كيف تجعل إتقان فن الحوار أداةً لتنمية أعمالك؟

يُعدُّ كل حوار شكلاً من أشكال الإقناع؛ فهو طريقة لمعرفة وجهة نظر الشخص الآخر، واكتشاف القصة التي يرويها لتتمكن من إقناعه في النهاية.



لإعطائك مثالاً واحداً على ذلك، يقول كريس فوس (Chris Voss)، مفاوض الرهائن السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، والذي تحوَّل إلى خبير مفاوضات في مجال الأعمال: إنَّ أقوى اللحظات في أي مفاوضات تحدث قبل إجراء "المفاوضات الحقيقية" وبعدها مباشرة؛ فخلال فترة الإعداد لبدء المفاوضات أو عند الانتهاء منها، سيكون لديك فرصة مثالية لكشف معلومات هامة عن الطرف الآخر، إذا كنت تملك مهارات المحادثة للقيام بذلك.

فلنلقِ نظرة على أربعة أسباب تجعل الحوار فعالاً للغاية، وكيف يمكنك استخدامه كأداة لتنمية عملك:

1. يساعدك الحوار على معرفة ما يريده الناس:

عندما تكون رائد أعمال، فيجب أن تكون سريع البديهة للغاية؛ حيث عليك التفكير في فواتير يجب دفعها، ومشاريع يجب أن تظل على المسار الصحيح، وبالطبع، الاهتمام بآخر فكرة راودتك لتنمية عملك، ولكن، إذا لم تتقن فن الحوار، فسيضيعُ جهدك هباء منثوراً.

تحدد القدرة على حل مشكلات الناس مصير رواد الأعمال؛ لذلك، عليك أن تكون مدركاً تماماً لرغبات الناس واحتياجاتهم، وهناك طريقة رائعة للقيام بذلك دون التأثير في ميزانيتك التسويقية؛ وهي إجراء حوارات رائعة ومعمقة مع الناس، سواء ضمن أم خارج جمهورك المستهدف.

يقول المثل القديم، لديك أُذنان وفم واحد فقط لسبب، خذ هذا الأمر على محمل الجد واقضِ وقتاً في الإصغاء أكثر من التحدث عندما تتحدث مع شخص ما.

والأهم من ذلك، عليك أن تدرك أنَّ ما يقول الناس إنَّهم يريدونه - وحتى ما يظنون أنَّهم يريدونه - ليس دائماً ما يريدونه حقاً، ويمنحك إتقان فن الحوار القدرة على التعمق في التعامل مع الأشخاص واكتشاف الدوافع الحقيقية وراء سلوكهم، وخاصة سلوكهم الشرائي.

إقرأ أيضاً: فن الحوار الناجح والتواصل مع الآخرين

2. يمكِّنك الحوار من إيجاد حل:

إنَّ العمل الناجح في جوهره ليس أكثر من حل لمشكلة ما، على سبيل المثال، تخيل صورة أمٍّ شابة تمشي في محل البقالة مع ابنها، وبينما كانت تمر بجوار ممر الألعاب، صرخ أنَّه يريد لعبة، إنَّها تريد أن تجعل ابنها سعيداً، فتضع اللعبة في عربتها، حينها تكون شركة الألعاب تلك حلت للتو مشكلة ابنها الذي يصرخ.

عندما تشارك في حوار مع شخص ما، ابحث عن المشكلات، وأصغِ باهتمام واطرح الأسئلة، بمجرد تحديد مشكلتهم، عندها فقط تكون مستعداً للاستجابةِ لها، وفي كثير من الأحيان، ليست المشكلة نفسها هي التي تثير سلوكهم؛ بل القصة التي يخبرونها لأنفسهم عن تلك المشكلة.

دعنا نعود إلى مثال الأم الشابة التي اشترت اللعبة، فما القصة التي ترويها لنفسها في تلك اللحظة؟ هل تريد أن يهدأ ابنها حتى لا يحرجها أمام المتسوقين الآخرين؟ أم هل ترى نفسها أُماً رائعة، وتشتري لابنها ألعاباً لتعزيز أمومتها؟ بفضل فن الحوار، يمكن لبائع الألعاب الذكي الكشف عن الدوافع الحقيقية لزبائنه واستخدام ذلك لزيادة المبيعات.

قبل أن تُشرِك الناس في عملك، اصغِ إلى ما يقولونه عن مشاريعهم، وعما يجعل عملهم أسهل وأكثر نجاحاً وإمتاعاً؛ والأهم من ذلك، اصغِ إلى مشكلاتهم، والنتيجة الناجحة التي يتصورونها، ثم استخدم هذه المعلومات لتوضِّح بدقة كيف سيفيدهم عملك في حل المشكلات هذه، يُظِهر ذلك للشخص الآخر أنَّك تهتم بمشكلاته وتساعده على بناء الثقة، الأمر الذي يُعدُّ عنصراً رئيساً في أي علاقة طويلة الأمد.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح تساعدك على حل مشاكلك والعيش باستقرار

3. يساعدك الحوار على تعديل أعمالك وتنميتها:

هناك أمر لا يستفيد منه رواد الأعمال بشكل كافٍ، خاصةً عندما يكونون مبتدئين، وهو الاختبار التسويقي؛ حيث يُعدُّ إنشاء اختبار تسويقي أمراً بسيطاً يتمثَّل في العثور على مجموعة من الأشخاص الذين يشاركون جميعاً في المشكلة ذاتها التي يختص عملك في حلها.

إنشاء اختبار تسويقي طريقة رائعة أيضاً لتحسين منتجاتك أو خدماتك إلى الحد الذي سيرى فيه المشترون المستقبليون قيمتها على الفور، ففي نهاية الأمر، هؤلاء هم الأشخاص الذين عانوا من المشكلة لفترة طويلة؛ لذلك سيعرفون ما إذا كان الحل الذي تقدمه يلبي احتياجاتهم.

إذا تمكنت منتجاتك أو خدماتك من تحقيق ذلك، فسيكون هؤلاء الأشخاص أفضل من يُسوِّقون لك، أما إذا لم تصِب هدفك تماماً، فاستخدم تغذيتهم الراجعة لصقل فكرتك؛ بحيث تكون المرة التالية أقرب إلى الكمال؛ وفي النهاية، ستصل إلى تحقيق ما تبتغيه، ويتمثل الجزء الأكثر أهمية في هذه العملية برمتها في إجراء محادثات مفتوحة وصادقة مع الاختبار التسويقي؛ حيث تمنحهم الحرية في تقديم تغذيات راجعة نقدية، فقد يفقد الاختبار التسويقي معناه إذا اخترت التغذيات الراجعة الإيجابية فحسب؛ لذا عُدَّ كل تغذية راجعة سلبية فرصة لتحسين عروضك، والتفوق على الشركات الأخرى الأكثر كسلاً في مجال عملك.

إقرأ أيضاً: 3 استراتيجيات لإعطاء أفضل تغذية راجعة

4. يجعلك الحوار جديراً بالتذكر:

لا بُدَّ أنَّك أجريت محادثات مع شخص ما وجعلك الأمر مرهَقاً، مما دفعك إلى الهروب من ذلك الشخص في المرة التالية التي رأيته فيها، سواء عبر الدخول إلى مكتب آخر، أم الإشاحة بوجهك عنه.

ولكن، ماذا لو كان هذا الشخص لديه عمل أو منتج من شأنه أن يغير حياتك إلى الأبد؟ ماذا لو اخترع هذا الشخص الممل علاجاً فورياً لنزلات البرد؟ فلن تعرف ذلك أبداً؛ وذلك لأنَّك رفضت التعامل معه؛ وكل ذلك لأنَّه لا يستطيع التحدث مع الناس بطرائق مدروسة.

بفضل إتقان فن الحوار، يمكنك أن تبقى عالقاً في أذهان الجميع، ربما لن تتمكن من تحويل كل شخص تقابله إلى عميل، لكنَّ هذا لا ينبغي أن يثبط عزيمتك.

يقودنا هذا إلى كذبة كبيرة ربما سمعتها ممن يعدُّون أنفسهم "سادة" في مجال المبيعات والتسويق، وهي أنَّه يجب عليك أن تعقد صفقة مع شخص في المرة الأولى التي تتحدث فيها معهم، وإلا فلن تبيع شيئاً، على الرغم من أنَّ إتمام الصفقات بسرعة مهارة هامة، ولكن إذا أخذت فن الحوار على محمل الجد، ستجد أنَّ العديد من الأشخاص الذين يبتعدون في البداية، يعودون ويشترون منك؛ وذلك لأنَّه إذا استخدمت فن الحوار لتثبت أنَّك ماهر وشغوف في عملك، فسوف تخلق انطباعاً إيجابياً دائماً لدى كل شخص تقابله؛ حيث ستضيف كل هذه الانطباعات إلى سمعتك، وسيكون هذا هو المفتاح لتنمية عملك.

المصدر




مقالات مرتبطة