كيف تكون قلقاً: الطريقة المنطقية للشعور بالقلق

لا يُعَدُّ الشعور بالقلق في العادة شيئاً جيداً؛ إذ إنَّه شعور مزعج مرتبط بالاضطراب الداخلي والسهر والتوتر. وفي الحالات القصوى، سيقوم الطبيب النفسي بتشخيص حالتك باضطرابات القلق. ومع ذلك، فقد نظر بعض الفلاسفة إلى القلق على أنَّه ليس شيئاً جيداً تماماً، ولكن على الأقل يحتمل أن يكون مفيداً بطريقة أو بأخرى؛ فالقلق السريري يُشعرك بالعجز، أما القلق الوجودي - الذي تتعامل معه بمعنويات عالية - فيُشعرك بالتحرر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن البروفيسور في الفلسفة "ديفيد إيجان" (David Egan)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية الفهم الصحيح للقلق.

في النصف الأول من القرن العشرين، أعطى الفيلسوفان "جان بول سارتر" (Jean-Paul Sartre) و"مارتن هايدجر" (Martin Heidegger) مكانة رئيسة للقلق في تحليلاتهم للوجود البشري؛ إذ إنَّ كليهما تأثر، أكثر مما اعترفا به، بالفيلسوف والعالِم اللاهوتي الدنماركي "سورين كيركيغارد" (Søren Kierkegaard) في القرن التاسع عشر.

كان "كيركيغارد" الذي عاش في عام 1813 غير منسجم مع المجتمع الدنماركي العاصمة "كوبنهاغن" (Copenhagen). لقد جاء من عائلة ميسورة الحال، ودرس اللاهوت، وخطب امرأة شابة ذكية وجذابة. وكان كل شيء متوفراً له لعيش حياة محترمة. ومن ثم انكسر شيء بداخله، فأنهى خطوبته وانسحب من المجتمع وكرَّس نفسه للكتابة بوتيرة عالية وهو يعيش على ثروته التي ورثها.

وفي أربعينيات القرن التاسع عشر، كتب أكثر من 30 مجلداً. وقد كانت كتاباته جدلية ولاذعة؛ إذ هاجمت نفاق المجتمع الدنماركي، وكتب العديد من كتبه بأسماء مستعارة مميزة؛ وهذا أدى به إلى الشجار حتى مع نفسه.

ولكن لم يكن هناك أي شخص في "كوبنهاغن" ذات المجتمع المترابط، لديه أي شك بشأن هوية المؤلف؛ إذ تضمَّن إنتاجه المذهل أول تحليل للقلق الوجودي. وفي كتابه "مفهوم القلق" (The Concept of Anxiety) الذي كتبه عام 1844، يجادل باسمه المستعار "فيجيليوس هوفنينسوس" (Vigilius Haufniensis)؛ "حارس كوبنهاغن" بأنَّ القلق ينتج عن مواجهة الحرية.

وفي أكثر الأحيان لا شيء سوى اختيارنا الحر هو الذي يحدد ما سنصبح عليه، ونتائج هذا الاختيار تتكرر عبر الزمن.

بالنسبة إلى الجزء الأكبر، لا نشعر بعبء هذه المسؤولية؛ وذلك لأنَّنا نتبع الحشود؛ فالقلق يخرجنا من هذا السبات السعيد ويوضِّح لنا مسؤوليتنا الفردية؛ لذا يكون هذا القلق مرهقاً؛ ولكنَّه يحررنا في المقابل.

إنَّ حريتنا تميزنا عن الجماد؛ إذ إنَّ عمليات الطبيعة مؤثرة، فعندما أرمي حجراً في الهواء، يخضع مساره لقوة الجاذبية بالطريقة نفسها في كل رمية. وتفتقر الدوافع البشرية إلى هذه الفاعلية المؤثرة، كما يشهد أي شخص اتخذ قراراً للعام الجديد في تلك الفجوة بين الدافع والفعل، فجوة لا توجد بين السبب والنتيجة، وهنا تكمن تجربة الحرية.

يقول "سارتر" إنَّنا نختبر هذه الحرية على أنَّها قلق أو كرب، ويقدِّم مثالين لتجربة القلق الوجودي؛ الأول هو الشعور بعدم التوازن، والثاني هو الخوف الصريح.

