كيف تساعد أطفالك في مواجهة الإحباط أثناء أزمة فيروس كورونا؟

في عصر فيروس كورونا، أُغلِق كلُّ شيءٍ من المدارس والفرق الرياضية إلى المجموعات الموسيقية، وليس من المستغرب أن يسبِّب هذا الأمر خيبة أملٍ كبيرة، وخاصةً للأطفال الذين كانوا يتطلَّعون إلى الأحداث القادمة مثل: رؤية أصدقائهم في المدرسة، أو الأحداث الهامَّة مثل: التخرج أو حفلات نهاية العام الدراسي.



ومع الكثير من التغيير في الوضع من يومٍ إلى آخر، يصعُب على الطفل رؤية بصيص أملٍ يُنقذه من الوضع الراهن.

لذا، كيف يُمكننا كآباءٍ وأمهاتٍ مساعدة أطفالنا في تجاوز الخيبات التي يمرُّون بها؛ وذلك كي نخرج جميعاً من هذه الأزمة بصحةٍ أفضل، وقدرةٍ أكبر من ذي قبل على الصمود؟

كيف ننقل الأخبار إلى الأطفال؟

من المعروف أنَّ مساعدة أطفالك خلال الأوقات العصيبة يمكن أن يكون تحدياً. عند مناقشة المعلومات حول عمليات الإغلاق وحظر التجول مع أطفالك، فمن الأفضل استخدام الكلمات التي يمكنهم فهمها، ونقل الأخبار بهدوء، وإخبارهم الحقيقة فقط؛ لذا احرص على عدم إطلاق التكهنات حول ما قد يُلغَى؛ لأنَّ ذلك يمكن أن يزيد من ارتباك أطفالك وخوفهم.

إذا كنت لا تعرف الإجابات عن بعض أسئلتهم، فكن صريحاً بشأن ذلك، ودعهم يعرفون أنَّك ستبقيهم على اطلاعٍ كلَّما توفَّر مزيدٌ من المعلومات، حتَّى يعرفوا أنَّه يمكن أن يثقوا بك وبكونك صادقاً معهم حول ما يحدث. أمَّا بالنسبة إلى الأطفال الأصغر سناً، أو الأطفال الذين يعانون من مشاكلَ في النمو؛ فسيكون من المفيد استخدام تقويمٍ تُشير فيه إلى ما حدث، أو ما تعرف أنَّه سيحدث لاحقاً، لتساعد طفلك في تمييز الأحداث.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لتعليم أطفالك دروساً حياتية قيّمة خلال الحجر المنزلي

ماذا نفعل حيال المشاعر غير المريحة التي تراود أطفالنا؟

تنتاب الأطفال جميع أنواع المشاعر جرَّاء الوضع الحالي الذي يفرضه الوباء عليهم، والكيفية التي انقلبت فيها حياتهم رأساً على عقبٍ نتيجةً لذلك. والطريقة الأكثر فعاليةً للاستجابة عندما يُظهِر طفلك هذه المشاعر: الاستماع والقبول والتعاطف، فمن الضروري أن يعترف الأطفال بمشاعرهم؛ لذلك أخبِر أطفالك دائماً أنَّه لا بأس من مشاركة مشاعرهم معك. فإذا كانوا يشعرون بالغضب أو الحزن أو الأذى أو خيبة الأمل، فهذه المشاعر كلُّها جيدة، ونحن بحاجةٍ إلى الاعتراف بها وقبولها. يمكنك أيضاً مشاركة مشاعرك حول الموقف، ليشعر أطفالك أنَّ هذه المشاعر طبيعية، وأنَّهم ليسوا وحدهم من يشعرون بها.

للتعامل مع أطفالك بطريقةٍ صحيحة، إليكَ بعض النصائح:

1. ابحث عن الإشارات السلوكية التي تُعبِّر عن الإحباط:

تذكَّر أنَّ الأطفال من جميع الأعمار -لا سيما الصغار- لا يعبِّرون عن مشاعرهم دائماً بالكلمات؛ لهذا يجب أن ينتبه الأهل إلى سلوك طفلهم، إذ غالباً ما يعبِّر الأطفال عن مشاعر عدم الراحة أو الانزعاج من خلال تصرُّفاتهم.

قد يكون طفلك أكثر غضباً أو مقاومةً أو فظاظةً من المعتاد، ويمكن أن يكون هذا جزءٌ من الطريقة التي يعبِّر بها عن مشاعره حيال جميع التغيرات التي تحدث حوله.

2. صمِّم مهارات التواصل الخاصة بك:

يمكنك دعم أطفالك في تطوير مهارات التواصل الصحي، وذلك عن طريق تحضير الكلمات المناسبة لاستخدامها وبدء حوارٍ معهم. يُمكن لقول شيءٍ مثل: "لقد لاحظتُ أنَّك تبدو أكثر غضباً اليوم عندما تتحدَّث معي وفي أثناء اللعب مع أخيك، وأتساءل عمَّا إذا كنت تشعر بالحزن بشأن إلغاء حفلة عيد الميلاد في نهاية هذا الأسبوع"؛ أن يقطع شوطاً كبيراً لمساعدة الطفل، وذلك من خلال تعليمه طرائق صحيةً للتعبير عن المشاعر والحصول على الدعم.

