كيف تستخدم قوة القبول لتعزيز الرضى عن الحياة؟

تخيَّل كيف كنت ستشعر في المواقف الآتية: تريد الذهاب إلى الشاطئ في يوم إجازتك الوحيد، لكنَّ الجوَّ ماطر، أو تعرَّضت للإصابة في أثناء مباراة التنس ولا يمكنك اللعب في البطولة القادمة؛ حيث كنت المرشح الأفضل للفوز بها، أو قد يخبرك الشخص الذي تحبه أنَّه لا يبادلك المشاعر نفسها، ويجب عليكما الانفصال. سيكون الأمر سيئاً عندما تحدث هذه الأشياء معك، ولكن ماذا يمكنك أن تفعل؟ غالباً سينزعج أي شخص يقع في تلك المواقف، ولكن كم مرة نقلق بسبب هذه المواقف؟ وكم مرة نقلق تجاه أشياء يومية أصغر بكثير؟ فالاستمرار في القلق بسبب الأشياء الصغيرة التي تحصل معك سيقلل من سعادتك.



تخيَّل الآن وفي أي وقت، أنَّك تستطيع تقبُّل ما يحصل معك، فكيف ستشعر عندما تتخلى عن مخاوفك وإحباطاتك في أيَّة لحظة؟ وكيف سيغير ذلك نوعية حياتك؟ وهل سيحسن من صحتك؟

ماذا لو علمت أنَّه يمكنك قبول ما يحصل معك في أيَّة لحظة؟ في هذا المقال، ستتعلم بالضبط كيف يمكنك الاستفادة من قوة القبول، مع بعض النصائح العملية التي ستهدِّئك في أي وقت من الأوقات.

ماذا يعني القبول؟

عندما تتقبل ما هو موجود، فإنَّك تدرك وتعترف بحقيقة الوضع الحالي، وتصبح مرتاحاً للماضي ومدركاً للحظة، وعندما تشعر بالراحة، تصبح الحياة تجربة أكثر بهجة؛ فلا يعني هذا أنَّه يجب أن تتوافق مع ما حدث، فعندما تتعرض لحادث سيارة، يمكنك تقبُّل الواقع وما زلتَ تشعر بداخلك بالضيق حيال ذلك.

إنَّها مجرد طريقة تفكير: لستَ سعيداً بحدوث ذلك، لكن كيف يمكنك التقدُّم بأفضل طريقة ممكنة؟ فهذه واحدة من أعظم نقاط القوة التي يمكنك امتلاكها.

فكِّر في الأمر، لنفترض أنَّك تعرَّضتَ لحادث سيارة وليس من الواضح تماماً مَن كان المخطئ، فيخرج رجل من السيارة الأخرى ويبدأ بالصراخ عليك، فما مدى احتمالية أن تنزعج منه وتبدأ بإلقاء اللوم عليه؟ على الأرجح لن تغضب بالشدة نفسها في حال خرج من سيارته وبقي هادئاً.

ستشعر بميل أكبر بكثير للوصول إلى اتفاق إذا بقي هادئاً، خاصة إذا كان سيسألك أيضاً عما إذا كنت بخير؛ لذلك تعلَّم أنَّ التقبُّل هو قوة لا ضعف، فعندما يمكنك تقبُّل ما يحصل معك، فسوف تكون لديك سيطرة أكبر على حياتك، ويساعدك هذا على الشعور بالمزيد من الرضى السعادة والنجاح.

كيف تتقبَّل ما يحصل معك؟ قوة القبول ليست سراً كبيراً؛ فعلى مر العصور، عرف الناس قوة القبول، فالحياة صعبة، والألم والبؤس والمعاناة جزء لا يتجزأ منها.

على الرغم من أنَّ ذلك يبدو سلبياً، إلا أنَّه في الواقع يكون مفيداً للغاية عندما تفهم ما يعنيه، لكنَّ المشكلة بالنسبة إلى معظم الناس هي أنَّهم يقاومون المعاناة، فعندما يشعر بعضهم بالضيق، غالباً ما يعتقدون أنَّه لا ينبغي عليهم أن يشعروا بهذه الطريقة، وغالباً ما نريد فقط تجربة السعادة ومقاومة البؤس أو الانزعاج.

ومع ذلك، من خلال مقاومة تجربة المعاناة، فإنَّنا نبتعد عن السعادة، بدلاً من ذلك، فإنَّ تقبُّل ما يحصل معك أسرع طريقة للتخلص من المعاناة، يقول عالِم النفس "كارل يونغ" (Carl Jung): "ما تقاومه يستمر".

وبالطبع الكلام أسهل من الفعل، فكيف يمكنك أن تفعل ذلك؟ إليك الخطوات الآتية:

1. اختيار القبول:

الخطوة الأولى هي إدراك أنَّه لديك دائماً خيار، لكنَّ الخيار ليس ما إذا كنت ستواجه المعاناة أم لا، فما يحدث معك ليس تحت سيطرتك؛ وإنَّما أفكارك وموقفك وأفعالك هي تحت سيطرتك في أثناء معاناتك، فأنت مَن تقرِّر مقاومة المعاناة أو قبول الواقع كما هو.

إذا قررت قبول ما يحصل معك، فلن تشعر بالسعادة على الفور مرة أخرى، فهذه ليست الطريقة التي تعمل بها الحياة، لكن على الأقل لن تبقى معاناتك لفترة طويلة من الوقت، وعندما تتقبَّل الواقع تماماً، فإنَّك تتعافى بشكل أسرع.

إقرأ أيضاً: 5 طرق تساعدك على التخلص من التفكير السلبي لتكون أكثر نجاحاً

2. اختيار التقدم:

تتعلق الخطوة الثانية أيضاً بالاختيار، ولكنَّها أسهل؛ إذ لديك خيار التساؤل عن سبب حدوث الأشياء لك دائماً، أو يمكنك أن تتساءل عما يمكنك تعلُّمه من تجاربك؛ ويختار معظم الناس الخيار الأول، فمن السهل التذمر، ولكن لا يتطلب الأمر ذكاءً لرؤية أنَّ الخيار الثاني أكثر تحرراً.

الأسئلة التي تطرحها على نفسك إما تجعلك تعاني أو تحررك، فعندما تركز على إيجاد أسباب حدوث الأشياء لك، ستحصل على الإجابات، ولكن إذا كنت تتساءل عن الحلول الممكنة، فسوف تجد الإجابة أيضاً؛ لذلك كن فضولياً وابحث عن الدروس التي يمكنك تعلُّمها في أوقات المعاناة، عندئذٍ سيتحول تركيزك للبحث عن حلول بدلاً من الأسباب.

3. اختيار الإيجابية:

يبدو أنَّ كلمة الإيجابية لها معانٍ عدة هذه الأيام؛ حيث يظن الكثيرون أنَّه يجب أن يكونوا أكثر إيجابية، بينما الآخرون أكثر واقعية، لكن يجب على المرء ألا يفصل بينهما؛ حيث يمكنك أن تسعى جاهداً من أجل الإيجابية، وأن تكون واقعياً في الوقت نفسه.

في أوقات المعاناة، يمكنك أن تدرك أنَّك تعاني ويمكنك قبول حقيقة أنَّ حياتك بائسة في تلك اللحظة؛ وذلك لأنَّ الحقيقة هي أنَّ الحياة أحياناً سيئة ومقاومتها لن تؤدي إلا إلى إطالة مدتها.

في الوقت نفسه، يمكنك البحث عن الإيجابية في هذا الموقف، وعن أي درس أو معنى تجده في أوقات الشدائد؟ وكيف يمكنك الاستفادة القصوى من هذا الموقف الصعب؛ فالإيجابية ليست أكثر من منظور، ومنظورك هو اختيارك.

شاهد بالفديو: كيف تتعلم العادات الإيجابية؟

الارتقاء بقوة القبول إلى مستوى أعلى:

إذا كنت ترغب في الارتقاء إلى مستوى إمكاناتك الكاملة، فإنَّ الخيارات الثلاثة المذكورة آنفاً تساعدك كثيراً؛ وذلك لأنَّها أسرع طريقة لإنهاء المعاناة واستعادة السيطرة على حياتك.

ولكن إذا كنت ترغب في الارتقاء بقوة القبول إلى المستوى التالي، فيجب أن تكتسب عادة التأمل؛ حيث تتمثَّل الفائدة الإضافية الكبيرة للتأمل في أنَّه يقلل من التوتر، ويزيد من تركيزك، ويمكن أن يمدك بإحساس الرضى؛ فأولئك الذين يتأملون كثيراً، يصفون التجربة بأنَّها نقطة تحوُّل وسعادة.

إليك كيفية تطبيق ذلك:

اضبط عداد الوقت لمدة 5 دقائق، ثم اجلس أو استلقِ وركز على تنفسك طوال هذا الوقت.

ما لم تكن خبيراً في التحكم بأفكارك، فإنَّ عقلك سوف يتشتت، وستذهب أفكارك بعيداً في أثناء هذا التمرين، وفي البداية غالباً ما يستغرق الأمر بعض الوقت لملاحظة ذلك، وبمجرد أن تدرك أنَّ عقلك بدأ يتشتت، حاول ألا تتدخل، ولا تحكم على نفسك بسبب التفكير؛ فذلك يحدث، أعد تركيزك على أنفاسك وكرر العملية.

في الختام:

يساعدك تعلُّم قبول ما يحصل معك على تحويل المعاناة إلى تجربةٍ ذات هدف، وعندما تستفيد من قوة القبول، فإنَّك تقلل من الانزعاج.

ومع أنَّ مفهوم القبول يسيرٌ، فإنَّه ليس سهلاً؛ لذلك حاول التدرب على الاختيارات التي لديك في الأوقات الصعبة، لكن لا تضغط على نفسك أيضاً إذا كنت لا تستطيع قبول حقيقة الموقف، فلا يمكنك إتقان شيء بين ليلة وضحاها، ولكن بالممارسة المستمرة يمكنك إتقان فن القبول.

المصدر




مقالات مرتبطة