كيف تنفصل عن شريكك في العمل؟

الانفصال ليس سهلاً أبداً سواء كان ذلك في العلاقات الرومانسية أم العمل؛ إذ يكون الفراق فوضوياً دائماً، وإن اتفق الطرفان على أنَّه الخيار الأفضل، لكن عندما تكون شركتك ودخلك على المحك، كيف تبقي العملية عادلة وسلسة وتحافظ على صداقتكما؟



تقول "ميليندا إيمرسون" (Melinda Emerson) المستشارة ومؤلفة كتاب "كن رئيس نفسك في 12 شهراً" (Become Your Own Boss in 12 Months): إنَّ الخطوة الأولى هي الاعتراف بأنَّها عملية لا تخلو من العواطف، وتقول إيمرسون: "الانفصال عن شريكك في العمل يمكن أن يكون أصعب من الانفصال عن شريكك في علاقة؛ ولكنَّ هذا لا يعني أن تدع عواطفك تتحكم بك، ولا يمكنك اتخاذ قرارات العمل على أساس العواطف".

كن واضحاً بدلاً من ذلك بشأن هدفك في أثناء العملية؛ فبالنسبة إلى بعض الناس قد يكون ذلك الحفاظ على الصداقة، وبالنسبة إلى الآخرين قد يكون مصلحة الشركة، على سبيل المثال، إذا كان الهدف هو بيع الشركة لتحقيق ربح فلا يمكنك تحمل أضرار الشعور بالغضب من شريكك المؤسس؛ إذ تقول إيمرسون: "قد يكون شريكك مخطئ؛ ولكنَّ هذا لا يعني أن تغضب منه لدرجة إلحاق الأذى بالشركة".

"كاثي إلستر" (Kathi Elster) هي إحدى المشاركات في تأسيس شركة "ك سكويرد إنتربرايزز" (K Squared Enterprises)، ومستشارة تساعد في حل النزاعات في مكان العمل، وإحدى المشاركات في تأليف كتاب "الفتيات البائسات في بيئة العمل" (Mean Girls at Work) و"ما يناسبك لا يناسبني" (Working for You Isn Working for Me)؛ إذ يطلب العملاء مساعدتها في التعامل مع شركاء العمل، تقول إلستر: "كان هناك في كلِّ مرة تقريباً مشكلة في التواصل حيث لا يتحدث الأطراف مع بعضهم".

في الجلسة الأولى معهم تطلب كاثي من كلِّ شخص أن يشارك مخاوفه بينما يستمع الآخر بهدوء، ولكن نادراً ما يتمكن المشاركون من تكرار ما سمعوه بدقة لأنَّ غضبهم يعمي بصيرتهم.

تقترح كاثي لتجنب هذا النوع من المشكلات جعل التواصل أولوية، وإذا احتد الموقف حدد موعداً للقاء خارج المكتب، وسيضيف تغيير البيئة ديناميكية جديدة ومحايدة للمحادثة ويحد من احتمال الدخول في جدال أمام الموظفين؛ لأنَّهم سينحازون إلى أحد الطرفين، ممَّا سيقسم الشركة أو سيغادرون، وكلُّ ذلك سيضرك أنت في النهاية.

ببساطة اخفض صوتك سواء فعلياً إذا كنت تتواصل وجهاً لوجه أم حدة نبرتك إذا كنت تستخدم البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، واستمع لما يقوله الشخص الآخر، واعترف بخطئك وكن متواضعاً؛ إذ تقول إلستر: "نحن جميعاً بشر وهذه علاقة إنسانية؛ لذا سيكون هناك دائماً اختلافات".

