كيف تتعامل مع الأفكار المقلقة؟

جاءت "ياسمين" (Jasmine) لرؤيتي بغرض العلاج؛ لأنَّها كانت خائفة من أن تقتل ابنتها المولودة حديثاً، وشرحت لي أنَّها وبعد يوم أو يومين من وصولها من المستشفى بعد الولادة، خطر ببالها فكرة مزعجة، ففي أحد الأمسيات وبينما كانت تغير حفاضة ابنتها، قالت لنفسها: إذا وضعتُ يدي حول عنقها وخنقتُها فستموت على الفور.



ملاحظة: هذه المقال مأخوذ عن المعالج النفسي "نيك ويغنال" (Nick Wignall) ويُقدِّم فيه نصائح عملية للتعامل مع الأفكار المقلقة.

كانت "ياسمين" مذعورة من فكرة أنَّها ستفعل شيئاً مروعاً لابنتها، وتابعت: "بالطبع لا أنوي أن أؤذيها، لكنَّني أخشى أنَّني أرغب بذلك دون أن أشعر، تخيَّل أنَّني لم أسمح لنفسي بالبقاء بمفردي معها منذ 48 ساعة لأنَّني أخشى أن أنتهز الفرصة وأفعل لها شيئاً مروعاً".

وتابعت مريضتي الشرح كيف أنَّ المزيد من الأفكار التي تتخيل فيها أنَّها تقتل ابنتها كانت تراودها مؤخراً، وشعرت أنَّها تفقد عقلها، أو أنَّها تعاني من مرض نفسي يدل على أنَّها شخص عنيف أو شرير.

ولحسن الحظ، بعد أسئلة عدة كنت قادراً على إخبار "ياسمين" بأنَّها لا تفقد عقلها وليست مريضة نفسياً، كما أخبرتها أنَّه لا يوجد احتمال من أنَّها ستؤذي ابنتها، وفي الواقع، سيكون من الجيد أن تذهب إلى منزلها وتعتني بابنتها، وفسرتُ لها أنَّ ما كانت تعانيه هو عبارة عن أفكار تطفلية غير مرغوب فيها، وهي إحدى أعراض القلق، وليست هلاوس أو دليلاً على خلل عقلي.

وخلال علاج دام 10 أشهر عملت مع "ياسمين" على تغيير الطريقة التي تتعامل بها مع الأفكار غير المرغوبة.

ومن خلال تعليمها أنَّ هذه الأفكار مزعجة لكنَّها ليست خطيرة، تضاءل بشكل كبير تواتر الأفكار المقلقة لدى "ياسمين" والأهم من ذلك، أنَّها كانت قادرة على البقاء مع ابنتها والاستمتاع دون الخوف المستمر من أنَّها قد تفعل شيئاً مروعاً.

يخطر بأذهاننا جميعاً، العديد من الأفكار والمعتقدات خلال اليوم؛ ذكريات، وقصص، وصور تدور في أذهاننا، وغالباً ما نكون مسيطرين عليها سيطرة واعية؛ ما يعني أنَّنا قادرون على البدء بالفكرة وتوجيهها في سياق معين، وكمثال سهل، عندما تجوع فإنَّك تفكر في أقرب مكان يمكنك الحصول منه على الطعام.

لكن ليست جميع الأفكار مسيطراً عليها مباشرة. تظهر بعض الأفكار بسهولة في وعينا؛ كأن تتذكر موعداً أو اجتماعاً نسيتَه، وهذا المثال يوضح أنَّ الفكرة يمكن أن تنشأ أحياناً دون سيطرة منك أو دون نية واعية منك في أن تظهر الفكرة.

وهي ما نسميه بالأفكار التطفلية؛ أي الأفكار التي تحدث على الرغم من إرادتنا أو دون جهد ذهني نبذله. وعلى الرغم من أنَّها أحياناً تكون مفيدة أو عادية، إلا أنَّها في أحيان أخرى تكون مزعجة أو مخيفة، وهي التي يسميها علماء النفس بالأفكار المقلقة غير المرغوب فيها.

الأفكار المقلقة غير المرغوب فيها، أمر شائع جداً، وتشير بعض الدراسات إلى أنَّ أكثر من 90% من البشر يختبرون لحظات تقتحم فيها الأفكار غير المرغوب فيها أذهانهم، وغالباً ما تكون الموضوعات التي تدور حولها هذه الأفكار هي العنف أو التلوث أو السلوك الجنسي غير اللائق.

اقترحت بعض النظريات التقليدية في علم النفس، أنَّ الأفكار المقلقة تُعبِّر عن رغبات مكبوتة، لكن ما من دليل يدعم هذه النظريات.

