كيف ستعيش اليوم إذا استطعت أن ترى نفسك خلال السنوات العشرين القادمة؟

أنت تحتاج إلى شراء جهاز كمبيوتر جديد، لكنَّك لا تملك المال الكافي لشرائه، وأحد أصدقائك يخبرك أنَّه يعرف شخصاً يستطيع أن يبيعك ما تريده بالضبط بثمن أقل، لكن عليك ألا تسأل عن مصدر الكمبيوتر، حينها ستشعر بالتوتر قليلاً، لكنَّ العرض مُغرٍ، والسؤال هنا هل تشتري جهاز الكمبيوتر رغم أنَّك متأكِّد من أنَّه مسروق؟



كان هذا هو السؤال الذي طُرِح على طلاب الجامعات في دراسة أُجريت عن الأخلاق، وما هي الأمور التي تؤثر في اتخاذ القرارات، فقد اختار بعض الطلاب أخذ الكمبيوتر المسروق، ورفض بعضهم الآخر هذا الأمر.

مع ذلك، فإنَّ الأمر الذي قد يفاجئك هو أنَّ مجموعة واحدة من الطلاب كان من المتوقع أن تفعل الشيء الصحيح وترفض جهاز الكمبيوتر المسروق؛ إلا إنَّ السبب وراء ذلك هو أنَّهم فعلوا شيئاً بسيطاً قبل أن يتخذوا هذا القرار، فما قاموا به بطريقة مختلفة سوف يؤثر في الطريقة التي تعيش بها حياتك، وكيف تبني عادات جيدة وفي الطريقة التي تتخذ بها قرارات ذكية اليوم وفي المستقبل.

إذاً، هل ينتابك الفضول بشأن الأمر المختلف الذي قاموا به؟

تخيَّل نفسك في المستقبل:

كان لدى ثلاثة أساتذة قبل بضع سنوات في جامعة "نورث وسترن" (Northwestern University)، من "كلية كيلوغ للإدارة" (Kellogg School of Management) فضول عن كيفية جعل الأشخاص الموجودين داخل منظمة ما يفعلون الشيء الصحيح عندما يواجهون عروضاً مُغرية.

لقد اختبروا فرضية مفادها أنَّ التفكير في نفسك في المستقبل قد يشجِّعك على اتخاذ قرارات أفضل، ومن أجل بحثهم هذا قاموا بجمع مجموعة من طلاب الجامعات وطرحوا عليهم السؤال المُتعلِّق بشراء الكمبيوتر في القصة التي ذُكرت أعلاه.

لكن قبل كل شيء، طُلب من جميع الطلاب تخيُّل أنفسهم في المستقبل، وكتابة رسالة إلى أنفسهم يتحدثون بها عن شخصيتهم وطباعهم وعاداتهم أو عن هويتهم في الوقت الحاضر؛ إذ طُلب من أفراد إحدى المجموعات أن يتخيَّلوا أنفسهم بعد ثلاثة أشهر في المستقبل، وطُلب من أفراد مجموعة أُخرى أن يتخيَّلوا أنفسهم بعد مرور عشرين عاماً.

فاختارت المجموعة التي تخيَّلت نفسها بعد عشرين عاماً الخيار الصحيح بصورة متوقعة أكثر، لكنَّ السؤال هنا هو أنَّه كيف تدفعك كتابة رسالة بسيطة - لن يقرأها أي شخص آخر غيرك - إلى اتخاذ خيارات أفضل؟ إنَّ السبب المُذهل وراء ذلك يتعلَّق بالطريقة التي ترى بها نفسك في المستقبل.

فقد أظهرت الأبحاث أنَّه عندما يتخيَّل معظم الناس أنفسهم في المستقبل القريب، سوف يتصوَّرون محيطهم من وجهة نظرهم، إذ يبدو الأمر كما لو أنَّهم داخل خيالهم، لكن عندما يتخيَّلون أنفسهم في المستقبل البعيد، فمن المُرجَّح أن يتبنَّوا وجهة نظر شاملة - بحيث ينظرون إلى أنفسهم بطريقة موضوعية - ويَعدُّون أنفسهم غرباء؛ أي أنَّ منظورهم نحو حياتهم يصبح جلياً وكأنَّ من يرويها ذلك الشخص الذي يرى الأمور بطريقة موضوعية.

إنَّ حملة كتابة الرسائل التي قام بها هؤلاء الطلاب غيَّرت الطريقة التي ينظرون بها إلى أنفسهم في المستقبل، فقد أجبرهم هذا الأسلوب على ربط رؤيتهم لأنفسهم في المستقبل بما هم عليه اليوم، وبدوره قد ساعدهم هذا الربط بطريقة مثيرة للاهتمام على اتخاذ خيارات أكثر ذكاءً وأخلاقية.

كيف يمكن أن يؤثر ذلك في حياتك والعادات التي تريد بناءها والأهداف التي تريد تحقيقها والمُثل التي تريد أن تعيش بها؟

كيف تكتب رسالة لنفسك؟

إذا كانت لديك أهداف وعادات ومُثُل هامَّة تريد أن تعيش بموجبها، فإنَّ الحكمة لتطبيق ذلك تقول إنَّك تستطيع مساعدة نفسك على الالتزام بها عن طريق كتابة رسالة لنفسك، ومثلما أظهر البحث، فإنَّ التفكير في المستقبل البعيد ينجح أكثر من التفكير في المستقبل القريب.

فإذا كنت تريد إنقاص وزنك، اكتب لنفسك المستقبلية عن النظام الغذائي والتمرينات الرياضية التي عليك ممارستها، وإذا كنت تطمح إلى الحصول على مهنة عظيمة، أخبر نفسك بالخطوات التي ستتخذها للوصول إلى مُرادك، أمَّا إذا كنت تريد أن تبني عادة المغامرة والسفر أكثر، صِف المكان الذي ستذهب إليه لتتفكر فيه في السنوات القادمة.

شاهد بالفديو: 10 أمور يجب القيام بها إذا كنت يائساً من مستقبلك

إليك كيفية صياغة الرسالة التي ستدعم عاداتك:

1. اكتب لنفسك بعد 20 عام على الأقل في المستقبل:

يُظهر البحث أنَّ كلما بَعُدَت المدة كان ذلك أفضل؛ لذلك اجلس وتخيَّل نفسك بعد 20 عاماً على الأقل لتحصل على أكبر تأثير من هذه التقنية البسيطة.

2. ركِّز على الأهداف والعادات والمُثُل التي تريد ترسيخها:

أظهرت الدراسة التي قامت بها جامعة "نورث وسترن" (Northwestern University) أنَّ الكتابة إلى نفسك في المستقبل ستساعدك على اتخاذ مزيد من القرارات الأخلاقية، لكنَّ التركيز على أهداف وعادات ومُثُل محدَّدة تريدها أن تكون جزءاً هامَّاً من حياتك سيساعدك على الاستفادة في تلك المجالات بمجرد توجيه انتباهك إليها.

3. صِف شخصيتك الحالية في الرسالة التي تكتبها:

الشيء الهام في الكتابة إلى نفسك في المستقبل هو أنَّها ترتبط بما أنت عليه اليوم؛ لذلك صِف الأهداف والعادات والمُثُل التي تريد أن تتبنَّاها كما لو أنَّك تتبنَّاها بالفعل.

إقرأ أيضاً: الأفكار الإيجابية تؤدي إلى نتائج إيجابية

4. كرِّر ذلك مرة واحدة على الأقل في السنة:

تُظهر جميع أنواع الأبحاث أنَّه من المُرجَّح أن تفعل ما تقول بأنَّك ستفعله عندما تواجه بانتظام التزاماتك الخاصة؛ لذا حوِّل كتابة الرسائل إلى عادة تكررها - مرة واحدة على الأقل كل عام - للحصول على أفضل النتائج؛ فكلما فعلت ذلك زادت رسائل التذكير التي تحصل عليها.

إذا كنت تريد أن تعيش حياة أفضل اليوم، ابدأ بالتفكير في الغد؛ فعندما تكتب إلى نفسك، سيبدأ دماغك في ربط النقاط بالمستقبل والتأثير فيك بهدوء لاتخاذ الخيارات التي تحتاج إليها لتصبح الشخص الذي تريده.

في الختام:

ما عليك القيام به اليوم، وهو هامٌّ جداً، هو كتابة رسالة قصيرة لنفسك بعد 20 عاماً في المستقبل، فقط اتبع الخطوات المذكورة أعلاه للحصول على أفضل تأثير، لكن في الوقت الحالي، ركِّز على أمر واحد فقط تريده أن يكون جزءاً من حياتك.

المصدر




مقالات مرتبطة