كيف تنشئ نظاماً لقراءة كثيرٍ من الكتب دون عناء؟

يقول الكاتب التركي "أورهان باموق" (Orhan Pamuk): "لقد قرأتُ كتاباً ذات يوم، وعندها تغيَّرت حياتي بأكملها".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن مدون يدعى "برونو" (Bruno)، ويتحدَّث فيه عن تجربته الشخصية في إنشاء نظام لقراءة الكتب.

دعني أخبرك أولاً أنَّ المدير التنفيذي يقرأ وسطياً نحو 40 كتاباً في السنة، في حين يقرأ الشخص العادي أقل من 10 كتب في السنة، والفرق في الدخل بين الاثنين يبلغ أكثر من 400 ضعف، لكن يمكنك أن تقرأ كما يقرأ المديرون التنفيذيون دون بذل أي عناء؛ إنَّه أمرٌ سهل، ومع أنَّني لم أصدِّق ذلك في البداية، فإنَّني بعد أن قرأت 47 كتاباً خلال عامٍ واحد، تيقَّنت من ذلك تماماً.

ربما تعرف هذه المعلومات مسبقاً، لكن تريد أن تعرف كيف تطبِّقها؛ لذا دعنا نتعلم ذلك مباشرةً.

إنشاء نظام لقراءة الكتاب:

لنفترض أنَّك قرَّرت أنَّه حان الوقت لفعل شيء ما، وإنَّك تعلم أنَّه سيغيِّر حياتك للأفضل، سيسير اليوم الأول على نحوٍ رائع، واليوم الثاني لا بأس به، ولكن في اليوم الثالث، ستتخلَّى عنه تماماً، وفي اليوم السابع قد تنسى تماماً ذلك الشيء الذي أردت فعله.

هل ينطبق هذا عليك أو على أي شخص تعرفه؟ بالطبع، لأنَّنا جميعاً نعمل بهذه الطريقة؛ فإنَّنا نعتمد على إرادتنا التي تنضب بسرعة، ونتيجةً لذلك نستسلم على الفور، فالاعتماد على إرادتنا وحدها لن يُحقِّق لنا شيئاً؛ لذلك يجب علينا إنشاء أنظمة معينة، أنظمة من شأنها تحويل التركيز من أنفسنا وقوة إرادتنا إلى النظام بحدِّ ذاته.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح هامة لقراءة الكتب دون الشعور بالملل والضجر

إليك مثالاً:

تخيَّل أنَّك تعمل في وظيفةٍ ما؛ إذ يتعيَّن عليك الاستيقاظ في الساعة السابعة صباحاً للذهاب إلى العمل، إنَّك تكره عملك، وتبغضه حتى، لكنَّك ما زلت تعمل به لأنَّه يجب عليك ذلك.

الآن تخيَّل أنَّك أسَّست شركتك الخاصة، وعليك الاستيقاظ في الساعة السابعة صباحاً لبدء العمل، إنَّك تكره ذلك؛ لذا تُطفئ المنبه وتكمل نومك، ما يزال عليك الاستيقاظ باكراً، ولكنَّ شركتك ستبقى موجودةً حتى لو استيقظت في الساعة التاسعة صباحاً؛ لذلك تؤجل استيقاظك.

لتغيير هذا، تحتاج إلى نظام؛ إذ يتكوَّن النظام البسيط من 3 أشياء:

  • عمل يومي بسيط.
  • تتبُّع.
  • قياس.

إنَّك تحتاج إلى هذه الأشياء الثلاثة فقط لإنشاء أي نظام، وإليك التفاصيل الخاصة بكلٍّ من هذه العناصر:

1. العمل اليومي البسيط:

يقول الفيلسوف الإغريقي "أرسطو" (Aristotle): "إنَّنا خلاصة ما نقوم به مراراً وتكراراً؛ لذا فإنَّ التميُّز ليس عملاً، وإنَّما عادة".

كي تُنشِئ نظاماً فعَّالاً، يجب أن يكون الأساس إجراءً تمارسه كل يوم، وسنأخذ قراءة الكتب مثالاً هنا، فالهدف من أداء العمل يومياً هو تحويل العمل إلى عادة، وعلماً أنَّ العادات تتطلَّب التكرار بصورة أساسية، لا يتعلق الأمر بإنجاز كثير من العمل خلال فترة زمنية قصيرة؛ بل بالقيام بقدر ضئيل من العمل، لكن بصورة ثابتة ومستمرة؛ لذا يجب أن يكون الإجراء سهلاً.