3. أصغِ وأبدِ التعاطف:

عندما يُعبِّر الأطفال عن هذه المشاعر غير المريحة، غالباً ما تكون الغريزة الأولى للأهل هي محاولة إبهاجهم أو تشتيت انتباههم، لكي يشعر كلاهما بتحسن؛ وهذا ليس مفيداً، بل على العكس يُمكن أن يزيد الموقف سوءاً. إنَّ محاولة تشجيعهم، أو تجاهل مشاعرهم، أو التقليل من شأنهم، أو إخبارهم بـ "تجاوز الأمر" فحسب؛ لا يساعدهم على فهم الموقف أو فهم أنفسهم، كما أنَّه يقودهم إلى الاعتقاد بأنَّ مشاعرهم غير مقبولة، وأنَّهم بحاجةٍ إلى تجنُّب التعبير عنها من أجل الحفاظ على راحة والديهم. هذه الطريقة ليست صحية، وليست الرسالة التي نريد إيصالها.

شجِّع الأطفال على مواصلة مشاركة عواطفهم معك، حتِّى يتمكَّن الجميع من التعلُّم والنمو.

بطبيعة الحال، قد تحتاج إلى مناقشة كيفية التصرُّف بناءً على هذه المشاعر؛ لذا احرص على إفهام الجميع أنَّ الشعور بالغضب أو الانزعاج مقبول، ولكنَّ التصرُّف بطرائق غير لائقةٍ أو غير محترمةٍ أمرٌ غير مقبول. هذه فرصةٌ لتعليم وتطوير استراتيجيات التكيف الصحي مثل: التنفس العميق، أو الحركة، أو أنشطة الذهن لتهدئة الدماغ والجسم.

كيف نساعد الأطفال في المضي قُدُماً؟

بمجرد مصارحة طفلك بالحقائق والتعاطف معه، فقد حان الوقت للتحوُّل إلى وضع حلٍّ للمشكلات. يُعدُّ الخروج بأنشطةٍ أخرى يمكن القيام بها في المنزل طريقةً رائعةً لمنح أطفالك معنوياتٍ عاليةً مرةً أخرى.

إنَّ هذه فرصةٌ لممارسة التفكير الإبداعي وتنمية مهارات حلِّ المشكلات في الدماغ للأطفال الصغار، يمكنك عمل سلسلةٍ ورقيةٍ أو مخططٍ لتتبع عدد الأيام المتبقية حتَّى حدثٍ مؤجل؛ كما يمكنك تشجيع الأطفال الأكبر سناً على كتابة الأحداث على التقويم حتَّى يتمكَّنوا من التعامل معها في حال حدوثها مرةً أخرى، وكذلك بأن يكتبوا المعلومات التي يعرفونها، ما إن تصبح هذه المعلومات متاحةً لهم.

إذا أُلغِيَ شيءٌ كبيرٌ مثل إجازةٍ عائلية، فحاول القيام ببعض الأنشطة مع أطفالك للعثور على رحلةٍ بديلةٍ مناسبةٍ في وقتٍ لاحق من العام. بهذه الطريقة يكون لكلِّ شخصٍ شيءٌ يتطلَّع إلى حدوثه مرةً أخرى، وهو ما يساعدك لتقطع شوطاً طويلاً في تقليل الشعور المستمرّ بالحزن أو الخسارة.

في الواقع، إنَّ التخطيط للأنشطة الصغيرة في المنزل يمكن أن يعطي أطفالك شيئاً إضافياً لكسر رتابة الحياة داخل جدران المنزل الأربعة.

إقرأ أيضاً: 7 أنشطة لتحافظ على صحة ونشاط الأطفال في الحجر الصحي

إنَّ خيبة الأمل تشكِّل فرصةً لبناء القدرة على الصمود:

على الرغم من أنَّ الأمر قد يستغرق بعض الوقت والجهد الإضافيين، فإنَّ دعم أطفالك لمواجهة الخيبات الحتمية التي يعانون منها الآن، سيوفِّر لهم بعض المزايا الرئيسة في المستقبل. الأطفال الذين يختبرون ويتعلَّمون كيفية التعامل مع الإحباط والتوتر هم أكثر قدرةً على التعامل مع وقائع الحياة في أثناء نموهم.

يفضل العديد من الآباء حماية الأطفال من أكبر قدرٍ ممكنٍ من المحن؛ لأنَّ مشاهدة أطفالنا يعانون من محنةٍ ما يمكن أن يكون مؤلماً حقاً بالنسبة إلينا. وفي الواقع، فإنَّ التعامل مع خيبة أمل طفلنا غالباً ما يكون أصعب بالنسبة إلينا ممَّا هو عليه بالنسبة إليهم.

نحن بحاجةٍ إلى وضع مشاعرنا جانباً لمساعدة أطفالنا في تطوير الوعي العاطفي والمرونة في مواجهة الأشياء التي يصعب التعامل معها، وإنَّ القيام بذلك واحدٌ من أفضل الهدايا التي يمكننا تقديمها إلى أطفالنا، رغم أنَّهم قد لا يشعرون بذلك في هذا الوقت.

إنَّ السماح للأطفال بأن يشعروا بالمشاعر غير المريحة، والتعاطف معهم، ودعمهم للمضي قدماً من خلال تلك الخيبات؛ هو المفتاح لمساعدتهم في أن يكونوا أصحاء عاطفيَّاً وقادرين على المواجهة والصمود كبالغين.

الخُلاصة: كانت هناك -وستكون على الأرجح- خيبات أملٍ وإحباطاتٌ أكبر في المستقبل مع استمرار تطوُّر جائحة فيروس كورونا. ومع ذلك، باستغلال هذه الخيبات كأساسٍ للتطوُّر لأطفالنا وأنفسنا، يمكننا جميعاً أن نكون مستعدِّين بشكلٍ أفضل لما ينتظرنا في المستقبل. في النهاية، يمكن أن يكون هذا أحد أهمِّ نتائج الوضع الراهن بأكمله.

 

المصدر




مقالات مرتبطة