كيف تتعامل مع طفلك الغاضب؟

لماذا طفلك غاضب ويسيء التصرف؟ هناك جزءان لهذا السؤال؛ "لماذا طفلك غاضب؟" و"لماذا طفلك يسيء التصرف؟".



السؤال الثاني الإجابة عنه أسهل؛ إذ يمكن أن يؤثر الغضب في القرارات وتحديد المسؤول عن الأحداث السلبية؛ فعندما يكون الطفل غاضباً، يكون مُتأكِّداً من أنَّك أنت المخطئ وهذا التصوُّر يجعل من الصعب عليه إظهار الاحترام؛ وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال مهارات التنظيم العاطفي للأطفال قيد التطوير؛ ولذلك من الصعب جداً على الطفل الغاضب أن يتصرَّف باحترام، وقد يجد البالغون أنَّ التعامُل مع غضب أطفالهم أمر مُحيِّر ومرهق ومتعب.

فعندما كنا أطفالاً، تعلمنا أنَّ الغضب أمر سيئ، وكثيراً ما كُنا نُعاقَب أو يصيحون في وجهنا للتعبير عن الغضب، فلم نتعلَّم أبداً كيفية التعامُل مع غضبنا أو التعبير عنه تعبيراً صحيحاً؛ ونتيجة لذلك، غالباً ما نغضبُ عندما نواجه غضب طفل، وعلاوة على ذلك، فإنَّ عدم الاحترام الذي يُظهِره الأطفال في مثل هذه الأوقات يجعل التحكُّم بعواطفنا أصعب، والآن بعد أن عَلِمنا من أين يأتي عدم الاحترام، فلنكتشف كيف يمكننا التعامل مع سلوك الطفل الغاضِب باستخدام نهج قائم على العلم.

نصائح للتعامل مع طفل غاضب وقليل الاحترام:

1. لا تغضب:

قد يؤدي سلوك الطفل الذي يُعبِّر عن قلة الاحترام إلى إثارة غضبك، وقد تشعر برغبة في معاقبته أو الصراخ قائلاً: "كيف تجرؤ على التحدُّث معي بهذه الطريقة؟" ونادراً ما ينجح استخدام الرد غير المحترم لتعليم الاحترام؛ حيث يمكن للبالغين تصعيد الأمور تماماً كما يفعل الأطفال قليلو الاحترام؛ فيجب أن تكون قدوة جيدة، وأظهِر لأطفالك كيف يحافظون على رباطة جأشهم واحترامهم حتى في المواقف العصيبة.

وعلاوة على ذلك، عندما يكون الطفل غاضباً، فإنَّه يمرُّ بمشاعر كثيرة، ولكن إذا غضبت من عدم الاحترام، فإنَّك تتجاهل مشاعر طفلك بينما تطالبه بالعناية بمشاعرك؛ حيث يحتاج الأطفال الذين لا يستطيعون التحكُّم بغضبهم إلى مساعدتنا للقيام بذلك، فركِّز بدلاً من ذلك على غضبه بدلاً من غضبك، فإنَّ التصرُّف بأفضل طريقة ممكنة مع أطفالنا، هو جزءٌ من التربية الصالحة، ووضع اهتماماتنا الخاصة قبل اهتمامات أطفالنا هو تربية سيئة.

فإذا كنت غير قادر على الحفاظ على هدوئك في المواقف الصعبة مثل هذه، كيف يمكنك أن تتوقَّع من طفل لديه عقل نامٍ ومهارات تنظيم عاطفي أقل أن يفعل ذلك؟ وعلاوة على ذلك، فإنَّ العواطف مُعدِية؛ إذ سوف يغذي غضبك غضب طفلك؛ لذا، أولاً وقبل كل شيء، حافظ على هدوئك؛ حيث يؤدِّي الآباء أدواراً مهمة في تعليم أطفالهم كيفية التعامل مع التحديات، فخُذ نفساً عميقاً إذا كنت تواجه صعوبة في الحفاظ على الهدوء، وصفِّ عقلك وركِّز على مساعدة طفلك على تعلُّم كيفية التعامل مع غضبه.

2. تأكَّد من الحفاظ على سلامة الجميع:

في حالة الغضب الشديد، قد ينتهي الأمر بالأطفال الخارجين عن السيطرة بإيذاء الآخرين أو أنفسهم، فإذا اعتدى طفلك جسديَّاً على أحد، فتأكَّد من أنَّ طفلك في منطقة آمنة والآخرين أيضاً، وخاصة الأطفال الآخرين، يجب أن يُبقَوا على مسافة آمنة، فإذا كان طفلك يرمي الأشياء أو يضرب الآخرين، فستحتاج إلى السيطرة عليه جسدياً، من أجل سلامته وكذلك سلامة الآخرين.

وببساطة عانِقهُ بقوة وقل له: "أنا آسف، فربَّما لا تريد عناقاً في الوقت الحالي، ولكنَّني بحاجة إلى الحفاظ على سلامتك أنت والآخرين، ومساعدتك على الهدوء، فلنعمل الآن على ذلك معاً، خُذ نفساً بطيئاً وعميقاً".

إقرأ أيضاً: 6 مشاكل نفسيّة يتعرض لها الأطفال بسبب صراخ آبائهم

3. لا تُعاقِب:

يُلقَّن الطفل الانضباط تلقيناً، وليس من الضروري معاقبة الطفل لتحقيق ذلك، كما أنَّه ليس وسيلة فعَّالة؛ حيث إنَّه لا يُعلِّم طفلك كيف تتحكم بغضبه، ويؤدي إلى تَصدُّع العلاقة بين الوالد والطفل، ويمكن أن يزيد العقابُ الأمورَ سوءاً، فالعقاب البدني مثل الصفع، ضار بشكل خاص لنمو الطفل، ويتبيَّن أنَّ الضرب غير فعال في تحسين سلوك الطفل، فهو مرتبط بنتيجة سلبية، بما في ذلك العدوانية ومشكلات الصحة العقلية وضعف القدرة المعرفية وتعاطي المخدرات.

يصرُّ بعض الآباء على أنَّ العقوبة ضرورية لتعليم الأطفال عواقب عدم الاحترام؛ حيث إنَّ هناك الكثير من الدراسات البحثية التي تثبت أنَّ التعليم أفضل من العقاب عند تأديب الأطفال، فإذا كان أحد الوالدين يعرف هذا ولكنَّه لا يزال مُصِرَّاً على استخدام العقوبة، فقد تكون هناك مشكلات أعمق، فهل يعاقبونه حقاً من أجل أن يعلموه درساً، أو من أجل أن ينتقموا من الطفل لأنَّه أغضبهم؟

4. اعتَرِف بغضبِ طفلك:

يعني الاعتراف بغضب طفلك إدراك أنَّ طفلك لديه مشاعر، حتى لو كانت مشاعر لا تُحِبونها؛ إذ يتعلق الأمر أيضاً بترك طفلك يتقبل مشاعره الخاصة؛ حيث تُظهر الأبحاث أنَّ تقبُّل المشاعر هو أفضل استراتيجية للتكيُّف من محاولة قمعها، فأولئك الذين يستخدمون القبول كآلية للتكيُّف، لديهم تحمُّل أفضل للضيق العاطفي، وللتعرف إلى غضب طفلك، يمكنك ببساطة وصف مشاعره، مثل القول: "أنت تشعر بالغضب الشديد، وتجعل الأمر يبدو كما لو أنَّني لا أهتمُّ بمشاعرك".

عند الاعتراف، فإنَّ أحد الأخطاء الشائعة هو الحكم عليها أو محاولة تغييرها بعد ذلك، فقد تقول على سبيل المثال: "أنت تشعر بالغضب، ويبدو الأمر كما لو أنَّني لا أهتمُّ بمشاعرك، ولكنَّ هذا ليس صحيحاً لأنَّ...

