كيف تنشئ طفلاً مبدعاً؟

يمتلئ الأطفال بشعور التعجب والخيال النابض بالحياة، وغالباً ما يكونون محبين للمغامرة والتعلم، إنَّهم بطبيعة الحال يحلمون ويلعبون ويبدعون، ومع أنَّ كثيراً منهم قادر على الحفاظ على هذه الخصائص في مرحلة البلوغ، فإنَّ معظم البالغين لا يعدُّون أنفسهم مبدعين، أو على الأقل لا يعتقدون أنَّهم يرقون إلى مستوى "إمكاناتهم الإبداعية".



يُظهر أحد بحث أنَّ بعض الأشخاص قد يكون لديهم استعداد وراثي لأن يكونوا أكثر إبداعاً من غيرهم، ويعتقد معظم الخبراء أنَّ الإبداع شيء قادرون عليه جميعاً، ويمكن تطويره وصقله بمرور الوقت، ونحن بحاجة إلى الاستمرار في رعاية إبداعنا طوال الحياة، ولا داعي لأن يقتصر الأمر على التعبير الفني فقط.

أهمية الإبداع والابتكار وتعزيزهما:

الإبداع والابتكار هامان في التكنولوجيا والأعمال والتعليم وتربية الأطفال وما إلى ذلك، وتوجد طرائق واضحة عدة يمكننا من خلالها تعزيز الإبداع لدى الأطفال الصغار، وتُعدُّ نمذجة الإبداع من خلال صنع مشاريع خاصة بك أو إنشائها، أو تعريض أطفالك لمجموعة متنوعة من التجارب الغنية بالطبيعة والموسيقى وفنون الأداء والمتاحف والكتب، طرائق رائعة للبدء.

من الهام أيضاً إنشاء بيئة وتوفير المواد وإتاحة الوقت والمساحة للإبداع، فإنَّ العيش في حياة إبداعية هو أكثر من مجرد تشجيع المشروع الحرفي أو أداء الرقصة أو التجربة العلمية أو العزف، إنَّه أسلوب حياة يتشكَّل من خلال الممارسة، وفي النهاية يصبح عادة.

ابتكر فرصاً لقضاء طفلك بعض الوقت وحده:

يحتاج الأطفال المبدعون إلى فرصة لقضاء الوقت وحدهم، ومن غير المألوف أن يشارك الأطفال اليوم بكل نشاط يمكنهم المشاركة فيه، وعلى الرَّغم من أنَّ هذا المستوى من المشاركة يعرِّفهم إلى مجموعة متنوعة من المجالات ذات الاهتمام المحتمل، إلا أنَّه يتيح لهم القليل جداً من وقت الفراغ.

دون الوقت الكافي لأدمغتهم لمعالجة الأفكار والقدرات، يخسر هؤلاء الأطفال الذين تجاوزوا الجدول الزمني فرصة الانخراط بفاعلية في واحدة من المراحل الأساسية للإبداع.

يجب على الآباء أن يتذكروا تضمين بعض أوقات الراحة في جداول أطفالهم؛ حتى يكون لديهم الوقت للتفكير والاستكشاف والعبث وترك الأفكار تخرج إلى النور.

شجِّع على طرح الأسئلة:

يبدأ الإبداع بسؤال بحثي ثاقب، ورؤية مذهلة لعمل فني جديد، وتحدي عمل عاجل، ومأزق في حياتك الشخصية، وإتقان هذه الخطوة يعني أنَّك تبحث دائماً عن قضايا جيدة، وتسعى دائماً إلى إلهام جديد، وتعرف إلى أين أنت ذاهب، ومع ذلك، فأنت تقبل الأسئلة التي تظهر فجأة.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لتنمية الذكاء والقدرات العقلية عند الأطفال

دع طفلك يكون المعلم:

فكِّر في السماح لطفلك أن يكون المرشد والمخرج والمعلم في أثناء محاولتك أن تكون طالباً لديه، ودورك هو توفير البيئة والمشاهدة والتعلم، وحاول أن تنسى كل الأشياء التي تدور في ذهنك وتضعها جانباً؛ أي كل القوائم التي تحتاج إلى استكمال، وكل الأشياء التي تشتت انتباهك في يومك، وكل الفوضى التي قد تسببها، وركِّز على طفلك، راقبه، ولا تنسَ أبداً اللعب (وإذا نسيت كيف تلعب، راقب طفلك فحسب).

