كيف تغير حياتك بعادات صغيرة؟

كما قال الجنرال الصيني "سون تزو" (Sun Tzu): "المحاربون المنتصرون يفوزون أولاً، ثم يذهبون إلى الحرب، بينما المحاربون المهزومون يذهبون إلى الحرب أولاً، ثم يسعون إلى الفوز".



دائماً ما يبدأ الناس عامهم الجديد بأهداف جديدة من أجل تحقيقها مع نهاية العام، ومن تلك الأهداف، خسارة بعض الوزن، أو الذهاب إلى النادي الرياضي بانتظام، أو كتابة رواية، أو قراءة 50 كتاباً، لكن مع مرور العام، نرى أنَّ معظم الناس قد فشلوا في قراراتهم، ومع ذلك، هذا لا يمنعهم من وضع أهداف مماثلة للعام القادم.

بالطبع، ليس من المستغرب أنَّهم يحاولون مرة أخرى على الرغم من فشلهم، فقد اكتشف باحثون في جامعة "سكرانتون" (University of Scranton) أنَّ 92% من القرارات التي يحددها الناس كل عام يتم تجاهلها، وأنَّ 45% من الناس ظلوا يحددونها كل عام على الرغم من ذلك.

بالنسبة إليَّ، لم أهتم بالقرارات على الإطلاق، ولكنَّني حددت أهدافاً سامية على مدار العام، ولمدة 10 سنوات من حياتي، كنت متحمساً جداً للتغيير، ومع ذلك لم أتمكن من التغيير، لكن تغيَّر كل شيء في أواخر عام 2012.

البدء بعادات صغيرة:

سوف أتكلم عن شيء غيَّر حياة الكثيرين، مثل حياتي، ففي ليلة ما بين عيد الميلاد (Christmas) ورأس السنة في عام 2012، قررت أن أبدأ بممارسة الرياضة باستمرار، وقررت البدء بالتمرين لمدة 30 دقيقة كل يوم، ولكنَّني لم أستطع القيام بذلك في المرة الأولى؛ إذ إنَّني لم أرغب في ممارسة الرياضة.

لقد شعرت بالكسل، وانعدام الحافز، وبعض الأسف على نفسي، فكنت أعرف أنَّني يجب أن أكون مبدعاً، لذلك خطرت في بالي فكرة قرأتها في كتاب إبداعي، ويُطلَق على هذه الفكرة اسم الأقنعة؛ أي التفكير في الفكرة ونقيضها في الوقت نفسه، ولقد كنت أفكر في مدى صعوبة القيام بهذا التمرين، فقد بدا الأمر مستحيلاً، لكن قلت في نفسي مازحاً: "نظراً لأنَّني لا أستطيع القيام بشيء مفيد، سوف أسعى إلى القيام بتمرين الضغط واحد".

على الرغم من أنَّني كنت ساخراً، إلا أنَّني شعرت بالفضول حقاً عندما قمت بوضعية التمرين؛ وذلك لأنَّني أدركت أنَّ هذه هي نفس البداية للتمرين الكامل، ثم قمت بتمرين الضغط، ولقد كنت ضعيفاً جداً، لذلك قررت أن أؤدي التمرين أكثر من مرة في أثناء اتخاذ الوضعية، ثم نهضت ورأيت أنَّ تأدية التمرين أكثر من مرة أفضل من لا شيء، وبعدها خطرت لي فكرة، وهي أن أحدد الهدف التالي، وهو القيام بتمرين عقلة واحد، وكما فعلت بتمرين الضغط تمرنت مدةً أطول قليلاً.

لقد واصلت هذه اللعبة الغريبة الجديدة إلى أن مرَّت 20 دقيقة وأنا أمارس التمرينات الرياضية، ثم خاطبت نفسي قائلاً: "لقد كان ذلك رائعاً، لكن من المستحيل أن أقوم بتمرين لعضلات البطن الآن"، ومع ذلك، تحديت نفسي وقمت ببعض التمرينات لمدة عشر دقائق، وكنت قد انتهيت من التمرين لمدة 30 دقيقة.

لقد كانت هذه عادتي الصغيرة الأولى، ولم أعلم أنَّها كانت ستغير حياتي بالكامل، فبعد عامين أصبحت اليوم شخصاً مختلفاً تماماً، فقد أصبحت لياقتي البدنية في أفضل حالاتها على الإطلاق؛ إذ يمكنني ممارسة تمرين العقلة ما لا يقل عن 16 مرة متتالية؛ إذ بدأ ذلك عندما قررت القيام بتمرين ضغط واحد كل يوم على الأقل، وأصبحت أكتب أربعة أضعاف مما كنت أكتب عادةً، وقد بدأ ذلك بعادة صغيرة تتمثل في كتابة ما لا يقل عن 50 كلمة في اليوم.

