كيف تربط قيمك بشغفك في الحياة؟

نحن لا نُولد ولدينا أخلاقيات أو قيم أو عواطف نكتشف بها الحياة؛ إنَّما التكييف الاجتماعي والتنشئة والدعم والتعليم هي الأمور التي تساعد الناس على اكتشاف إمكاناتهم أو نقاط قوتهم وضعفهم في هذا الشأن.



مع ذلك، في الحياة غالباً ما نجد أنفسنا نقف على مفترق طرق ونحاول التفكير في اختيار الشغف أو الأخلاقيات والقيم؛ فكل ما هو جميل وكل نجاح يأتي على حساب تقديم بعض التنازلات والتعديلات في قدراتنا على التفكير.

يجب على كل رائد أعمال يحاول تكوين مكانة لنفسه في هذا العالم الكبير أن يتخلى عن قيمه في وقت ما من أجل تحقيق أكبر المكافآت والنجاح في العمل؛ وهذا لا يعني أنَّ كل عمل يعتمد على الخداع والاستراتيجيات الملتوية؛ إنَّما يحتاج إلى التوازن الذي يجر أحلامك إلى عالم الواقع؛ إذ إنَّ ربط القيم بشغفك في الحياة يحتاج إلى جهود والتعرض لإخفاقات بصورة مستمرة.

للأسف، يعمل العالم على هذا النحو، وهذا يجعل من الصعب على شخص ما الحفاظ على حياته الشخصية والمهنية، لكن هل يعني ذلك أنَّ التخلي عن القيم هو السبيل الوحيد لتحقيق السعادة في الحياة؟ وما الذي يتطلبه الأمر لبناء إمبراطورية يغذيها شغفك وتدفعها الأخلاق؟

القيمة الذاتية:

تقدير الذات لا يعني الغرور؛ بل تتعلق القيمة الذاتية بإدراك ما تستحقه حقاً، وما تحتاج إلى إبعاده أو عدم السماح به في حياتك؛ إذ تتمثل الخطوة الأولى لبناء جسر بين القيم والشغف في الحياة في القوة القصوى لمعرفة قيمتك، وعندما نفشل في بناء الحدود حولنا، فإنَّنا نسمح للمشاعر السلبية بالتحكم بالطريقة التي نعيش بها ونتواصل من خلالها مع الناس.

في أثناء اتِّباع شغفك في الحياة، ستقابل أشخاصاً يسخرون منك، أو يسخرون من أحلامك، أو حتى يرفضون أخذك على محمل الجد، ويعتمد وجود هؤلاء الأشخاص في حياتك ومدة وجودهم على مدى صلابة حدودك، وهذا ما ندعوه حرفيَّاً تقدير الذات، فقد تتأثر من الأحاديث السلبية أو حتى السخرية الموجهة إليك؛ لكنَّ الشعور الواضح بتقدير الذات سيضع دائماً درعاً من الثقة أمام كل ما لا يخدم هدفك الأسمى.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح لتعزيز الإحساس بقيمة الذات

الثقة بالنفس:

يجب أن يترافق تقدير الذات مع الثقة الكبيرة بالنفس، فكما يقال: "أفضل ما يمكنك إظهاره هو ثقتك بنفسك"، وهذا الأمر صحيح؛ لأنَّ وضعية التراخي وتعبيرات الوجه المذعورة لن توصلك إلى أيِّ مكان على أيِّ حال، ويمنحك التعليم أجنحة لتحلق عالياً؛ لكنَّ الثقة تحافظ على طريقة التفكير وتعزز الطموح.

في عالم يسيطر فيه المال والمكانة على الإنسانية، يصبح من الصعب تجنُّب التعامل مع شغفك في الحياة، فقد تضطر إلى السير بأسهل طريق أو البدء بمهنة صغيرة؛ لكنَّ الثقة في معتقداتك وقدراتك هي التي تجعل قراراتك صارمة حقاً، ويمكنك بسهولة ربط قيمك بشغفك من خلال إدراك أنَّ كل حجر تضعه هو أول لبنة من شأنها أن تساعدك على وضع أساس الرغبات والأحلام في العالم الواقعي، ولن تبعدك ثقتك بنفسك عن المسار وسيكون التعليم بمنزلة إلهام لك.

التواصل مع الآخرين:

تدفعك قيمة الذات إلى اختيار الأمور المناسبة لك في الحياة، وينطبق الأمر نفسه على اختيار الأشخاص المناسبين وإجراء مناقشات عميقة معهم، والتواصل هو مفتاح قلب الشخص، وغالباً ما يفتح الأبواب لإمكانات جديدة، ويمكن أن يساعدك على الاختلاط بالآخرين بطرائق عدة، بينما تسعى جاهداً إلى جمع شغفك وأخلاقك، وعندما تقابل أشخاصاً داخل مؤسستك أو خارجها، فإنَّك تشارك القصص والأحلام والهزائم والمخاوف، ممَّا يجمعكم جميعاً معاً.

