كيف تظهر تقديرك للموظفين العاملين عن بعد؟

أتذكُر كيف كان شعورك عندما نظر إليك أحدهم في عينيك، وصافحك بحرارة وشكرك بكل صدق؟ في مجال العمل الرقمي الذي نشهده اليوم، يمكننا أن نفعل الشيء نفسه، وهو ما أحبُّ أن أسميه "التقدير الجلي"؛ وذلك من خلال الانتباه والشعور بالآخرين والتواصل بوضوح باستخدام الأدوات الرقمية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "إيريكا داوان" (Erica Dhawan)، والتي تُحدِّثُنا فيه عن تجربتها في إظهار التقدير للموظفين.

وبالنظر إلى انتقالنا المستمر إلى التواصل الرقمي، وزيادة كمية العمل عن بعد، والفِرق الأصغر حجماً، وتسارع وتيرة التغيير، فمن الأهمية أن نُظهِر للناس الذين نعمل معهم أنَّنا نحترمهم ونقدرهم؛ لذا فإنَّ التقدير الجلي يعني أن تكون أكثر تقديراً لوقت الناس واحتياجاتهم، وأن تقرأ رسائلهم الرقمية بعناية واهتمام، وأن تحترمها، وكل ذلك دون أن تكون على عجلة من أمرك.

فيما يلي أربع طرائق سهلة لتُظهِر للآخرين أنَّك تُقدِّرهم وتقدر مساهماتهم وجداول عملهم:

1. قراءة رسائلهم بعناية:

بدلاً من الإصغاء بينما يطرح الآخرون أفكارهم، بتنا نقرأ هذه الأفكار الآن في كثير من الأحيان؛ وذلك من خلال البريد الإلكتروني أو أيَّة وسيلة رقمية أخرى، ووفقاً لبحث أجرته الدكتورة في قسم اللغويات نعومي بارون (Naomi Baron)، المشكلة هي أنَّنا نفهم عند القراءة عن الشاشة أقل مما نفهمه عند قراءة الورق؛ إذ نُخصِّصُ وقتاً أقل لقراءة مقطع على الشاشة، ونقوم بمهام متعددة أكثر ونميل إلى القراءة السريعة بدلاً من القراءة ببطء وبعناية.

السبب الرئيس الذي يجعلنا نقرأ عن الإنترنت بشكل سيئ للغاية هو أنَّنا نقرأ عادةً بسرعة البرق، وبدلاً من قضاء الوقت في قراءة الرسائل بعناية، فإنَّنا نقوم بذلك كأنَّنا في سباق نحو خط نهاية غير محدد، فحاجتنا إلى السرعة تشبه مقاطعة بعضنا بعضاً، ولكن هل نحن مشغولون حقاً كما نعتقد؟

وفقاً للدكتورة "بارون" (Baron)، نحن لسنا مشغولين فعلاً، فالكثير من سرعتنا مصطنعة؛ مما يكلفنا في النهاية الدقة والوضوح والاحترام، ولكن حتى لو كنتَ مشغولاً للغاية؛ حيث يتعذر عليك الرد على الأشخاص على الفور، توجد أساليب يمكنك اتِّباعها لإثبات أنَّك لا تتجاهلهم؛ فمثلاً يمكنك إرسال ملاحظة سريعة إليهم.

على سبيل المثال: يمكنك أن ترسل لهم رسالة تخبرهم فيها أنَّك فهمت ما يريدونه؛ لإعلامهم أنَّك تلقيتَ رسائلهم النصية أو رسائل البريد الإلكتروني وأنَّك تعمل عليها، ويمكنك أيضاً أن تقدر الوقت الذي ستكون فيه قادراً على الرد بشكل مطول، وفي النهاية، الهدف هو إظهار أنَّك قد قرأتَ بالفعل رسائل الآخرين من خلال معالجة النقاط ذات الصلة والإجابة عن أسئلتهم.

2. كتابة رسائلك إليهم بوضوح:

الكتابة الجيدة هي علامة هامة على الاحترام، وإذا كنتَ المدير، فاحرص على تدوين أيِّ أفكار غير مكتملة، وعندما تفعل ذلك، تأكد من فصلها عن أوامر العمل الحقيقية، وإذا لم تكن المدير، فلا تخف من طرح أسئلة توضيحية مقدماً، فالسؤال التوضيحي أقل إحراجاً واستهلاكاً للوقت من منتج ضعيف في المستقبل.

في كثير من الأحيان، تُفسَّر رسائل البريد الإلكتروني تفسيراً خاطئاً؛ وذلك نتيجة لنسيان كلمة أو علامة ترقيم، لكنَّ الحل بسيط، وهو تدقيق رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بك، وإرسال رسائل واضحة لا لبس فيها تساعد الناس على أخذ ما تكتبه على محمل الجد.

إذا تلقيتَ رسالة نصية أو بريداً إلكترونياً غامضاً أو محيراً، فلا تخف من طلب محادثة هاتفية أو مكالمة فيديو أو لقاء شخصي إذا أمكن ذلك، وإذا كان الأمر حساساً، فإنَّ طلب مكالمة سريعة يُظهِر أنَّك تفكر ملياً في العمل.

