كيف تصل إلى الإبداع من خلال التفكير التصميمي الذي اتبعه ستيف جوبز

تعتمد الشركات البارزة -مثل آبل (Apple)، ونايك (Nike)، وتيسلا (Tesla)- على التفكير التصميمي عند ابتكار منتجات جديدة وحل إشكالات العمل؛ حيث حظيت هذه الشركات بحصة سوقية أعلى بنسبة 41٪، فضلاً عن ميزة تنافسية بنسبة 46٪، إضافةً إلى زيادة ولاء العملاء بنسبة 50٪؛ وقد تفوقوا على متوسط سوق الأسهم الأمريكية بنسبة 219٪.



فلنأخذ شركة آبل (Apple) كمثال، فهي لم تكن بهذا النجاح الكبير الذي هي عليه اليوم حتى أجرى ستيف جوبز (Steve Jobs) إصلاحاً شاملاً للشركة في عام 1997، حيث أوقف العديد من خطوط الإنتاج ووجَّه الشركة نحو تطوير المنتجات لضمان تجربة مستخدم مميزة؛ وإلى يومنا هذا، جعل تميُّز هذه المنتجات من حيث الشكل والمظهر وسهولة الاستخدام، شركة آبل (Apple) تتفوق على جميع منافسيها.

لقد أظهر لنا التفكير التصميمي أنَّ شركة آبل (Apple) تمتعت بروح عالية ونظرة مستقبلية، ولا يزال يتردد صدى رسالتها لدى العملاء؛ حيث لم ينقل جوبز (Jobs) للناس ما كان يبيعه فحسب، بل أظهر لهم أيضاً سبب حاجتهم إليه؛ أي يمكن من خلال التفكير التصميمي تحسين ما تقوم عليه أي مهنة، بدءاً من البحث والتطوير، إلى الاستراتيجية وإنشاء المحتوى، والارتقاء بها إلى أعلى المستويات.

التفكير التصميمي موجَّه إلى الجميع لحل مشكلاتهم بصورة خلاقة:

يقود قصر النظر في حل المشكلات الشركات إلى الركود والإحباط؛ حيث تكون الأمور أكثر تعقيداً ممَّا تبدو عليه عادة، ويسلب التركيز على المشكلات قدرة الشركات على تبنِّي ما هو ناجح واستخدامه بطرائق إبداعية.

يقول تيم براون (Tim Brown)، الرئيس التنفيذي لشركة إيديو (IDEO): "يمكن وصف التفكير التصميمي بأنَّه التزام يعتمد على حساسية المصمم وأساليبه لمطابقة احتياجات مختلف الأشخاص مع ما هو ممكن تقنياً، ومع الاستراتيجية التجارية القابلة للتطبيق، والتي يمكن تحويلها إلى قيمة للعملاء وفرصة في السوق".

يمكن أن يجد التفكير التصميمي حلولاً للمشكلات المعقدة من خلال الأنظمة المختلفة والإجراءات والبروتوكولات المتعددة وتجارب العملاء، حيث تتطلَّب منك هذه العقلية الإبداعية التركيز على الحلول بدلاً من التركيز على المشكلات؛ إذ يترقب مفكرو التصميم المستقبل المثالي دوماً بدلاً من أن يظلُّوا عالقين في حلول المشكلات.

يتضمن حل المشكلات بهذه الطريقة النظر في احتياجات الناس وإيجاد حلول مبتكرة؛ حيث يجبر التفكير التصميمي الأفراد على استخدام كل أداة يملكونها في سبيل حل القضايا المعقدة واستكشاف جميع الاحتمالات؛ وعند اكتشاف حل معين، يكون ذلك عرضة إلى التغيير وفقاً لاحتياجات الشركة وعملائها؛ فالتفكير التصميمي كقاعدة عامة ليس جامداً أبداً، بل هو التزام دائم وانعكاسي بالابتكار والإبداع.

المراحل الأساسية للتفكير التصميمي:

رغم أنَّ التفكير التصميمي عملية إبداعية إلى حد كبير، إلَّا أنَّه يشتمل على العديد من المراحل التي يمكن تحديدها، بما فيها:

  1. التعاطف.
  2. تعريف المشكلة وتحديدها.
  3. التفكير في الاحتمالات المتاحة.
  4. وضع النموذج المبدئي.
  5. اختبار الحلول وتقييم النتائج.

دعونا نلقي نظرة عن كثب على هذه الخطوات من خلال دراسة حالة في جناح الصحة الفموية الخاص بـواتسونسز (Watsons)، وهي سلسلة من الصيدليات:

1. التعاطف:

تنطوي هذه المرحلة على جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول مجال معين؛ حيث يمكنك معالجة البيانات الأولية، والتشاور مع الخبراء، والحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات لتتصور مستقبلاً أفضل وحلولاً أكثر فاعلية.

أدرك فريق واتسونز (Watsons) من خلال جمع البيانات أنَّ العديد من الزبائن زاروا قسم الصحة الفموية في صيدلياتهم، ولكنَّهم كانوا نادراً ما يشترون أيَّاً من المنتجات؛ لذا عملوا على تنمية علاقة تعاونية مع شركتين حتى يتسنى لهم معرفة سبب عدم قيام الأشخاص بعملية الشراء.

شاهد بالفيديو: كيف تستخدم التعاطف بفاعلية في العمل؟

2. تعريف المشكلة وتحديدها:

حدِّد ما يحتاجه العملاء بعد أن تحصل على المعلومات الأساسية، ثم أجرِ استبيانات رسمية وغير رسمية لجمع آراء العملاء وتغذياتهم الراجعة، وراقب كيف يتفاعل الأشخاص مع المنتجات، وأصغِ إلى وصفهم لها؛ إذ تسمح هذه الملاحظات للشركات بمعرفة ما يحتاجه الزبائن حقاً، وما يعيقهم من الحصول على ما يريدون.

أجرى فريق واتسونز (Watsons) مقابلات مع الزبائن، وأصغوا إلى قصصهم وتجاربهم في التسوق لتلك المنتجات؛ وفي المقابل، قدم الزبائن أسبابهم التي أعاقت شراءَهم منتجات الصحة الفموية التي يريدون، كما ذكروا بعض الجمل مثل: "يبدو الرف مختلفاً في كل مرة أتسوق فيها هنا"، أو "لا يمكنني العثور على المنتج الذي أبحث عنه".

إقرأ أيضاً: تعليم الموظفين أساس حل المشكلات

3. التفكير في الاحتمالات المتاحة:

بعد أن تفهم مشكلات عملائك وملاحظاتهم، وفِّق بين ما يتوقعونه وبين ما تنتجه، وابحث عن أنماط محددة في التغذيات الراجعة التي تلقيتها منهم، ثم أجرِ عصفاً ذهنياً بناء على المعلومات التي حصلت عليها؛ إذ يسمح التركيز على الحلول بالتوصل إلى حلول بديلة لم تكن موجودة من قبل.

راجعَ الفريق في الصيدلية جميع البيانات الواردة من العملاء، ووجدوا أنَّ معظمهم يعانون المشكلة ذاتها؛ حيث زعم كثيرون منهم أنَّهم لم يتمكَّنوا من العثور على أفضل منتج يتناسب مع احتياجاتهم؛ ورداً على ذلك، قرر المتعاونون أنَّهم بحاجة إلى ابتكار نظام يسهِّل على الأشخاص تتبع المنتج الأفضل بالنسبة إليهم.

4. وضع النموذج المبدئي:

يتطلب التفكير التصميمي حلولاً جديدة؛ فقد تبدأ الأفكار كرسومات أو مخططات سريعة في ذهنك، ولكنَّها تصبح في نهاية المطاف نماذج متكاملة؛ لذا في هذه المرحلة، ضمِّن التغذية الراجعة المقدَّمة من العملاء لتعيد صياغة الحل وصقله ليصبح أفضل قدر الإمكان.

وجد فريق واتسونز (Watsons) والمتعاونون معهم أنَّ العملاء بحاجة إلى نظام إيجاد سريع (Quick Finder) لتسهيل عثورهم على المنتج المثالي الذي يريدونه؛ فبدؤوا بوضع نماذج عديدة، واستشاروا العملاء والعاملين معهم حتى توصلوا في النهاية إلى ابتكار آلة نموذجية تتيح للعملاء إدخال معلومات حول المنتج الذي يريدونه؛ وكلما ضيَّق النظام نطاق البحث عن المنتج الموافق للبيانات المدخلة، سلط الضوء بصورة أسرع على تلك المنتجات.

5. اختبار الحلول وتقييم النتائج:

لا يوجد حل شامل دون اختبار للتأكد من معالجة المشكلة بفاعلية؛ لذلك قيِّم النتائج التي توصلت إليها؛ إذ يجب أن تجري في هذه المرحلة بعض الاختبارات لتحصل على أكبر قدر ممكن من التغذيات الراجعة، واعلم هنا أنَّ مدخلات المستخدم النهائي عامل هام للغاية، ولكن ينبغي عليك النظر في البيانات أيضاً للتأكد من أنَّ النموذج المبدئي قد نجح بالفعل.

تشاور فريق واتسونز (Watsons) مع العملاء والعاملين في المتجر لمعرفة ملاحظاتهم حول هذه التقنية الجديدة، وذلك للتأكد من أنَّ النموذج الأولي لنظام الإيجاد السريع (Quick Finder) يلبي احتياجات العملاء؛ كما قارنوا مبيعات منتجات الصحة الفموية قبل وبعد تنفيذ التصميم الجديد من أجل تقييم فاعليته وتأثيره.

إقرأ أيضاً: تقييم الأداء

لا يقتصر التفكير التصميمي على المصممين فحسب:

يمكن لأي شخص يحتاج إلى حل لمشكلاته المختلفة الاستفادة من التفكير التصميمي، كما يمكِّن الشركات من حل المشكلات والتوصل إلى حلول إبداعية من خلال النظر إلى تلك المشكلات نظرة شمولية ومعالجة احتياجات المستخدم النهائي؛ فعندما تضع التفكير التصميمي موضع التنفيذ، تمتلك مساحة أكبر للابتكار وقدرة على تحسين تجربة العملاء مع شركتك.

المصدر




مقالات مرتبطة