كيف تحافظ على دوافعك لتحقيق أهدافك؟

إنَّ الوقت أمر أساسي في حياتنا، وتتشكل حياتنا وفقاً للطريقة التي نختار قضائه فيها؛ لذا فإنَّ وجود الدافع لقضائه في تحقيق الأهداف هو أمر هام جداً لتكوين الحياة التي نريدها.



ما هو الدافع؟

يعرِّف قاموس أكسفورد (Oxford Dictionary) الدافع على أنَّه الرغبة أو الاستعداد لفعل شيء ما؛ أي هو ما يدفعنا لاتخاذ الإجراءات.

إنَّ الدافع - علمياً - له علاقة في مسارات هرمون الدوبامين (dopamine) في أدمغتنا؛ فعندما نفعل شيئاً يشعرنا بشعور جيد يبدأ الدوبامين في التدفق؛ وذلك لأنَّ أفعالنا مدفوعة من قِبَل الرغبة في الحصول على تلك المكافأة (أي الشعور بشعور جيد).

يصف المؤلف ستيفن بريسفيلد (Steven Pressfield) الدافع وصفاً عملياً أكثر، ويؤكد أنَّنا وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها ألم عدم القيام بشيء أكبر من ألم القيام به؛ إذ يكون اتخاذ الإجراء أسهل من عدم اتخاذه أبداً، مثل اختيار القيام بعملٍ لا نحبه بدلاً من الشعور بخيبة الأمل بشأن انخفاض حسابنا المصرفي.

مهما كانت الطريقة التي تختار التفكير فيها بشأنه، فجميعنا نريد تسخير الدافع لتحقيق أهدافنا.

كيف تحصل على الدافع؟

يقول مؤلف كتاب العادات الذرية (Atomic Habits) جيمس كلير (James Clear) إنَّ معظم الناس يسيئون فهم الدافع؛ إذ يعتقدون أنَّه ما يدفعنا إلى اتخاذ الإجراءات، ولكن غالباً ما يكون الدافع ناتج عن الإجراء الذي نتخذه وليس سبباً له؛ فبمجرد أن نبدأ في مهمة ما يكون من الأسهل الاستمرار في إحراز التقدم، مثل قانون إسحاق نيوتن الأول (Isaac Newton's first law) الذي ينص على أنَّ: "الأجسام المتحركة تبقى متحركة بسرعة وباتجاه ثابت".

هذا يعني أنَّ معظم المقاومة عند العمل على أهدافك تأتي مباشرة قبل البدء في العمل عليها، ونظراً لأنَّ الدافع يأتي إتياناً طبيعياً بعد أن نبدأ؛ فنحن بحاجة إلى التركيز على تسهيل عملية البدء.

شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

فيما يأتي 4 طرائق لتسهيل عملية البدء بأي شيء:

1. تحديد موعد البدء:

يعود أحد أسباب عدم تمكن الناس من البدء في الأمور إلى عدم تحديدهم لموعد للقيام بها، فعندما لا تحدد موعداً للبدء بالأشياء قد تفشل في الاستمرار بها، وسينتهي بك الأمر آملاً أن يأتيك الدافع من حيث لا تدري، أو أن تستجمع قوة الإرادة الكافية لإنجازها.

يوجد مقال في صحيفة الغارديان (Guardian) يقول: "إذا أهدرت طاقتك في محاولة تحديد موعد العمل ومكانه، فإنَّك ستعوق قدرتك على القيام بالعمل".

2. جعل نجاحك قابلاً للقياس:

من السهل أن تشعر بعدم الإلهام عندما لا تعرف ما إذا كنت تحرز تقدماً أو ما الذي تعمل على تحقيقه، ولهذا السبب تحتاج إلى جعل نجاحك قابلاً للقياس بطريقة ما، فستكون البداية أسهل عندما تعرف بالضبط إلى أيِّ مدى ستجعلك أفعالك الحالية أقرب من تحقيق هدفك.

3. تحديد الدافع الخارجي:

يأتي هذا النوع من الدافع من العوامل الخارجية؛ إذ يمكن أن يكون إيجابياً أو سلبياً، ويتكون الدافع الإيجابي من حوافز مثل المال والجوائز والدرجات، أمَّا الدافع السلبي فيتكون من عوائق مثل الطرد من الوظيفة أو نشوب شجار أو دفع غرامة.

ولا ينجح الدافع الخارجي نجاحاً فعالاً على الأمد الطويل، ولكنَّه يمكن أن ينجح نجاحاً جيداً على الأمد القصير ليساعدك على بدء العمل على شيء ما.

4. تحمُّل المسؤولية:

تحمَّل المسؤولية عن طريق إخبار الأصدقاء والعائلة بأهدافك أو حتى مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ سيسهل عليك هذا الأمر البدء بشيء ما لأنَّك ستقع تحت ضغط عدم خذلان الآخرين.

كيفية البقاء مندفعاً على الأمد الطويل:

عندما نقول إنَّنا نريد أن نشعر بالدافع لفعل شيء ما، فلا نعني أنَّنا نريد أن نُدفع أو نُجبَر على القيام بما علينا القيام به؛ بل نريد أن ننجذب بشدة إلى الفكرة لدرجة أنَّنا لا نستطيع مقاومة عدم اتخاذ أي إجراء، وهذا هو السبب في أنَّ من الهام بناء أساس من شأنه أن يهيئك للاستمرار.

