كيف تكون والداً عصرياً؟

نريد جميعاً أن نكون أفضل آباء لأطفالنا، لكن غالباً ما نجد نصائح متضاربة عن كيفية تربية طفل واثق ولطيف وناجح، وكان كل جانب من جوانب كونك أباً أكثر تعقيداً وأكثر خطورة وخاصةً في أثناء وباء كوفيد-19؛ إذ يُدير الآباء مهاماً جديدة معقدة وقرارات جديدة مقلقة، وكل ذلك في أثناء مواجهتهم للأسئلة التي يطرحها الأطفال في الحياة اليومية.



خلال رحلة الأبوة والأمومة من الهام التركيز على موازنة الأولويات والتوفيق بين المسؤوليات وبين احتياجات أطفالك وأفراد الأسرة الآخرين ونفسك، فإنَّ الآباء العصريين عندهم شبكة الإنترنت تحت تحكمهم ولا يخضعون لأيَّة سلطة، ومن الصعب أن تعرف بمن أو بماذا تثق، وهنا سنتحدَّث عن كيفية مساعدة طفلك على النمو ليصبح شخصاً تحبه دون أن تفقد نفسك في هذه العملية.

لا توجد طريقة مثلى واحدة لتربية طفلك:

يخبرنا البحث أنَّ تربية طفل يعتمد على نفسه ويحظى بتقدير كبير للذات الأكثر فاعلية هي ممارسة الموثوقية بدلاً السلطوية، فأنت تريد أن يستمع طفلك لك ويحترمك ويثق بك بدلاً من الخوف منك، وتريد أن تكون داعماً لا أن تكون والداً لطائرة هليكوبتر تحلق بها على راحتك، ومن السهل تحديد كل هذه الأشياء بوصفها أهدافاً، ولكنَّها صعبة التحقيق.

كيف تجد التوازن الصحيح؟

مع سير مراحل تطور طفلك ستتبدل التحديات، كما سيتغير تفكيرك، لكن يجب أن يكون أسلوبك متسقاً وحازماً ومحباً، فساعد طفلك على التعلم من خلال التجربة وأنَّ بذل الجهد يبني الثقة ويساعدك على تعلم مواجهة التحديات، فقم بمعايرة توقعاتك عما يمكن لطفلك القيام به بشكل مستقل سواء كان لديك رضيع يتعلم النوم طوال الليل أم طفل صغير يساعد على وضع الألعاب بعيداً أم طفل أكبر سناً يحل النزاعات، فلا وجود لطريقة مثلى وصحيحة لتربية الطفل، ثم ضع كامل جهدك وكن واثقاً من نفسك واستمتع برفقة هذا الشخص الصغير في حياتك.

شاهد بالفيديو: 18 طريقة تجعل تربية الأطفال سهلة

قهر الأساسيات:

سيؤثر موقفك الصحي المتخذ تجاه النوم والطعام والانضباط في أطفالك بفاعلية شديدة.

1. كيفية جعل الطفل ينام:

منذ نعومة أظفارهم يتدرج الأطفال ويختلفون اختلافاً كبيراً في أنماط نومهم، ويختلف الآباء أيضاً من حيث كيفية تعاملهم مع نوم الليالي المتقطع، فتوجد مدرستان عامتان للفكر عن الأطفال والنوم بعد تلك الأشهر الأولى التي يحتاجون فيها إلى الطعام في الليل - تهدئة الطفل حتى ينام أو لا ينام - ويجد العديد من الآباء أنفسهم يترددون ذهاباً وإياباً.

الأشخاص الذين يعتمدون التدريب على النوم بمن فيهم الكثير من خبراء النوم يعتقدون أنَّه عند تدريب الأطفال على التعلم على القدرة على النوم وحدهم وتهدئة أنفسهم بعد أن يستيقظوا في أثناء الليل ومعاودة النوم، يتعلمون عندها إتقان المهارات الأساسية للراحة والاستقلال.

وهي طريقتان:

التوقف المتدرج:

إذ يُسمح للأطفال الرضع بالبكاء لفترات قصيرة محددة على مدار ليالٍ عدة.

تأخير وقت النوم:

إذ يقوم الوالدان بتأخير وقت النوم لمدة 15 دقيقة حتى يصبح الطفل أكثر إرهاقاً.

