كيف تتغلب على صوتك الداخلي السلبي؟

إنَّ الوعي أعمق من الأشياء الظاهرة في العالم الخارجي، ويتم من خلال الاستماع إلى الصوت الداخلي ومراقبة طريقة تفكيرك التي تتسبب بتحقيق أي نجاح، وهو ما أطلق العلماء عليه اسم التفكير ما وراء المعرفي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مايكل مودي" (Michael Moody)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته مع التغلب على الصوت الداخلي السلبي.

إنَّ مصطلح ما وراء المعرفة يعني ذاتك الحقيقية وفهم آلية التفكير التي تدفعك لفعل أشياء تناقض رغباتك الحقيقية؛ كأن تتناول الحلوى في أثناء اتباعك حمية غذائية؛ أي أن تكون مراقباً للأشياء السلبية التي تفعلها خلال حياتك اليومية.

عندما بدأت أحلل عملية التفكير كنت أتتبع كل جزء من عقلي محاولاً معرفة الطريقة التي يعمل بها؛ لأكتشف على السبب الذي يجعلني أضع نفسي دائماً بحالة تدمير ذاتي؛ على سبيل المثال كنت أؤجل إنجاز الواجبات إلى اللحظة الأخيرة لأجد نفسي تحت ضغط كبير محاولاً إنجاز الأمور بصورة مثالية وفي الوقت المناسب، وبداخلي شعور بتأنيب الضمير وصوت يقول لي إنَّ العمل لن ينتهي بالوقت المناسب ولن يكون على أفضل حال.

كنت أعاني توتراً مرهقاً، وقد أثر ذلك في طريقة معاملتي الناسَ؛ فقد كنتُ أتجنَّبُ الحديث مع الآخرين أو أتحدث معهم في مناسبات قليلة جداً.

أدركت حينها ضرورة التعمق وفهم السبب الكامن وراء ما أشعر به واكتشفت صوتاً داخلياً يدفعني للقيام بكل ما كنت أفعله وأفكر به في حياتي اليومية، فقد كان يوجهني ويتحكم بأفعالي وإدراكي للأشياء بناءً على تجاربي السابقة ومخاوفي والصدمات التي تعرضت لها والتصورات الخارجية.

إنَّ تحديد نمط تفكيرنا والصوت الداخلي الذي يملي علينا أفعالنا أمرٌ هامٌّ جداً؛ وذلك لأنَّ له دور أساسيٌّ في نمط سلوكنا وتوجهاتنا واختياراتنا الشخصية التي تُحدِّد شكلَ حياتنا؛ وبذلك لا تلغي وجوده؛ إنَّما توجهه ليكون داعماً لك بدلاً من اتباعك له طوال الفترة السابقة دون فائدة، أمَّا الآن فقد حان الوقت لتعيد تشكيل حياتك بالطريقة التي تجعلك سعيداً.

الاستماع إلى الصوت الداخلي:

كانت قصة صديقي مع اكتشاف صوته الداخلي مثيرة للاهتمام؛ ففي أحد أيام عطلة الأسبوع في أثناء الاستحمام بدأ يلاحظ صوتاً يتردد داخله ويقول: "أنا أكره حياتي"، وعندها شعر بالقلق؛ لأنَّه لم يعرف السبب الحقيقي لذلك الشعور؛ فحياته كانت ممتازة على الصعيد الشخصي والمهني، وربَّما كان السبب هو شعور بالخوف وعدم الأمان أو بسبب كلمة وجهها له أحد ما، كان يجهل عدد المرات التي تكررت فيها هذه الجملة وتأثيرها في معاملة الآخرين وطريقة حياته.

يمكن أن يكون منشأ هذه الرسائل السلبية مجموعة من المخاوف وعدم الشعور بالأمان الذي تعود جذوره إلى الطفولة من الأهل أو المدرسة، وقد يكون مصدرها ضغوطات العمل والأشخاص المرافقين، وقد يكون هذا الصوت مقنعاً لدرجة يدفعك للقيام بأشياء مدمِّرة تعوقك عن تحقيق أهدافك أو تضعف تقديرك لذاتك.

إنَّ عدم معاملة تلك المواقف المتكررة في وقتها ومعالجة تأثيرها النفسي، قد يجعلها تتطور وتكون جذوراً قوية تؤثر في الشخص ظاهرياً وباطنياً؛ وهكذا يمكن للرسائل المختلفة مهما كانت أن تتحول إلى معتقدات من خلال التعرض المتكرر عن قصد أو دون قصد.

