كيف تعرف إذا كان الألم في معدتك ناجم عن التوتر أو عسر الهضم؟

أقلُّ ما يُمكن أن يُقال عن آلام المعدة أنَّها غير سارةٍ وغير مريحة، أمَّا أسوأ ما يمكن أن يُقال هو أنَّ آلام المعدة يمكن أن تكون مُوهِنةً للغاية، ممَّا يجعل تناول الطعام أو الحركة أو النوم بشكلٍ جيدٍ صعباً. في حال لم يحدث أيُّ تغيُّرٍ في نظامك الغذائي وصحتك العامَّة، ومع ذلك كنت تعاني من آلامٍ في المعدة مؤخَّراً؛ فقد يكون ذلك أحد أعراض التوتر العصبي.



استُشيرَ خبراءٌ في الطبِّ التكاملي وعلم النفس لشرح لماذا يمكن للتوتر أن يؤثِّر في الجسم، وكيفية التمييز بين ألم المعدة الناتج عن عسر الهضم من الناجم عن التوتر.

هل التوتر يسبب ألم في البطن؟

تقول الطبيبة النفسية "نيكول ليبمان" (Nicole Lippman-Barlr) للإجابة على التساؤل "هل التفكير يسبب ألم المعدة؟": "لألم المعدة أسبابٌ عديدة، ويمكن أن يكون التوتُّر أحدها، حيث يمكن له أن يتدخل في الهضم بسبب اتصال الأمعاء والدماغ عن طريق العصب المبهم (العصب الرئوي المعدي)"، وتضيف: "إنَّ معدتنا وأمعاءنا لديها جهازٌ عصبيٌّ فريدٌ خاصٌّ بها ويُدعَى الجهاز العصبي المعوي، حيث تستجيب هذه الأعصاب لهرمونات التوتر والناقلات العصبية نفسها التي تستجيب لها أدمغتنا". أي أنَّ الهرمونات التي تُطلِقها عندما تشعر بالتوتر يمكن أن تدخل إلى الجهاز الهضمي وتعطِّل عملية الهضم؛ ممَّا يسبِّب ألماً في المعدة.

وتقول طبيبة الطب الشامل "أديتي نيروركار" (Aditi Nerurkar): "على الرغم من أنَّ التوتر يمكن أن يسبِّب آلاماً في البطن، فإنَّ من الهامِّ جداً استبعاد أيٍّ من المسبِّبات الأساسية قبل تسمية التوتر كمسبِّب، ويضمن هذا بألَّا يتغاضى الأطباء والمرضى عن أيِّ مشاكل طبيةٍ خطيرة.

أعراض المعدة العصبية:

غالبا ما يعلم الجميع أنّ الحالة النفسية تؤثر على صحة الإنسان الجسدية، وكثيرة هي الدراسات والأبحاث التي تؤكد على وجود هذه العلاقة الوثيقة بين الحالة النفسية للمرء وصحته الجسدية، وتعد المعدة واحدة من أكثر أعضاء الجسم تأثرا بالحالة النفسية للإنسان، وعليه يمكنك عزيزي القارئ التعرف معنا في هذا المقال على أعراض المعدة النفسية أو العصبية، فإن شعرت يومًا أن حالتك النفسية السيئة أو الضغط النفسي الذي تتعرض له قد تسبب في إصابة معدتك، فأنت لست وحدك، ومن المرجح أنك تعاني مثل كثير من الناس من مشاكل في المعدة مرتبطة بالأعصاب والقلق.

ما هي المعدة العصبية؟

يمكن أن تحدث هذه الحالة مع المرء بسبب المشاعر التي تؤثر على الجسم، من قلق وضغط واكتئاب وتوتر وغيرها من المشكلات النفسية السلبية، فعندما يرى الأطباء أن شخصًا ما يعاني من الغثيان وآلام في المعدة مع عدم وجود مشكلة معدية معوية ذات صلة، فإنهم غالبًا ما يربطونها بالمعدة العصبية.

ويشعر الجميع بآثار التوتر والقلق بشكل مختلف، وليس من غير المألوف أن يؤدي ذلك إلى ظهور أعراض مثل تقلصات البطن التي تجعلك تشعر بالمرض في معدتك، وإن أكثر الأعراض شيوعاً للمعدة العصبية هي:

  1. الشعور بالإقياء.
  2. ضيق، تموج، تشنج، في معدتك.
  3. انتفاخ البطن المتكرر.
  4. عسر الهضم.
  5. الإمساك.
  6. فقدان الشهية.
  7. القولون العصبي.

شاهد بالفيديو: 7 طرق للتخلص من حرقة المعدة دون أدوية

علاقة الخوف بالمعدة:

قد تتساءل عزيزي القارئ عن حقيقة الصلة بين الخوف وآلام المعدة هل هي حقيقة أم مجرد وهم؟

بكل تأكيد إن التوتر والقلق والخوف هي من الأسباب الشائعة التي تسبب آلاماً في المعدة والجهاز الهضمي بشكل عام.

نعلم من خلال البحث أن هناك علاقة قوية بين دماغنا وأمعائنا من خلال الجهاز العصبي المركزي. يخدم الجهاز العصبي المعوي - وهو تفرع خارجي للجهاز العصبي المركزي - الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى اتصال مباشر بين دماغنا والجهاز الهضمي، وبحكم هذه الصلة المباشرة يمكننا تفسير العمليات الفيزيولوجية التي تصيب الجهاز الهضمي من جراء الخوف، فقد يشعر المرء بالاقياء، وقد يصل الحال بالشخص الخائف إلى قيامه بالإقياء، ويمكن أن يسبب الخوف عسرا في الهضم، أو انتفاخا بالكولون، أو حتى فقدانا للشهية، إضافة إلى شعور الضيق والتشنج المعوي بحيث يصبح المرء غير قادر حتى على بلع شربة ماء من جراء الخوف الذي يعتريه.

إقرأ أيضاً: 8 أطعمة تقف وراء الإصابة بحموضة المعدة

كيف يمكنك التمييز بين الألم الناجم عن التوتر، والألم الناجم عن عسر الهضم؟

قد يكون من الصعب التمييز بين آلام البطن المرتبطة بالتوتر عن غيرها من أشكال آلام البطن، وفقاً للدكتورة "أديتي نيروركار" (ِAditi Nerurkar): "غالباً ما ينتج عنهما الأعراض نفسها وبالكثافة نفسها، ويمكن ربطهما ببعضهما"، كما تقول الدكتورة "ويندي تروبو" (Windie Trubow): "إذا كان لديك مشاكل شائعةٌ في الجهاز الهضمي أو مشاكل متعلقة بالأطعمة، فإنَّ تناول المتمم الغذائي (البروبيوتيك) هو أفضل طريقة للمساعدة في السيطرة على الأعراض".

توصي ويندي أيضاً بتناول الطعام ببطء، وبمضغ طعامك تماماً، واختيار الأطعمة سهلة الهضم. حالما تتحسَّن عملية الهضم لديك، سيكون من الأسهل معرفة ما إذا كان التوتر هو ما يسبِّب آلام معدتك، وبالتالي يمكن إزالة الأعراض بمنتهى البساطة. تقول ليبمان أيضاً: "يمكن أن يكون ألم المعدة مزيجاً من عسر الهضم الطبيعي والتوتر بسبب العلاقة بين دماغك وأمعائك" كما تضيف: "إنَّ ميكروبات الأمعاء هي جزءٌ هامٌّ من هذا الاتصال".

تقول "أديتي نيروركار": "يوجد ثلاثة إلى خمسة أضعاف من مستقبلات السيروتونين في القناة الهضمية أكثر من الموجودة في الدماغ، وهذا قد يكون السبب في أنَّ مكروبات القناة الهضمية مرتبطةٌ ارتباطاً وثيقاً بحالة مزاجنا"؛ لذلك، حتَّى إذا بدأت كحالةٍ مرضيةٍ جسدية، فإنَّه يمكن للتوتر أن يؤدِّي إلى تفاقم أيِّ ألمٍ موجود في المعدة مسبقاً.

تقول الدكتورة "نيروركار": "هناك طريقةٌ أخرى لحصر المحفزات الرئيسة، وذلك عن طريق إنشاء دفترٍ لتدوين ملاحظاتٍ يومية عن الألم مع طبيبك. عندما تبدأ بالمعاناة من آلام المعدة، اكتب في اليوميات ما هي الأطعمة التي تناولتها ونوع النشاط البدني الذي قمت به وحالتك العاطفية الحالية، إذ يمكن لهذه النقاط أن تساعد طبيبك في معرفة سبب شعورك بالألم". وتتابع ليبمان: "من الهامِّ أيضاً أن تضع في اعتبارك أنَّ التوتر يؤثِّر عادةً في كامل الجسم -وليس فقط الهضم- ويمكن أن يؤدِّي إلى تسارعٍ في التنفس؛ وهو شعورٌ عامٌّ من التوتر وتسابُقِ الأفكار.

