كيف ستغير شبكة الجيل الخامس (5G) كل شيء تعرفه عن الحوسبة المتنقلة؟

إذا كنت تعتقد أنَّنا نعيش في مجتمع يتمتع بالإشباع الفوري، فما عليك إلَّا أن تنتظر وصول شبكة الجيل الخامس (5G) إلى المدن الكبرى في مختلف أنحاء العالم؛ ولكن أولاً، دعونا نتوقف مؤقتاً لطرح سؤال بالغ الأهمية: "لماذا شبكات الجيل الخامس؟".



لقد منحتنا شبكة الجيل الأول من الاتصالات اللاسلكية (1G) الصوت، ثمَّ أضافت شبكة الجيل الثاني (2G) إمكانية إرسال النصوص، ومكَّنت تقنية الجيل الثالث (3G) الحوسبة المحمولة الأساسية، وحصلنا مع شبكة الجيل الرابع (4G) على سرعات عالية ومجموعات من التطبيقات تساعدنا على العمل أو اللعب في أثناء استخدامنا لهواتفنا؛ والآن، تفتح شبكة الجيل الخامس (5G) الباب واسعاً أمام إمكانية تحميل 10 أضعاف ما اعتدنا على تحميله؛ ممَّا يعني أنَّنا سنتمكن من تحميل الأفلام في غضون ثوانٍ، وكذلك مقاطع اليوتيوب (YouTube).

تتصدر الصين وكوريا الجنوبية الآن عمليات تطوير هذه الشبكات، وقد جرى تفعيل شبكة الجيل الخامس (5G) في أكثر من عشرين مدينة في الولايات المتحدة حتَّى الآن؛ ولكن لن يكون بإمكانك الاستفادة من قوة هذه الشبكة إذا لم يكن لديك هاتف جديد متوافق معها.

عندما تصل (5G) إلى أقصى سرعة بحلول عام 2023، سيتغير دور الجهاز المحمول بشكل جوهري، ويصبح الواقع الافتراضي في عالم شبكة الجيل الخامس شائعاً جداً، بحيث يمكن أن تكون التكنولوجيا رهاناً للأعمال التجارية، مثل البائعين بالتجزئة وصالات الألعاب الرياضية؛ فعلى سبيل المثال: يمكن لمتاجر الملابس استخدام الواقع الافتراضي للسماح للأشخاص برؤية أنفسهم بزي معين في مجموعة من البيئات الديناميكية الفعالة، ويمكن أن يمنح النادي الرياضي أعضاءه قراءات بيومترية لتتبع تمريناتهم الرياضية وتحسينها في الوقت الفعلي؛ كما ستغير هذه الشبكة أحداث الترفيه، إذ سيستخدم مشجعو كرة القدم هواتفهم التي تتوافق مع شبكة الجيل الخامس للعب دور المخرج التلفزيوني عبر اختيار أيٍّ من زوايا الكاميرات المتعددة يرغبون في مشاهدة المباراة من خلالها، ويحصلون على بيانات في الوقت الحقيقي من كاميرات التعقب الموجودة في الملاعب.

شاهد بالفيديو: 9 علامات تدل على إدمانك للإنترنت

ستطلق شبكة الجيل الخامس العنان للروبوتات، حيث سيصبح بوسع مدير المصنع تثبيت شبكة خاصة من الجيل الخامس والعمل بسهولة على دمج خط إنتاج قوامه الروبوتات للعمل جنباً إلى جنب مع البشر؛ حيث تستطيع الروبوتات أنت تحلَّ محلَّ البشر في تسليم المواد الخام إلى خطوط الإنتاج، وتحميل المقصورات، وغيرها من الأعمال الشاقة.

ستصل التكنولوجيا إلى كل مكان، حيث تستطيع مزرعة خضار داخلية -مثلاً- إقامة شبكة خاصة بها من الجيل الخامس، وإدارة أنظمة زراعة وري أسرع وأكثر تكاملاً، والاستجابة بقدر أكبر من الاستقلالية؛ سواءً أكان ذلك عن طريق روبوتات تختار النباتات، أم المستشعرات والخوارزميات التي تضبط نسبة رطوبة التربة، وتقيِّم مدى صحة النباتات، ومدى ملاءمة درجات الحرارة.

