كيف تتعامل مع ثقافة الإجهاد في العمل؟

تبدو صباح الاثنين وكأنَّك تقف على حافة مستنقع ناظراً إلى كل ما هو حولك، وتترقَّب العديد من المخاطر: المياه الداكنة والخطيرة، وبقع من الأرض التي تشبه الرمال المتحركة، والأشجار مع كتل معلقة من الطحالب التي تخفي خلفها ما تفضِّل ألَّا تعرفه؛ فهل هو تمساح يسبح تحت السطح مباشرة؟ أنت تعلم أنَّه لا يمكنك الهروب من المواجهة دائماً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب ومستشار الموارد البشرية "توم دافينبورت" (Tom Davenport)، ويُخبِرُنا فيه عن تجربته في كيفية إدارة إجهاد العمل.

بالنسبة إلى الكثيرين في عالم العمل فإنَّ مواجهة الوظيفة صباح الاثنين تشبه الوقوف على حافة ذلك المستنقع، ولكن بدلاً من الخطر المتمثل في التماسيح والثعابين؛ يمتلِئ مكان العمل بالإجهاد والتوتر الناجم عن ضغوطات العمل والغموض والصراع وعدم اليقين، ويُعَدُّ مكاناً خطراً وغير صحي، وبدلاً من أن تحل المؤسسات مشكلة ذلك المستنقع حلاً جذرياً، تشتري لموظفيها حذاءً ليخوضوا في ذلك المستنقع أو تحيلهم إلى طبيب ليعالجهم من عضة ذلك التمساح.

مكان العمل مستنقع من الإجهاد:

لمعرفة ما إذا كان الإجهاد سائداً في مكان عملك؛ ابدأ تحديد عناصر الثقافة التنظيمية التي تعتقد أنَّها تُميز مكان عملك. قَسَّم استطلاعٌ - أجرته شركة التأمين "ويليس تاورز واتسون" (Willis Towers Watson) في عام 2014 عن ثقافة وضغوطات مكان العمل - الخصائص الثقافية إلى فئتين: "الجانب الإنساني للثقافة" و"الجانب العملي"، ويشمل الجانب الإنساني للثقافة قيمة كل موظف وتجربته في أثناء عمله وحياته داخل الشركة، ويتكون الجانب الإنساني - كما حدده الاستطلاع - من أربعة عناصر رئيسة؛ كل منها محدد بفلسفتين متعارضتين أو نقاط نهاية على مقياس لفظي، ويؤثر الجانب العملي للثقافة في كيفية تحديد المهام وتكوينها؛ وهذه هي عناصر الجانب العملي الخمسة ونقاط النهاية الوصفية الخاصة بها.

تتمركز محددات الثقافة - في معظم المؤسسات - في مكان ما بين النقاط النهائية لكل بُعد؛ على سبيل المثال، سيجعل القليل منها جميع القرارات مركزية أو يكون إمَّا إجرائياً صارماً أو مرناً شاملاً، والشيء الهام هو تحديد الأبعاد ونقاط النهاية الوصفية التي لها معنى في ثقافتك.

إقرأ أيضاً: 5 طرق مُفاجئة يُؤثّر بها الإجهاد على دماغك

نتائج استطلاع الإجهاد:

حدَّد المشاركون في الاستطلاع - باستعمال هذه الأبعاد - الاختلافات بين ثقافة مكان العمل الخاصة بهم وبيئة أقل إجهاداً وأكثر إرضاءً، ورأى الأشخاص أنَّ الثقافات الحالية لشركاتهم تسبب ضغطاً لا داعي له؛ ويرجع ذلك أساساً إلى التركيز الكبير في مهام معيَّنة مركزية وموجهة من قِبَل المدير، كما أنَّهم اختبروا أماكن عملهم على أنَّها في الغالب إجرائية وتحليلية وتتجنَّب المخاطر.

ولزيادة إمكانية تحقيق قدر أكبر من العمل وتقليل التوتر، قال الأشخاص المشاركون في الاستطلاع إنَّ ثقافات عملهم ستحتاج إلى إظهار ما يأتي:

  • توجُّه أكبر نحو الأشخاص: تقليل الاهتمام بالمهام وزيادة الاهتمام بالسلامة الشخصية للموظفين كونها ضرورية لزيادة الإنتاجية وتقليل التوتر، بدلاً من التفكير في أمورٍ لاحقة.
  • المزيد من الفرص للإدارة الذاتية: استقلالية أكبر للموظفين لتحديد متى وأين وكيف سينجزون وظائفهم.
  • أفق تخطيط طويل الأمد: والمزيد من الفرص للعمل الصعب الذي يكون خالياً إلى أقصى حد ممكن من المواعيد النهائية غير الواقعية والمرهقة، ويساهم مساهمةً مباشرة في النمو الفردي والنجاح التنظيمي الدائم.
  • تركيز أقوى في الحلول المبتكرة للمشكلات: المزيد من الفرص للموظفين لممارسة الإبداع وإعادة النظر في مناهج العمل التقليدية الراسخة.

قد تستعمل مؤسستك مصطلحات أخرى لتحديد أبعاد الثقافة، أو لإنشاء استطلاع يتضمن عناصر مختلفة، والنقطة الأساسية هي ما يأتي: نظراً لأنَّ الإجهاد هو ظاهرة نفسية اجتماعية، فإنَّ البيانات التي تُجمَع مباشرة من الموظفين في تجارب مكان عملهم تشكِّل جزءاً أساسياً من تشخيص الإجهاد الشامل.

لا تركز استطلاعات الرأي المعممة في ضغوطات مكان العمل لتقديم رؤى مفيدة عما يواجهه الموظفون؛ لذا فقط من خلال الفهم التفصيلي لكيفية إدراك الموظفين للمشهد الثقافي الذي يواجهونه كل يوم، يمكن للمؤسسات اتخاذ قرارات واضحة عن كيفية معالجة الإجهاد؛ وذلك إمَّا بشكل مباشر أو غير مباشر؛ وتؤدي القيادة التنفيذية المهمة الأصعب في وضع القواعد الأساسية التي تتشكل من خلالها ثقافة المنظمة التي تعالج الضغوطات.

المصدر




مقالات مرتبطة