كيف تجعل موظفيك أكثر سعادة وإنتاجية؟

"إذا أردت أن تبني سفينة، فلا تجمع الناس لجمع الخشب ولا توزِّع الأعمال؛ بل اجعلهم متشوِّقين للبحر الواسع واللانهائي"، هذه المقولة من أشهر المقولات التي نرددها يومياً لنشير من خلالها إلى أهمية التحفيز في حياة الإنسان، وكيف يستطيع التحفيز أن يصنع النجاح.



يمثل تحفيز الموظفين جانباً هاماً من الجوانب التي يجب على القادة والمديرين والمنظمات عامة الاهتمام بها، ويمثل الموظفون العامل الحاسم والدعامة الأساسية في أي منظمة تسعى وراء تحقيق رؤيتها وأهدافها وضمان إنتاجية وكفاءة أكبر.

يركِّز اهتمام تحفيز الموظفين على الجانب المالي منذ ظهور علم الإدارة؛ ومن ثَمَّ ظهر تيار جديد ركَّز اهتمامه على العوامل النفسية والاجتماعية والذاتية؛ ومن ثَمَّ توالت الأبحاث عن أفضل الطرائق لتحفيز العاملين ودفعهم إلى حب العمل وتحقيق سعادتهم الوظيفية التي بدورها تزيد من إنتاجيتهم.

السعادة الوظيفية هي النشاطات التي تعبِّر عن الشعور بالرضى والرفاهية الإيجابية التي تجعل العمل ممتعاً يجاوز حدَّ الرضى، وهذه السعادة التي تتكون نتيجة الآثار العاطفية الإيجابية وغياب التأثيرات العاطفية السلبية مثل الحزن؛ فالسعادة الوظيفية هي حالة الاندماج العاطفي الفكري للموظف في العمل، وأن يُعدَّ نفسه مسؤولاً عن نجاح العمل، فكلما حرصت على سعادة موظفيك ازدادت حماستهم واهتمامهم بالعمل وازدادت إنتاجيتهم وولاءهم للمنظمة، فكيف لك بصفتك مديراً أن تحقق هذه السعادة؟

إليك الخطوات لذلك:

1. تحسين ظروف مكان العمل:

إذا رغبت في جعل موظفيك منتجين وذي أداء عال، يجب الاهتمام بمكان العمل والتأكد من أنَّهم يعملون في أفضل الظروف، والإضاءة الطبيعية والجدران النظيفة ذات الألوان الهادئة المريحة للأعصاب، والنوافذ المتعددة التي تفسح المجال أمام الهواء، والنباتات الخضراء في المكتب تجعل الموظفين أكثر هدوء وراحة ومن ثَمَّ أعلى تركيزاً، والتحكم في درجات الحرارة والرطوبة، وتوفير الأثاث المريح وأدوات ومعدات السلامة، ولا تنسَ المكان واسع المساحة، فجميعها أشياء تجعل العمل أمراً مُحبَّباً لدى الموظفين.

شاهد بالفيديو: 5 نصائح تحفزك على الإبداع.

2. تحسين الاجتماعات:

تمثِّل اجتماعات العمل نقطة ارتكاز رئيسة في نجاح أي عمل؛ إذ يقضي الموظفون ساعات عمل طويلة فيها، لكن قد يكون عدد هذه الاجتماعات الكبيرة غير مُجدٍ ومتعب للموظفين، كما أنَّ تحوُّل هذه الاجتماعات في أحيان كثيرة لحلبة جدال يرهق الموظفين؛ لذا يمكن التقليل من عقد هذه الاجتماعات المباشرة والاعتماد على وسائل بديلة مثل الاجتماعات عن بعد، أو استخدام وسائل حديثة للحصول على وجهات نظرهم مثل البريد الإلكتروني، أو وسائل التواصل الاجتماعي بحيث يكون العامل أكثر ارتياحاً، والاكتفاء بعقد الاجتماعات المباشرة للحالات الضرورية فقط، أو تقليل الوقت الذي يقضونه في الاجتماع للحد الأدنى الكافي لإنجاز العمل.

إقرأ أيضاً: قوائم المَهام: أساس الكفاءة في العمل

3. المرونة في العمل:

من المعروف أنَّ الناس تختلف في ساعات إنتاجها؛ لذا من الجيد ألا تقيدهم بساعات عمل محددة، أو ببرنامج يومي يبعث على الروتين، وكن مرناً بشأن اختيار ساعات العمل، فربما تكون الإنتاجية مرتفعة لعامل في ساعات الصباح المبكرة، بينما تكون ذروة إنتاج أحدهم بعد الساعة الحادية عشر، وساعات العمل المرنة هي أسلوب يسمح للموظفين بالعمل خارج ساعات العمل التقليدية أو بمواعيد مختلفة، وهذا الأسلوب جيد وهام؛ إذ يتمكن كل فرد من تحديد ساعات العمل الذي يعمل فيه عملاً أكثر فاعلية وكفاءة.

كما أنَّ المرونة هنا تسهم في تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية للموظفين؛ إذ يستطيعون ترتيب حياتهم العملية بطريقة تناسب حياتهم الشخصية، كما تزيد من سعادتهم لظنِّهم بأنَّ المنظمة تهتم لحياتهم الشخصية، ولا تظن أنَّ المرونة في ساعات العمل تصب في مصلحة الموظف فقط؛ بل أيضاً لا تقل أهميتها بالنسبة إلى المنظمة عن أهميتها للموظف؛ إذ يمكن توفير التكاليف من خلال تقليل استخدام المكاتب ومصادر الطاقة وهلاك الآلات.

4. الاهتمام بتدريب الموظفين:

التدريب هو سر تقدُّم الموظفين وتعاظم إنتاجيتهم، فمهما بلغت قدرة الفرد ومهاراته، فإنَّه بحاجة دائماً إلى التطوير الذي يكون عن طريق التدريب المستمر؛ لذا يجب القيام بالخطوات الآتية في هذا المجال:

  1. وضع خطة تدريب عامة: تتضمن الأهداف العامة للتدريب والبرامج التدريبية وفقاً لنوع العمل المطلوب أداءه والجداول الزمنية له.
  2. تحديد الاحتياجات التدريبية للموظفين من خلال إجراء استبيانات أو مقابلات للاطلاع على ما يحتاجون إليه فعلاً.
  3. توفير الاحتياجات الأساسية للتدريب: مدربين متخصصين أكفاء، ومواد تعليمية، والأدوات اللازمة في التدريب.
  4. تشجيع الموظفين على التعلم الذاتي وضرورة الاستمرار في تطوير الذات وحصد المعارف المختلفة.
  5. متابعة البرامج التدريبية للموظفين، والتأكد أنَّها تعطي النتائج المرغوبة، وتحديد ما إذا كانت تحتاج إلى تعديل أو دورات جديدة قد يحتاج إليها الموظفون.
إقرأ أيضاً: أفضل 10 أساليب تدريبية للموظفين

5. تفويض المهام فعلياً:

من أكثر الأشياء التي تمنح الثقة للموظفين وتحثهم على بذل الجهود هي تفويض السلطة إليهم، لكن من الأخطاء التي تُرتَكَب هنا القيام بعملية تفويض جزئي للمهام، فيرغب مديرون كثيرون في استمرار إشرافهم المباشر أو قد لا يرغبون في التنازل عن بعض مهامهم، وهذا يجعل تفويض المهام غير ذي قيمة ومعدوم الفائدة؛ لذا امنح ثقتك لموظفيك وأعطهم بعض الصلاحيات التي تجعلهم أقدر على القيام بالعمل وتحمل المسؤولية كاملة.

6. تحسين التواصل وبناء فرق العمل الجماعية:

التعاون الجيد يوصل إلى الإنتاجية المثالية، والتعاون هو نتيجة لنجاح عملية التواصل، والتواصل الفاعل هو التواصل سهل الحدوث، وتوجد مجموعة من الأشياء التي تستطيع فعلها من أجل تحسين الاتصال والتواصل بين الموظفين ومعهم مثل: عقد لقاءات غير رسمية، وإقامة حفلات للمنظمة، وإجراء الرحلات الترفيهية لتعزيز جو الثقة بين الموظفين، وتنظيم بعض المنافسات التي تُشعِر الموظفين بالحماسة والمنافسة، والتواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعية، وصنع شبكة تواصل داخلية خاصة بالموظفين، وباختصار الاعتماد على سياسة الباب المفتوح.

إقرأ أيضاً:  7 طرق يمكن للمديرين من خلالها تعزيز الثقة في مكان العمل

7. التقدير والتركيز على نقاط القوة التي يمتلكها الموظفون:

تحقيق الذات في العمل هو من أهداف الموظفين؛ لذا عندما يجدون الإدارة تشكرهم وتهنئهم على إتمام العمل إتماماً صحيحاً؛ فذلك يُشعِرهم بالسعادة ويزيد من ثقتهم بنفسهم ومن تقديرهم لذاتهم، كما أنَّ تركيزك بصفتك مديراً على نقاط القوة التي يمتلكها كل موظف بدلاً من نقاط ضعفه، تزيد من سعادته وتحفزه على العمل بجد واستغلال نقاط قوته جيداً والعمل على معالجة أماكن ضعفه.

8. تشجيع الموظفين على الرعاية الذاتية:

شجِّع الموظفين على الاستفادة من المزايا التي تقدمها المنظمة مثل التأمين الصحي، وتأكد من معرفة كل موظف بالأشياء التي يمكن أن يحصل عليها من خلال التأمين الصحي، وقدِّم دورات لتعليمهم الرعاية الصحية، مثل دورات التنمية البشرية، ودورات البرمجة العصبية وغيرها.

إقرأ أيضاً: أثر الرعاية الذاتية على زيادة الإنتاجية

اعمل على جعل الراحة النفسية أساسية في العمل؛ لذا احرص على أن يعرف موظفك أنَّه يحظى بالتقدير نتيجة ما يقوم به في العمل، وتستطيع استدعاءه وإخباره بذلك، بدلاً من استدعائه فقط لتوجيه النقد إليه تجاه الأخطاء التي يرتكبها، فالتقدير أمر هام لتحقيق الراحة النفسية والسعادة لدى الموظفين وحثهم على العمل بجد.

9. تمكين الموظفين:

تمكين الموظفين؛ أي إشراكهم في وضع خطط العمل وبرامجه؛ فيجب على الموظفين أن يشعروا بأنَّهم جزء هام من العمل وليسوا مجرد أدوات تنفيذ، فعندما يشعر الموظف بأنَّه جزء من عمل سوف يسعى إلى إنجاحه بطريقة تختلف عن عدِّه أداة تنفيذ فقط؛ لذا احرص دائماً على الاستماع لوجهات نظرهم عن المنظمة وطريقة عملها وأهدافها وطريقة تحقيقها والأشياء التي تنقص المنظمة وغير ذلك.

إقرأ أيضاً: 3 أسئلة للسيطرة على ضغوطات العمل

10. التحفيز المادي والمعنوي:

  • التحفيز المادي: الذي يعمل على إشباع حاجات الإنسان الأساسية، ويمكن أن يكون أجراً أو مكافأة العمل الإضافي أو المشاركة في العمل أو الترقية.
  • التحفيز المعنوي: الذي يقوم على أساس احترام العنصر البشري وتقديره، مثل الشكر أو شهادات التكريم أو فرص الترقية والتقدم أو المشاركة في الإدارة أو المساعدة على تحقيق التوافق المهني.

من الهام اختيار طريقة التحفيز المناسبة في الوقت المناسب؛ إذ تسهم في تعزيز الرضى والسعادة الوظيفية وحل مشكلات كثيرة يواجهها الموظفون، وفي الوقت نفسه تزيد من إنتاجيتهم وتعود على المنظمة بالأرباح.

11. اتباع فلسفة عمل غير تقليدية في التحفيز:

سوف تتفاجأ عند معرفتك أنَّ مقاولين في فرنسا قد تعاقدوا مع مراكز تدليك من أجل موظفيهم؛ إذ يحظى كل موظف منهم بجلسات تدليك خاصة أسبوعياً، ويوجد من قدم جائزة أفضل موظف، ومن منح إجازات ترفيهية، فإذا اتبعت فلسفتك الخاصة في تحفيز الموظفين ستجعلهم أكثر سعادة، وانظر إلى الأشياء التي تستطيع أن تصنع السعادة لهم وحققها لهم قدر المستطاع.

في الختام:

تؤدي السعادة إلى النجاح في جميع مجالات الحياة لا سيما في المهن والوظائف؛ فالموظفون السعداء يحققون أداء أفضل وتقييماً أعلى، ويشعرون بالأمن الوظيفي، ويقل معدل غياباتهم، وتزيد فرصة ابتعادهم عن العادات السيئة؛ لذا حاول أن تجعل من مكان العمل أكثر جاذبية؛ ليثير اهتمام الموظفين للقدوم إليه يومياً، وصمِّم نشاطات ذات معنى ومشتركة للموظفين تشعرهم بأهميتهم وقيمتهم، ويجب أن تدرك أنَّ بقاء المنظمة مرهون ببقاء الموظفين، فإذا أنجزوا مهامهم كما خُطِّط لها من قبل سوف تحقق المنظمة أهدافها وتعم المنفعة للجميع، والاستقرار في العمل؛ فالشعور بالأمن النفسي سر بقاء المنظمات واستمراريتها.




مقالات مرتبطة