فإذا كنت تمشي على طول حافة جبلية غير مستقرة، فإنَّ القليل من الصخور قد يدفعك إلى الموت؛ فتخشى على نفسك بصفتك شيئاً يخضع لقوة الجاذبية مثل الصخرة التي قد تنزلق عليها. وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ الشعور بعدم التوازن هو رد ليس على خضوعك لقوى خارجية؛ بل لحريتك.

قد تدرك أنَّه يمكنك في أي لحظة إلقاء نفسك من فوق الحافة. ومع أنَّك لا تريد ذلك، ومع كونك حازماً في عدم القيام به، ولكن كل رغباتك الحالية وتصميمك لا يكون فعالاً، ولا يمكنك تحديد اختياراتك في المستقبل. أنت حر في التخلص من كل عزيمتك وإلقاء نفسك من فوق الحافة؛ والقلق هو الاعتراف المخيف بهذه الحرية.

الشعور بعدم التوازن هو قلق من المستقبل: إنَّه اعتراف بالحرية الراديكالية لمستقبلك مقارنةً بوضعك الحالي. ويتخيل "سارتر" أيضاً قلقاً موجهاً للماضي في شكل مدمن مقامرة؛ إذ يعرف المقامر الضرر الذي يلحقه إدمانه به وبالمحيطين به، وقد عقد العزم على عدم المقامرة مرة أخرى. ولكنَّه بعد ذلك يرى طاولة ألعاب ويشعر أنَّ العزم يتلاشى.

وحتى في أثناء جلوسه إلى الطاولة، يستمر في الشعور بعزمه على عدم المقامرة؛ إذ إنَّه يريد حقاً عدم المقامرة، لكنَّ عزمه السابق لا يملك القوة لإجبار أفعاله الحالية. فهو في العزم على عدم المقامرة والعزم على عدم إلقاء النفس إلى الهاوية، يتمنى، ولو مؤقتاً وفقط في بعض النواحي، أن يكون شيئاً تحركاته ثابتة في مكانها مثل صخرة تحت تأثير الجاذبية. ولكنَّ أمنيته في التخلص من حريته هي أن يتصرف بسوء نية.

نشأ القلق عند "سارتر" عندما أدرك أنَّ ذاته تؤدي دوراً في كل لحظة، وكان لفكرة الحرية الراديكالية صلة وثيقة به، فكان يكتب في خضم الحرب العالمية الثانية (Second World War)، ودعمَ المقاومة الفرنسية (French Resistance). وقد واجه هو ورفاقه الفرنسيون خيارات جريئة وخطيرة فيما يتعلق بالتعاون أو المقاومة.

ورأى "سارتر" في هذه الخيارات تعابير تحدد هويتهم. وفي حين أدان "سارتر" النازية والمتعاونين الفرنسيين، رحَّب "هايدجر" عام 1889-1976 باستيلاء "النازيين" (Nazi) على موطنه "ألمانيا" (Germany). ومنذ ذلك الحين، كان على الفلاسفة أن يتعاملوا مع مسألة ما يجب أن يفعلوه بكتابات رجل كان شخصية بغيضة من نواح عدة، ولكنَّه أيضاً يتمتع ببصيرة عميقة.

إنَّ كثيراً من أفكار "سارتر" وكينونته 1943 مأخوذة من كتاب "هايدجر" "الكينونة والزمان" (Being and Time) عام 1927، الذي يقدِّم تحليله الخاص للقلق. وبالنسبة إلى "سارتر" القلق يكشف شيئاً عنا؛ أما بالنسبة إلى "هايدجر" فإنَّه يكشف شيئاً عن العالم، أو بالأحرى الطريقة التي نرتبط بها به؛ إذ إنَّنا نعيش في عالم مليء بالكراسي والطاولات والحصى والأشجار والغيوم والأغاني.

وفي معظم الوقت، نفترض أنَّ كل هذه الأشياء موجودة طبيعياً وأنَّنا موجودون أيضاً، وما لا ندركه وفقاً لـ "هيدجر" هو أنَّ العالم ليس مجموعة من العناصر القائمة بذاتها؛ بل هو كل شيء مرتبط ببعضه بعضاً بالرعاية.

تصادف أنَّني أجلس على كرسي وأنا أكتب هذا المقال؛ وهو مفيد لأنَّه يمكنني الجلوس على شرفتي في يوم مشمس، وأنا أحب استنشاق الهواء النقي والتحدث عن الفلسفة مع الآخرين.