خطِّط لرحلات استكشافية إبداعية:

الرحلات الاستكشافية الإبداعية هي مغامرات مزدوجة يخطط لها الوالدان والطفل ويتطلعان إليها ويخوضانها معاً، لا يلزم أن تكون الرحلة الاستكشافية الإبداعية كبيرة، لكن يجب أن تكون ممتعة، والهدف هو إعادة ملء خزائننا الروحية، وعند البحث عن أفكار لرحلات استكشافية إبداعية، فكِّر في النزوة والرفاهية والمرح، واعتماداً على عمر أطفالك، قد يشاركون بنشاط في اختيار الوجهة.

ركِّز على القيم دون التركيز على القواعد، وعلى الشخصية دون التركيز على السلوك:

يجب التركيز على القيم وليس القواعد، وعندما يتبع الأطفال القواعد، فإنَّهم يحاولون أساساً إرضاء البالغين، وهو أمر غير جيد لتعليمهم التفكير بأنفسهم، وإذا لم يتبعوا القواعد فسيتمردون.

تريد منهم أن يصبحوا مبدعين لأنَّهم مهتمون بالنظر إلى مشكلة ما من منظور جديد، وليس لكونهم يتمردون على السلطة، ويمكنك أيضاً مساعدة الأطفال على التفكير في أنَّهم مبدعون من خلال مدح شخصيتهم، وليس سلوكهم فقط، بدلاً من قول: "لا تتبع القطيع"، يمكنك في الواقع أن تقول شيئاً مثل: "أنت غير مجبرٍ على الالتزام بالقواعد، أنت شخص يفكر تفكيراً مختلفاً".

أولئك من هم أكثر عرضة لاستيعاب ذلك بوصفه جزءاً من هويتهم، وسيرغبون في أن يكونوا مبدعين مرة أخرى.

الإبداع ليس عملية فورية:

إنَّ تنمية الإبداع هي من أكثر التحديات إثارة للاهتمام لأيِّ معلم، فالإبداع ينطوي على فهم الديناميكيات الحقيقية للعمل الإبداعي؛ فو ليس عملية فورية يجب أن تتعلم فيها جميع المهارات اللازمة قبل أن تبدأ، فصحيح أنَّ العمل الإبداعي في أيِّ مجال ينطوي على إتقان متزايد للمهارات والمفاهيم، لكن ليس من الصحيح وجوب إتقانها قبل أن يبدأ العمل الإبداعي.

قد يؤدي التركيز على المهارات في عزلة إلى القضاء على الاهتمام بأيِّ تخصص، ولقد قُمِعَ معظم الأشخاص مدى الحياة بسبب مهام روتينية لا نهاية لها لم تفعل شيئاً لإلهامهم.

لقد أمضى معظم الأشخاص سنوات في التدرب على ضبط الأوتار لخوض امتحانات الموسيقى، وقد تخلَّوا عن الآلة تماماً بمجرد حصولهم على نتيجة الامتحان.

الدافع الحقيقي للإبداع هو الرغبة في الاكتشاف والشغف بالعمل نفسه:

عندما يكون الطلاب متحمسين للتعلم، فإنَّهم يكتسبون طبيعياً المهارات التي يحتاجون إليها لإنجاز العمل، وينمو إتقانهم لها مع توسع طموحاتهم الإبداعية، وستجد الدليل على هذه العملية في تدريس كرة القدم والكيمياء بالتدريب والتجربة.

وفر الموارد التي يحتاجون إليها للتعبير الإبداعي:

المورد الرئيسي هنا هو الوقت؛ إذ يحتاج الأطفال إلى وقت كبير للعب الخيالي غير المنظم والموجَّه وغير المثقل بتوجيهات الكبار.

المكان هو أيضاً مورد يحتاج إليه أطفالك، ما لم تكن تمانع في العبث الإبداعي في كل مكان، امنحهم مكاناً محدداً يمكنهم إحداث فوضى فيه، مثل غرفة مخصصة للعب، أو مكان في المرآب للرسم، أو ركن في غرفة المعيشة للعب الليغو.

في المرة القادمة التي يطلب فيها شخص ما اقتراح هدية لأطفالك، اطلب أشياء مثل اللوازم الفنية، والكاميرات الرخيصة، أو الآلات الموسيقية.

اجعل منزلك مكاناً للإبداع: إضافة إلى المساحات الإبداعية تحتاج إلى تعزيز جو إبداعي

اطلب قدراً كبيراً من الأفكار المختلفة، لكن قاوم الرغبة في تقييم الأفكار التي يتوصل إليها أطفالك، وفي وقت العشاء على سبيل المثال، يمكنك تبادل الأفكار المتعلقة بالأنشطة المقترحة لعطلة نهاية الأسبوع القادمة، وتشجيع الأطفال على ابتكار أشياء لم يفعلوها من قبل، لكن لا تشر إلى الأفكار غير الممكنة، ولا تقرر أي الأفكار هي الأفضل؛ يجب أن يكون تركيز الأنشطة الإبداعية على العملية؛ وهي توليد أفكار جديدة.

شجِّع الأطفال على ارتكاب الأخطاء والفشل:

نعم، الفشل، فالأطفال الذين يخافون من الفشل والحكم سيكبحون تفكيرهم الإبداعي؛ لذا شارك الأخطاء التي ارتكبتها، حتى يتوصلوا إلى فكرة أنَّه لا بأس من الإخفاق.

احتفِ بالابتكار والإبداع:

غطِّ جدرانك بالفن وغيره من الإبداع، وأخبر أطفالك بكل شيء عن الفنانين والموسيقيين والعلماء المفضلين لديك، وشارك شغفك بالهندسة المعمارية أو التصوير الفوتوغرافي أو تلك الفرقة الجديدة التي تريد الاستماع إليها طوال الوقت.

اسمح للأطفال بالحرية والاستقلالية لاستكشاف أفكارهم والقيام بما يريدون:

لا تكن متسلطاً جداً، وتوقف عن العيش في خوف من تعرضهم للخطف أو عدم الالتحاق بكلية عظيمة، فإحصائياً، إنَّ الاحتمالات منخفضة جداً بشأن تعرضهم للاختطاف، وأنا هنا لأخبرك أنَّني لست أكثر سعادة لأنَّني ذهبت إلى الجامعة.

شجِّع الأطفال على القراءة من أجل المتعة والمشاركة في الفنون:

قلِّل وقت مشاهدة التلفزيون وغيره من أوقات الشاشة لإفساح المجال للأنشطة الإبداعية، مثل التمرين على مسرحية أو تعلُّم الرسم وقراءة كل كتاب كتبه مؤلفك المفضل.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لاكتشاف المواهب التي يتمتع بها طفلك

امنح الأطفال الفرصة للتعبير عن أفكارهم المختلفة:

دعهم يختلفون معك وشجِّعهم على إيجاد أكثر من طريقة واحدة للحل، وأكثر من حلٍ للمشكلة، وعندما ينجحون في حل مشكلة ما، اطلب منهم حلها مرة أخرى، لكن بطريقة جديدة، ثم اطلب منهم التوصل إلى المزيد من الحلول للمشكلة نفسها.

لا تكافئ الأطفال على إظهار الإبداع:

الحوافز تتداخل مع العملية الإبداعية، وتقلِّل جودة استجاباتهم ومرونة تفكيرهم؛ لذا اسمح للأطفال بتطوير إتقان الأنشطة الإبداعية التي لديهم دافع جوهري للقيام بها، بدلاً من محاولة تحفيزهم بالمكافآت والحوافز؛ فبدلاً من مكافأة الطفل على العزف على البيانو، على سبيل المثال اسمح له بفعل شيء يستمتع به أكثر، ربما يجلس على مكتبه ويرسم أو يقوم بنشاط يرغب فيه.

حاول أن تتوقف عن الاهتمام بما يحققه أطفالك:

ركِّز على سير العملية لا على النتائج، إحدى الطرائق للقيام بذلك هي طرح أسئلة عن سير العملية، هل استمتعت؟ هل انتهيت؟ ما الذي أعجبك في هذا النشاط؟

إقرأ أيضاً: مفهوم الإبداع ومعوقات التفكير الإبداعي

في الختام:

يفترض معظم الناس أنَّ الإبداع موهبة فطرية يمتلكها أطفالهم أو لا يمتلكونها، تماماً كما أنَّ جميع الأطفال ليسوا أذكياء على قدم المساواة، وليسوا مبدعين إبداعاً متساوياً، لكن في الواقع، يُعدُّ الإبداع مهارة أكثر من الموهبة الفطرية، وهي مهارة يمكن للوالدين أن يساعدوا أطفالهم على تطويرها.

إقرأ أيضاً: 8 أخطاء شائعة في تربية الأطفال

نظراً لأنَّ الإبداع مفتاح النجاح في كل ما نقوم به تقريباً، يُعدُّ مكوناً أساسياً للصحة والسعادة ومهارة أساسية لممارستها مع الأطفال، ولا يقتصر على التعبير الفني والموسيقي؛ فهو ضروري أيضاً للعلوم والرياضيات وحتى الذكاء الاجتماعي والعاطفي، والأشخاص المبدعون أكثر مرونة وأفضل في حل المشكلات، مما يجعلهم أكثر قدرة على التكيف مع التطورات التكنولوجية والتعامل مع التغيير، وكذلك الاستفادة من الفرص الجديدة.




مقالات مرتبطة