تتعلم كثيراً من قصص الآخرين، وتستفيد من جوانب من حياتهم لم تكن تمتلكها في حياتك الخاصة، وإنَّ تمكين شخص آخر هو عمل نبيل؛ لكنَّ فعل الأمر ذاته مع نفسك هو أمر ثمين، فأنت تعزز نجاحاتك، وتغذي رغباتك؛ إذ تتخلص من الصفات السلبية مثل الغرور والتنافسية.

يهدف التعاون إلى تحقيق النجاح من خلال الجهود المشتركة والتطبيق العملي، ما يعني عدم وجود أوهام أو رغبة جشعة في الوصول إلى القمة، وفي كثير من الأحيان، تشعر بأنَّك بلا وجهة وليس لديك أفكار لترقى بشغفك إلى المستوى التالي؛ لذا يجب أن يربطك التواصل مع أشخاص مناسبين بالفرص المحتملة والوسائل الأخلاقية لتحقيق الإنجازات.

شاهد بالفيديو: كيف تكتشف شغفك وتصل إليه؟

قصص عن الناجين:

غالباً ما نولي اهتماماً للضحية ونُخطِئ في الحكم على الناجي؛ لذا في أثناء الحديث مع الأشخاص أصحاب التفكير المماثل، لا تصغِ إلى قصص النجاح فحسب؛ بل اسأل عن فشلهم أيضاً، وتحدَّث عن أخطائهم السابقة والندوب التي لم تلتئم، والأشخاص الذين غدروا بهم لدرجة أنَّهم ما زالوا يتوجعون.

الآن، يجب أن تفكر في كل الأسباب والطرائق والأماكن، كما ترى، قد تجذب لك عقلية الضحية بعض الاهتمام في الوقت الحالي؛ لكنَّ الناجي يجب أن يحظى بالاحترام على الأمد الطويل.

يعرف الناجي أفضل الطرائق للنجاح في بيئة مليئة بالتحديات، وطريقة تحويل الرفض الصريح إلى شيء قوي، وقدرات التعلم من الأخطاء، والتواصل مع الأشخاص الذين واجهوا أكبر الحوادث المؤسفة في حياتهم ونجوا منها، مثل ضحايا الاغتصاب والناجين من الحرب، والمحترفين الذين يتقدمون في السباق على الرَّغم من العقبات، وحتى المغتربين الذين يعيشون في بلد مختلف ويتعاملون مع الأمور وحدهم؛ لن تردعك قصصهم عن طريق الثقة والصدق والعمل الجاد، وفي هذه اللحظة بالذات، قد تفكر في الاستسلام، لكن انظر إلى الاحتمالات والفرص التي يمكن أن تجعلك تكسب ثروة جيدة، وقد يبدو تعزيز الشغف في هذا العالم أمراً صعباً؛ لكنَّه ليس شيئاً لا يمكنك تحقيقه.

التشكيك في مسار الحياة:

هل تشكك في مسار حياتك؟ في هذه اللحظة يجب أن تسأل نفسك: "هل أنا على الطريق الصحيح؟" أو "هل هذا هو مسار حياتي النهائي؟" أو "هل هذا يجعلني سعيداً حقاً؟"، إذا أجبت بـ "لا" عن أي من هذه الأسئلة، فمن المحتمل أنَّ الوقت قد حان للتوقف مؤقتاً وتقييم اختياراتك.

إنَّ هدفنا الأسمى في هذه التجربة الإنسانية هو خدمة الآخرين ومساعدة من هم أقل منَّا بأيِّ شكل كان، وهذا الأمر ممكن إذا كان لدينا موارد كافية لتقديمها؛ فيصبح تقديم الخدمة والعمل الخيري أمراً طبيعياً بالنسبة إليك عندما يكون شغفك في العمل والأخلاق سليماً.

إقرأ أيضاً: كيف تحوّل شغفك إلى طاقة إيجابية؟

في الختام:

الروح الضعيفة المرهقة التي تعمل تحت الضغط لن تتمكَّن أبداً من خدمة الآخرين؛ لذلك يجب أن تدرك ما يهمك أكثر، وتركز على جمع كل مواردك معاً والتعاون مع الأشخاص المناسبين حتى تتمكن من تمكين الآخرين حولك، ومساعدتهم على إدراك إمكاناتهم الحقيقية، والمضي قدماً في الحياة بقوة، ويكون هذا الأمر ممكناً إذا رفضت التنازل عن أخلاقك، ووضعت شغفك في الحياة في المقدمة، وعملت بجد لتحقيق أهدافك.

لذا ابحث عن مسار حياتك حتى تعرف نقاط الضعف والأمور التي تحتاج إلى تصحيح مباشر، ولا توافق على السير في طريق يبعدك عن قيمك، وكن منضبطاً في حياتك وشاهد أحلامك تتحوَّل إلى حقيقة كالسحر.




مقالات مرتبطة