يتناسب الكرسي مع صورة كاملة لحياة ذات مغزى، ويرتبط بالشمس والهواء والأشخاص الآخرين والفلسفة. فيبدو لي أنَّه يحتل مكانة هامة في هذا وفي نشاطات أخرى عدة تتناسب مع عالم أهتم به. ولكن مع غياب الإحساس بالهدف والمعنى الذي ينعش نشاطاتي، يفقد الكرسي أهميته؛ وهذا ما يحدث في حالة القلق، كما يرى "هايدجر".

يشبه القلق بالنسبة إلى "هايدجر" نسخة وجودية من تلك اللعبة؛ فقد تكرِّر كلمة ما مرات كافية لتبدو كأنَّها ثرثرة لا معنى لها. وفي حالة القلق، ليست الكلمات التي نستعملها فقط هي التي تفقد معناها المألوف، ولكن الأشياء الموجودة في العالم من حولنا أيضاً.

شاهد: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

وبعد تجريده من أهميته العادية، يبرز الكرسي بوصفه جسماً غريباً، كبعض التجمعات الغريبة للأشياء. ولكن مثل "سارتر"، يعتقد "هايدجر" أنَّ القلق يكشف شيئاً هاماً: أنا لا أجد نفسي في عالم منطقي، كما ترتبط أهمية العالم بالأهمية التي أجدها في نشاطاتي اليومية وهذا يعني أنَّني مسؤول جزئياً عن الإحساس الذي يخلقه العالم بالنسبة إليَّ.

ويعتقد كل من "كيركغارد" و"سارتر" و"هايدجر" أنَّ لدينا دافعاً قوياً للهروب من القلق عندما يصيبنا؛ إذ تنطوي حريتنا على عبء ثقيل من المسؤولية الفردية، وهو عبء شاق. فمن الأسهل التصرف كما لو أنَّ الأسئلة الهامة المتعلقة بكيفية العيش وكيفية فهم الأشياء قد سُوِّيت بالفعل.

يحترم المؤلفون الثلاثة البرجوازية، إنَّها حياة تملي فيها الأذواق والأزياء المعاصرة كيف يجب أن يعيش "المرء". فالعالم المعاصر أكثر ليبرالية في تقديم أنماط حياة متنوعة، لكنَّ ضغوطات التسوية هذه ما تزال موجودة، سواء في الشعور بأنَّه يجب عليك الحصول على شهادة جامعية بوصفها نقطة انطلاق إلى مهنة مُرضية، أم في الشعور بالضغط لتتماشى مع السياسة أو التفضيلات الجمالية لأقرانك.

القلق مزعج لأنَّه يقدِّم لنا تذكيراً واضحاً بأنَّه لا يجب أن يكون الوضع على هذا النحو دون تقديم إرشادات عن الطريقة التي يمكن أن يكون عليها بدلاً من ذلك. القلق مزعج، لكن يمكننا أن نتعلم تحويله إلى شيء آخر. وفيما يأتي، أقدم بعض المؤشرات عن كيفية إثارة القلق الوجودي واستعماله استعمالاً جيداً:

التساؤل المستمر:

كنقطة انطلاق لفهم مفهوم القلق، تخيل أنَّك تبلغ من العمر خمس سنوات مرة أخرى. كما كان يفعل الأطفال عندما يستمرون بالتساؤل عن كل تفصيل وإليك مثال:

- ماذا تفعل؟

- أرسل بريداً إلكترونياً إلى مديري.

- لماذا؟

- لأنَّني أريد إطلاعه على المشروع الذي أعمل عليه.

- لماذا؟

- لأنَّني أريد أن يرضى عني.

- لماذا؟

- لأنَّني لا أريد أن أفقد وظيفتي.

- لماذا؟

- لأنَّني لا أريد أن أقلق بشأن المال.

- لماذا؟

عادة في هذه التصرفات، ينفد صبر الكبار قبل أن يمل الطفل من التساؤل، وقد يكون الاستجواب المستمر مزعجاً؛ ولكن يمكن أن يكون مفيداً أيضاً. فإذا كنت ترغب في اللعب، فيمكن للطفل أن يساعدك على إدراك أنَّ الأمن المالي هو حافز هام في حياتك، فيواجهك بالسؤال عما إذا كان يجب أن يكون كذلك.

عليك أن تجرِّب تأدية دور البالغ والطفل من هذه اللعبة مع نفسك. فابدأ بأي نشاط عادي مثل: ما كنت تفعله في هذا الوقت بالأمس، وما الذي تنوي القيام به هذا المساء، واسأل نفسك لماذا فعلت ذلك. واستمر في التحقيق ولاحظ إجاباتك.

حاول أن تجيب عن كل تساؤل إجابة منطقية قدر الإمكان، وتساءل بضمير المتكلم مثل قول: أنا أسأل لماذا أستثمر في هذه النشاطات؟ إذ يكشف الطفل من السلسلة التي لا نهاية لها من التساؤلات شيئاً ما عن أسبابنا: لا يوجد "سبب محدد" مهما كانت الأسباب التي تعتقد أنَّها لديك للعيش بالطريقة التي أنت عليها. وفي لحظات غريبة قد تتوقف هذه الأسباب عن السيطرة عليك، ويقودك إحساسك بالهدف بعيداً عن دوامة "الأسباب".

عدم التوازن: نسخة مخيفة ولكن ممتعة

الآن دعونا ننظر في أمثلة "سارتر" عن القلق؛ إذ يقدِّم مثالين: تجربة عدم التوازن، وانتكاس الإدمان. وهذا الأخير غير محبَّذ لأسباب واضحة، ولكن حاول استكشاف الأول قليلاً. إنَّ كل واحد منا لديه درجة مختلفة من تقبُّل المرتفعات، بعض الناس لا يخافون منها وبعضهم يبدأ بالارتجاف عندما يكونون على بعد أقدام من الشرفة. فاعرف حدودك وابتعد عن أي شيء يشعرك بقليل من عدم الراحة.

واعتماداً على مكان وجودك، قد تجد سطحاً أو شرفةً أو جسراً أو جرفاً إذا كنت تعيش في منطقة صخرية. جرِّب بنفسك هذا الشعور بعدم الراحة لمدة دقيقة أو دقيقتين دون أن تنسحب. وابدأ بتذكير نفسك بأنَّه لا يوجد سبب حقيقي للخوف. فأنت في موقع آمن نسبياً وسيتطلب الأمر ضربة حظ سيئ جداً إذا وقع لك أي حادث مؤسف حقيقي.

ربما لن يزيل هذا التذكير قلقك. لكن لم لا؟ هل أنت خائف مما قد تفعله؟ اختبر فرضية "سارتر" على نفسك ولاحظ مقدار ملاءمتها. يركِّز "سارتر" على النتائج غير السارة، السقوط على منحدر أو الانتكاس، ولكن لا يوجد سبب يمنع القلق من دفعنا نحو الأشياء الإيجابية. فلا شيء يمنعك من رمي نفسك من على منحدر، ولكن لا شيء يمنعك من تعطيل رحلة التسوق الخاصة بك للجلوس بجانب متسول وقضاء ساعة في محادثته أيضاً.

فإذا كان القلق بالنسبة إلى "سارتر" هو الاعتراف بأنَّه لا تصميمنا ولا الأعراف الاجتماعية يمكن أن تقيد أفعالنا، فإنَّ اعتناق هذه الحرية لا يجب أن يكون مخيفاً؛ بل يمكن أن يكون رائعاً.

إقرأ أيضاً: 5 عادات صباحية تجعلك سعيداً كل يوم

تحويل المألوف إلى غير المألوف:

الآن دعونا نستكشف قلق "هايدجر". لقد شبهتُها بلعبة ترديد كلمة ترديداً متكرراً حتى يختفي معناها، فابدأ بتجربة تمرين مشابه باستعمال أداة يومية، والتقط قلماً أو شوكة أو قبعة، أو اجلس أمام مصباح أو طاولة. ويمكنك تجربة هذا التمرين باستعمال جهاز عالي التقنية مثل الهاتف الذكي.

لكن صُمِّمَت هذه الأجهزة عمداً لإثارة انتباهك وتوجيهه، لذا قد يكون من الصعب فصل نفسك عنها؛ لذلك ابدأ بمجرد النظر إليها. واقضِ بضع دقائق في فعل ذلك، وهي فترة أطول بكثير مما قد تفعله عادة. ومن ثم تلاعب بها بطريقة جديدة غير معتادة، مثل: أن توازن القلم على رأسه، أو اقلب القبعة من الداخل للخارج، أو اجعلها قريبة جداً من وجهك بحيث يمكنك رؤية خيوط القماش، أو استلقِ على الأرض وانظر إلى أعلى إلى الجانب السفلي من الطاولة.

اعرف ما إذا كان في إمكانك الانغماس في الأشياء المجردة من الشيء الذي تنظر إليه، وانظر ما إذا كان في إمكانك أن تحرر نفسك من أهمية هذا الشيء في حياتك. وعندما تشعر بالغربة نوعاً ما من الشيء الذي اخترته، وجِّه انتباهك بعيداً عنه وإلى المساحة المحيطة بك.

إنَّ معرفة ما إذا كان يمكنك رؤية كل شيء على أنَّه شيء غريب، مثل عدم رؤية الجدران والأرضية والسقف كما هي، ولكن بوصفها أسطح ملساء بشكل غريب مرتبطة بزوايا غريبة. وتحرك في هذه المساحة بروح من الإعجاب. فالمس الجدران، واشعر بالتفاوت الطفيف في الطلاء، ولاحظ هذا الإحساس المضحك في أطراف أصابعك.

فما الذي يحدث هنا؟ لماذا أنا محاط بهذه الأشياء؟ والآن انظر إذا كان في إمكانك أن ترى نفسك غريباً. وانظر إلى يدك وهزَّ أصابعك. ومارِس تمرين التخلص من المألوف الذي أجريته باستعمال الأداة. فكم هو غريب وجود هذه الزائدة العنكبوتية الغريبة في نهاية ذراعك - المقصود بها الكف - وانظر إلى كل الخطوط والتجاعيد الغريبة وبصيلات الشعر والتشققات الغريبة لأظافر الأصابع في نهايات تلك الأصابع المتعرجة.

وانظر إذا كان في إمكانك التمسك بهذا الشعور بالغربة؛ إذ يمكن أن يكون محفوفاً بالمخاطر: هناك ميلٌ قويٌّ للعودة إلى عاداتنا المألوفة في التفكير والإدراك. فاخرج وتجول في مكان عام مع الحفاظ على هذا الشعور. إذاً ماذا يفعل كل هؤلاء الناس؟ كل هذه المباني والسيارات والضوضاء، لماذا توجد كل هذه الأشياء؟

وفي النهاية، يجب أن تتلاشى هذه التجربة وعليك العودة إلى حياتك الطبيعية. ولكن تمسَّك بذكرى الذهول تلك. وفي أكثر حالاته إنتاجية، يمكن للقلق أن يخرجنا من العادات المريحة ويساعدنا على رؤية الاحتمالات لأنفسنا وللعالم، التي عادة ما نغفل عنها.

النقاط الرئيسة: الطريقة المنطقية للشعور بالقلق

  • بالنسبة إلى معظمنا، نتصرف وفقاً لعادات مألوفة. فلدينا روتين يومي وأنماط من التفاعل الاجتماعي، وكل هذه الأشياء تنسجم مع صورة أكبر لمن نحن وماذا تعني حياتنا. ونادراً ما نجعل هذه الصورة صريحة أو نخضعها للتدقيق.
  • القلق الوجودي هو الاعتراف بأنَّه لا يجب أن يكون وضعنا على هذا النحو. فلا شيء في بنية أنفسنا أو في بنية العالم يمكن أن يملي علينا كيف يجب أن نعيش.
  • تجربة القلق هي أيضاً تجربة الحرية الحقيقية. فيمكننا أن نصنع من حياتنا أياً كان ما نختاره.
  • تجربة الحرية هذه مُقلِقة. إنَّها تُعَدُّ عبئاً هائلاً على أنفسنا لتحديد مَن سنكون.
  • القلق كما وصفه "كيركيغارد" هو اختبار الحرية التي وهبها الله لنا.
  • عرَّف "سارتر" القلق على أنَّه تجربة الحرية، ووضَّح ذلك بأمثلة عن عدم التوازن والإدمان.
  • وصف "هايدجر" القلق بأنَّه استنزاف لأهمية العالم. إنَّه يدفع إلى الاعتراف بأنَّ أهمية الأشياء في العالم وشعورك الخاص بالهدف من حياتك مرتبطان ارتباطاً وثيقاً ببعضهما.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة