كيف علمتني عاملة التنظيف درساً لن أنساه عن الإدارة

هل تعرف دوتي (Dottie)؟". "لقد أمضيت وقتاً طويلاً في دراسة وحفظ الصيغ لإجراء عمليات حسابية لهذا النوع من الامتحانات"، وزَّع المعلِّم الاختبار النهائي، وكانت الأسئلة على ورقة واحدة، وهذا ما أعجبني لأنَّني اعتقدت أنَّ الامتحان سيكون أطول من ذلك، وبمجرد حصول الجميع على أوراقهم، قال: "هيا قوموا بقلبها". كان كِلا الجانبين فارغاً".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون رون توماس (Ron Thomas)، يُحدِّثنا فيه عن مجموعة من العبر الهامة لمسيرتك المهنية ولكي تكون مديراً أفضل.

أهم امتحانٍ نهائي:

بعدها، قال الأستاذ: "لقد قمت بتعليمهم كل شيء أعرفه عن عالم الأعمال في الأسابيع العشرة الأخيرة، لكنَّ فحواها، والسؤال الأهم، هو: ما هو اسم الموظفة التي تقوم بتنظيف هذا المبنى؟".

كان هذا يا أصدقاء سؤال الامتحان النهائي الذي خضع له والت بتنغير (Walt Bettinger)، الرئيس التنفيذي لشركة تشارلز شواب (Charles Schwab)، في دورة تدريبية لاستراتيجيات الأعمال، وقد قام بذكر هذه القصة في مقابلته الأخيرة لقسم الأعمال في صحيفة نيويورك تايمز (New York Times Corner Office column).

عندما أشار إلى سؤال الامتحان النهائي هذا، تحدَّث عن كيفية سير الأمر وقال: "لقد كان الامتحان الأول الذي أفشل به في حياتي، وقد حصلت على علامة "جيد" التي استحققتها، كان اسمها دوتي (Dottie)، كنت قد رأيتها، ولكنَّني لم أستغل الوقت لسؤالها عن اسمها، ومنذ أن سُئلتُ ذاك السؤال الهام، حاولت معرفة جميع الأشخاص الذين عَملتُ معهم منذ ذاك الوقت.

إنَّ تلك التجربة كانت تذكيراً هاماً لما هو هام في الحياة، وأنَّه ليس عليك أن تغفل عن الأشخاص الذين يقومون بالعمل الحقيقي، إنَّ هذا هو أهم درسٍ تعلمته في حياتي المهنية، وإنَّني ممتنٌّ لما تعلَّمته في وقت مبكرٍ من مسيرتي المهنية".

إقرأ أيضاً: تعرّف على أهم سرّ في الإدارة الناجحة

ما هو أهم درسٍ لك في حياتك المهنية؟

أتذكر أنَّه كان قد دار حديثٌ بيني وبين مديرٍ للموارد البشرية كان قد تحدث عن مسؤولٍ تنفيذي في مجال عمله، والذي كان على تواصلٍ جيد مع أقرانه، لكن عندما جاء الأمر للأشخاص الذين يعملون تحت إمرته، كان يبث الذعر في نفوسهم؛ إذ إنَّ فكرة طلبه لأحدهم من أجل ملاقاته في المكتب كانت كافية لإرهاب الموظف.

وقد تحدَّث معي رئيس تنفيذي آخر، وأخبرني كم هو مهتم ومنخرط في منظمته، وأنَّه يعتمد مبدأ المعاملة بالمثل في إدارته، لكنَّ المشكلة أنَّه لاحقاً في حديث مع المسؤول الرئيسي عن الموارد البشرية في شركته تبين أنَّ هذا المدير العظيم يأتي كل يومٍ إلى العمل ويصادف عدداً من الأشخاص الرائعين في الرواق أو في مكان عملهم، ويتجاهل الجميع، ولا يقدِّم أبسط المجاملات.

لذا ألقي نظرة على المخططات الهيكلية لموظفي منظمتك ودقق في أخفض مستوى، ما هو عدد الأشخاص الذين تعرفهم منهم؟ وماذا تعرف عنهم؟ ثم تابع إلى مستويات الموظفين الأعلى، وحاول معرفة كم من هؤلاء الأشخاص "تعرفه"، فإن كنت مثل ذلك المدير، فكلما ارتفع مستوى الموظفين تذكرتهم أكثر.

الآن دعني أطلعك على سرٍ صغير: تبدأ مشاركة الموظفين في المنظمة بدءاً من مستويات الموظفين الدُنيا؛ وهي بنية هرمية معكوسة تحقق المعادلة الرابحة بنجاح المنظمة؛ فإنَّ البنية لن تنجح إن كنت لا تعرف موظفي المستويات الأقل؛ لأنَّ الهرم التسلسلي انعكس، كما أنَّ هناك أشخاصاً كثر يشبهون دوتي (Dottie) في المنظمات، وعلينا التأكد من أنَّنا نعرف جميعهم.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة في الإدارة و القيادة الحكيمة

قصتي الشخصية المشابهة لقصة "دوتي" (Dottie):

خلال مسيرتي المهنية عملت ما يقارب العشر سنوات في شركة، وبسبب قدومي المبكر الدائم إلى مكتبي، كنت ألتقي دائماً بالموظفة المسؤولة عن تنظيف الأرضيات؛ إذ كنت أتبادل أطراف الحديث معها، ففي البداية كانت مترددة للمشاركة في الحديث ظناً منها أنَّني "موظفٌ كبير"، لكن بمرور الوقت أصبحنا نتحدث عن موضوعات كثيرة مختلفة، وكنت أخبرها عن جميع عطلات نهاية الأسبوع التي أقضيها، وكانت تسألني عن صور أطفالي الموجودة لدي في المكتب.

بكلمات أخرى أصبحت أعرف "دوتي" (Dottie) خاصتي حق المعرفة، وعندما انتشر خبر قراري بمغادرة الشركة، وجدتها تقف أمام باب مكتبي في آخر يوم عمل لي، ألقيت التحية عليها وسألتها مازحاً "هل كنتِ بانتظاري؟"، كان جوابها "أجل"، لقد أذهلني الأمر، ثمَّ تابعت لتخبرني كم استمتعت بالأحاديث التي خضناها بمرور السنوات.

أخبرتني أيضاً أنَّها كانت مترددة للتحدث معي في أول مرة التقينا بها، ومن خلال تعارفنا أكثر مع الوقت، كانت متفاجئة من أنَّني أردت التحدث معها؛ لأنَّني واحدٌ من المسؤولين في الشركة، وقالت: "إنَّني أعمل هنا، وهناك أشخاص كثر يعملون هنا، لكن يبدو أنَّني غير مرئية بالنسبة إليهم، فهم ينظرون إلي ولا يلقون التحية حتى، ولا أشعر بأنَّني إنسانة، ولكنَّك لم تعاملني بهذه الطريقة أبداً".

بدأت دموعي تنهمر على وجهي بعد أن قالت هذا، وهي بدورها بدأت بالبكاء، عندما انتهت من الكلام، نظرت إلى وجهها لأتمالك نفسي وقلت لها: "أتعرفين، إنَّ قصصنا متشابهة، لقد كانت أمي عاملة تنظيف وأخبرتني ذات القصة التي أخبرتني إياها، وكيف كانت تتم معاملتها؛ إذ كانت تُتجاهل بصفتها شخصاً عاملاً من قبل هؤلاء الأغنياء. كان هذا في بداية مسيرتها المهنية، وعندما أصبح والدي ناجحاً توقفت عن العمل، وأصبحت ربة منزل، لكن هذه القصص بقيت في ذاكرتي".

نتيجة لهذه الحادثة، تكمن مهمتي في جميع تفاعلاتي الاجتماعية في أي مكان أعمل فيه، في أن أتعرف إلى كل شخص مثل "دوتي" (Dottie)، وأن أتفاعل معهم، وأتحدث إليهم.

والآن أيها المديرون: هل تعرفون كل شخص مثل "دوتي" (Dottie) في منظماتكم؟

المصدر




مقالات مرتبطة