مع وجود العديد من المنصات المتاحة لنا، يمكننا أيضاً أن ننشغل بطرح الكثير من الأسئلة في البريد الإلكتروني أو الدردشة الجماعية، ويمكن أن تحمينا المكالمات الهاتفية أو مكالمات الفيديو أو الاجتماعات المباشرة من ملء صناديق البريد الوارد لدينا بالأسئلة الصغيرة الكثيرة وتتطلب منا صياغة الأسئلة الصحيحة.

في بداية أي مشروع، من المفيد طرح أسئلة مفتوحة أكثر من طرح الأسئلة الدقيقة؛ حيث قال لي أحد القادة ذات مرة: "يساعدني ذلك على معرفة ما إذا كان الشخص الآخر قد فهم ما قلتُه"، وتؤدي الأسئلة التي تطلب توضيحاً حول العمل والخطوات التالية وكيفية النجاح في إتمام العمل إلى الاستغناء عن عدد كبير من سلاسل البريد الإلكتروني المحمومة؛ مما يضمن أن يكون كل فرد في الفريق يدرك أهداف المشروع ودوره الفردي فيه.

شاهد بالفديو: كيف تعزّز وجودك في عملك الجديد؟

3. التعرُّف إلى كل من يحضر الاجتماع، وليس فقط إلى الأشخاص الموجودين أمامك مباشرة:

عندما أستضيف اجتماعات رقمية، عادةً ما أطلب من الحاضرين عن بُعد قيادة أجزاء من جدول الأعمال؛ لذا يشعرون بالتقدير، ويمكن للجميع التعرُّف إلى بعضهم بعضاً وإلى العروض التقديمية التي يقدمها زملاؤهم، وعادةً ما أقومُ بجدولة مناقشة بناءً على المواد التي أرسلها قبل الاجتماع بيوم أو يومين.

عند عقد اجتماع أو ورشة عمل؛ حيث يكون بعض الأعضاء معي على أرض الواقع والآخرون متصلين بالإنترنت، أذكِّر الأشخاص في الغرفة بأنَّهم ليسوا وحدهم المشاركين، وخلال ورشات العمل التي تُبَثُّ عبر الويب؛ حيث يوجد بعض الحاضرين معي في الغرفة ويشاهد الآخرون عبر الإنترنت، أبدأ فقرة الأسئلة عن طريق مطالبة المشاركين عبر الإنترنت بمشاركة أسئلتهم أولاً؛ مما يذكِّر الأشخاص الموجودين في الغرفة بأنَّهم ليسوا الوحيدين المشاركين في ورشة العمل.

إقرأ أيضاً: تقدير الموظف: أفضل الطرق لإظهار التقدير للموظفين

4. إفساح المجال للانطوائيين:

شاركَت إحدى عملائي - وهي مديرة تنفيذية في مجال التكنولوجيا - ذات مرة معي التحديات التي تواجهها في تلبية احتياجات الموظفين الانطوائيين والموظفين المنفتحين في المكالمات الجماعية، وقالت لي: "كان من الصعب بما يكفي إدارة الاختلافات بين الانطوائيين والمنفتحين في أثناء قضاء وقت منتظم مع فريقي، والآن أجدُ أنَّ الانطوائيين لا يتدخلون في المكالمات الهاتفية، ولا يتبادلون رسائل البريد الإلكتروني السريع؛ وذلك لأنَّ الأشخاص الأعلى صوتاً والأكثر انفتاحاً لا يزالون يحتكرون المحادثات".

ووجدَت أيضاً أنَّ احتمال مشاركة فريقها بأكمله للأخبار الصعبة معها كان أقل في المكالمات الجماعية؛ وذلك لأنَّهم كانوا يخشون أن يبدو الأمر غير محترم، كما لو كانوا يلقون اللوم على الآخرين.

لمعالجة هذا الأمر؛ أنشأَت "ليزا" عملية تجريها بعد كل مكالمة جماعية شهرية؛ إذ تطلب من كل عضو في الفريق إرسال بريد إلكتروني إليها مباشرةً قبل نهاية الأسبوع التالي للمكالمة والإجابة عن سؤالين: "ما هي الأخبار السيئة التي لا أريد أن أسمعها؟" و"ما الذي قد فاتنا في مناقشتنا الأخيرة؟".

فعلَت هذا لأسباب عدَّة؛ أولاً، يخلق السؤال عن الأخبار السيئة مساحة منتظمة للتحدث عن التحديات في العمل، وثانياً، يمنح المزيد من الوقت للانطوائيين في فريق "ليزا" لمعالجة الأفكار، ومن المرجَّح أن يتحدثوا في رسالة بريد إلكتروني بعدها، فمن خلال منحهم الوقت للتفكير في الأسئلة، تحصل "ليزا" على رؤى ممتازة لم تكن لتكتسبها في الاجتماع في ثقافة لا تُقدِّر التفكير الجماعي، وفي النهاية يشعر الجميع باحترام أكبر.

في النهاية، الهدف من التقدير الواضح بسيط؛ إذ إنَّ الأمر كله يتعلق بجعل الناس يشعرون بأنَّهم مُقدَّرون ومحترمون، ويُحدِثُ هذا النوع من التقدير فارقاً كبيراً في أماكن العمل التي تزداد فيها المنافسة وتُسهِّل فيها السرعة والتكنولوجيا من فقدان التواصل البشري.

المصدر




مقالات مرتبطة