كيف تجعل هدفك أمراً مُسلَّماً به؟

لقد قرأتُ مؤخراً مقالاً عن التقلبات المهنية المفاجئة التي يقوم بها نجوم الدوري الأمريكي المتقاعدين؛ فبعد أن أمضوا حياتهم في تنمية المهارات الرياضية، شعرتُ بالفضول لمعرفة الوظائف الجديدة التي يختارونها والهدف من قراراتهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "جيف غارتون" (Jeff Garton)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في تحقيق الأهداف.

وفي الواقع، إنَّ بعض الوظائف التي اختاروها كانت غير متوقعة؛ حيث تنوعَت هذه المهن ما بين حارس، وطاهٍ، وسائق شاحنة، ومدرس بديل، ومزارع، ومصمم ملابس، ومتحدثٍ رسمي، وسفيرٍ، وما إلى ذلك.

لم يكن غالبية نجوم الدوري الأمريكي المتقاعدين بحاجة إلى مال يدفعهم إلى العمل في حياتهم؛ لذلك، فقد اختاروا وظائف اعتقدوا أنَّها ذات مغزى وتساعدهم على إنجاز هدفهم في الحياة؛ حيث شملت هذه الوظائف مساعدة الآخرين وتقديم الخدمات والتعليم والتغذية والملابس وتعزيز آراء الآخرين.

شاهد بالفيديو: كيف تحدد أهدافك في الحياة؟

إنَّهم لم يكونوا مهتمين بالحصول على راتب جيد أو مدير عمل لطيف أو مزايا تنافسية أو ساعات عمل مريحة؛ وإنَّما كانوا يفعلون ما اعتقدوا أنَّه من المفترض أن يفعلوه، فهم كانوا يتمتعون بالرضا الوظيفي، وفيما يلي أمثلة أخرى:

كان "بات تيلمان" (Pat Tillman) متحمساً للغاية لمتابعة هدفه، لدرجة أنَّه بعد هجوم 11 سبتمبر الذي حصل في الولايات المتحدة الأمريكية، رفض إبرام عقد بقيمة 3.6 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات؛ وذلك من أجل الالتحاق بخدمة العلم في الجيش الأمريكي؛ حيث أصبح جندياً في الجيش. وبعد جولات عدة في "أفغانستان" (Afghanistan)، فقد حياته إثر إصابته بطلق ناري في عام 2004، وكان عمره 27 عاماً فقط.

اعتاد الملياردير "هوارد هيوز" (Howard Hughes) على تزييف هويته حتى يتمكن من التقدم إلى وظائف العمال في شركاته الخاصة؛ حيث إنَّه كان يحنُّ إلى استخدام بعض الأدوات التي طورها في سن أصغر، وهذا ما يجعلني أتساءل ما الذي فعله براتبه.

وبصفتي أحد موظفي الموارد البشرية، أتذكر مرات عدَّة عندما كان الموظفون متحمسين لترك وظائف تسويقية مدفوعة الأجر، ليصبحوا معلمين في المدارس وضباط شرطة وحُراساً في المتنزهات؛ حيث إنَّ الدخل والاستحقاقات الوظيفية كانت أقل أهمية بالنسبة إليهم من قدرتهم على السعي وراء الرضى المهني.

إنَّه لأمرٌ مدهش كيف أنَّ بعض الناس على استعداد لتحمُّل المخاطر، وتقديم التضحيات، وتغيير حياتهم بطريقة ما لتحقيق أهدافهم، سواءً في العمل أم في حياتهم الشخصية، ومن ناحية أخرى، فإنَّ هناك أشخاصاً آخرين مقتنعون تماماً بالبقاء في وظائف قد لا تكون مرتبطة بأهدافهم.

إنَّه لأمرٌ محزن أن يحجم الناس عن عيش حياة مليئة بالأهداف بسبب الخوف من التغيير أو لعدم الثقة أو لأنَّهم قلقون للغاية بشأن ما قد يعتقده الآخرون؛ حيث إنَّهم لا يمانعون في أن يعودوا يوماً ما لحياتهم المهنية ويندموا لأنَّهم لم يفعلوا ما كان من المفترض أن يفعلوه؛ فالجميع لديه فرصة واحدة فقط في هذه الحياة.

إقرأ أيضاً: هدفنا في الحياة... أوّل خطوة على طريق النّجاح

في المقال الذي نشرته "مجلة هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) تحت عنوان "الإدارة حسب أهدافها" (Management by Whose)، تحدَّث عالم النفس الراحل "هاري ليفينسون" (Harry Levinson) عن أهمية الأهداف الفردية؛ حيث وجدَت نتائج البحث الذي أجراه أنَّ الناس لديهم دوافع ذاتية ويعملون بشكل طبيعي في الوظائف التي يعتقدون أنَّها تحقق أهدافهم الأكثر أهمية.

في الوظائف التي لا يحقق فيها الناس أهدافهم الخاصة، يصبحون غير مبالين وكسالى، وفي مثل هذه الحالات، يجب على أرباب العمل أن يفعلوا ما في وسعهم لتحفيز هؤلاء العمال بصورة مؤقتة، وإشراكهم في العمل بصورة شكلية، وحتى مع ذلك، فإنَّ الحافز لدى الموظفين يقل ما لم يجد أرباب العمل طريقة لدمج هدف العامل الفردي مع أهداف العمل؛ بحيث يتم تحقيق كليهما.

إنَّ فكرة الهدف الفردي أمرٌ في غاية الأهمية، لدرجة أنَّها تشكل أساساً لتأسيس نجاح العمل في الولايات المتحدة، ويشير إعلان الاستقلال إلى أنَّ هذا الحق غير قابل للنقاش بِعَدِّه متعلقاً بحياتك وحريتك وسعيك وراء السعادة.

لقد تعرضنا لغسيل دماغ عندما اعتقدنا بأنَّنا نريد الرضى الوظيفي مقابل تحقيق أهداف شخص آخر، ومع ذلك، نحن نعمل هنا في السعي وراء الرضى الوظيفي المرتبط بتحقيق أهدافنا الخاصة، كما إنَّ المحاربين القدامى مثل "بات تيلمان" ضحوا بحياتهم حتى تتمكن من الاستمتاع بهذا الحق غير القابل للتفاوض؛ لذلك، استخدمه في صالحك.

المصدر




مقالات مرتبطة