يذكر العديد من الآباء أنَّ هذه الاستراتيجيات تعمل على تحسين أنماط نوم أطفالهم، إضافة إلى أنماط نومهم شخصياً، لكن بعض الآباء أيضاً يجدون فكرة ترك الطفل يبكي في الليل قاسية بشكل لا داعي له، ومهما حاولت تذكر أنَّ بعض الأطفال بصرف النظر عما تفعله لا ينامون جيداً بشكل كلي، فيجب أن يكون الآباء على دراية بما قد يفعله الحرمان من النوم لهم ومستوى أدائهم الوظيفي وعلاقاتهم وأن يأخذوا احتياجات نومهم على محمل الجد أيضاً؛ لذا اطلب المساعدة عندما تحتاجها من طبيب الأطفال أو صديق تثق به أو أحد أفراد الأسرة.

إقرأ أيضاً: كيف تجعل أطفالك يخلدون إلى النوم دون عناء؟

2. وقت النوم:

بالنسبة إلى الأطفال الأكبر سناً فإنَّ القواعد المتعلقة بالنوم أكثر وضوحاً؛ فأغلق الأجهزة وقل بصوت عالٍ "حان وقت النوم" وهيئ طقوساً وأجواء تساعد الأطفال الصغار على الاسترخاء والنوم؛ إذ سيكون وضع إجراءات منتظمة لوقت النوم وأنماط نوم متسقة أكثر أهمية مع تقدُّم الأطفال في العمر، ومن المتوقع أن يكونوا مستيقظين ومتيقظين خلال ساعات الدراسة، فالحصول على قسط كافٍ من النوم بانتظام والقدوم إلى المدرسة بيقظة جيدة سيساعد على الأداء الأكاديمي لأطفال المدارس الابتدائية وسلوكهم الاجتماعي أيضاً.

إبعاد الشاشات عن غرفة النوم وإيقافها خلال الساعات التي تسبق النوم يصبح أكثر أهمية مع نمو الأطفال، وهي عادة سيئة للبالغين أيضاً، وحتى عندما أصبح التعليم عن بعد في أثناء الوباء فإنَّ الحفاظ على جداول نوم الأطفال بانتظام يساعدهم على البقاء في المسار الصحيح.

عندما يصل طفلك إلى سن المراهقة ستتغير ساعته البيولوجية بحيث تتم برمجتها للبقاء مستيقظاً والنوم لاحقاً، وغالباً لذلك تطلب المدارس البدء بالدوام باكراً، ومرة أخرى يمكن أن تساعد أجواء النوم المثالية وخاصةً إطفاء الأجهزة والشاشات والأنوار في وقت النوم وفي غرفة النوم وحتى في السرير المراهقين على الانفصال والحصول على النوم الذي يحتاجونه، ومن خلال أخذ النوم على محمل الجد بوصفه عنصراً حيوياً للصحة والسعادة.

إقرأ أيضاً: نوم الطفل بجوار والديه: الإيجابيات والسلبيات

3. كيف تطعم وتغذي طفلك؟

لا يوجد شيء أكثر أهمية في الأبوة والأمومة أكثر من تغذية وتنمية الطفل، لكن حتى في رضاعة الطفل الطبيعية توجد قرارات ينبغي اتخاذها؛ إذ يوصي أطباء الأطفال دائماً بتغذية الطفل عن طريق الرضاعة الطبيعية خلال الأشهر الستة الأولى على الأقل، ثم الاستمرار فيها لكن مع البدء بإدخال مجموعة من الأطعمة الصلبة.

كما تستحق النسوة المرضعات الدعم في المجتمع عموماً وفي مكان العمل خصوصاً، ولا يحصلون عليه دائماً، وبخلاف ذلك تشعر الأمهات أحياناً بعدم كفاية الرضاعة إذا كانت الرضاعة الطبيعية صعبة أو إذا لم يستطعن ​​الالتزام بهذه التوصيات، فعليك أن تفعل ما يصلح لك ولعائلتك، وإذا لم تكن الرضاعة الطبيعية مناسبة أو متاحة، فإنَّ أي بديل آخر يمكنك الحصول عليه مفيد لطفلك.

مع نمو الأطفال تتضاعف الخيارات والقرارات، فقد تكون السنة الأولى من تناول الأطعمة الصلبة - من 6 إلى 18 شهراً - وقتاً رائعاً لمنح الأطفال مجموعة من الأطعمة لتذوقها وتجربتها، ومن خلال تقديم النكهات المختلفة قد تجد أنَّ الأطفال يوسعون نطاقاتهم.

يختلف الأطفال الصغار اختلافاً هائلاً في طريقة تناولهم للأكل، فبعضهم شره ونهم، وبعضهم الآخر انتقائي للغاية وربما يكون من الصعب جداً إطعامه، فدعه يطعم نفسه في أسرع وقت ممكن، ومن خلال "اللعب" بطعامه سيتعلم عن الملمس والذوق والاستقلال.

