كيف تطور مهاراتك في التواصل لتحقيق النجاح في العمل؟

تساعدك مهارات التواصل الفعال في كل مجال من حياتك، وخصوصاً في مكان العمل؛ فقد عملت شخصياً مع العديد من القادة الذين كانوا يتقنون فنَّ التواصل، حيث كان بعضهم متحدِّثين بارعين استطاعوا سرد قصص رائعة للغاية في خطاباتهم، وإثارة اهتمام كل من حولهم، وكان الحاضرون يغادرون وهم مفعمون بالإلهام والتوق إلى المشاركة بما سيأتي لاحقاً؛ أمَّا بعضهم الآخر، فقد كانوا بارعين جداً في مشاركة التوجيهات الواضحة، والتطلعات المرجوة في العمل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون مات أبوداكا (Mat Apodaca)، والذي يحدِّثنا فيه عن تجربته في مهارات التواصل في العمل. 

كنت أعرف بالضبط ما هو متوقع مني، وكيف أحقق أهدافي عند العمل مع هؤلاء القادة؛ حيث كان هذا أساس الدور الفعال والحيوي الذي كنت أمثله.

لقد اكتشفت أنَّ مهارات التواصل المتقنة مفيدة وهامة للغاية فيما يتعلق بأدائنا في العمل؛ وإليك فيما يأتي ما اكتشفته عن كيفية تطوير مهارات التواصل للنجاح في مكان العمل:

5 طرق لتطوير مهارات التواصل:

هناك العديد من النصائح والحيل والتقنيات الكفيلة بتطوير مهارات التواصل لديك، لكنَّنا سنركز على تلك التي تعود عليك بالنفع في استثمار وقتك؛ إذ من السهل فهم معظم هذه النصائح، ولكنَّها تتطلب وقتاً وجهداً لتنفيذها.

إليك هذه النصائح الخمسة:

1. الإصغاء:

هل سبق وسمعت بمقولة أنَّك "تمتلك أذنين وفماً واحداً لسبب وجيه"؟ في حال لم تسمع بها، فسأخبرك السبب: "يمثل الإصغاء نصف المعادلة كي تكون محاوراً محنَّكاً".

يتمكَّن الأشخاص القادرون على الإصغاء بعناية من إعطاء إجابات واضحة للأسئلة التي تُطرَح عليهم؛ فإن لم تبذل جهداً للإصغاء بفاعلية، ستسيء لنفسك وللشخص الآخر، وتقلل من قيمة التواصل فيما بينكما.

هل سبق وقابلت شخصاً ينتظر لحظة توقفك عن الحديث بفارغ الصبر لكي يبدأ بالتكلم؟ لا تتصرف مثله، ذلك لأنَّه لم يسمع نصف ما قلته؛ لذلك لن يكون لرده صلة كبيرة بما قلت.

حوِّل انتباهك كلياً إلى الشخص الآخر، واحرص على أن يتخلل حديثك فترات قصيرة من الصمت، وطوِّر مهارات الإصغاء لديك قبل أي شيء آخر.

إقرأ أيضاً: كيف تمارس الإصغاء الفعَّال؟ (دليلك خطوة بخطوة)

2. التعرُّف على الجمهور:

يمثل التعرف على جمهورك عنصراً هاماً آخر كي تتمتع بمهارات تواصل متقنة، إذ يجب أن تكون الطريقة التي تتفاعل بها مع مديرك مختلفة عن تلك التي تتفاعل بها مع أطفالك؛ ولا يعني هذا أنَّك بحاجة إلى أن تكون شخصاً مختلفاً مع كل شخص تتعامل معه، بل على العكس تماماً.

إليك طريقة جيدة للتفكير في هذا الأمر: تخيل أنَّك تختار الكلمات ولغة الجسد ذاتها التي تستخدمها مع زوجتك في أثناء تعاملك مع رئيسك في العمل.

يوضح هذا المثال الصورة بشكل أكبر؛ لذا احرص على استخدام نوع التواصل المناسب مع الأشخاص الذين تخاطبهم.

3. الإيجاز:

إنَّني أتناول الغداء مع شريك لي في العمل لثلاث مرات في السنة؛ ونتحدث منذ عدة سنوات بشأن إجراء صفقة تجارية معاً.

إنَّه أحد هؤلاء الأشخاص الذين يرهقون الآخرين بكلماتهم؛ فعندما أطرح عليه سؤالاً، أغرق تحت وطأة كم هائل من الكلمات، لدرجة أنَّني أشعر بالارتباك أكثر ممَّا كنت عليه عندما طرحت السؤال؛ ويشكل هذا على الأرجح جزءاً كبيراً من سبب عدم اتفاقنا على إجراء الصفقة حتى الآن.