صحيح أنَّ كل هذا قابل للتنفيذ اليوم مع شبكة الجيل الرابع (4G) والواي فاي (Wi-Fi)، ولكنَّ شبكة الجيل الخامس (5G) ستجلب مزيداً من الاتصالات الفورية ونظاماً أكثر سلاسة وسرعة، وستمتلك الشركات التقنية والبنوك والمستشفيات وغيرها من الشركات التي تعتمد على البيانات موجات ترددية لنقل كميات هائلة من المعلومات في وقت قصير.

أمَّا في مجال الرعاية الصحية، ستكون شبكة الجيل الخامس بوابة للانتقال إلى العلاجات الرقمية؛ ممَّا يسمح للمرضى بالعلاج في المنزل بمساعدة الواقع الافتراضي والواقع المعزز، حيث سيستخدم الأطباء الروبوتات لزيارة المرضى ومعاينتهم في المستشفيات والمناطق البعيدة.

إقرأ أيضاً: هل سيجعل فيروس كورونا الاستطباب عن بعد هو القاعدة، وليس الاستثناء؟

ستتمكَّن الحكومات أيضاً من جمع بيانات أكثر تفصيلاً عبر المناطق الجغرافية بمساعدة الخوارزميات، وتوقع حالات الطوارئ والاستجابة لها فوراً، مثل الأوبئة أو الأحداث المناخية السيئة؛ كما قد يؤدي الجمع بين شبكات الجيل الخامس (5G) وتطبيقات الأجهزة المحمولة وأجهزة الاستشعار وأجهزة الإنترنت والخوارزميات التنبؤية إلى تحويل الحكومات المحلية البطيئة إلى جهات تعمل بفاعلية، فضلاً عن الأدوات التي تمتد عبر حركة المرور والسلامة وخدمات المدن.

لا شكَّ في أنَّ هذا المستوى العالي من المراقبة وجمع البيانات يأتي مع مخاطر انتهاك الخصوصية، وهي قضية هامة، حيث ستحتاج الحكومات إلى التخطيط لكيفية حماية خصوصية المواطنين مع تطور التقنيات الجديدة التي تساعدهم.

أيضاً هناك مخاطر كبيرة تتجاوز الخصوصية، وهي أنَّه عندما تفشل الأمور، ستكون العواقب وخيمة؛ إذ سيتمكن المخترقون من اختراق المصادر الرئيسة وسحب بيانات أكثر حساسية بسرعةٍ أكبر بكثير من أي وقتٍ مضى؛ وللتغلب على هذه المشكلة، ستزداد أهمية الأمن الإلكتروني (أمن الحاسوب)، ويتعين على صناعة الأمن الإلكتروني أن تتطور لتستوعب الأمر.

فكر في 5.8 مليار جهاز إنترنت في العام المقبل، بدءاً من روبوتات الجراحة إلى السيارات. ربَّما يمكن اختراق جرس باب شخصٍ ما، وقد لا يشكل ذلك خطراً داهماً؛ ولكنَّ الأخطر أن يجري اختراق سيارة أو أجهزة طبية في المستشفى.

لقد أُطلِق على مجموعة شبكات الجيل الخامس (5G) اسم "العامل المحفز للثورة الصناعية الرابعة في العالم"، لذا فالتخطيط لذلك المستقبل أمر أساسي؛ فكر فقط في الشكل الذي سيبدو عليه الجيل الخامس لأعمالك، وكيف يمكن أن يعطل صناعتك أو يخلق فرصاً جديدة.

إقرأ أيضاً: 5 أمور يجب أن تخبر أطفالك أن يكونوا مستعدين لها في المستقبل

قد يستغرق الأمر 5 سنوات حتى تغطي شبكات الجيل الخامس (5G) الكرة الأرضية؛ ولكن عندما يحدث ذلك، ستتدفق البيانات بحرية بين مزيد من الأشخاص والأماكن والأجهزة بسرعات وأحجام لم نشهدها من قبل، وستطلق شبكات الجيل الخامس (5G) العنان لموجة جديدة من رجال الأعمال والمبتكرين.

قد لا يكون بإمكاننا توقع الشركات التي ستكون رابحة أو خاسرة؛ ولكن بالنظر إلى سرعة (5G)، سنكتشف ذلك بشكل سريع بما فيه الكفاية.

 

المصدر




مقالات مرتبطة