كيف تحافظ على التواصل بين أعضاء الفريق عندما يعملون عن بعد؟

قد يكون من السهل تأجيل نشاطات بناء الفريق في هذه الأيام، فمن يريد تحديد موعد مكالمة فيديو أخرى؟ على أي حال، يجب على القائد ضمان مشاركة الفريق وعمله على نحو جيد، وإذا كنتَ لا تُخصِّص وقتاً لبناء الفريق، فأنت في الواقع تجعل فريقك أقل إنتاجيةً.



على الرغم من أنَّ تحسين أداء الموظف - أي تحسين مجموعة المهارات الخاصة بالفرد - هام للنمو الشخصي، إلا أنَّ الدراسات أظهرَت أنَّ خبرة الأفراد ليست هي العامل الحاسم في جعل الفِرَق والشركات أكثر قدرةً على المنافسة والابتكار، وإنَّما أهم عامل للنجاح هو العمل الجماعي، حيث عزَّزَت دراسةٌ أجرتها شركة "جوجل" (Google) حول تفاعلات الفريق ما قالَته المؤلفة "إيمي إدموندسون" (Amy Edmondson) منذ 20 عاماً، والذي مفاده أنَّ السلامة النفسية - ثقافة الجماعة التي تضمن شعور الموظفين بالأمان والراحة والانتماء والاحترام - هي العامل الأكثر أهمية لنجاح الفريق.

الفِرَق التي تتواصل فيما بينها تعمل على نحو أفضل:

هذا أمر منطقي؛ إذ إنَّ التفاعلات الاجتماعية هي ما يعزز علاقاتنا ويساعدنا على التواصل، فكلما زادت سهولة ارتباطنا ببعض، شعرنا براحة أكبر في الانفتاح وتبادل الأفكار وطرح الأسئلة، وعملنا معاً على نحو أفضل، وهذه الأمور بالغة الأهمية للفِرَق عالية الأداء. 

أظهرَت دراسةٌ أخرى أجراها باحثون في مختبر الديناميكيات البشرية في معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT’s Human Dynamics Laboratory) أنَّ أفضل المؤشرات على إنتاجية الفريق هي مستويات طاقة أعضاء الفريق والتفاعل خارج اجتماعات العمل في البيئات الاجتماعية، حيث وجدَت الدراسة أنَّ الشركة شهدَت زيادةً كبيرةً في الإنتاجية وفي رضا الموظفين عندما زامن المدير فترات استراحة الموظفين حتى يتمكنوا من التواصل الاجتماعي.

الجانب الإيجابي لمسؤولية المدير عن تعزيز التفاعل الاجتماعي وبناء الفريق هو المتعة التي ترافق هذه المسؤولية. صحيح أنَّه يمكِن أن يجعل العمل عن بُعْد ومكالمات الفيديو وقلة الممارسة التفاعل الاجتماعي صعباً أو شبه مستحيل، لكنَّ العديد من الفِرَق تفعل ذلك بنجاح وتستمتع به.

إقرأ أيضاً: ما هي مهارات الاتصال الفعال؟

كيف تكون اجتماعياً في عالم يعمل فيه الجميع باستقلالية؟

بعد أن تقتنع بأهمية تخصيص مساحة لبناء الفريق والتنشئة الاجتماعية، كيف تفعل ذلك بالفعل؟ ألا يجب أن يكون الوقت الاجتماعي عفوياً؟ ربما كان الأمر كذلك عندما كنا نلتقي في الردهات أو ندردش في مكاتبنا، أما الآن بعد أن وصل التفاعل الاجتماعي إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، يتعين على الشركات أن تُخطِّط استراتيجياً لإيجاد فرص تُمكِّن الناس من التفاعل. فيما يلي بعض الأفكار لمساعدة المديرين على إيجاد سبل لتعزيز التواصل وإقامة المناسبات للتفاعلات الاجتماعية بينما يعمل كل منا باستقلالية عن الآخرين.

