كيف تتوقف عن مخاطبة نفسك خطاباً سيئاً؟

إذا كنت لا تصرخ في وجه صديقك، فلماذا تفعل ذلك مع نفسك؟ يُكلِّم الجميع أنفسهم أحياناً، على سبيل المثال لاعب التنس الاسكتلندي آندي موراي (Andy Murray)، والذي على الرغم من ألقابه العديدة، من المعروف أنَّه مُعتاد على لوم نفسه في الملعب، ومن السهل التفكير في أنَّه قد يكون هناك بعض الفائدة في هذه الممارسة، والقول بأنَّه لو كانت السلبية تجاه النفس سيئةً للغاية، فكيف ربح موراي الكثير من مبارياته؟



ولكن كشفت قائمة مكتوبة بخط اليد، يبدو أنَّ موراي كتبها قبل مباراة في عام 2015، أنَّه كان يسعى بجدٍّ إلى إسكات الانتقادات التي كان يوجهها إلى نفسه، وكانت الملاحظات المكتوبة: "ابذل قصارى جهدك"، متبوعة بعبارة "كن جيداً مع نفسك" و "كن حازماً مع ساقيك".

رجال الأعمال لديهم الكثير من القواسم المشتركة مع لاعبي التنس، فرياضة التنس عملٌ فردي يؤديه شخصٌ واحد مثل تأسيس الشركات، والعواطف فيها تتصاعد دائماً حيث تكون في حال جيدة لبعض الوقت لتجد أنَّ وضعك يتدهور فجأةً، ولكن سواءً كنت في ملعب أم في مكتب، فإنَّ الرسائل التي ترسلها لنفسك سيكون لها تأثير في كيفية أدائك.

تخلق الطبيعة الشاملة والانعزالية لتأسيس شركة بيئة مثالية لترسيخ الأفكار المدمرة، فإليك كيفية إيقاف هذا.

كيف يجب أن تتحدث إلى نفسك؟

يقول بريان تريسي (Brian Tracy)، مؤلف كتاب "عادات المليون دولار" (Million Dollar Habits) إنَّ غالبية مشاعرك تحددها الأشياء التي تفكر فيها وما تقوله لنفسك خلال اليوم؛ أي بعبارةٍ أخرى، أنت تصبح ما تفكر فيه معظم الوقت.

إذا كنت لا تصدقه، ففكر فيما يقوله العلم؛ حيث وجدت دراسة من عام 2013 أنَّ النساء اللواتي يعانين من فقدان الشهية، يستدرن بأجسادهن في أثناء دخولهن من الأبواب، كما لو كنَّ يعانين من زيادة الوزن ولا يمكنهن المرور إذا كنَّ يمشين مشياً طبيعياً، فالطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا تشكِّل واقعنا. 

والعكس صحيح أيضاً، يقول تريسي: "الأشخاص الإيجابيون والناجحون عادة ما يتصورون باستمرار النتائج التي يرغبون فيها، ومن ثمَّ يبرمجون عقولهم اللاواعية ويشكلون صورتهم الذاتية وأداءَهم الخارجي".

هناك ثلاثة أنواع من الحديث الذاتي: الإيجابي والحِيادي والسَّلبي، ولمعرفة ما إذا كانت الحوارات العقلية مع الذات تعمل لمصلحتك أو ضدك، دوِّنها، فقد تجد عبارات معينة تظهر مراراً وتكراراً، أو تدرك أنَّ حديثك الذاتي ليس مشجعاً تماماً كما تعتقد.

الابتعاد قليلاً:

ألق نظرة على ما كتبته، واسأل نفسك: هل ستقول هذه الأشياء لصديق؟ ربما لن تفعل ذلك إذا كنت ترغب في قضاء الوقت معه مرة أخرى.

قد يكون من المفيد تطبيق التفكير نفسه على نفسك؛ حيث وجدت إحدى الدراسات، التي نُشرت في المجلة الأوروبية لعلم النفس الاجتماعي (European Journal of Social Psychology)، أنَّ الطلاب الذين كتبوا نصائح ذاتية باستخدام كلمة "أنت" بدلاً من "أنا" لم يكملوا المزيد من المسائل بنجاح فحسب؛ إنَّما كانوا أيضاً على استعداد لتحمُّل المزيد في المستقبل؛ حيث يمنحنا استخدام صيغة المخاطبة في أثناء حديثنا الذاتي منظوراً أفضل، مما يسهل التعامل مع الموقف بموضوعية، بدلاً من التعامل معه تعاملاً عاطفيَّاً.