كلمة "لكن" سيئة في هذا الموقف، فلا تُضِف كلمة "لكن..."؛ فالمشاعر ليست صحيحة ولا خاطئة، وإذا حاولت تغييرها أو الدفاع عن نفسك، فلا يزال الأمر متعلقاً بك ولا تحترم مشاعر طفلك.

في الكثير من الأحيان، يغضب الأطفال، ليس لأنَّهم لا يحصلون على ما يريدون، ولكن لأنَّهم لا يشعرون بأنَّ أصواتهم تلقى آذاناً صاغية؛ فمن خلال جعل الأمر يتعلق بما تعتقده، فأنت لا تعترف حقاً بمشاعرهم؛ ولذلك، ما عليك سوى وصف ما يشعرون به واترك الأمر عند هذا الحد.

شاهد بالفديو: 8 تصرفات تشير إلى أنَّنا نسيء تربية أطفالنا دون أن نعلم

5. اسأل أسئلة لفهم مصدر الغضب:

اكتشف سبب مشكلات الغضب لدى طفلك، ففي بعض الأحيان، قد يكون السبب شيئاً صغيراً لا يسير كما هو مخطط له، وفي بعض الأحيان، يكون الغضب المكبوت طويل الأمد ناتجاً عن علاقة متوترة بين الوالدين والطفل، فاطرح أسئلة بهدوء لتحديد السبب، مثل القول: "هل أنت غاضب لأنَّك أردت فقط وجبة خفيفة قبل العشاء لأنَّك كنت جائعاً، ولكنَّني لم أسمح لك؟" أو "هل أنت غاضب لأنَّني أتجاهل دائماً ما تحتاج إليه؟".

فعندما تطرح أسئلة، فإنَّك تُعلِّم طفلك تسمية ووصف ما يمر به حتى يتعلم كيف يخبرك بدلاً من استخدام السلوك السيِّئ أو الإدلاء بتعليقات سيئة لتوضيح وجهة نظره؛ حيث يمكن للأطفال تحسين تنظيمهم العاطفي من خلال تعلُّم مهارات التواصل، وسوف يتعلمون أيضاً طريقة جيدة للتعبير عن مشاعرهم وجعل الآخرين ينصتون إليهم.

وهناك أسباب أخرى لغضب الطفل، فقد يستخدمون الغضب لتجنُّب المشاعر المؤلمة مثل الشعور بالفشل أو تدنِّي احترام الذات أو الشعور بالوحدة أو القلق، ويمكنك معرفة ذلك فقط بالسؤال؛ لذا استمر في التحقيق بلطف لمعرفة سبب انزعاجهم الشديد.

6. قدِّم له المساعدة:

ساعدهم على إيجاد حل بديل إذا كان الغضب ناتجاً عن عدم الانصياع لرغباتهم في شيءٍ ما، فإذا كان طفلك غاضباً لأنَّه لا يستطيع تناول الحلوى قبل العشاء عندما يكون جائعاً، فاقترح تناول البسكويت في أثناء انتظاره، ودعه يختار قدر الإمكان، وبالطبع، تأكَّد من أنَّ الخيارات هي التي ستسمح بها عندما يختار طفلك أيضاً.

قد يحتاج الغضب الناجم عن علاقة متوترة بينك وبين طفلك إلى المزيد من العمل، فاعرِض التحدث إليهم أكثر وتعلَّم الإنصات إلى احتياجاتهم بدلاً من رفضها تماماً، واعمل على إصلاح وبناء علاقة صحية بين الوالدين والطفل، وامنح ابنك الإحساس بالأمان؛ من خلال كونك والداً متجاوباً، فالأطفال الذين يشعرون بأمان يكونون أفضل في تنظيم المشاعر السلبية ولديهم نتائج أفضل بشكل عام.

7. علِّمه مهارات التنظيم العاطفي:

جزء من المساعدة التي يمكنك تقديمها لطفلك هو كيفية تنظيم عواطفه، فالشعور بالغضب مؤلم، ولكن عندما يمر الشخص بمشاعر جيَّاشة، فإنَّ التخلُّص منها أمر صعب؛ لذا علِّم طفلك كيفية التأقلُم قبل أن يغضب مرة أخرى؛ حيث يُعَدُّ أخذ نفس عميق وبطيء أو العد التنازلي الأسهل والأكثر فاعلية، فإنَّ التحدُّث عما يشعرون به بدلاً من الانفجار غاضباً، هي طريقة أخرى قابلة للتطبيق للتعامل مع غضبهم.

