كيف تستخدم نفوذك كقائد؟

كان السياسي الإنجليزي جون دالبيرج أكتون (Jone Dalberg-Actone) يتحدث بصورة عامة حين قال: "تميل السلطة إلى الفساد"، حيث يوجد العديد من أنواع السلطة؛ ومع أنَّ بعضها مُفسِد، إلَّا أنَّه يمكن لبعضها الآخر أن يُظهِر أفضل ما في الناس عندما يُستغَّل بفاعلية، ويمكن إسقاط هذا على أرض الواقع لرفع المعنويات وزيادة الإنتاجية.



يماثل الاستخدام الجيد للسلطة مقابل إساءة استخدامها ما يعنيه الحكم الديمقراطي مقابل الحكم الفردي المطلق؛ فعندما يستفيد القائد من مصداقيته وتأثيره لدعوة الآخرين للمشاركة في صنع القرار، يشعر الناس بالنتائج على أرض الواقع، تماماً كما يفعل الناخبون في الحكم الديمقراطي؛ ولكن عندما يحكم القائد كمستبد، يبقى العمل مستمراً في منظمة تُحكَم بقبضة حديدية، لكن غالباً ما يكون معدل ترك الموظفين وظائفهم مرتفعاً واحتمال استمرارهم منخفضاً.

يوجد العديد من أنواع السلطة المختلفة، لكن تمثل الأنواع الأربعة المذكورة هنا أشهر أربع طرائق قيادة يمارسها القادة، وسنقدم هنا ما تحتاج معرفته عن كلٍّ منها لاستخدام تأثيرها بطريقة فعالة.

السلطة القسرية:

تعني ممارسة السلطة القسرية الإيحاء بالسلوك المطلوب باستخدام العصا، أو ممارسة السلطة من خلال التلويح ببعض أشكال العقوبة عند عدم الامتثال؛ ويمكن أن تكون هذه السلطة فعالة جداً في بعض الحالات؛ فمثلاً: قد يرتدع المجرمون عموماً عن ارتكاب الجريمة بسبب فكرة القبض عليهم ومعاقبتهم، ولهذا تُعدُّ هذه السلطة عنصراً هاماً في نظام العدالة الجنائية.

إلَّا أنَّه لا يمكن ترجمة هذه الفكرة في جميع الحالات، حيث توجد أيضاً فكرة أنَّ أولئك الذين يستفيدون من السلطة القسرية لتنفيذ مخططاتهم لا يكون هدفهم القيادة بقدر ما يكون هدفهم تخويف السكان، إذ يمكنك من خلال استخدام التخويف إكمال مشروع ما، ممَّا قد يجعلك تعبر خط النهاية؛ لكن لا تتوقع أن يحتفي الجميع بذلك.

إذا وجدت نفسك تقول أشياء مثل: "إذا كنت لا تريد هذه الوظيفة، فسأجد شخصاً آخر للقيام بهذا"، أو أن تستخدم التخويف والترهيب للحصول على التقارير في الوقت المحدد؛ فذكِّر نفسك أنَّه يوجد بالتأكيد طريقة أفضل للقيام بهذا، وتذكَّر أنَّ الموظف الذي توبخه اليوم قد يكون الزميل الذي يقدم الدعم الذي تحتاجه جداً غداً، وضَع توقعات وارسم حدوداً بطريقة تؤتي بالفائدة الأعظم.

إقرأ أيضاً: أفضل 8 نصائح في مجال القيادة

السلطة الشرعية:

عادة ما تأتي صلاحية إعطاء الأوامر وتوقع أن يمتثل الآخرون لها مع السلطة التي تُستنبَط من منصب رسمي داخل التسلسل الهرمي لمنظمة، إلَّا أنَّه يمكن منح هذه السلطة من قِبل شخص يتمتع بسلطة أكبر، الأمر الذي قد يكون مخادعاً بعض الشيء؛ وإذا كنت تجمع بين السلطة الشرعية والسلطة القسرية، فقد يُطلَب إليك تقديم خطاب استقالتك عاجلاً أم آجلاً، فاحذر هذا.

يبذل المرؤوسون مزيداً من الجهود دائماً حينما يُعامَلون باحترام؛ لذا استخدم سلطتك الشرعية برفق، فأحد الأسباب التي جعلت رؤوساء تنفيذيين مثل لينسي سنيادر (Lynsi Snyder) -مالك سلسلة مطاعم إين-إن-آوت برجر (In-N-Out Burger)- و غاري كيلي (Gary Kelly) -رئيس خطوط ساوث ويست الجوية (South West Airlinea) ومديرها التنفيذي- محبوبين للغاية من قبل موظيفهم هو أنَّهم يرفعون من شأن هؤلاء ويقدرونهم، في الوقت الذي يطلبون منهم المساهمة بأفضل جهودهم من أجل الشركة؛ ورغم أنَّ الألقاب ترمز غالباً إلى السلطة، إلَّا أنَّ حامليها لا يتساوون دائماً في التأثير؛ فانتبه إلى الفارق فيما بينهما.

شاهد بالفديو: علامات تشير إلى أنّ الشخص يتمتع فعلاً بمهارات القائد

السلطة النابعة من الخبرة:

القادة الذين يتمتعون بالسلطة النابعة من الخبرة هم أولئك الذين يتمتعون بالمعرفة والمهارات التي حصلوا عليها بشِق الأنفس، وقد أثبتوا عمليَّاً قدرتهم على التفكير السليم؛ ونتيجة لذلك، يتمتعون بقدر كبير من الاحترام.

عادة ما يكون الأفراد الذين يتمتعون بالسلطة النابعة من الخبرة هم قادة فكر في منظمات، وهذا امتداد لسلطتهم النابعة من الخبرة؛ ونادراً ما يمتنع أقرانهم عن اتباع سلطتهم أو الإذعان لرؤيتهم لأنَّهم عادة ما يملكون معرفة تفوق معرفة أي شخص آخر في المجال؛ إلَّا أنَّ أكثر الخبراء تقديراً يمكن أن يخاطروا بفقدان مصداقيتهم بسبب افتقارهم إلى المهارات الشخصية أو بسبب وقوعهم ضحية للأنانية، ويمكن لكلا السببين أن يُفسِدا بالتساوي القيمة المتوقعة لمساهماتهم وسلطتهم.

أحد الأسباب التي جعلت الدكتور هوارد غاردنر (Haward Gardner) -مؤلف كتاب الذكاءات المتعددة (Multipile Intelligences)- يلاقي مثل هذا القبول لدى الجماهير هو أنَّ الناس تعرف أنَّه خبير في مجاله؛ ولكن ليس هذا فحسب، فهو يفهم أيضاً كيف أنَّ مبادئ التواصل البشري والألفة تعزز من قيمة مساهماته الكلية، ويستخدم هذه المعرفة لصالحه؛ وقد ساعدته هذه السمات معاً على الاستفادة من النوع التالي من السلطة في هذه القائمة.

إقرأ أيضاً: المصادر الخمسة التي تنبع منها سلطة القادة في العمل

السلطة النابعة من الاحترام:

ينبغي أن يطمح كل قائد إلى امتلاك السلطة النابعة من الاحترام التي تعتمد على العلاقات الشخصية والمهارات الشخصية الأخرى لتوحيد الناس في إطار مَهمَّة مشتركة، إذ لا بد للمدرب المحبوب أن يمتلك السلطة النابعة من الاحترام ليتمكن من استخدام الكلمات الصادقة لحشد فريقه من أجل تحقيق النصر، ويذكِّرهم بالحفاظ على العزيمة والثبات؛ وكذلك يفعل الرئيس التنفيذي الذي يجلب معه مجموعة من المؤيدين المخلصين عندما ينتقل إلى مؤسسة جديدة.

تمتع قادة -مثل النائب جون لويس (John Lewis)- في حياتهم بسلطة نابعة من الاحترام الذي يحظون به؛ ولهذا السبب، حظي هو وآخرون غيره بهذا الكم الهائل من الحب عند وفاتهم.

لقد كان لويس يتمتع بمهارات تواصل مميزة، وكان يحظى بولاء شديد؛ ولهذا، ليس من المستغرب أنَّ أولئك الذين وجدوه مثالاً وقدوة تُحتذَى كانوا سعيدين "لوقوعهم في المشكلات الجيدة التي تُعَدُّ مشكلات ضرورية"، ممَّا جعلهم يسهمون مساهمات هامة في تراث القيادة الأمريكية.

يمكن استخدام السلطة كأداة أو كسلاح، والأمر يعتمد على الشخص الذي يمتلكها؛ لهذا ينبغي على القائد التأكد من استخدامها لتطوير الناس بدلاً من استخدامها لتدميرهم؛ ورغم أنَّ هذا يبدو غير معقول لبعضنا، إلَّا أنَّه ما من شيء يقول أنَّ القيادة ذات الفاعلية تشبه القدرة على دعوة الآخرين للمشاركة في توجيه دفة القيادة، إلى جانب وجود شعور حقيقي بروح التضامن.

 

المصدر




مقالات مرتبطة