كيف تظهر شخصيتك الحقيقية؟

نحن جميعاً نستيقظ كل يوم، ونرتدي ملابسنا، ونستعد للخروج، ثمَّ نفكِّر في الطريقة التي سنتعامَل بها مع الآخرين، نتصرَّف بطريقة معيَّنة مع كل شخص ظنَّاً منَّا أنَّ هذه هي الطريقة التي نكتسب بها أصدقاء ونؤثر في الناس، وكل هذه السلوكات تصنع شخصيتنا.



1. الشخصية المزيفة:

نحن نصنع هذه الشخصية لأنَّنا في كثير من الأحيان غير راضين عن شخصيتنا الحقيقية، قد نفكِّر أيضاً أنَّنا إذا تصرفنا بطريقة معيَّنة أخرى، فسنحقِّق قدراً أكبر من النجاح، نادراً ما يُشار إلى أنَّ هذا مجرد وهم في العالم الغربي الحديث، فحسب اختصاصي علم النفس "كارل يونغ" (Carl Jung): "الشخصية المزيفة هي نظام معقَّد من العلاقات بين وعي الفرد والمجتمع، وهي قناع مناسب لترك انطباع واضح لدى الآخرين، ولإخفاء طبيعة الفرد الحقيقية".

قبل أن نغادر المنزل، نرتدي ملابسنا، هذا الغطاء هو أول طبقة دفاع لنا ضد العالم، ما دمنا نغطي أنفسنا، فإنَّنا نخفي حقيقة أجسادنا، يجب أن نفهم أنَّ أجسادنا لا تعبِّر عن شخصيتنا، فهي ليست سوى جزء صغير منا.

يتمثَّل المستوى التالي للدفاع بأقوالنا وأفعالنا؛ إذ ننشئ في أذهاننا طريقة معيَّنة للتصرف أو تقديم أنفسنا للآخرين، ونفعل هذا لمحاولة إظهار أنفسنا بطريقة ما في هذه اللعبة التي تسمَّى الحياة لكسب شيء ما.

2. اللؤلؤة:

يمكننا أن نفكِّر فيما نخفيه على أنَّه بعض الأوساخ، أو الظلام بداخلنا، ويمكن بعد ذلك استخلاص التشبيه الخاص باللؤلؤة، كما قال الممثل الكوميدي "جيم كاري" (Jim Carrey) بإيجاز: "تحيط الأوساخ باللؤلؤة، واللؤلؤة هي الشخصية التي نحيط أنفسنا بها بوصفها حماية ضد هذه الفكرة: "إذا اكتشفوا في أي وقت أنَّني بلا قيمة، وإذا اكتشفوا قلة كفاءتي، فسوف أتحطم".

إذاً، الأوساخ هي حقيقتك مع جميع عيوبك وتعقيداتك وصفاتك الغريبة، وتبدو هذه الرسالة مؤثرة، تحديداً كونها صادرة عن شخص ناجح جداً حسب معظم مقاييس المجتمع.

يقودنا علمنا بأنَّنا نخفي بانتظام ذاتنا الحقيقية والعفوية إلى عيش حياة مليئة بالتوتر، وينشأ هذا التوتر من الازدواجية بين الصورة التي نقدِّمها للعالم وصورتنا الحقيقية، فكلما زاد التباين بين الصورتين، زاد شعورنا بالتوتر والقلق والخوف والحزن.

نحن نعلم أنَّنا نحمل عبئاً ثقيلاً، ونودُّ جميعاً رميه عن ظهورنا، لكنَّ الموت وحده هو الذي يحقِّق لنا ذلك، ولا داعي للقلق أو المحاولة بعد ذلك؛ إذ يجد بعض الناس الحل بتعاطي المخدرات والكحول للهرب من الهموم.

شاهد بالفديو: 8 طرق تساعد على اكتساب قوة الشخصية

3. الشوكة:

ثمَّة تشبيه آخر يمكننا استكشافه لتعريف الأوساخ المحيطة باللؤلؤة تعريفاً أفضل، يقول الكاتب "مايكل سنجر" (Michael Singer)، في كتابه "الروح غير المقيدة: رحلة ما وراء نفسك" (The Untethered Soul: The Journey Beyond Yourself): إنَّ هذه الأوساخ تشبه الشوكة؛ فأي ألم عاطفي أو روحي نشعر به بداخلنا يشبه شوكة مؤلمة جداً في خاصرتنا، وهي منطقة ضعيفة وحساسة لمحفزات معيَّنة، مثل وجود الآخرين بالقرب منَّا، سواء جسدياً أم عاطفياً.

نحن نحاول تغطية الشوكة بطبقات من الشاش، ومع ذلك بصرف النظر عن عدد الطبقات، عندما يقترب شخص منَّا نشعر بألم حاد، وبوجود هذه الشوكة المؤلمة في خاصرتنا، يمكننا أن نختار القيام بأحد شيئين، إمَّا أن نعيش حياة خالية من أي شيء قد يُهيِّج الشوكة، أو أن نقرِّر سحبها.

سيكون الألم أعظم إذا اخترنا التعامل مع هذا الألم، ومع ذلك على الأمد الطويل، ستكون حياتنا أفضل بكثير، فالشيء الوحيد الذي تستخدمه أدمغتنا للحكم على الألم هو ذروة الألم والنتيجة النهائية؛ لذا أفضل قرار هو سحب الشوكة، وهو الأصعب حسب علم النفس البشري الخالص، فإذا اخترنا سحب الشوكة، فسيظهر عاملان أساسيان لتعزيز الحرية الحقيقية: العفوية، والوعي باللحظة الحالية.

إقرأ أيضاً: 12 نصيحة للتعافي من الألم العاطفي

4. العفوية:

العفوية أمر شديد التعقيد؛ إذ نشأنا جميعاً على عقلية التأمل والنقاش والتخطيط قبل التصرف، وغالباً ما نربط العفوية بقرارات متهورة أو غير ذكية أو غير مدروسة؛ إذ تسمح العفوية لقوة العقل الباطن بالتدخل، فلا يمكن أن تأتي العفوية الحقيقية إلا مع الوعي الشديد باللحظة الحالية، ويجب أن ننشر القصة التي نرويها لأنفسنا، ولا نسمح لها بالتأثير في تجربتنا الحالية، فتفسير أفكارنا وعواطفنا هو خيارنا الحقيقي الوحيد في الحياة؛ لذا يجب أن نعدَّها دروساً نتعلم منها، ثمَّ نتركها خلفنا.

لكن يجب أن نعرف حق المعرفة أنَّ العفوية لا تعني أن نتخلَّى عن كل المسؤولية، أو نفعل ما نريده بلا توقف، وإذا كنَّا نفهم أنفسنا، فإنَّنا نعلم أنَّ هذا ليس الطريق الصحيح؛ إذ تأتي العفوية الحقيقية من إنجاز رحلتنا الروحية الشخصية.

يمكننا أن نُشبِّه العفوية بالزهرة التي تنمو دون أن تفكِّر بالنمو، أو بالقلب الذي ينبض دون تدخُّلٍ من أحد، فلا يبحث قلبك عن كل الملذات الممكنة لأنَّه عفوي، ويبقى في حالة توازن وانسجام تام مع باقي جسدك، فهذا النمط هو الطريق إلى العفوية.

إقرأ أيضاً: الشخصية العفوية ما بين الإيجابيات والسلبيات

في الختام:

لدينا خياران في حياتنا: الاستمرار في ارتداء القناع لترك انطباع مزيَّف لدى الآخرين، وإخفاء شخصيتنا الحقيقية، أو مواجهة الخوف من الضعف وعيش حياة حقيقية وعفوية، وهذا ليس بالأمر السهل، فأي مهارة حياتية قيِّمة أو نمو شخصي يتطلَّب منَّا العناء وبذل الجهد في سبيله.




مقالات مرتبطة