إذا كان عليك أن تقرأ لمدة 5 ساعات يومياً، فلن تبدأ حتى، أمَّا من خلال القراءة لمدة 30 دقيقة في اليوم فقط، فلن تشعر بالوقت، ومن ثمَّ ستجد الأمر أسهل، ثمَّ سوف تزداد شيئاً فشيئاً مع مرور الوقت، وفي مرحلة ما، تصبح جزءاً من شخصيتنا وشيئاً نفعله تلقائياً.

شاهد بالفيديو: كيف تتقن مهارة القراءة السريعة

2. التتبُّع:

يقول المؤلف "بيتر دراكر" (Peter Drucker): "ما يمكن تتبعه، يمكن تنفيذه"، يجب أن يكون النظام سهل التتبُّع، أرى باستمرار أشخاصاً يجعلون أنظمتهم معقدةً جداً وصعبة التتبع، لم يلتزموا بها مرةً أخرى بعد أن أنشؤوها، لكن عندما تتعقَّب ما تفعله، فإنَّك تضمن أنَّك على الطريق الصحيح؛ إذ إنَّك تعرف مقدار العمل الذي فعلته، ومتى فعلته، ومدى تأثيره، ومقدار الوقت الذي استغرقته، وما إلى ذلك.

لذا؛ نُحب جميعاً ألعاب الفيديو؛ إذ نعلم متى أحرزنا تقدماً؛ لأنَّنا نرى شريطاً يسجل تقدمنا، أو أنَّنا ارتقينا إلى مستوى أعلى، ولقد بدأت الشركات بالفعل في الاستفادة من هذا، فلماذا لا تُطبقه على نفسك؟

3. القياس:

يقول الكاتب الكندي "روبن شارما" (Robin Sharma) "ما يمكن قياسه، يمكن تحسينه".

ثمَّة 3 طرائق لقياس عملية قراءة الكتب، وإليك الأسئلة التي يمكنك طرحها:

  • كم صفحةً أقرأ في اليوم الواحد؟
  • كم دقيقةً أقضي يومياً في قراءة الكتب؟
  • هل بذلت قصارى جهدي في قراءة الكتب اليوم؟

يقيس السؤال الأول عدد الصفحات التي تقرأها، أتَّبعُ هذا عندما أقرأ كتبي؛ إذ أقرأ 20 صفحةً على الأقل في اليوم، في حين يقيس السؤال الثاني عدد الدقائق التي تقرأها يومياً، حافظ على هذا الرقم منخفضاً، ما بين 30-60 دقيقة، تذكَّر أنَّ عليك الاهتمام بالاستمرارية وليس كثافة القراءة، أمَّا السؤال الثالث فعليك تقييمه شخصياً على مقياس من 1 إلى 10، فثمَّة أيام تنشغل فيها بكثير من الأمور، وربما تقرأ 5 صفحات فقط، أو تقرأ لمدة 10 دقائق، لكن هذا كان الحد الأقصى الذي يمكنك القيام به في ذلك اليوم؛ لذا تمنح نفسك درجة 10.

يمكنك قراءة 100 صفحة أو لمدة 5 ساعات في أيام أخرى، مثل يوم عطلة ليس لديك فيه أي التزامات، ومع ذلك تمنح نفسك درجة 9 فقط؛ إذ يعتمد ذلك على جدولك اليومي.

إقرأ أيضاً: أربع طرق لاختيار كتابك القادم

نظامي الخاص:

أنا أقرأ ما لا يقل عن 20 صفحة من كتابٍ ما كل يوم، وبهذا أقرأ نحو 7300 صفحة في السنة، ونظراً إلى أنَّ الكتاب الواحد يتألف وسطياً من قُرابة 200 صفحة، فإنَّني أقرأ 37 كتاباً في السنة.

بدأت في 20 كانون الأول (ديسمبر)، لقد قرأت كتابي العشرين في الخامس من حزيران (يونيو)، فبمجرد أن أنشأت نظاماً، كان من السهل اتباعه، إنَّني أقرأ ببطء بعض الشيء؛ لذلك عادةً ما أحتاج إلى قُرابة 50 دقيقة كي أقرأ 20 صفحةً من الكتاب، أحياناً ما أقرأ أكثر، وأحياناً أقل، ولكن ها هي الإحصاءات الإجمالية بعد عام:

خلال 365 يوماً قرأت 9273 صفحة؛ أي ما عادل 47 كتاباً؛ أي 25.4 صفحةً في اليوم وسطياً.

لقد كان الأمر سهلاً حقاً، ويمكنك أن تفعل ذلك أيضاً، ما عليك سوى إنشاء نظام معيَّن واتباعه، وسوف تحقِّق هدفك.




مقالات مرتبطة