كيف تبقى إيجابياً وتمضي قدماً حتى بعد أن تفشل؟

الحياة مليئة بالمفارقات وواحدة من أصعب هذه المفارقات هي معرفة ما إذا كان يجب رفع سقف التوقعات أم الحفاظ على هذا السقف منخفضاً، يجب أن تعرف ما هو الموقف الذهني الذي ستتبناه بهذا الخصوص كشرط أساسي للوصول بإمكاناتك إلى أقصى مستوى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darious Foroux)، والذي يتحدث فيه عن أهمية الإيمان بالذات من أجل تجاوز الفشل وتحقيق النجاح.

من جهة نحتاج لتبني عقلية متفائلة وأن نتوقع تحقيق النجاح وإلَّا لن يكون لدينا أي دافع لفعل أي شيء، لكن في المقابل لا ينبغي أن نُصاب بالإحباط عندما نفشل، ويوجد اقتباسان يوضحان هذين المفهومين المتناقضين بطريقة أفضل:

يقول الكاتب الأمريكي الراحل "زيغ زيغلار" (Zig Ziglar): "يمتلك كل شخص القدرة على النجاح، لكن حتى يصبح الشخص ناجحاً يجب أن يخطط للنجاح، وأن يفعل كل ما من شأنه أن يمهد له طريق النجاح، ومن ثمَّ عليه أن يتوقع النجاح".

على النقيض من ذلك يقول أحد أشهر شعراء القرن الثامن عشر "ألكسندر بوب" (Alexander Pope): "يا لسعادة الشخص الذي لا يتوقع شيئاً؛ لأنَّه لن يشعر أبداً بمرارة الخيبة".

يؤكِّد الاقتباس الأول ضرورة توقُّع النجاح، أمَّا الآخر يقترح أنَّ من الحكمة ألَّا نتوقع النجاح؛ حتَّى لا نُصاب بالإحباط عندما نفشل، إذاً ما هو الموقف الذي يجب أن نتبناه؟

لقد استغرق مني الأمر سنوات حتَّى توصلت إلى مفهوم وسطي بين المفهومين ساعدني على تحقيق النجاح.

أهمية الموقف الإيجابي:

تحتاج إلى موقف إيجابي إذا أردت تحقيق النجاح، وهذا ما يؤكِّد عليه جميع الأشخاص الناجحون في مختلف المجالات، فلا يقول الشخص الناجح لنفسه سأجرِّب هذا الأمر أو ذاك وسأنتظر النتيجة؛ بل يبذل قصارى جهده ويقدِّم أفضل ما لديه وهو يتوقع النجاح دائماً.

لكنَّ الموقف الذهني ما هو إلا جزء من معادلة النجاح، وما لم يقترن التفاؤل بالعمل سيكون التفاؤل عبارة عن أحلام غير واقعية، حتى لو امتلكت كل المواهب الضرورية، لكن ما لم توظف هذه الموهبة في العمل، فلن تصل بإمكاناتك إلى أقصى مستوى.

يتطلب النجاح على صعيد العمل وتقديم مساهمات تجعلك محط تقدير الكثيرَ من العمل، وحتى نصل بإمكاناتنا إلى أقصى مستوى يجب أن نضع التعلُّم في رأس قائمة أولوياتنا بدلاً من التسلية؛ هذا يعني أنَّه لا يمكنك تحقيق إنجاز عظيم دون الاستغناء عن الخروج للتسلية في عطلة نهاية الأسبوع، والتوقف عن مشاهدة الأفلام كل يوم، وغير ذلك من النشاطات التي تهدر وقتنا دون مردود.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لتبنّي التفكير الإيجابي كمنهج حياة

خطورة خفض سقف التوقعات:

يمكن أن يكون لتوقع النجاح آثار هدَّامة إذا لم يمتلك الشخص صلابة نفسية، وبالنسبة إلي بصفتي متفائلاً لقد ساعدني هذا الموقف الإيجابي كثيراً على تجاوز الصعوبات، وعلى الرَّغم من ذلك لم أكن إيجابياً طوال حياتي، ففي بداية عقدي العشرين شعرت بالإحباط تماماً واليأس من تحقيق أي هدف.

بسبب الإخفاقات المتكررة أصبت بخيبة الأمل، لا سيَّما بعد أن تخرجت  من الجامعة؛ فقد حاولت أن أبدأ بعدة مشاريع وكان مصير كل مشروع هو الفشل باستثناء المشروع الذي أسسته مع والدي، شعرت ببساطة أنَّني غير قادر على تحقيق النجاح وحدي؛ لكنَّني أُدرِك الآن أنَّ البدء بخطوة كهذه كان سابقاً لأوانه، وقد كنت على وشك الاستسلام نهائياً؛ بسبب الخيبة التي تلت توقعاتي الكبيرة، ولحسن الحظ أنَّني استطعت المضي قُدماً والحفاظ على موقف إيجابي من الحياة.

إذاً ما يهم حقاً ليس ما إذا كنت ستفشل أم لا، ما يهم حقاً هو ما رد فعلك في حال فشلت؛ إذ ليس من الحكمة أبداًَ أن تُصاب بالإحباط وتشعر بالشفقة على نفسك وترفض النهوض بمسؤولياتك، يجب أن تكون لا مبالياً بالنتائج.

لكنَّني لا زلت أؤمن أنَّه من الضروري أن نتوقع النجاح في كل جانب من جوانب الحياة المهنية والعلاقات وكسب المال؛ لذا ضع هدفاً كبيراً وابذل قصارى جهدك لتحسِّن شخصيتك قدر الإمكان، وبذلك فأنت تدير وقتك بحكمة، وبطريقة تعود عليك بالفائدة.

قارن بين شخصيتك الآن وبين شخصيتك في السابق:

ينصح الكاتب "جوردان بيترسون" (Jordan Peterson) بذلك في كتابه "12 قاعدة للحياة" (12 Rules For Life)، ويكمن السر في هذه النصيحة في أنَّك تركِّز على نفسك فقط، ومن ثمَّ لا يمكن أن يخيب أملك بسبب العوامل الخارجية، يقول "جوردان" في كتابه: "ابذل قصارى جهدك، وإذا فشلت فستكون قادراً على تحسين أدائك في المرة القادمة، وبذلك لا يمكن لشيء أن يثبِّط عزيمتك".

بعد أن تدرك هذه الحقيقة لن يكون الفشل كارثة أبداً، قد تشعر بالحزن أو بخيبة الأمل عندما لا تسير الأمور بالطريقة التي توقعتها وهذا أمر طبيعي، فلا أحد يحب الفشل لكن ما لا يجب أن تفعله هو لوم الآخرين أو توبيخ نفسك.

الخلاصة هي أن تأخذ كل الأمور بروح رياضية، نحن نعلم جميعاً أنَّ إلقاء اللوم على الآخرين هو ما يفعله الأشخاص الذين يفتقرون للحكمة؛ لأنَّ ذلك لا يؤدي إلَّا إلى البغض والاستياء وتدمير العلاقات، ويعلم الأشخاص الواعون والإيجابيون ذلك؛ لكنَّهم يقعون في مشكلة توبيخ أنفسهم، وهذا خطأ أيضاً.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح تسهل عليك تحقيق النجاح

عوِّل على قدرتك لتحقيق النجاح ولا تعوِّل على العوامل الخارجية:

إليك هذه النصائح تساعدك على تحقيق التوازن بين رفع سقف التوقعات والحفاظ عليه منخفضاً:

  1. تفاءل جداً بقدراتك، وابذل قصارى جهدك، واسعَ للوصول بإمكاناتك إلى أقصى مستوى.
  2. لا تعوِّل على العوامل الخارجية من أجل تحقيق النجاح، لا تتوقع أي شيء من الآخرين.
  3. افهم أنَّك لا تتحكم بالعوامل الخارجية، فلا توبِّخ نفسك بسبب النتائج المخيبة للأمل.
  4. وبٍّخ نفسك فقط عندما لا تبذل أقصى إمكاناتك؛ لأنًّ ذلك شيء يمكنك التحكم.
إقرأ أيضاً: 6 نصائح لتحفيز قدرتك على تحقيق أهدافك

في الختام:

توقَّف عن القلق بشأن ما لا تستطيع التحكم به فلا أحد لديه إجابات لكل شيء مع أنَّنا نسعى جميعاً إلى فهم سر النجاح في حياتنا المهنية وعلاقاتنا، والأهم من ذلك الدوافع وراء أفعالنا، وهذه أسئلة لا يمكن الحصول على إجابات نهائية لها، كل ما يمكن فعله هو العمل، فإذا فشلت ستتعلم، لكن إياك أن تستسلم.

المصدر




مقالات مرتبطة