لا تتصرف مثل زميلي هذا؛ ذلك لأنَّ الهدف من التحدث إلى شخص ما أو التواصل معه هو مشاركة معلومات فعلية معه، وتوفير الوضوح في كثير من الحالات.

قل ما تود قوله باقتضاب قدر الإمكان؛ ولكن لا يعني هذا عدم إجراء محادثة لطيفة حول الطقس أو مواضيع عامة أخرى؛ إذ لا ينطوي التواصل على شن هجوم من الكلمات والمعلومات التي تترك الشخص الآخر في حيرة من أمره أكثر ممَّا كان عليه في البداية.

4. الإكثار من التواصل:

لعلَّك ستجد هذه النصيحة مناقضة تماماً لما كتبته للتو عن الإيجاز في التواصل، ولكنَّها ليست كذلك؛ فما أعنيه بالإكثار من التواصل هو التأكد من أنَّ الشخص الآخر يفهم النقاط الهامة ممَّا تقول.

يمكنك أن تفعل ذلك بطريقة بسيطة وفعالة للغاية، وإليك مثالاً جيداً عن ذلك:

تفتح معظم الشركات باب التسجيل للخدمات الاجتماعية للموظفين في فصل الخريف، حيث يبدأ هذا في الشركة التي أعمل لصالحها من الأول إلى الخامس عشر من شهر تشرين الثاني، حيث يتواصل قسم الخدمات الاجتماعية مع جميع الموظفين في الأول من تشرين الأول لإعلامهم بأنَّهم سيفتحون التسجيل قريباً جداً، أو يعلمونهم بالتغيرات الكبيرة خلال العام؛ كما أنَّهم يعطون رقم الهاتف وعنوان البريد الإلكتروني للناس ليتواصلوا معهم في حال كان لديهم أي سؤال.

بعد أسبوعين، نتلقَّى رسالة تأكيدية على البريد الإلكتروني تحتوي على المعلومات نفسها؛ كما أنَّهم يتواصلون معنا للمرة الثالثة قبل أن يُفتَح التسجيل بأسبوع، وآخر مرة قبل أن يبدأ الحدث بيوم واحد؛ ونتلقَّى في النهاية رسالتين على البريد الإلكتروني خلال التسجيل تذكِّرنا بوقت انتهاء هذا الحدث.

يقدِّم هذا الأمر معلومات قليلة للغاية، ولكنَّه يهدف إلى التذكير؛ حيث أنَّه مثال فعال للإكثار من التواصل.

5. إتقان لغة الجسد:

إنَّ العنصر الهام الأخير لكيفية تطوير مهارات التواصل للنجاح في مكان العمل هو لغة الجسد، ولعلَّ معظمكم سمع بهذه النصيحة من قبل، ولكن لا ضير من التذكير بها.

عندما أكون في اجتماع مع شخص أشعر بالارتياح نحوه، فإنَّني أحني ظهري في أثناء جلوسي على الكرسي وأصالب ذراعي؛ وحين أنتبه إلى نفسي، أعدل وضعية جلوسي هذه وأفرِّق ذراعي؛ ذلك لأنَّ مصالبة الذراعين قد تعدُّ مؤشراً على الخلاف أو النزاع.

إقرأ أيضاً: 3 أسرار لا يعرفها الجميع عن لغة الجسد

بشكل عام، إنَّ أفضل قاعدة عامة يمكنني تقديمها لك هي أن تبقي لغة جسدك منفتحة في العمل، ويعني هذا أن ترتاح في وضعية جلوسك، وألَّا تصالب ذراعيك، وأن تنظر مباشرة إلى عيني من تتحدث معه.

عندما تتحدث مع أشخاص يجلسون أمامك، قف بشكل مستقيم، وتحدث بنبرة صوت واضحة؛ حيث يُظهِر هذا ثقتك بنفسك.

شاهد بالفديو: 12 طريقة مُجرَّبة لتحسين مهارات التواصل

كيف تساعدك مهارات التواصل على النجاح؟

تفتح مهارات التواصل المتقنة سبل النجاح أمامك؛ لذا دعنا نلقي نظرة على أبرز إيجابياتها:

1. تخلق تجربة إيجابية:

إليك مثالين يُظهِران كيف أنَّ مهارات التواصل المتقَنة تساعد على خلق تجربة إيجابية:

عندما انتقلت أول مرة إلى المدينة التي أعيش فيها الآن، بدأت البحث عن عمل؛ وقبل أن أحصل على أول فرصة في إجراء مقابلة توظيف، أخبروني بأن أذهب إلى عنوان ما؛ وعندما وصلت إلى العنوان، بدأت أقود هنا وهناك بحثاً عن المكان المحدد، وبعد 15 دقيقة من الدوران والبحث، وجدت مكاناً أركن فيه سيارتي، وبدأت المشي. لقد اكتشفت بعدها أنَّ العنوان كان داخل زقاق؛ كما كان هناك رقم على الباب فقط، ولا وجود لأي علامة تشير إلى الشركة.

لقد سبَّب لي الشخص الذي أعطاني تلك الاتجاهات غير الواضحة تجربة سيئة؛ فلو أنَّه أخبرني بالتوجيهات الواضحة للوصول إلى هناك، لكانت تجربتي أفضل بكثير؛ ولكن بدلاً من ذلك، بدأت التجربة كلها بشكل سيئ، وأثرت سلباً في اللقاء كله.

إليك المثال المناقض: بصفتي مسؤولاً عن تعيين الموظفين، دائماً ما أقدِّم للمرشحين المحتملين معلومات عن العمل الذي أتحدث عنه، وصورة واضحة عن الشركة كلها، وعن الفريق الذي من المحتمل أن يعملوا معه، وعن مدى تناسب وتأثير دورهم في الشركة بأكملها.

لقد أخبرني هؤلاء المرشحون مراراً وتكراراً أنَّني قدَّمت لهم صورة واضحة للغاية عن الشركة والوظيفة أكثر من أي أحد آخر، إذ إنَّهم يخوضون تجربة إيجابية عندما أتواصل معهم؛ وحتى وإن لم يحصلوا على الوظيفة، فعادة ما يرغبون في البقاء على تواصل معي؛ نظراً إلى التواصل المنفتح والتجربة المفيدة التي خاضوها؛ إذ تقدِّم مهارات التواصل المتقَنة تجربة إيجابية مع أي شخص تتفاعل معه.

2. تصقل مهاراتك القيادية:

أن تكون قادراً على قيادة الآخرين مهارة متميزة، ويُعدُّ الإرشاد وتوجيه الآخرين نحو النجاح سمة مميزة يتمتع بها القادة العظماء، إضافة إلى قدرتهم على التواصل بوضوح.

وكما ذكرت سابقاً، يختصر وجود قائد قادر على توضيح مَهمَّة الشركة وتوجهاتها شوطاً طويلاً حقاً نحو أن يصبح بمثابة قائد السفينة الذي يريد الآخرون اتباعه؛ وكأنَّه يقول لهم: "هذه هي وجهتنا، وهكذا سنصل إلى هناك"، وبطريقة تجعل الجميع ينضمون إليه.

تعدُّ معرفة الدور الذي تؤدِّيه في العمل عنصراً هامَّاً آخر ليتمكن الجميع من المساعدة على الإبحار بالسفينة نحو الاتجاه الصحيح؛ فكيف بإمكانك المساعدة على الذهاب نحو الوجهة الصحيحة بطريقة تتوافق مع رؤية القائد؟

إذا كان لديك رئيس أو مدير يمكنه أن يوضح لك ما يتطلبه الأمر لتكون ناجحاً، ويريك كيف يساعد أداؤك في نجاح الشركة؛ فأنت محظوظ للغاية.

إقرأ أيضاً: أساليب تطوير الذات: 14 طريقة لتطوير مهاراتك الشخصية

3. تساعدك على بناء فريق أفضل:

يعمل معظمنا ضمن فرق عمل مختلفة الأنواع، وقد كنت خلال مسيرتي المهنية، قائداً لأكثر من ثمانين فريقاً؛ إضافة إلى كوني مساهماً فردياً وجزءاً من فريق أكبر؛ فحتى لو كنت تعمل لصالح نفسك، عليك أن تتفاعل مع الآخرين بطريقة أو بأخرى.

عندما تمتلك مهارات تواصل قوية، يساعدك ذلك على بناء فريق أفضل؛ حيث ينطبق هذا الكلام في حال كنت تعمل في قسم تكنولوجيا المعلومات مع مئة من المبرمجين الآخرين، أو إذا كنت تمتلك عملك الخاص وتتواصل مع عملاء أو بائعين.

عندما تعرض قدراتك على التواصل بشكل محنَّك مع الآخرين في أثناء التفاعل معهم، فإنَّك تبني فريقاً أفضل.

الخلاصة:

تساعدك مهارات التواصل المتقَنة في العديد من مجالات حياتك، وخاصة في مكان العمل؛ كما يساعدك التواصل الجيد على بناء فرق عمل مميزة، وخلق تجارب إيجابية مع من تتفاعل معهم، بالإضافة إلى أنَّه مفتاح لصقل مهارات القيادة لديك.

هناك العديد من الطرائق والتقنيات التي يمكنك استخدامها لتحسين مهارات التواصل؛ إذ تطرقنا في هذا المقال إلى كيفية تطوير مهارات التواصل للنجاح في مكان العمل؛ وأمَّا الآن، ليس عليك إلَّا أن تطبقها.

المصدر




مقالات مرتبطة