كيف تهرب من المشكلات التي لا تنتهي؟

قد تبدو بعض المشكلات أحياناً غير قابلة للحل إطلاقاً، وقد ترى الحل يلوح في الأفق، لكنَّه دائماً ما يكون بعيد المنال، وتُوجد المشكلات في كل مكان وفي كل شيء في العالم؛ إذ ثمة مشكلات في العمل وفي المنزل، ومشكلات مع الصحة ومع المال وحتى مع السعادة، وما إلى ذلك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن ستيفن أيتشيسون (Steven Aitchison)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية الهروب من المشكلات التي لا تنتهي.

كيف يُفترض بنا أن نعيش حياة سعيدة مع كل هذه المشكلات المستمرة؟

سأضع بين يديك سراً من شأنه أن يغير حياتك، وهو أنَّنا بحاجة إلى إلقاء نظرة أعمق بقليل على الطبيعة الحقيقية لمشكلاتنا؛ إذ ثمة فرق بين المشكلات الخارجية والداخلية، وثمة شيء واحد مؤكد؛ ألا وهو أنَّ المشكلات الخارجية لن تنتهي أبداً؛ ذلك لأنَّ طبيعة الحياة بحد ذاتها عبارة عن مزيج من الخير والشر، والسعادة والحزن، والصحة والمرض، ومع ذلك، نحن غير قادرين على التحكم بالمشكلات الخارجية، لكننا نملك سيطرة على مشكلاتنا الداخلية؛ لذا نجد التعاسة تنشأ نتيجةً لاستيائنا من الظروف الخارجية.

يُوجد هدف واحد في كل العالم، وشيء واحد يسعى إلى تحقيقه كل البشر، بصرف النظر عن المكان الذي تعيش فيه، وبصرف النظر عمَّن تكون أو ما تؤمن به؛ إذ جميعنا نريد التحرر من المعاناة ونريد أن نكون سعداء، وكل ما نقوم به في الحياة هو محاولة لتحقيق هذه الرغبات، كل شيء من دون استثناء؛ فإذا نظرت عن كثب، يمكنك ربط كل قرار وعمل ودافع لكل شخص بتحقيق هذه الرغبات، في حين تنشأ مشكلاتنا جميعها بسبب تعارض شيء ما بشكل مباشر مع هذه الرغبات.

إذا تعلَّمنا كيفية تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع مشكلاتنا الخارجية، فسنتمكن من التحكم بتأثير هذه المشكلة فينا، لنصل إلى تغيير ذاك التأثير، ومن ثم حل مشكلاتنا جميعها.

تنطوي المشكلات الخارجية على عدة أمثلة يمكن أن نسميها "ظروفاً"، مثل هطول الأمطار في أثناء الحفلة التي تقيمها في حديقة منزلك، أو الإصابة بالأنفلونزا قبل ذهابك في إجازة؛ إذ تختبر هذه الظروف راحة بالك، ومن دونها ربما تبقى حالتك الذهنية هادئة، لكن بالعودة لحقيقة حدوث مزيد من المشكلات على الدوام، نحتاج إلى تعلم كيفية الحفاظ على هدوئنا في وسط هذه المشكلات؛ إذ ثمة فرق كبير بين الظروف وردود الفعل، والطقس السيِّئ على سبيل المثال هو ظرف يغضبني، لكنَّ رد فعلي يعود لي بالكامل.

شاهد بالفيديو: 5 نصائح لاكتساب مهارة حل المشكلات

نحن نحتاج إلى التمييز بين المشكلات الداخلية والخارجية:

دعنا نلقي نظرة على بعض المشكلات الخارجية والداخلية:

  1. سيارتك لا تعمل: مشكلة خارجية.
  2. سيارتك لا تعمل، وينتابك الغضب: مشكلة داخلية.

ماذا لو اعترفت بأنَّ سيارتك معطلة، ولم تشعر بالانزعاج والغضب؛ هل يمكنك رؤية كيف أنَّه في هذه الحالة لم يختل سلامك الداخلي؟ يمكنك التعامل مع مشكلتك الخارجية بكل هدوء وفاعلية.

مثال آخر:

  1. انفصلت عنك شريكك على نحو غير متوقع: مشكلة خارجية.
  2. تحولت إلى شخص متضرر حزين تملؤه الغيرة: مشكلة داخلية.

ماذا لو سمحت لنفسك بالشعور بالخسارة والحزن والأذى من دون السماح لهذه المشاعر بأن تسيطر عليك؟ ماذا لو فهمت في أعماقك أنَّه لا يمكنك التحكم بالآخرين، وأنَّهم ليسوا المصدر الحقيقي لسعادتك؛ يمكنك أن تحاول التمتع بالوعي التام للمضي قدماً من دون السماح للموقف بتدميرك.

مثال آخر:

  1. بدأت الأمطار بالهطول في أثناء الحفلة التي تقيمها في حديقة منزلك: مشكلة خارجية.
  2. بدلاً من الاستمتاع بيومك، تجعل الحياة بائسة بالنسبة إلى الجميع: مشكلة داخلية.

ماذا لو نقلت حفلتك إلى داخل المنزل واستفدت من الموقف بأفضل شكل، بدلاً من التذمر طوال اليوم؛ إذ ما زال بإمكانك قضاء يوم رائع، قد لا يكون كما توقعته بالضبط، لكنَّه قد يكون رائعاً بالقدر نفسه.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح مهمة لتجنب المشاكل والابتعاد عنها

مثال آخر:

  1. أُصبت بمرض مميت: مشكلة خارجية.
  2. بدلاً من الاستمتاع بأيامك الأخيرة، ينتابك الغضب والإنكار وتدخل في اكتئاب عميق: مشكلة داخلية.

ماذا لو استثمرت وقتك لتعيش وتقدِّر كل لحظة في حياتك، بدلاً من قضاء أيامك الأخيرة في اكتئابٍ عميق ومظلم؛ إذ يمكنك التغلب على أيامك الأخيرة بالفرح أو الحزن، فالأمر متروك لك، وبصرف النظر عن الطريقة التي تختارها للاستجابة، لا يمكن تغيير الموقف.

يمكنك من خلال تغيير طريقة التعامل مع مشكلاتك، تغيير حالتك الذهنية تماماً، ممَّا سيؤثر في سعادتك، وهذا لا يعني عدم وجود أيِّ مشكلات خارجية، أو أنَّك لست بحاجة إلى اتخاذ الخطوات المناسبة لحل مشكلاتك الخارجية، وإنَّما يعني أنَّه في أثناء ذلك يمكنك الحفاظ على حالة ذهنية هادئة وسلمية، وعند قيامك بذلك، ستكون أكثر استعداداً للتعامل مع المشكلات التي ستواجهك بفاعلية.

إقرأ أيضاً: ماهي المشاكل التي يسببها الغضب؟ وماهي طرق التخلص منه؟

في الختام:

تتطلب هذه الحالات الذهنية كثيراً من العمل والممارسة، ومن غير المنطقي أن تقول إنَّ تلك المشكلات الخارجية المخادعة لن تتغلب على حالتك الداخلية أبداً، لكن عندما نتمكن من جعل حالاتنا الداخلية أكثر سعادة، يمكننا أن نحل مشكلاتنا واحدةً تلو الأخرى.

المصدر




مقالات مرتبطة