اطلب مساعدة الآخرين عند الحاجة، على سبيل المثال تواصل مع المحاسب وارجع إلى الأرقام الفعلية لفض الخلاف بينكما في أوقات الاضطرابات العاطفية، وإذا ساءت الأمور اجلس مع طرف ثالث موضوعي سواء كان وسيطاً أم معالجاً أم كوتش إدارة أعمال أم محاسباً عاماً معتمداً لشركتك أم مستشاراً، ولكن كن حذراً بشأن الاتصال بمحامٍ، فكما تقول إيمرسون: "بمجرد أن تتصل بالمحامي، تنتهي الصداقة".

كن عقلانياً، إذا كانت لديك خطة لإدارة الشركة أو عقود أخرى وضعتها مسبقاً بالاتفاق مع شريكك، فاحتكم إليها، وإن لم يكن الأمر كذلك، فكن على استعداد لتقديم تنازلات.

تقول إلستر: "ستتحول عملية إنهاء شراكتكما إلى نزاع طويل ما لم تقدم بعض التنازلات"، وبالمثل، تحث إيمرسون رواد الأعمال على السعي وراء راحة البال، وإن كان ذلك يعني أنَّك ستحصل على أموال أقل قليلاً ممَّا تعتقد أنَّك تستحقه، وتقول إيمرسون: "الهدف هو التنازل والمضي قدماً بأسرع ما يمكن، لا تُقدَّر راحة البال بثمن".

شاهد بالفديو: 11 نصيحة حول كيفية حل أي خلاف يحدث في مكان العمل

إليك 3 أمثلة عن عمليات انفصال ناجحة، حافظ فيها الطرفان كلاهما على صداقتهما دون أن تتأذى الشركة:

1. "ديفيد ماكفين" (David MacVean)، مدير تنفيذي:

  • الشركة: "سكيوريتي إنفستمنت بارتنرز" (Security Investment Partners)، شركة إدارة استثمار.
  • سبب الانفصال: خلاف حول تاريخ تقاعد الشريك.
  • استراتيجية الفوز: غادر الشريك في النهاية وانضم إلى شركة أخرى مع الحفاظ على الصداقة.

يقول ديفيد: "عملت مع شريكي منذ الثمانينيات في البنوك الكبرى والشركات الصغيرة، كنت أبلغ من العمر حينها 25 عاماً، وكان هو المنتور بالنسبة إلي في بداية مسيرتي المهنية، وفي عام 2005 أردت إنشاء شركتي وسألته عمَّا إذا كان يرغب في أن يكون شريكي.

ارتكبت خطأ افترضت أنَّه خلال السنوات القليلة المقبلة سيكون في أوائل السبعينيات من عمره ومستعداً للتقاعد، وكان ذلك جزءاً من رؤيتي لإدارة الشركة وحدي في النهاية، ولكن كانت توجد مشكلتان مع هذه الرؤية؛ أولاً: لم نناقشها معاً مطلقاً، وثانياً: عندما طرحت هذه الخطة عليه قبل ثلاث سنوات، أوضح شريكي لي أنَّه ليس مستعداً للتقاعد، فوجئت حينها؛ ولكنَّنا واصلنا العمل بوصفنا شركاء فعالين لمدة عام آخر.

بحلول ذلك الوقت كنت مصراً على أنَّني أرغب في إدارة الشركة وحدي، واستأجرت غرفة اجتماعات لعقد اجتماع بعيداً عن مكتبنا، حضرت مع جدول أعمال طويل بما في ذلك خيارات للاستحواذ، ولكن أوضح شريكي مرة أخرى أنَّه ليس مستعداً للتقاعد قبل أن يبلغ 80 عاماً؛ أي بعد خمس سنوات، فاقترحت خطة استحواذ تكتمل بحلول ذلك الوقت، لكنَّه أصر أنَّه لا يريد تغيير أيِّ شيء على الرغم من أنَّه وافق على أن أحصل على راتب أعلى من الآن فصاعداً وأنَّنا لن نتشارك في إدارة عملائنا كما كنا في الماضي؛ إذ يكون أي عميل جديد تحت إدارتي فقط.

أوضحت منذ حوالي ستة أشهر أنَّني أريد أن نضع استراتيجية انفصال منظمة؛ ولكنَّه ظل يصر على أنَّه لا يريد التقاعد، ثم بعد شهر جاء إلي، وقال إنَّه انضم إلى شركة أخرى، وسوف يرسل لي محاميه اتفاقاً لأوقعه ذلك المساء، كنت مذهولاً ومتوتراً لأنَّه عيَّن محام خارجي في حين كان لدينا محام متعاقد مع شركتنا.

لكن عندما فتحت البريد الإلكتروني في ذلك المساء، وجدت أنَّ الاتفاقية منحتني - تماماً كما وعد - ملكية كاملة للشركة على الرَّغم من أنَّه سيحتفظ بالعملاء الذين يديرهم، فشعرت بالارتياح والامتنان لدرجة أنَّني اتصلت به على الفور وشكرته.

في الأشهر التي تلت ذلك، دعمنا بعضنا بعضاً في أثناء إتمام العملية، وتعاونَّا في كتابة الرسالة التي أرسلناها إلى العملاء للإعلان عن انتهاء الشراكة، والآن ما زلنا أصدقاء حميمين بعد شراكة رائعة دامت 10 سنوات".

إقرأ أيضاً: كيف يتم توزيع الحصص بين الشركاء في الشركات؟

2. "بيتي برينان" (Betty Brennan)، رئيسة الشركة:

  • الشركة: "تايلر ستوديوز" (Taylor Studios)، شركة تصميم وتجهيز معارض.
  • سبب الانفصال: بعد طلاق المديرَين، أصبحت شراكتهما التجارية في النهاية سبب جدل.
  • استراتيجية الفوز: اشترت حصة شريكها تدريجياً، واتفقوا على رقم التقييم وأن يبقوا أصدقاء.

تقول بيتي: "أسست هذه الشركة في عام 1991 مع زوجي، وكان لكلِ منا نصف الحصة في ذلك الوقت، وحتى بعد طلاقنا بعد نحو خمس سنوات، بقينا شركاء في العمل وأصدقاء حميمين.

تدريجياً بدأنا نخوض في خلافات عن إدارة الشركة وكيفية إدارة الموظفين وتحديد المواعيد النهائية وتحديد أسعار المشاريع، فقد كانت الشركة تنمو بسرعة، وتغيرت أدوارنا ومسؤولياتنا تغيراً متكرراً في إطار زمني قصير لم يسمح لنا بتحديد من يعود إليه القرار النهائي في المواقف المختلفة؛ فتصاعدت التوترات، وكثيراً ما اجتمعنا في نقاشات محتدمة خارج المكتب بعيداً عن الموظفين حتى لا يسمعوا صراخنا على الرَّغم من أنَّنا بقينا أصدقاء بعد العمل.

أدرنا الشركة معاً لمدة 10 سنوات بعد طلاقنا، استحوذت في ذلك الوقت على الملكية تدريجياً عن طريق شراء أجزاء من الشركة، وتنازله عن أسهمه، وقد كان بيننا كثير من الخلافات في إدارة الشركة معاً لدرجة أنَّ قرار إنهاء الشراكة كان سهلاً نسبياً، وبحلول عام 2006 عندما أكملنا عملية الاستحواذ، بدأ هو شركة أخرى تناسب اهتماماته وأسلوبه، ونمت شركة "تايلر ستوديوز" (Taylor Studios) لتناسب رؤيتي أكثر من رؤيته.

آخر جزء يتعلق بإنهاء الشراكة كان الموافقة على سعر التقييم، ولم يرغب أيٌّ منا في إنفاق مبلغ طائل للحصول على تقييم احترافي؛ لذلك بحثنا عن عدة أدوات برمجية تستخدم طرائق تقييم مختلفة، وكان كلانا يضع في حسبانه أرقاماً اعتقدنا أنَّها منصفة، في النهاية كانت كلُّ هذه الأرقام متقاربة نسبياً واتفقنا على رقم متوسط.

كان المفتاح هو أنَّنا كنا نريد إنهاء الشراكة والحفاظ على صداقتنا، اليوم أنا على تواصل شبه يومي معه، وبين الحين والآخر أتصل به لطرح أسئلة عن العملاء أو الوظائف السابقة، وما زلنا نتحدث عن شركاتنا.

إقرأ أيضاً: سبع خطوات لحل الخلافات بالشكل الأمثل

3. "كريستينا ديفيز" (Christina Daves)، مُشارِكة سابقة في تأسيس إحدى الشركات:

  • الشركة: "ديتيلز فور ذا هوم" (Details for the Home) سابقاً، الآن "ديتيلز: أ يونيك غيفت بوتيك" (Details: A Unique Gift Boutique) في هايماركت (Haymarket)، فيرجينيا (Virginia).
  • سبب الانفصال: حاجة كلِّ شريك لوضع وظيفي مختلف لأسباب شخصية.
  • استراتيجية الفوز: حافظت الشريكتان كلاهما على التواصل بينهما وكانت صداقتهما أولوية.

"افتتحت أنا وصديقتي متجراً في عام 2002، وكان الأمر رائعاً خلال معظم السنوات التسع التي امتلكناه فيها، وكنا شريكتين رائعتين في العمل وخارج العمل، وارتاد أطفالنا المدارس نفسها، وتناوبنا على قيادتهم إليها، قضيت معها وقتاً أطول من الوقت الذي أمضيته مع زوجي.

لكن بعد ثماني سنوات أو نحو ذلك، شعرت بالإرهاق، وذات مرة كنت مع ابني في مدينة أخرى واتصلت بي لأنَّ جميع موظفينا لم يتمكنوا من القدوم إلى العمل بسبب المرض، ولكن لم يكن هناك طريقة لأعود فوراً لتقديم المساعدة، كما تأثرت حياتي العائلية سلباً بسبب العمل؛ إذ كان من الصعب عليَّ أن أكون شريكة في شركة وأن أكون والدة أيضاً، وبدأت أشعر بالاستياء من العمل كما استاءت شريكتي من أنَّها لا تستطيع دائماً الاعتماد عليَّ عندما تحتاج إلي.

في هذا الوقت تقريباً، كانت شريكتي تمر بالطلاق وتحتاج إلى دخل بدوام كامل، وفي حين أنَّ المتجر كان ناجحاً للغاية، كان يحقق دخلاً واحداً نقسمه بيننا، وذات يوم كانت تناقش خياراتها لإعالة نفسها بعد طلاقها، وسألتها: "هل تعتقدين أنَّه يمكنك شراء حصتي؟".

كانت هي تنتظر مني أن أتطرق للموضوع وكنت أنا أفكر فيه منذ فترة؛ ولكنَّني كنت خائفة جداً من خسارة صداقتنا أو الاضطرار إلى إغلاق المتجر، وهما أمران كان كلاهما هاماً جداً بالنسبة إلي؛ ولكنَّها كانت قد لاحظت عدم سعادتي.

كان الوضع بيننا متوتراً لفترة من الوقت، والحديث عن المال صعب دائماً؛ ولكنَّنا واصلنا المحادثة وقدمنا ​​تنازلات، واعتمدنا على محاسبنا لتولي التفاصيل بما في ذلك التقييم واتفاقية الشراء.

وافقت هي على دفع مبلغ الاستحواذ شهرياً لمدة خمس سنوات دون فوائد، وهو مبلغ اخترته ليناسبها بما أنَّني كنت أعرف وضع المتجر والمبلغ الذي يمكنها تحمل دفعه، ومرة أخرى، كان الأمر يتعلق بالحفاظ على كلٍّ من المتجر وصداقتنا، وحين واجهت أخيراً تحدياً تجارياً كنت أول شخص تطلب النصيحة منه.




مقالات مرتبطة