يجب بناء الجوانب الاجتماعية للأكل من البداية حتى يكبر الأطفال وهم يفكرون في الطعام في سياق وقت الأسرة، ومشاهدة أفراد الأسرة الآخرين يأكلون مجموعة متنوعة من الأطعمة الصحية في أثناء التحدث وقضاء الوقت معاً، كما يجب ألا يأكل الأطفال في أثناء النظر إلى الشاشات.

يقلق الآباء بشأن الأطفال الذين يصعب إرضاؤهم في تناول الطعام، وبالطبع الأطفال الذين يأكلون أكثر من اللازم يزداد وزنهم بسرعة كبيرة؛ لذا يجب مساعدة طفلك على تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الصحية بدلاً من الوجبات الخفيفة المصنعة، وتناول الطعام في أوقات الوجبات وأوقات الوجبات الخفيفة بدلاً من "النهم" أو "الرشف" المستمر، وتناول الطعام لإرضاء الجوع بدلاً من تجربة الطعام على أنَّه إما مكافأة أو عقوبة.

لا تقم بطهي وجبات خاصة لطفل صعب الإرضاء، ولا تجعل وقت تناول الطعام ساحة معركة دائمة، إليك بعض النصائح لتجربتها:

  1. تحدَّث مع الأطفال الصغار عن "أكل قوس قزح" والحصول على الكثير من الألوان المختلفة على أطباقهم (القرع البرتقالي والفلفل الأحمر والذرة الصفراء وأي شيء أخضر وما إلى ذلك).
  2. اصطحبهم إلى متجر البقالة أو سوق المزارعين ودعهم يختارون شيئاً جديداً يرغبون في تجربته.
  3. دعهم يساعدون في تحضير الطعام.
  4. كن منفتحاً لوضع الأطعمة التي يستمتعون بها بطرائق جديدة (زبدة الفول السوداني على أي شيء تقريباً، وصلصة الطماطم على السبانخ)؛ إذ سيأكل بعض الأطفال أي شيء تقريباً إذا كان في الزلابية أو فوق المعكرونة.
  5. قدِّم مذاقات لما يأكله الآخرون.
  6. ابحث عن بعض الأنواع البديلة الموثوقة والصحية حينما لا يتقبل طفلك ما تطعمه.
  7. شجِّع طفلك على الاستمرار في التذوق، ولا تستبعد أي شيء بعد محاولتين فقط، وإذا كان لديك طفل يحب نوعاً معيناً من الخضروات الخضراء فلا بأس أن تحضِّره مرة بعد مرة، فما دام الطفل ينمو فلا تتعذب كثيراً.

الوجبات العائلية هامة أيضاً للأطفال الأكبر سناً حتى عندما يواجهون التحولات البيولوجية لنمو المراهقين، فحافظ على هذا السياق الاجتماعي للطعام قدر الإمكان من خلال تعقيدات الجدولة في المدرسة الإعدادية والثانوية، واجعل طاولة العائلة منطقة خالية من الشاشات، واستمروا في التحدث وتناول الطعام معاً.

وجدت بعض العائلات أنَّ الوباء يعني المزيد من الفرص لتناول الوجبات العائلية، وهذا ساعدهم في الأوقات الصعبة، لكن إذا دفعت ضغوطات الماضي القريب عائلتك نحو المزيد من الوجبات الخفيفة والمزيد من الوجبات السريعة، فاعلم أنَّك لست وحدك؛ إذ سيساعدك دائماً إعادة تكوين الأسرة وتخزين الأطعمة الصحية في المنزل وتناول الطعام معاً أو طلبه.

شاهد بالفيديو: 15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء

في الختام:

الأطفال الصغار هم في الأساس غير متحضرين وجزء من وظيفة الأبوة والأمومة ينطوي حتماً على قدر معين من العمل الإصلاحي، ومع الأطفال الصغار يجب أن تتحلى بالصبر والثبات، وهي طريقة أخرى للقول إنَّك ستحتاج إلى التعبير عن القواعد نفسها وتطبيقها مراراً وتكراراً.

تعمل "فترات الراحة" بشكل فعال للغاية مع بعض الأطفال، ويجب على الآباء الانتباه إلى تلك اللحظات التي قد يحتاجون فيها (الآباء) إليها أيضاً، فحاول الاسترخاء والراحة حين تشعر أنَّك ستفقد السيطرة بسبب تصرفات طفلك، لقد واجه الكثير من الآباء ضغوطات كبيرةً وخاصةً في أثناء الوباء وفي فترات حظر التجوال؛ لذا تأكد من الاهتمام بنفسك والاعتناء بها واحصل على المساعدة حين تحتاج إليها.




مقالات مرتبطة