وتقول الدكتورة "ويندي تروبو": "يظهر ألم المعدة بشكلٍ متكررٍ في إطارٍ زمنيٍّ واضحٍ بعد حدوث التوتر"، وتضيف: "عند البعض يكون الألم فورياً، ويتأخَّر قليلاً عند بعضهم الآخر. إذا كنت قادراً على تحديد الضغوط المسؤولة عن ألمك -سواءً كانت جسديةً أم عاطفية- فقد تكون قادراً على السيطرة عليها قبل أن تصبح معضلة".

إقرأ أيضاً: جرثومة المعدة: الأعراض وطرق العلاج

كيف يمكنك السيطرة على آلام المعدة المرتبطة بالتوتر؟

تقول ليبمان: "إذا كنت تشك في أنَّ التوتر هو العامل الذي يثير الألم، فإنَّ أفضل الطرائق لتهدئة التوتر، أو ألم المعدة الناجم عنه: ممارسة تقنيات التنفس العميق"، وتضيف: "إنَّها تسمح لأمعائنا وأدمغتنا بالتواصل مع بعضها بعضاً، ومن ثمَّ تخبرها بأن تبدأ بإبطاء حركتها". كما توصي بممارسة التمرينات للمساعدة في الحدِّ من التوتر.

علاج ألم المعدة النفسية:

إذا كنت تعتقد أنك تعاني من معدة عصبية، وتعاني من أعراض مزعجة، يمكن لنا أن نقدم لك عزيزي علاج ألم البطن بسبب التوتر، والخطوة الأولى في هذه الطريق تكمن في زيارة الطبيب؛ إذ سيبدأ الطبيب بتحديد الضغوط في حياتك التي قد تكون مصدر المعدة العصبية ويذهب من هناك، وتشمل بعض علاجات المعدة العصبية ما يلي:

  • العلاج: عادة ما تساعد القدرة على تحديد ما يساهم في توترك والقدرة على التحدث عنه في تقليل مستويات التوتر لديك، لذا فإن زيارة المعالج تمنحك الفرصة لتعلم كيفية إدارة التوتر لديك ومعرفة أفضل آليات التأقلم عند الوقوع في مواقف مرهقة.
  • الأدوية: يمكن أن يساعد دواء القلق والاكتئاب أيضًا في علاج المعدة العصبية، ومن خلال تناول هذه الأدوية، يمكنك السيطرة على قلقك، والذي في المقابل من المرجح أن يخفض مستوى التوتر لديك.
  • التأمل: يمكن أن يساعد التأمل في تقليل التوتر والقلق من خلال تعزيز الهدوء واليقظة والتركيز على حياتك.
  • التغيير في النظام الغذائي: يمكن أن تؤدي بعض الأطعمة مثل منتجات الألبان والمشروبات المحتوية على الكافيين (مثل القهوة والصودا)، وتناول كميات كبيرة من الكحول إلى تفاقم القلق، وإن كنت تعاني من توتر في المعدة، فمن مصلحتك تجنب ذلك.
  • أنشطة تخفيف التوتر: يمكن أن تساعد المشاركة في الأنشطة التي تخفف من التوتر أيضًا في تخفيف التوتر في المعدة. سواء كان الأمر يتعلق بالخروج مع الأصدقاء أو القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى أو ممارسة الرياضة، لذا حاول معرفة الأنشطة التي تساعدك أكثر في الحفاظ على الهدوء.
  • العلاجات الطبيعية: يمكن أيضًا استخدام العلاجات الطبيعية لتخفيف المعدة العصبية، ويحظى الزنجبيل بشعبية عند علاج المعدة العصبية ويمكن إذابته في الشاي أو مضغه أو تناوله كمكمل غذائي، ويعد شرب النعناع المغلي، ومغلي حبة الكمّون أو رائحة زيت النعناع طريقة أخرى يُعتقد أنها تهدئة المعدة العصبية.

الخلاصة:

سواءً كان ألم المعدة ناتجاً عن عسر الهضم أم التوتر، فمن الهامِّ الانتباه إلى جسدك وما يحاول إخبارك به. تقول ليبمان: "كلَّما كان إدراكك للمحفِّزات وأسبابها أكبر، ازدادت قدرتك على فهم ما عليك القيام به بهدف الحدِّ من هذه المشاعر والتحكُّم بها بطريقةٍ صحية".

إذا كنت تعاني من آلامٍ متكررةٍ أو مُوهِنةٍ في المعدة، فتأكَّد من إخبار طبيبك كي تتمكَّنوا من الوصول إلى جذر المشكلة وتحديد أفضل طريقةٍ للتعامل معها.




مقالات مرتبطة