كيف تتخلص من إجهاد التغيير وتواكب التطور المستمر؟

يؤدي التكيف مع التغيير إلى خلق مزيد من الثقافات المبتكرة؛ حيث يمكِن أن يسبب إيجاد حلول سريعة للحفاظ على ثقافة الشركة الكثير من المشكلات؛ فالتغيير الثقافي سيحصل حتماً بعد تطبيق عمليات أو تنظيمات جديدة، ثمَّ سيتطور ببطء جنباً إلى جنب مع تطوُّر الشركة.



قد يشعر الموظفون أنَّهم بحاجة إلى تغيير أساليب وممارسات العمل باستمرار، إلا أنَّ فريق القيادة يواصل العمل وفقاً للأساليب الاعتيادية، ويحافظ المديرون على الروتين القديم نفسه على الرغم من حماسهم الأولي، ولكن لا يتغير شيء على الإطلاق.

تكمن المفارقة في أنَّ إجهاد التغيير يمكِن أن يَحدث، على الرغم من أنَّ الطريقة التي نؤدي بها الأشياء تبقى ذاتها.

عند إجراء استطلاع مع قادة الشركات، وُجِد أنَّ أحد أهم التحديات التي يواجهها القادة عند بناء ثقافات تنظيمية جديدة هي عدم القدرة على التكيف مع هذا التغيير، ووَجدَت أبحاث أخرى أنَّ مبادرات التغيير تتعثَّر، لأنَّ الشركات تفتقر إلى المهارات اللازمة للحفاظ على التغيير بمرور الوقت.

يشعر الجميع بالإحباط والارتباك، عندما لا يستطيع المسؤولون توضيح أسباب التغيير والحاجة إليه؛ لذلك فإنَّ جميع التغييرات، حتى الإيجابية منها، تأتي بتكلفة تراكمية للقوى العاملة.

إقرأ أيضاً: ما هو السبيل إلى تغيير نفسك وعيش الحياة التي تستحقها؟

كيف نتغلب على إجهاد التغيير ونبني مرونة التغيير؟

يدعو الباحث ديفيد ألتمان (David Altman) إلى إعطاء القادة والموظفين صدمة قصيرة وشديدة، فيقول: "في الواقع، إذا كنتَ تعتقد أنَّ التغيير ثابت الآن، فلم ترَ شيئاً بعد".

ويقول أيضاً: "ما يجب على القادة فعله هو مساعدة الموظفين والمديرين على إعادة ضبط توقعاتهم، ففي هذا العالم الذي نعيش فيه الآن التغيير مستمر، ولن يعود شيء إلى طبيعته، ويجب أن يرد القادة قائلين: لنطوِّر أنفسنا كأفراد وثقافة تنظيمية لتبنِّي الفرص وإدارة تحديات التغيير المستمر في العالم الديناميكي الذي نعيش فيه، ونجهِّز أنفسنا معاً لنصبح أكثر مرونة لاستيعاب ذلك".

وفقاً لما قاله ديفيد ألتمان (David Altman): يمكِن للقادة مساعدة الموظفين وأنفسهم في التغلب على إجهاد التغيير من خلال اتخاذ الخطوات التالية:

  1. مساعدة الشركة في تحديد أولويات جهود التغيير باستمرار، والتركيز على مبادرات التغيير التي لها الأولوية القصوى.
  2. الاعتراف بأنَّ التغيير هو بداية أمر جديد ونهاية أمر كانت تعتمده الشركات سابقاً كأفضل ممارسة.
  3. تعليم الموظفين التقنيات التي ثبتت فاعليتها لإدارة الجهد وتعزيز المرونة ونشر مهارات التأقلم في مواجهة المتطلبات العالية، وكذلك بناء المرونة التنظيمية.
  4. التركيز على بناء ثقافة آمنة نفسياً، حيث يمكِن للموظفين أن يخاطروا في التعامل مع الآخرين من خلال التحدث على طبيعتهم؛ فالسلامة النفسية أمر بالغ الأهمية في المحادثات الصريحة.

يقول ألتمان (Altman): "ستساعد الخطوة الأخيرة القادة على فهم التحديات والفرص الموجودة في جميع أقسام الشركة، والتي بدورها ستساعد القادة على أن يكونوا أكثر فاعلية في قيادة فرقهم من خلال التغيير".

عرض تغيير ثقافة الشركة كعملية تطوُّر مستمر:

كمثال: يحدِّثنا ألتمان (Altman) عن تجربة شركة كبيرة في قطاع الطاقة، حيث تحاول إعادة بناء نفسها في مواجهة ظروف السوق المتقلبة، قائلاً: "تدرك هذه المؤسسة، أنَّه نظراً لعالم شركات الطاقة المتقلب وغير المستقر والمعقد والغامض - سواء كان في أسعار النفط أم الغاز، أم المنافسة، أم السياسات الحكومية، وما إلى ذلك - أنَّ ما نجح في الماضي لن ينجح في الحاضر؛ أي الاكتفاء بتوليد الطاقة وبيعها بسعر جيد؛ ولا يقتصر الأمر على تعيين المزيد من المهندسين الجيدين أيضاً".

أضاف ألتمان: "يُدرَّب المهندسون على تحديد المشكلات والتوصل إلى حلول، وهم غارقون في الإنتاج الرشيق (LEAN) ومعايير الستة سيغما (Six Sigma) لتحسين العملية الإنتاجية، لكنَّهم غير مهيَّئين لتحمُّل المخاطر والابتكار وتجربة أشياء جديدة".

تكافح العديد من الشركات العالمية في جميع الصناعات التقليدية ذات التنظيم الهرمي للابتكار والتكيف بسرعة كافية؛ ونتيجة لذلك، يجب عليها تغيير طريقة تفكيرها حول ما هو مطلوب للبقاء والازدهار في النظام العالمي الجديد.

يجب على المنظمات القديمة ذات الثقافات الراسخة أن تفهم أنَّه "لا توجد نقطة نهاية - فهذا تطور مستمر"، كما يقول ألتمان؛ إذ ترتبط القدرة على الابتكار والمرونة ارتباطاً مباشراً بالقدرة على التغيير المستمر والبحث عن فرص جديدة.

شاهد بالفديو: 7 نصائح للتطوير الشخصي وتحقيق النمو المستمر

ويضيف أيضاً: "تبدأ معظم مبادرات التغيير الناجحة بخطوات صغيرة؛ بل وحتى التغيير التحولي منها، فإذا كنتَ تريد إنقاص وزنك، فلا تجوِّع نفسك لمدة أسبوع - فهذا غير مستدام؛ لذا دعنا نطوِّر أنفسنا كأفراد ومؤسسات لاغتنام الفرص وإدارة تحديات التغيير المستمر في العالم الديناميكي الذي نعيش فيه".

قد يكون الأمر في البداية صعباً، لكن لا يجب أن يكون حقيقةً قاسية. يقول ألتمان: "انسَ إجهاد التغيير، وفكِّر في تغيير الطاقة بدلاً من ذلك".

نحن نعيش في عالمٍ حيوي، ومبتكر، ومتغير، ويتعلم باستمرار، ولكن بوجود القيادة المناسبة، ستُقدِّم رسالةً مثيرة وجذابة إلى الموظفين.

المصدر




مقالات مرتبطة