هناك طريقة أخرى لترك بعض المسافة بينك وبين أفكارك وهي أن تقدِّم لنفسك النصيحة بالطريقة نفسها التي تعطيها لصديقك أو شريكك أو طفلك، كما يقول إيثان كروس (Ethan Kross)، أستاذ علم النفس في جامعة ميشيغان (University of Michigan) والذي يدير أيضاً برنامج مختبر المشاعر والتحكم الذاتي (Emotion & Self Control Laboratory). من خلال ظهوره على برنامج مراجعات هارفرد لإدارة الأعمال (HBR IdeaCast)، يشير كروس إلى أنَّ ترك مسافة عند الحديث مع الذات "يعزز بنية اللغة لمساعدتنا على التواصل مع أنفسنا، كما لو كنا نتواصل مع شخص آخر".

ويضيف كروس قائلاً: "عندما أخاطب نفسي، أبدأ بمحاولة تدريب نفسي على التعامل مع الموقف باستخدام اسمي: وأقول لنفسي مثلاً: "حسناً يا إيثان، كيف ستتعامل مع هذا؟" وسرعان ما يخرجني هذا من ضيق الرؤية الذي يعدُّ من صفات الحديث الذاتي"، كما يقترح تجنُّب القيام بذلك أمام أشخاص آخرين، لكنَّ أندي موراي لم يدع ذلك يمنعه، أليس كذلك؟

إقرأ أيضاً: 5 أنواع من الحديث مع النفس يُحبِّها العقل أكثر من غيرها

ممارسة الامتنان:

هل تريد أن تعرف أسرع طريقة للتخلص من الأفكار السلبية؟ بدلاً من الحزن على ما ليس لديك، استغل ذلك الوقت للتفكير فيما أنت ممتن إليه.

للامتنان مجموعة كبيرة من الفوائد، من تقليل التوتر إلى الشعور بمزيد من التفاؤل بشأن الحياة، فلا تصدق القول القديم غير الدقيق القائل بأنَّ روَّاد الأعمال الناجحين جميعهم طغاة مصابين بجنون العظمة؛ إذ تظهر الأبحاث في الواقع علاقة إيجابية بين القوة والامتنان، وبصفتي مدير شركة جوتفورم  (JotForm)، وهي شركة تضم أكثر من 300 موظف وملايين المستخدمين، فإنَّ هذا لا يفاجئني على الإطلاق، فالتأكد من معرفة موظفيي بمدى تقديري لهم ولعملهم يخلق شعوراً إيجابياً لنا جميعاً.

مثل أي شيء آخر، يمكن أن يتطلب تدريب عقلك على التركيز على الامتنان بعض الممارسة؛ لذا يقترح دونالد التمان (Donald Altman)، المعالج النفسي والراهب السابق، البدء بثلاثة تمرينات بسيطة:

  • كتابة شيء واحد ممتن لوجوده الآن، والحرص على وضع سبب امتنانك له.
  • تتبُّع الامتنان كل يوم؛ سمِّ علبة من نوع ما بكلمة "امتنان"، ثم، في كل مرة تشعر فيها بالامتنان خلال النهار، ضع قطعةً نقدية أو أي شيء صغير آخر، وفي نهاية الأسبوع، انظر إلى كم الامتنان الذي شعرت به.
  • مشاركة امتنانك اليومي مع شخص آخر، كتب ألتمان: "لا تقلل من أهمية ذلك لبناء العلاقات، في المنزل أو في مكان العمل".

شاهد بالفيديو: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك

إحاطة نفسك بأناس إيجابيين:

هناك مقولة منسوبة إلى المتحدث التحفيزي جيم رون (Jim Rohn)، بأنَّنا متوسط الأشخاص الخمسة الذين نقضي معظم الوقت معهم، وسواءً علمنا أنَّنا نفعل ذلك أم لا، فإنَّ البشر يميلون إلى تقليد سلوكات وعادات من حولهم.

وفي حين أنَّ الجميع يعاني أحياناً من مرور أيام صعبة في حياته، إلا أنَّه هناك بعض الأشخاص الذين يعدُّون التشاؤم والسلبية هي القاعدة؛ حيث يمتص هؤلاء الأشخاص الطاقة، وستعرف أنَّك في حضرة أحدهم عندما تجد نفسك منزعجاً عقلياً وعاطفياً عندما تتفاعل معهم.

شاهد بالفديو: 9 طرق لممارسة التحدث الإيجابي إلى الذات من أجل تحقيق النجاح

على الرغم من أنَّه لا يمكنك دائماً الهروب منهم تماماً، ولكن يمكنك على سبيل المثال، وضع حد لمقدار الوقت الذي تقضيه معهم إذا كانوا زملاءك في العمل، وبدلاً من ذلك، أحِط نفسك بأشخاص متفائلين ويمارسون التحدث الذاتي الإيجابي مع أنفسهم، فهؤلاء هم الذين تريد أن تتعلم عاداتهم.

الأشياء التي تقولها لنفسك هامة، والجميع على دراية بهذه القاعدة الذهبية، لكنَّني أقترح إضافةً عليها: عامل نفسك معاملةً تريد أن يعاملك بها الآخرون، ولا تقبل بأقل مما تستحقه.

المصدر




مقالات مرتبطة