لكنَّ المناهج الحديثة في العلاج النفسي، ومنها العلاج المعرفي السلوكي، تَعُدُّ السبب الأولي للأفكار المقلقة غير معروف أو عشوائياً. وكما قلنا، إنَّ الأفكار تتدفق في أذهاننا على مدار اليوم؛ لذلك فإنَّ حقيقة وجود أفكار مخيفة أو مزعجة في بعض الأحيان ليست مفاجئة من الناحية الإحصائية.

وعلى الرغم من أنَّ الأفكار المقلقة ليس لها سبب محدد، إلا أنَّها من الممكن أن تحدث بشكل خاص نتيجة حدث صادم؛ مثلاً في اضطراب ما بعد الصدمة، من الشائع جداً حدوث الأفكار المقلقة التي تدور حول الحدث الصادم وتستمر لأشهر أو حتى لسنوات بعد الحدث ذاته.

لكن عندما تصبح الأفكار المقلقة دائمة ومؤلمة - كما في حالة "ياسمين" - فإنَّ الحالة المَرَضية ليست ذات صلة بالأفكار بحد ذاتها؛ بل بالطريقة التي ينظر فيها المريض إلى هذه الأفكار والطريقة التي يتعامل بها مع أفكاره. وقد كنا نتعلم لفترة طويلة من الزمن كيف أنَّ قمع الفكرة أو محاولة تجاهلها عمداً يزيد من احتمال ظهور الفكرة في وعينا.

وفي دراسة شهيرة تُعرَف بدراسة "الدب الأبيض" التي أُجريت عام 1987، أظهر عالم النفس "دانييل ويغنر" (Daniel Wegner) وزملاؤه، أنَّ الطلب من المشاركين صراحةً بعدم التفكير بدب أبيض في أثناء أدائهم لمهمة أدى إلى نتائج عكسية؛ إذ أصبح المشاركون في الدراسة يفكرون بالدب القطبي بشكل أكثر تواتراً.

طوَّر "ويغنر" لاحقاً نظريته المُسماة بنظرية المعالجة الساخرة، التي تؤكد أنَّه على الرغم من أنَّ قمع الفكرة يمكن أن يقلل من ظهورها على الأمد القصير، إلا أنَّ العقل يقوم بالتحقق من الفكرة لاحقاً؛ وهذا يؤدي إلى المزيد من الأفكار التطفلية.

ويبدو أنَّ الآلية التي تعمل خلال هذه العملية، هي أنَّك كلما حاولت الإيحاء لعقلك بقمع فكرة ما فسر العقل هذا الإيحاء على أنَّ الفكرة على غاية من الأهمية؛ لذلك يحاول تذكيرك بها لاحقاً.

"المعالجة الساخرة" هي المحرك الرئيس للأفكار المقلقة غير المرغوب فيها، في حالات مثل اضطراب الوسواس القهري، تماماً مثل التجربة التي طُلِب فيها من المشاركين عدم التفكير بالدب الأبيض؛ أي إنَّك كلما حاولت قمع فكرة مزعجة، حاول عقلك التحقق من الفكرة وتذكيرك بها، ومن خلال هذه الآلية نقع في حلقة مفرغة من الأفكار التطفلية، ومحاولات تجاهل الفكرة، وما ينتج عن ذلك من مشاعر القلق.

ومفتاح الخروج من هذه الحلقة المفرغة هو تغيير طريقة تعاملك مع هذه الأفكار. ومن خلال عملي بصفتي معالجاً معرفياً سلوكياً، أنصح المريض أولاً بألا يعطي قيمة لهذه الأفكار مهما كانت مزعجة؛ أي إنَّها لا يمكن أن تتنبأ بسلوك الشخص أو حقيقة شخصيته؛ وذلك على عكس بعض المدارس الأخرى في العلاج النفسي التي ترى أنَّ الأفكار المقلقة غير المرغوب فيها تمثِّل رغبة مكبوتة في اللاوعي.

إنَّ أسلوبي في العلاج يقوم على افتراض أنَّ هذه الأفكار لا تعني بالضرورة أي شيء. والدليل على أنَّ هذه الأفكار لا تتنبأ بحقيقة الشخص أو ميوله المكبوتة، هو أنَّ هؤلاء الأشخاص يصابون بالذعر من هذه الأفكار، ويحاولون ألا ينصاعوا لهذه الأفكار؛ وهذا يدل على رغبتهم في عدم التصرف بالطريقة التي توحيها لهم هذه الأفكار.

وتشير الأبحاث إلى أنَّ وجود أفكار تطفلية غير مرغوب فيها لا يزيد من خطر إخراج محتوى هذه الأفكار إلى أرض الواقع؛ أي إنَّ الشخص الذي يعاني من هذه الأفكار لا يتصرف بحسب مضمون الفكرة.

شاهد: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

ما هي الطريقة المثالية للتعامل مع هذه الأفكار؟

في البداية، يجب أن تعلم أنَّك في حال كنت تحاول قمع الأفكار غير المرغوبة، فتذكَّر أنَّك كلما حاولت ذلك، ازداد ظهور الأفكار غير المرغوبة، في حين أنَّ تقبلها يقلل من تواتر ظهورها. وهذه بعض النصائح العملية التي تمكِّنك من تغيير الطريقة التي تتعامل بها مع هذه الأفكار، ومن خلالها ستعلِّم عقلك أنَّه على الرغم من أنَّ هذه الأفكار قد تكون مزعجة، إلا أنَّها ليست خطيرة.

1. تعرَّف إلى هذه الأفكار وتجنَّب وصفها بطريقة سلبية:

تجنب استعمال مصطلحات مثل "الأفكار الشريرة" أو "الأفكار السلبية"، فهذه التسميات تعزز فكرة أنَّ هذه الأفكار خطيرة ويجب تجنبها.

بدلاً من ذلك، صنِّفها على أنَّها أفكار حيادية وواقعية، على سبيل المثال، يمكنك تسميتها بالأفكار غير المرغوب فيها، أو الأفكار التطفلية، وذكِّر نفسك بأنَّ هذه الأفكار وعلى الرغم من أنَّها قد تبدو مخيفة، فإنَّ هذه الأفكار المقلقة غير المرغوب فيها ليست خطيرة ولا تتنبأ بما ستقوم به.

2. دوِّن أفكارك التطفلية:

قد يكون من المفيد كتابة الأفكار المقلقة غير المرغوب فيها على ورقة. عندما تخطر ببالك فكرة تطفلية، فدوِّنها أو دوِّن الصورة التي تكوَّنت في مخيلتك.

توجد فائدتان لهذه الممارسة؛ الفائدة الأولى، هي أنَّها تجبرك على إبطاء تفكيرك وتقليل القلق لأنَّك لا تستطيع أن تكتب بالسرعة نفسها التي تتخيل فيها أو تفكر فيها بشيء ما. والفائدة الثانية، هي أنَّ تحويل الأفكار إلى شيء مقروء يساعدك على تغيير منظورك عن هذه الأفكار؛ وهذا يجعلها أقل غموضاً.

3. تحقق من صحة الأفكار التطفلية:

إنَّ التحقق من صحة شيء ما يعني إدراك أنَّه موجود، ومن ثمَّ هو حقيقي ومفهوم، حتى لو كان هذا الشيء غير مريح. لكن ذكِّر نفسك أنَّه من الطبيعي أن يذكِّرك عقلك بهذه الأفكار كونك تعاملت مع هذه الأفكار في البداية على أنَّها تمثِّل تهديداً.

وعلى الرغم من أنَّ هذه الأفكار مزعجة، إلا أنَّها لا تدل على مرض عقلي، كل ما في الأمر أنَّ عقلك يؤدي وظيفته الطبيعية، وهي جعلك على دراية بالأشياء التي يُحتمل أن تكون خطرة.

الأمر شبيه بإنذار الحريق الذي يحاول تعرُّف مجموعة مختلفة من مصادر الخطر المحتملة، فإنَّ عقلك مرتبك قليلاً بشأن ما يُعَدُّ خطراً وما لا يشكل مصدر خطر.

4. تحقق من صحة استجابتك العاطفية:

بمجرد التحقق من صحة الأفكار المقلقة نفسها، تحقق من صحة استجابتك العاطفية لها، حتى وإن كنت تشعر ضمنياً أنَّ هذه الأفكار لا تمثِّل خطراً، لكن من الطبيعي أن تشعر بالخوف أو الانزعاج عند ظهورها.

5. أعد توجيه انتباهك:

بمجرد الاعتراف بالأفكار التطفلية، واستجابتك العاطفية تجاهها، والتحقق من صحة هذه الاستجابة، فإنَّ الخطوة الأخيرة هي إعادة توجيه تركيزك بطريقة مرنة ولكن صارمة.

هذا أمر هام؛ لأنَّ اجترار الأفكار والقلق والتفكير المتواصل بهذه الأفكار يعزز الخوف من أنَّ هذه الأفكار خطيرة أو أنَّها تمثِّل مشكلة يجب حلها؛ الأمر الذي يزيد من احتمالية قيام عقلك بخلق المزيد من الأفكار.

إذا كنت تقود سيارتك، فاستمع لبعض الموسيقى، وإذا كنت مستلقياً في سريرك ليلاً، فاقرأ كتاباً ما، الهام أن تساعد عقلك على الاسترخاء كي تتمكن من النوم.

أخيراً، يجب أن تكون على استعداد للقيام بعملية تحويل التركيز كلما دعت الضرورة؛ لأنَّ الأفكار المقلقة قد تظهر لاحقاً، وهذا أمر طبيعي.

في كل مرة تلاحظ فيها أنَّ تركيزك يتجه نحو الأفكار التطفلية، تذكَّر أنَّك لن تستفيد شيئاً من التركيز عليها وأعد توجيه تركيزك إلى المهمة التي بين يديك.

وكثيراً ما يسألني الناس عن الفرق بين قمع الفكرة، وبين تحويل التركيز إلى شيء آخر، والفرق هو أنَّك عندما تحول تركيزك عن الفكرة إلى شيء آخر، فإنَّك تتفحص الفكرة أولاً، ثم تحوِّل انتباهك عنها. وهذه الخطوة هامة لأنَّها تبين أنَّك لست خائفاً من الفكرة، ولكنَّك لا ترغب أيضاً في البقاء مركِّزاً عليها.

6. مارس تأمل اليقظة الذهنية:

يرى الكثير من الناس أنَّ ممارسة تأمل اليقظة الذهنية يمكن أن يساعدهم في السيطرة على الأفكار المقلقة غير المرغوب فيها.

في معظم تمرينات التأمل اليقظ، يكون التدريب منصباً على شيء معين مثل أنفاسك أو عبارة تشجيعية، وفي هذا النوع من التمرينات تحاول ألا يتشتت انتباهك بسبب الأفكار أو المشاعر؛ وهذا يعزز قدرتك على التحكم بالأفكار، وستكون من ثم قادراً على تحويل انتباهك عن الفكرة أو إيقافها.

7. أجِّل الفكرة لوقت لاحق:

غالباً ما يكون من المفيد تأجيل معالجة فكرة تطفلية غير مرغوب فيها؛ وللقيام بذلك، خصص وقتاً كل يوم أو مرة في الأسبوع لمعالجة هذه الأفكار؛ وذلك بعد أن تكتبها أو تتذكرها بطريقة ما.

وبعد ذلك، إذا ظهرت فكرة تطفلية، فأجِّلها عن طريق تذكير نفسك بأنَّك ستقوم بمعالجتها في وقت لاحق، ثمَّ أعد توجيه تركيزك إلى أمر آخر.

استراتيجيات يجب تجنبها أو التقليل من استعمالها:

بالإضافة إلى النصائح المذكورة آنفاً، من الضروري أن تكون على دراية ببعض الاستراتيجيات التي تبدو بديهية لكنَّها غير مفيدة في النهاية، ويجب عدم استعمالها أو التقليل من استعمالها، وهذه هي الاستراتيجيات التي يجب تجنبها قدر الإمكان:

1. الإلهاء:

عندما تتبادر إلى الذهن فكرة تطفلية غير مرغوب فيها لأول مرة، فمن الطبيعي أن توجه تركيزك إلى أمر آخر وتتجنب التفكير في الأمر. لكنَّ الإلهاء الفوري يجعل العقل يتعامل مع الفكرة على أنَّها تهديد، كما يعزز اعتقادك بأنَّ الأفكار المقلقة خطيرة؛ وهذا ينتج عنه المزيد من القلق والمزيد من الأفكار التطفلية.

لذلك، فإنَّ ما يجب أن تفعله، هو تحويل تركيزك عن الفكرة بعد أن تعترف بها أولاً، والتحقق من صحة أفكارك ومشاعرك حول هذه الأفكار التطفلية.

2. التماس الطمأنينة:

عند مواجهة أفكار تطفلية غير مرغوب فيها، فإنَّ الكثير من الأشخاص يحاولون البحث عن الطمأنينة من خلال الحصول على تشجيع الآخرين، مثل الشريك أو أحد الوالدين أو صديق.

وفي حين أنَّ الطمأنينة التي يقدمها لك الآخرون قد تُشعرك بتحسن في الوقت الحالي، إلا أنَّها تجعل الأمور أسوأ على الأمد الطويل.

والسبب أنَّك عندما تبحث عن الطمأنينة من خلال الآخرين، فإنَّك تعزز الاعتقاد الخاطئ بأنَّ أفكارك خطيرة أو تمثل مشكلة؛ وهذا يزيد من احتمالية ظهورها بشكل متكرر في المستقبل؛ لذلك لا تبحث عن الطمأنينة لدى الآخرين من خلال كلمات تهدئ من روعك أو ما شابه؛ بل ذكِّر نفسك بإيجاز أنَّ الأفكار المقلقة ليست خطيرة ولا تعني وجود مشكلة، وكما قلنا، تحقق من صحتها ثم أعد توجيه تركيزك إلى أمر آخر.

3. اجترار الأفكار أو القلق أو الحديث السلبي مع الذات:

في حين أنَّ الإلهاء الفوري أو التماس الطمأنينة هي استراتيجيات غير مفيدة؛ لأنَّها تعني أنَّك تحاول التهرب من هذه الأفكار التطفلية، فإنَّ الحديث الذاتي السلبي، مثل القلق أو اجترار الأفكار، يعزز التفسير نفسه، الذي يعني أنَّ هذه الأفكار خطيرة وتشكل تهديداً؛ لأنَّك في هذه الحالة التي تقاوم فيها الفكرة من خلال الصراع معها أو محاولة القضاء عليها، إنَّما تثبت لنفسك أنَّ الفكرة على غاية من الخطورة.

عندما نشعر بالقلق بشأن العواقب المحتملة لأفكارنا المقلقة أو الاستمرار باجترار التفسيرات المحتملة لهذه الأفكار، فإنَّنا نعزز التفسير الخاطئ بأنَّ هذه الأفكار خطيرة.

وفي حين أنَّ الاجترار أو القلق أو الحديث السلبي مع الذات، يمكن أن يشعرنا بتحسن على الأمد القصير، لكن على الأمد الطويل، يمكن أن تجعل هذه الأفكار تستمر بالظهور وتزيد من حدة القلق.

باختصار، فإنَّ أهم سؤال تطرحه على نفسك عندما تظهر فكرة تطفلية غير مرغوب فيها، "ما الذي يمكن أن أتعلمه من خلال طريقة تعاملي مع هذه الأفكار؟"؛ بمعنى آخر، إنَّ طريقة تعاملك مع هذه الأفكار يجب أن تعزز لديك الثقة، لا الخوف.

فإذا وجدت نفسك ترغب في فعل شيء من قبيل التهرب من الفكرة أو الصراع ضدها، فهذا يعني أنَّك تعزز شعورك بالخوف؛ وهذا بدوره سيؤدي إلى استمرار ظهور الأفكار وازدياد قلقك.

وعلى الجانب الآخر، إذا تمكنت من التعامل بهدوء مع هذه الأفكار ومراقبتها بحيادية؛ أي دون انفعال، ثم متابعة حياتك بشكل طبيعي مع الاستعداد لعَدِّها تجربة تتعلم منها، فأنت بذلك تُعبِّر عن ثقة في النفس وهذا هو مفتاح التقليل من تواتر ظهور هذه الأفكار وشدتها.

إقرأ أيضاً: كيف تدافع عن نفسك عندما تواجه تهديداً مباشراً؟

في الختام:

ملخص للمبادئ التي تساعدك على التخلص من الأفكار المقلقة:

  • على الرغم من أنَّ الأفكار المقلقة غير المرغوب فيها قد تكون مزعجة أو مخيفة، إلا أنَّها لا تشير إلى وجود خطر، ولا تعني أنَّك ستخرج هذه الأفكار إلى أرض الواقع، إذ إنَّ هذه الأفكار هي أحد الأعراض الشائعة جداً للشعور بالقلق.
  • عندما تواجه أفكاراً تطفلية غير مرغوب فيها، تجنَّب وسائل الإلهاء الفورية أو البحث عن الطمأنينة من خلال الآخرين أو الحديث السلبي مع الذات مثل القلق أو اجترار الأفكار.
  • أفضل طريقة للتعامل مع الأفكار المقلقة غير المرغوب فيها، هي أن تكون مستعداً لتقبلها؛ وهذا يعني الاعتراف بأنَّ هذه الأفكار غير مريحة وغير مرحب بها لكنَّها ليست خطيرة؛ لذلك تحقق من صحتها ومن استجابتك العاطفية تجاه هذه الأفكار، ثم أعد توجيه تركيزك نحو شيء آخر.
  • بعض الممارسات السهلة للتقليل من المشاعر السلبية التي تؤدي لها هذه الأفكار هي كتابة أفكارك المقلقة غير المرغوب فيها أو كتابة الصور التي تتبادر إلى الذهن مع هذه الأفكار وتخصيص بعض الوقت للتأمل في هذه الأفكار في وقت لاحق.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة