كيف تكشف عن صحتك العقليَّة لشريكك؟

عندما تحبُّ شخصاً ما، ويبادلك الحب، فهذا شيء رائع جداً، فالعلاقات الصحية مبنيَّة على التواصل المفتوح والثقة، مما يعني إخبار بعضكما بعضاً بما هو جيد وسيئ، ولكن إذا كنت تعاني من حالة صحية عقليَّة، فقد لا يكون الانفتاح بهذه السهولة، فقد تقلق بشأن رد فعل شريكك أو إذا كان سيغير الطريقة التي ينظر بها إليك، فبالنسبة إلى بعض الأشخاص، يصعب حتى معرفة كيفية بدء المحادثة أو طرح الموضوع.



من الطبيعي أن تشعر بالخوف والقلق بشأن رد فعله تجاه شيء حساس وشخصي وربما غير مألوف، فإذا كنت تعاني من اضطرابٍ ما في صحتك العقليَّة أو تم تشخيصك بحالة مثل الاكتئاب أو القلق أو الاضطراب ثنائي القطب، فإنَّ آخر شيء تحتاجه هو أن يكون شريكك رافضاً.

قد تؤدي وصمة العار المتعلِّقة بحالات الصحة العقليَّة إلى صعوبة تحديد ما إذا كنت تريد إخبار شريكك بحالتك ومتى وكيف، وقد تتساءل متى تطرحها، وماذا ستقول له، وماذا سيكون رد فعله.

تماماً مثل الحالات الطبية الأخرى، فإنَّ حالة الصحة العقليَّة ليست شيئاً يجب أن تخفيه، فيساعد الإفصاح على تعزيز الصدق والشفافية والتواصل في العلاقة، ويمنع سوء التفاهم والتوترات غير الضرورية.

إنَّ احتمال إخبار شريكك عن حالتك قد يكون أمراً شاقَّاً، لكنَّه قد يساعد على تعميق التفاهم والتعاطف والاهتمام بينكما، إضافةً إلى ذلك، فإنَّ حجب المعلومات عنه والتي قد يكون لها تأثير مباشر في العلاقة ليس عادلاً له، فقد يمنح الإفصاح عن حالتك لشريكك فرصة لدعمك وتعلُّم كيفية حبك بشكل أفضل، الأمر الذي يعزز علاقتكما معاً.

قد تكون مشاركة حالة صحتك العقليَّة مع شريكك دعوة للتعرف إليك، وإلى معاناتك، ومرونتك، فقد تساهم هذه العوامل في العلاقة الحميمة أيضاً.

سنقترح في هذا المقال بعض الاستراتيجيات التي ربما تساعدك على تحديد متى وكيف تكشف عن حالتك الصحية العقليَّة لشريكك.

شاهد بالفيديو: 6 عادات لتحسين الصحة العقلية

متى تكشف عن حالتك العقليَّة الصحية؟

هذه بعض الاقتراحات عن موعد الكشف عن حالتك العقليَّة الصحية لشريكك:

1. عندما تكون مرتاحاً معه:

يجد بعض الأشخاص أنَّه من المفيد الانتظار حتى يتأكدوا من مشاعرهم تجاه شريكهم ويعرفونه جيداً بما يكفي لتحديد أنَّه فرد عطوف وداعم، فإذا كنت قد قضيت وقتاً كافياً مع شريكك لتصبح مرتاحاً معه، فقد تشعر أنَّك مستعد للكشف عن حالتك.

2. عندما تتصالح مع حالتك:

قد تشعر أنَّك بحاجة إلى فهم ومعالجة ومعرفة ما تمر به بنفسك أولاً، فبعد أن تتصالح مع حالتك، قد تشعر أنَّك أكثر استعداداً لمشاركتها مع شريك.