شاهد بالفيديو: 5 طرق لمحاربة التفكير السلبي في الحياة

الانتباه إلى الرسائل التي تخبر بها نفسك:

يجب أن تكون منتبهاً وواعياً لنوعية الرسائل والكلام الذي توجهه لنفسك من خلال ممارسة التأمل والحضور والهدوء؛ فحديثك الداخلي له تأثير في مشاعرك وتصرفاتك أكبر بكثير ممَّا تظن؛ لأنَّني شخصياً أضعت كثيراً من الفرص المتاحة لتطوير حياتي المهنية أو الشخصية بسبب فكرة أنَّني " لن أستطيع" التي كنت دائماً أرددها باستمرار.

لكن كي لا يلتبس عليك الأمر يمكن لهذا الصوت الداخلي أن يكون مفيداً وداعماً جداً، لا سيَّما في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الشعور بالثقة والأمان فيصبح هو المرشد والناصح الذي يدعمك ويقوي إيمانك.

ليكن هدفك الجديد هو الوعي الحقيقي الداخلي والخارجي المتجرد عن المشاعر والعواطف الذي يسمح لك بالحضور والتركيز مع نفسك من خلال التنفس العميق والتركيز على اللحظة الحالية.

عادة ما يكون هذا الصوت الداخلي هو السبب لبدء رحلة التغيير، إضافة إلى الرغبة بمعرفة الدافع وراء بعض السلوكات وأصل الرسائل والأحاديث الداخلية السلبية والرغبة في إيقافها أو منعها من التطور.

قد تكون هذه الرحلة لاكتشاف الذات تستحق الاهتمام؛ لكنَّها يمكن أن تعيد إحياء بعض المشاعر الغريبة والحزينة أو مخاوف قديمة من الطفولة التي ربَّما تكون السبب المباشر بقراراتك الحالية بعد مرور عشرات السنين.

قد تصل إلى مرحلة إلقاء اللوم على نفسك أو الآخرين التي تؤدي بك إلى دوامة من المخاوف وانعدام الشعور بالأمان وإصدار الأحكام، ولكنَّ تقييم الأمور بموضوعية يتطلب جهداً وتدريباً تماماً مثل كل الأمور المخزنة في العقل اللاواعي التي تتطلب تحديد الوقت والمستوى الذي تريد أن تصل إليه في أثناء اكتشافك تلك الأمور.

في الحالتين أنت بحاجة إلى استبدال الرسائل السلبية التي قد تكون وهمية برسائل إيجابية، إضافة إلى أدلة ملموسة تساعدنا على تخطي الأفكار السلبية؛ لذلك كنت أراجع تقييمات العملاء الإيجابية التي تعكس استفادتهم من دوراتي التدريبية عندما أشعر بأي شكوك بشأن هذا الموضوع.

إقرأ أيضاً: 15 طريقة لممارسة التحدث الإيجابي إلى الذات من أجل تحقيق النجاح

لقد ساعدتني هذه الطريقة على التغلب على مخاوفي، إضافة إلى ترديد العبارات الإيجابية الآتية التي تساعد على تجاوز المخاوف وردود الفعل غير المنطقية وانعدام الشعور بالأمان وغيرها كثير:

  • يمكنني تجاوز هذا الأمر.
  • إنجازاتي السابقة تؤكد على عدم صحة هذه الأفكار.
  • سأفكر بالموضوع من وجهة نظر عقلانية فقط.
  • سأقدم أفضل ما لدي على الرغم من عيوبي.
  • أنا على استعداد لمعاملة أي ظرف مجهول.
  • يمكنني تغيير هذا الوضع، إن لم يكن الآن ففي وقت لاحق.
  • أحب نفسي وأتقبلها كما هي بمميزاتها وعيوبها كلها.
  • المخاوف وانعدام الشعور بالأمان يتلاشيان بسرعة كما بدأا بسرعة.
  • أملك القوة الكافية لمواجهة مخاوفي مجدداً.
  • مخاوفي مبالغ بها وغير منطقية.
  • أملك الإرادة الكافية للتغيير.
  • بإمكاني تغيير الظروف المحيطة بي.
  • سعادتي في العمل هي قرار شخصي بإمكاني التحكم به.
إقرأ أيضاً: الحديث السلبي مع الذات وطرق التخلص منه

في الختام:

من خلال الممارسة وترديد عبارات التحفيز الإيجابية ستتطور قدرتك على دعم نفسك بالرسائل الإيجابية التي تقويك على نقاط ضعفك وترتقي بك إلى مستويات أعلى.




مقالات مرتبطة