إليك 5 تقنيات ستساعدك على القيام بذلك:

1. اتباع مبدأ الاعتدال (Goldilocks Rule):

مبدأ الاعتدال هو نطاق الصعوبة الأمثل لمهمة ما؛ أي عندما لا تكون صعبة ولا سهلة للغاية؛ إذ نصل إلى ذروة الدافع والتركيز، على سبيل المثال لنفترض أنَّك تلعب مباراة تنس مع طفل يبلغ من العمر 4 سنوات، ستشعرك سهولة اللعب بالملل بسرعة ولن تريد مواصلة اللعب، والآن لنفترض أنَّك تلعب مباراة تنس ضد لاعبة التنس الأمريكية سيرينا ويليامز (Serena Williams) ستشعر بالإحباط بسرعة لأنَّ المباراة صعبة للغاية.

أمَّا إذا لعبت مع شخص يتمتع بمهاراتك نفسها تماماً؛ فبهذه الطريقة سيكون أمامك فرصة للفوز، ولكن عليك التركيز ومحاولة تحقيق ذلك، سوف يؤدي تعديل العمل والأهداف بمرور الوقت وفقاً لمبدأ الاعتدال إلى الحفاظ على اندماجك ودافعك على الأمد الطويل.

2. السعي وراء الأهداف ذات الدوافع الجوهرية:

الدافع الجوهري لتحقيق هدف ما يعني رغبتك لتحقيقه لما هو عليه، ولا تكون ثمة عوامل خارجية مثل المكافأة أو خطر التعرض للطرد؛ إذ إنَّ الدافع وراء أفعالك يأتي من الداخل.

إنَّنا نسعى إلى تحقيق معظم الأهداف الجوهرية لأنَّها ستغني حياتنا أو ستجعلنا أقرب من الإنجاز، وهذا يجعل هذه الأهداف تستمر على الأمد الطويل لأنَّها تؤثر تأثيراً مباشراً في جودة حياتنا والأشياء التي نهتم بها.

3. تقسيم الأهداف:

هو أسلوب تقسيم الهدف إلى أهداف أصغر منه وقصيرة الأمد، ويمكنك من خلال القيام بذلك تحقيق عدة نجاحات في سعيك إلى تحقيق الهدف الرئيسي؛ إذ يؤدي هذا إلى إثارة نظام المكافأة في الدماغ ويدفعك إلى الاستمرار.

يمكنك تقليدياً تحديد هدف تتوقع تحقيقه في عام واحد، وهذا يُعدُّ وقتاً طويلاً للالتزام دون رؤية أي نتائج على طول الطريق، ولكن من خلال تقسيم أهدافك إلى أهداف شهرية أو ربع سنوية، ستحصل على التعزيز الإيجابي المستمر الذي تحتاجه للبقاء مندفعاً على الأمد الطويل.

على سبيل المثال بدلاً من محاولة خسارة 22 كيلوغرام من وزنك في عام واحد، حاول أن تخسر 1 كيلوغرام كلَّ شهر لمدة 12 شهر.

4. التمتع بالمرونة:

جميعنا ضحايا للظروف؛ إذ تحدث الأشياء على طول رحلتنا في الحياة ويمكننا التكيف معها أو الاستسلام لسبب ما، ولهذا السبب من الهام أن يكون لديك مرونة عندما تسعى إلى تحقيق هدف ما وإذا كنت تتوقع أن يسير كلُّ شيء على أكمل وجه، فإنَّ الفشل الحتمي يمكن أن يؤدي إلى غياب الاندماج لديك أو يجعلك بلا رغبة، وعندما تخطط لأن تسوء الأمور تأكد من قدرتك على الاستمرار على الأمد الطويل.

إقرأ أيضاً: تطوير استراتيجيات المرونة في التعامل مع الأزمات

5. السعي وراء أهدافك بطريقة مستمرة:

لا تفقد الأمل عندما لا تنجح بين ليلة وضحاها؛ إذ تمثل حالات النجاح بين ليلة وضحاها نسبة 1% فقط، فهي غير موجودة في الغالب وما نراه على أنَّه "نجاح بين ليلة وضحاها" هو في الواقع ساعات لا تنتهي من العمل خلف الكواليس والوصول إلى نقطة تحول في النهاية؛ إذ يحتاج السعي وراء الأهداف إلى الصبر والمثابرة وبذل جهد خفي.

إقرأ أيضاً: 6 مبادئ أساسية لتحقيق أهدافك والسعي نحو النجاح

في الختام:

لا توازن نفسك بالآخرين؛ فالموازنة تؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس والرضى أيضاً كما أنَّها تجعلك تعتقد أنَّك لم تقم بما يكفي، ونتيجةً لذلك قد تزيد من توقعاتك ومن الضغط على نفسك.

هذا الأمر لا فائدة له لأنَّ الأشياء التي تستحق الإنجاز تستغرق وقتاً، ويعدُّ إتقان الدافع عبارة عن قوة عظمى، ومع هذه القدرة يمكنك تحقيق أهدافك وتشكيل الحياة التي تريد أن تعيشها.




مقالات مرتبطة