3. عندما تكتشف حالتك:

أحياناً قد تفضِّل مشاركة حالتك مع شريكك منذ البداية، حتى تحصل على بعض الدعم في أثناء رحلة العلاج، وغالباً ما يكون هذا هو الحال بالنسبة إلى الأشخاص الذين هم بالفعل في علاقة طويلة الأمد عندما يكتشفون حالتهم.

4. عند اتِّضاح حالتك:

تظهر بعض السلوكات أو الحركات التي قد يشاهدها الشريك؛ لذا يجدر عليك إخباره عنها.

5. عندما تحتاج إلى دعم:

إن أمست أعراضك شديدة، تستطيع اختيار الإفصاح عن وضعك لشريكك إن كنت تلتمس الدعم والقوة.

6. عندما تتم مناقشة حالات صحية أخرى:

إذا كنت تناقش أنت وشريكك ظروف الصحة البدنية، فيمكنك طرح حالة صحتك العقليَّة أيضاً، فإذا كنت أنت وشريكك تبنيان الثقة والتواصل في العلاقة، فلا ينبغي أن يختلف الكشف عن الصحة العقليَّة عن الكشف عن الصحة البدنية.

لا يوجد وقت صحيح أو خاطئ لإجراء هذه المحادثة؛ إنَّه أمر شخصي جداً عند كل فرد، ويحق للجميع الاحتفاظ بها أو الحديث عنها كما يريدون، على سبيل المثال، قد يفضِّل بعض الأشخاص الانتظار حتى تصبح العلاقة أكثر توطيداً، بينما قد يرغب بعضهم الآخر في الكشف عنها مقدماً، فاختيار التوقيت حق الشخص الذي يعاني من صحته العقليَّة.

كيف تكشف عن حالتك العقليَّة الصحية؟

إليك بعض النصائح التي قد تساعدك في أثناء الكشف لشريكك عن حالتك العقليَّة الصحية:

1. أخبِر شريكك برغبتك في إخباره عن شيء خاص:

يمكنك القول: "أنا أحبك وأهتم لأمرك وأثق بك وأودُّ أن أُعلِمك بشيء يحدث معي، وليس من السهل عليَّ مشاركته؛ وذلك لأنَّه يُشعِرُني بالضعف والخجل وأتمنَّى منك الدعم، شكراً لك على الاستماع وبذل قصارى جهدك للتفهم".

تُعرف هذه الخطوة باسم الحديث العملي، فتخبر شريكك عن المحادثة القادمة، بدلاً من مشاركة المعلومات عن حالتك، وقد يساعد الحديث العملي على إعداد شريكك للمحادثة المقبلة.

2. تجنَّب التصيُّد:

ما تريد تجنبه هو التصيُّد أو الإيقاع بشريكك لتعرف رأيه بشكل غير مباشر، على سبيل المثال، أن تطرح أسئلة مثل: "ما هو شعورك حيال الصحة العقليَّة؟"، أو "ما هو رأيك في الأشخاص المصابين بحالة عقليَّة معينة؟"، فإنَّ هذه الطريقة قد تقود إلى مسار خاطئ.

3. كن مباشراً وصادقاً:

أعلِم شريكك بوضعك بشكلٍ مباشر، مثلاً: "أنا أتعامل مع حالة ما، هذا ليس ما أنا عليه، لكنَّه شيء يؤثر في حياتي، وهذه هي بعض الأعراض التي أعاني منها..."

4. شارِك بعض الأمثلة:

كل شخص يعاني من ظروف صحية عقليَّة مختلفة، فقد يكون من المفيد مشاركة بعض الأمثلة الملموسة لأعراضك مع شريكك، حتى يتمكن من فهم تجربتك مع الحالة.

على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "أشعر أحياناً بقلق شديد لدرجة أنَّه قد يكون من الصعب أن أعمل، فلا يمكنني التركيز على عملي، وهذا يجعلني أكثر قلقاً".

إقرأ أيضاً: لماذا يجب علينا إخبار الشريك بما نحتاجه منه؟

5. اسأل إذا كان لديه أية أسئلة:

اسأل شريكك عما يشعر به، وما إذا كانت لديه أي أسئلة لك، وما إذا كان مهتماً بمعرفة مزيدٍ من المعلومات عن حالتك، فقد يساعده ذلك على المشاركة في المحادثة، وتوضيح أية أسئلة لديه عن حالتك، ويسهِّل عليه طرح أسئلة أخرى عليك لاحقاً.

إذا طرح أسئلة ليست لديك إجابات عنها، فلا تشعر بالضغط للإجابة على الفور؛ يمكنك التعبير عن مدى صعوبة الكشف وطلب وقت معقول للتحقق منها والعودة إليها لمزيد من المناقشة، وإذا كانت ثمة أجزاء من تجربتك لا ترغب في مشاركتها، فيمكنك أن تقول: "لا أريد التحدث عن ذلك الآن"، أو "لست مرتاحاً للحديث عن ذلك بعد".

6. تحقَّق مع نفسك:

إنَّ الرعاية الذاتية هامة في وقت مثل هذا، فيُوصَى بأخذ بضع لحظات للتحقق مع نفسك ومعرفة ما تشعر به، فإذا شعرت بالتحدي بسبب الإفصاح، فمن الهام أن تعترف بنفسك لكونك شجاعاً وشفافاً.

إقرأ أيضاً: أهمية الرعاية الذاتية في العصر الحديث

7. تدرَّب على المحادثة:

إذا كنت تشعر بالتوتر بشأن إجراء هذه المحادثة مع شريكك، فقد يكون من المفيد التخطيط لما ستقوله مسبقاً وممارسته إما وحدك أو مع صديق مقرب أو فرد من العائلة أو معالج.

هل يجب أن أخبر شريكي بما يحدث في العلاج؟

قد يكون الكشف عن حالتك الصحية العقليَّة لشريكك أمراً موتِّراً للأعصاب، ومع ذلك، إذا كنت تريد أن تتاح لك الفرصة لكي تتم رؤيتك بشكل كامل وفهمك ودعمك بعمق، فمن الهام أن تخبره عن حالتك، إنَّها جزء منك، وبمرور الوقت، قد يكون من الصعب والمرهق الاختباء من شخص هام؛ لذا حافظ على التركيز على العلاج واجعله يشارك فيه.

عندما تتحدث عن ذلك مع شريكك، اشرح تفاصيل ما تفعله لمعالجة صحتك العقليَّة، وسواء كان ذلك من خلال الأدوية أم العلاج النفسي أم أي علاجات بديلة أخرى تستخدمها، أخبره أنَّك ستقدِّر دعمه على طول الطريق أيضاً.

أشرِك شريكك من خلال إخباره بالنشاطات التي كنت تدمجها في حياتك اليومية والتي تساعدك، واطلب منه أفكاراً عن نشاطات الرعاية الذاتية أو تخفيف التوتر التي يمكنكما القيام بها معاً، فتتضمن بعض الأفكار طهي العشاء معاً أو مشاهدة عرض مضحك أو التنزه بالخارج، فمن خلال دعمك في القيام بهذه الأشياء البسيطة معاً، يمكنك الحصول على علاقة أكثر إرضاءً في نفس الوقت.

في الختام:

نأمل من خلال المشاركة الشجاعة والاستقبال الرحيم، أن يتعاطف شريكك معك ويدعمك، ويلتزم بالتقدُّم المستمر معك، فإذا كنت مع الشخص المناسب، فإنَّ مشاركة تجاربك قد تقوِّي العلاقة من خلال بناء الثقة والدعم المتبادل.

ثمة احتمال أن يكون غير مرتاح لحالتك الصحية العقليَّة، وبمرور الوقت، قد يصبح أكثر تفهُّماً بالجهد والعناية، أو قد لا يفعل، وما يهم هو إيمانك بنفسك وحبها مهما كانت استجابة شريكك ورد فعله.




مقالات مرتبطة