبة بين القوى العاملة البعيدة أو الموزعة.

لدعم هذا النهج بصورة أفضل، يمكن للمديرين التنفيذيين التفكير في الأسئلة الهامة التالية:

  • ما هي الأمور المناسبة للعمل؟
  • ما هو العدل بالنسبة إلى الموظفين؟ وكيف يمكن تحقيقه؟
  • كيف يمكنني الاحتفاظ بالموظفين؟
  • كيف يمكنني الحفاظ على ثقافة الشركة؟
  • كيف يمكنني الحفاظ على الإنتاجية؟

ليست هذه بالأسئلة التي يسهل الإجابة عنها؛ فلا توجد حالات مشابهة تساعدك على مواجهة الوضع الحالي، كما لا توجد كتب للقراءة والمساعدة، حيث لم يتعرض أحد إلى هذا الوضع الاستثنائي من قبل.

يجب أن يواجه كل مدير تنفيذي الديناميكيات الفريدة لشركته، والاحتياجات المحددة لكل موظف على حدة؛ حيث ستكون مساعدة الموظفين على التعامل مع مسؤولياتهم الشخصية والمواقف الناتجة عن جائحة كورونا (Covid-19) بطريقة منتظمة وعادلة وتتوافق وثقافة الشركة، تحدياً كبيراً للمضي قدماً، وقد يتطلب ذلك نهجاً ذا طابع رسمي للإصغاء إلى احتياجات الموظفين ووضع سياسات واتباع نظام يتسم بالشفافية والوضوح لدى الجميع؛ وسيكون التواصل والتعاطف بهذه الحالة أكثر أهمية من أي وقت مضى.

شاهد بالفديو: 7 نصائح لإدارة الموظفين عن بُعد في أوقات الأزمات

القوى العاملة في مرحلة ما بعد فيروس كورونا:

يجب على كل مدير تنفيذي أن يواجه الديناميكيات الفريدة لشركته، وأن يتخذ القرارات التي تتفق مع ثقافته وتراعي الظروف المتنوعة والمتعلقة بجائحة كورونا (Covid-19) التي يواجهها كل موظف؛ حيث ستكون هذه القرارات المتخذة في الوضع الحالي ذات فائدة جلية بمجرد عودة بيئة العمل إلى طبيعتها؛ فقد تغيرت التوقعات لدى العديد من الموظفين، وتنوعت خياراتهم مع نمو الاقتصاد باستمرار، وعادت حروب استقطاب المواهب بالفعل؛ حيث تسعى الشركات بقوة إلى استقطاب المواهب المتميزة من الشركات التي تخفق في سعيها إلى ذلك.

إقرأ أيضاً: القلق لن يفيد: 10 أسباب لعدم الذعر بسبب فيروس كورونا

لقد بات الأمر واقعياً بالنسبة إلى بعض الامتيازات التنافسية التي تقدمها الشركات كالعمل من المنزل، وهو ما يجب تطبيقه على نواحي أخرى في العمل؛ إذ لم يعد أصحاب المواهب المتميزة والموظفون الشباب من جيل الثمانينيات والتسعينيات مستعدين للعمل وفق القواعد القديمة التي أثبتت جائحة كورونا عدم جدواها؛ فقد أصبحت المرونة وقابلية التكيف من أهم المتطلبات للتنافس والحفاظ على المواهب في المرحلة القادمة.

المصدر




مقالات مرتبطة