باستخدام عادتي الصغيرة في الكتابة، كتبت كتابي الذي يحمل اسم "عادات صغيرة" (Mini Habits)، وهو الكتاب الأكثر مبيعاً الذي يصف هذا المفهوم بالتفصيل، وكذلك أصبحت أقرأ عشرة أضعاف عدد الكتب التي كنت أقرؤها سابقاً، فقد بدأ ذلك بشرط قراءة صفحتين من كتاب كل يوم.

شاهد بالفيديو: العادات اليومية للأشخاص الناجحين براين تريسي

كيفية البدء بالعادات الصغيرة:

إذا سئمت من خوض حرب مع نفسك من أجل التغيير، فذلك لأنَّك تخوض معركة لا يمكنك الفوز فيها، ولا داعي للخجل، فالبشر مقاومون للتغيير بطبيعتهم، لكن لا يمكن مقاومة هذه العادات الصغيرة، فهي أصغر من أن تُقاوَم.

مع مرور الوقت، تدمِّر العادات الصغيرة المقاومة بنفس الطريقة التي تدمر بها الديدان الأشجار؛ إذ تكون هذه العادات وحدها صغيرة، لكن عندما تُدمَج مع مرور الوقت، يصبح لها تأثير كبير، وتعد العادات الصغيرة ناجحة جداً لأنَّها تولِّد الزخم وتعيد برمجة عقلك الباطن (هذا هو السبب في أنَّني لم أعد أقاوم ممارسة الرياضة).

يعود السبب في أنَّ العادات الصغيرة ناجحة جداً هو أنَّها بسيطة وسهلة التنفيذ، بينما مع الاستراتيجيات الأخرى، عندما نمر بيوم سيئ، أو نشعر بالإرهاق، أو تنفد قوة إرادتنا، فسوف نتخلى عن هدفنا ونتوقف عن التقدم.

إقرأ أيضاً: أساليب تطوير وتنمية الذات : 14 طريقة لتطوير مهاراتك الشخصية

لذلك، إذا كنت ترغب في التمتع بلياقة بدنية على سبيل المثال، فاسعَ إلى القيام بتمرين ضغط واحد يومياً؛ إذ يمكنك دائماً أن تفعل أكثر من ذلك، فالعادات الصغيرة ليس لها حد أقصى؛ لذا قم بالعادات الصغيرة بقدر ما تريد عندما تشعر بكثير من التحفيز.

بالطبع، لا بأس إذا لم تشعر بالتحفيز على الإطلاق؛ إذ تسمح لك العادات الصغيرة بالنجاح حتى في أسوأ أيامك، وإذا تمكنت من النجاح في أسوأ أيامك، فما الذي سيوقفك؟ بالنسبة إليَّ، لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، لأنَّه لا يوجد شيء أوقفني؛ إذ إنَّني لم أتوقف عن الكتابة حتى الآن، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تمرينات الضغط.

إقرأ أيضاً: علم النفس وصناعة النجاح: كيف يمكن أن يكون الفشل مفتاح النجاح؟

في الختام:

إنَّ الأمر الأساسي لتغيير حياتك هو ليس أن تسعى إلى تحقيق أهداف كبيرة؛ بل هو خلاف ذلك، فعندما ترفع سقف طموحاتك، كل ما تفعله هو تقليل فرصتك في الفوز، وبالنسبة إليَّ، لقد تغيرت حياتي عندما بدأت بتحديد أهداف كنت أعرف أنَّني أستطيع تحقيقها كل يوم.

قال الجنرال الصيني الأسطوري "سون تزو" في الاقتباس الذي ذكرته في بداية المقال: "المحاربون المنتصرون يفوزون أولاً، ثم يذهبون إلى الحرب"، وهذا بالضبط ما تفعله العادات الصغيرة بالنسبة إلينا؛ أي إنَّك تحصل على الفوز السهل، ثم تذهب إلى المعركة بقوة، ولا ينبغي الاستهانة بالتأثير النفسي والزخم الناتج عن البدء بمهمة ما، لكن عليك تجربتها لتختبر قوة ما أتحدث عنه.

إنَّ الأمر كله يتعلق بسؤال واحد بسيط، وهو: "هل تُفضِّل تحديد أهداف مبهرة والحصول على نتائج محرجة، أو تحديد أهداف محرجة والحصول على نتائج مبهرة؟".

إذا كنت ترغب في معرفة مزيد من المعلومات عن العادات الصغيرة، فإنَّ كتابي الذي يحمل اسم "العادات الصغيرة" يغطي علم التغيير، ويشرح سبب فشل الاستراتيجيات النموذجية بعمق، ويوضح لك ما إذا كان استخدام قوة الإرادة أو التحفيز أساساً يمكن الاعتماد عليه أكثر للتغيير، وكذلك سوف يجيب عن أسئلتك، مثل "كيف يمكن أن يساعدني تمرين ضغط واحد في اليوم؟"، وسيوفر لك أيضاً دليلاً تفصيلياً يوضح عدد العادات الصغيرة التي يجب اتباعها في آنٍ واحد، وكيفية تتبُّعها، وجميع المخاطر التي يجب تجنُّبها لضمان نجاحك.




مقالات مرتبطة