إقرأ أيضاً: التربية تحت مجهر علم النفس الحديث

8. علِّمه كيفية التعبير عن الاعتراض باحترام:

عندما يهدأ الجميع، يمكنك العمل على تعليمهم الاستجابة الصحيحة، ولا يمكننا فقط إخبار الأطفال بالسلوك الذي نجده غير مقبول، فيجب علينا أيضاً أن نُعلِّمهم الطرائق المناسبة للتعبير عن اعتراضهم؛ لذا فابتكِر طرائق عدَّة يمكنهم استخدامها في المرة القادمة التي يواجهون فيها مثل هذه المشكلات، مثل القول: "دعني أخبرك ما يفعله أطفالٌ آخرون في مثل هذا الموقف..."، ثم التدريب عليها، فبمجرَّد قول: "في المرة القادمة افعَل الأمر بهذه الطريقة، ليس بتلك" لا يكفي، عليك أن تطلب منهم أن يتدرَّبوا على نطقها بصوت عالٍ لمساعدتهم على حفظها في الذاكرة.

9. أثنِ عليهم في الأوقات التي يتصرفون فيها تصرُّفاً جيداً:

واحدة من أفضل الطرائق لتحفيز السلوك المحترم وتقليل المشكلات السلوكية؛ هي الثناء على الأطفال عندما يكونون جيدين، فكافِئ الجهود الإيجابية باستخدام التعزيز الإيجابي، فالتعزيز الإيجابي، عندما يتمُّ بشكل صحيح، هو أداة تأديبية قوية للغاية يمكن أن تساعد على وقف السلوك السيِّئ من الأطفال.

كن متيقِّظاً، وستجد العديد من الفرص على مدار اليوم، لمنح طفلك اهتماماً إيجابياً، فامدَحه عندما يحدث ذلك، كالقول: "شكراً لك على انتظار العشاء بصبر، بعد ممارسة كرة القدم، يجب أن تكون جائعاً" أو "أُقدِّر أنَّك مؤدب جداً عندما تطلب مني إعداد شطيرة"، وبالإضافة إلى ذلك، ذكِّرهم باستخدام تقنيات التكيُّف التي تعلموها عندما ترى علامات عدم الاحترام أو الغضب.

10. كُن صبوراً:

كن صبوراً مع طفلك؛ وذلك لأنَّ التحكُّم بأعصاب المرء، يستغرق وقتاً وممارسة، ويتضمَّن الانضباط الجيد استخدام التفكير وخلق بيئة من الهدوء والاحترام؛ حيث يَستخدِم التأديب السيِّئ العقاب القاسي والسخرية والاعتداء اللفظي على الطفل.

ولتربية شخص محترم وذي ضميرٍ حي، لا يحتاجون فقط إلى تطوير احترام الآخرين؛ وإنَّما أيضاً احترام أنفسهم، وقد يستغرق الأمر سنوات من الممارسة، ولكن عندما نُظهِر الرعاية واللطف والاحترام بصدق، فسوف يتعلَّمون في النهاية كيفية التعامل مع الآخرين تعاملاً صحيحاً.

في الختام:

القدرة على التعرُّف إلى مشاعر المرء وتنظيمها تنظيماً صحيحاً مهارةٌ مكتسبةٌ لا يُولَد بها الأطفال، فامتلاك طفل يُظهِر سلوكاً يَنُمُّ عن قلة الاحترام لا يعني تلقائياً أنَّك والد سيئ، ولا يعني امتلاك أطفال مثاليين أنَّك أب جيد؛ بل يعني هذا أنَّك تبذل قصارى جهدك لمساعدة طفلك على النمو إلى شخص منضبط وناجح ويتمتع بصحة جيدة.

المصدر




مقالات مرتبطة