1. الاجتماعات الهادفة:

رغم أنَّ تجنُّب إجهاد المؤتمرات الافتراضية يتطلب أن تقتصر مكالمات الفيديو على الاجتماعات الضرورية فقط، إلا أنَّ مكالمات الفيديو لبناء الفريق ضرورية للغاية لصحة الفريق وأدائه، فقد يكون إيلاء الأهمية لفعَّاليات بناء الفريق التي تُبث على الهواء مباشرة وعقد الاجتماعات الأخرى، مثل: العروض التقديمية والتحديثات (المسجلة للمشاهدة في أي وقت) حلاً جيداً.

استفِد من الوقت الذي يكون فيه فريقك موجوداً على الإنترنت من أجل ممارسة الأنشطة التعاونية الهامة، مثل: التخطيط الاستراتيجي والاجتماعات خارج مكان العمل للتحدث عما تعلَّمتَه في الماضي والرؤية المستقبلية، ومن الأمثلة الجيدة على كيفية قيام بعض الشركات بهذا الأمر هو تنظيم "فعَّاليات سنوية" تجمع قادة من جميع أنحاء الشركة في اجتماع افتراضي، حيث تسمح هذه الفعَّاليات للقادة بمشاركة القصص وتعريف الموظفين برسالة الشركة وقيمها وبناء الإثارة للعام القادم وأهداف الشركة، على عكس النهج المباشر لهذه الفعَّاليات، تنشر الشركات المحتوى على مدار أيام عدَّة، مما يجعل الجلسات مفيدةً في جميع المناطق الزمنية، وتُوفر الوقت لليقظة الذهنية والنشاط البدني والعافية.

إقرأ أيضاً: 7 تطبيقات لعقد مؤتمرات الفيديو والاجتماعات عبر الإنترنت عن بعد

2. الاجتماعات غير الرسمية:

ليس ضرورياً التخطيط لكل حدث بدقة. في الواقع، قد تنجح الفعَّاليات الاجتماعية إذا حدَّدتَ وقت الاجتماع دون جدول أعمال على الإطلاق، على سبيل المثال: جرِّب ساعة مؤتمر غداء افتراضية مفتوحة يتناول خلالها الأشخاص الطعام معاً، أو احتفالاً صاخباً للترحيب بالموظفين الجدد كي يتسنَّ لهم التعرف إلى بعضهم بعضاً، وكذلك الدردشة مع الموظفين القدامى، كما يمكِنك جعل هذه الفعَّاليات غير الرسمية أكثر نجاحاً من خلال بذل جهد للتواصل ودعوة الأشخاص الذين يرغبون في التواصل ولكن تمنعهم التزاماتهم من ذلك، فحافِظ على استمرار هذه الفعَّاليات الاجتماعية من خلال الاستفادة أيضاً من تطبيقات المراسلة في مكان العمل لمشاركة الصور والقصص المُسلِّية.

3. الاجتماعات الشخصية:

من الهام الاستمرار في الاحتفال بأفراد فريقك وعدم التخلي عن التقاليد التي تُشكل جزءاً من ثقافتك التنظيمية؛ إذ كان أعضاء الفريق في السابق يحتفلون بعيد ميلاد أحد زملائهم في العمل ويشترون الحلوى ويقضون وقتاً ممتعاً معاً، أما الآن فحتى الاحتفالات البسيطة تتطلب بذل المزيد من الجهد، لكنَّ النتائج مُرضية بالقدر نفسه، فمثلاً بدلاً من الحلويات، تُقيم بعض الفِرَق حفلات أعياد ميلاد افتراضية من خلال ممارسة أنشطة جماعية تتمحور حول اهتمامات الشخص الذي يحتفلون به، مثل ألعاب الطاولة وغيرها الكثير من الألعاب الجماعية، ويمكِنك أيضاً إيجاد طرائق مبتكرة للاحتفال بحفلات الزفاف والتقاعد والعطلات، مثل التوقيع على بطاقات افتراضية، أو معالجة صورة فريق جماعية بواسطة تطبيق الفوتوشوب، أو تسجيل مقاطع فيديو تهنئة، كما يمكِنك اتخاذ خطوات إضافية من خلال استضافة عائلات الموظفين في معرض تعليمي افتراضي يتضمن وقتاً لقصِّ القصص وجلسات حرفية للأطفال ودروس الموسيقى لجميع أفراد الأسرة، وغيرها الكثير من النشاطات العائلية.

4. الاجتماعات المتنوعة:

قد يؤدي التصرف بطريقة غير مألوفة من وقت لآخر، مثل: التخطيط لأنشطة غير متوقعة عبر مكالمة فيديو إلى جعل العلاقات بين أعضاء الفريق أكثر متعةً ولا تُنسَى، على سبيل المثال: يمكِنك شحن مجموعة من الهدايا لكل موظف، أو توظيف طاهٍ محترف للطهي "خارج الموقع" بحيث يأكل الجميع معاً، أو يعملون لحل الألغاز، أو يمارسون اليوغا معاً، أو وظِّف ساحراً لتسلية الموظفين، أو اطلب من جميع الموظفين تسجيل مقاطع فيديو موسيقية، ثمَّ اجمعها في فيديو واحد تحت عنوان الشركة. ستجمع هذه النشاطات بين الموظفين، وتحافظ على الصداقة بينهم رغم عملهم عن بُعْد.

إقرأ أيضاً: الطريقة الصحيحة لإبقاء فريق العمل عن بُعد على قدرٍ عالٍ من المسؤولية

نصائح عملية:

عندما تُفكر في فعَّاليات بناء الفريق التي قد ترغب في التخطيط لها لفريقك، إليك بعض النصائح العملية التي يجب وضعها في الحسبان للمساعدة في تحقيق النجاح:

  • اجعل المجهود جماعياً: لا تتولَّ التخطيط كله بنفسك؛ بل اسأل أعضاء الفريق عما يريدون القيام به، وقسِّم المهام بينهم لتحقيق ذلك.
  • تواصل بالصوت والصورة: لا تنجح الفعَّاليات الاجتماعية ما لم تكن الوجوه مرئيةً؛ لذا اطلب من الجميع تشغيل الكاميرا حتى يتمكن الجميع من التفاعل.
  • حدِّد التوقيت: على الرغم من أنَّه قد يكون من الممتع أن تُفاجِئ الناس بساحر، إلا أنَّه يُستحسن إعلامهم بذلك حتى يتمكنوا من التخطيط للحضور.
  • اجعلها دورية: احتفِل بأعياد الميلاد والمناسبات الاجتماعية عند حدوثها، ولكن أيضاً خصِّص وقتاً دورياً للنشاطات الاجتماعية مرة أو مرتين في الشهر، أما الأحداث الأكبر على مستوى الشركة، فيجب أن تحدث مرةً أو مرتين على الأقل في السنة.
  • كن شاملاً: إذا كان لديك موظفون أو فِرَق يعملون في مناطق زمنية مختلفة، فحاوِل إيجاد أوقات عملية للفعَّاليات يمكِن للجميع المشاركة فيها، أو أقِم فعَّاليات مُتعدِّدة لهم، وضعْ في الحسبان أيضاً الأنواع الأخرى من الدمج، فالهدف هو بناء شعور بالانتماء؛ لذلك يجب ألا تدعو الناس إلى فعَّاليات تُنفِّر أو تُهمِّش أو تستبعد الآخرين.
  • اجعل الأمر منطقياً: قد يكون حضور مؤتمر افتراضي متعباً؛ لذا اختصِر جلسة الاستراتيجية المعتادة التي تستغرق ثلاث ساعات إلى اجتماع أقصر، أو قسِّمها إلى جلسات متعددة، وتأكَّد أيضاً من وضع برنامج يتضمن فترات استراحة حتى يتمكن أعضاء الفريق من الاستراحة أو تناول الطعام.

في الختام:

بعد مرور عام على الأزمة الحالية، من الواضح أنَّ حلول بناء الفريق الافتراضية هذه ليست حلاً مؤقتاً؛ إذ ستحتاج إلى فعَّاليات اجتماعية مثل هذه في المستقبل المنظور كون العديد من الموظفين سوف يستمرون بالعمل من المنزل طوال العام المقبل، وطالما أنَّ أكثر من ثلثي الموظفين يشيرون إلى أنَّهم يعانون من الإنهاك، فإنَّ إدراج الفعَّاليات الاجتماعية الافتراضية في برنامج الفريق ليس أمراً سخيفاً، فالوقت الاجتماعي هام للغاية لتعزيز قدرة أعضاء الفريق على العمل مع بعضهم بعضاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة