كيف تؤثِّر الخرافات في الصحة العقلية؟

غالباً ما يُنشَأ السلوك الخرافي من التقاليد الثقافية أو التجارب الشخصية أو الرغبة في اكتساب شعور بالسيطرة أو الطمأنينة في المواقف غير المؤكدة، ومع أنَّ الانخراط في السلوك الخرافي قد لا يكون له أي تأثير حقيقي في النتيجة المرجوة، لكنَّه قد يمنح الأفراد إحساساً نفسياً بالراحة أو الثقة.



ما هو السلوك الخرافي؟

يشير السلوك الخرافي إلى الأفعال أو الطقوس التي ينخرط فيها الأفراد بناءً على معتقدات أو ممارسات خرافية، وغالباً ما تُنفَّذ هذه السلوكات على أساس الظن بأنَّها ستُحقِّق نتيجة مرغوبة أو تمنع نتيجة سلبية، على الرَّغم من عدم وجود علاقة منطقية أو سببية بين الفعل والنتيجة.

يمكن أن يظهر السلوك الخرافي بطرائق مختلفة، وغالباً ما يختلف باختلاف الثقافات والأفراد، وتتضمن بعض أمثلة السلوك الخرافي ما يأتي:

1. أداء طقوس مُحدَّدة:

قد ينخرط الأفراد في طقوس أو إجراءات روتينية مُحدَّدة قبل حدث أو نشاط هام، مثل ارتداء قطعة ملابس محظوظة، أو اتباع تسلسل معين من الإجراءات، أو تلاوة عبارات أو صلوات مُعينة.

2. تجنُّب بعض الإجراءات:

قد يمتنع الأشخاص عن أداء بعض الإجراءات أو النشاطات التي يظنون أنَّها غير محظوظة أو قد تؤدي إلى عواقب سلبية، على سبيل المثال تجنُّب المشي تحت سلم أو عبور الممرات مع قطة سوداء أو فتح مِظلة في الداخل.

3. استخدام تعويذات الحظ أو التعويذات:

يحمل معظم الأفراد أو يحتفظون بأشياء يظنُّون أنَّها تجلب الحظ السعيد أو تحمي من الأذى، وقد تشمل هذه العناصر العملات المعدنية المحظوظة، أو قدم الأرنب أو حدوات الحصان أو الرموز الدينية.

4. البحث عن العلامات أو البشائر:

يبحث بعض الأشخاص عن علامات أو نُذُر في الأحداث اليومية لتوجيه قراراتهم أو التنبؤ بالأحداث المستقبلية، ويمكن أن يشمل ذلك مراقبة الأنماط في الأرقام أو الأحوال الجوية أو سلوك الحيوانات أو غيرها من الأحداث التي يَعدُّونها هامة.

5. التمنيات أو الصلوات:

قد يقوم الأفراد بالتمنيات أو الصلاة على أمل تحقيق النتيجة المرجوة، ويمكن أن يتراوح هذا من إطفاء شموع أعياد الميلاد إلى الرغبة في أداء طقوس دينية بحثاً عن التدخل الإلهي.

شاهد بالفديو: طرق بسيطة لتحسين صحتك العقلية

ما هي التأثيرات الإيجابية للخرافات في الصحة العقلية؟

1. الشعور بالسيطرة:

يمكن أن توفِّر الخرافات إحساساً بالسيطرة على المواقف غير المتوقعة أو غير المؤكدة، ويمكن أن يمنح الإيمان بطقوس معينة أو سحر الحظ الأفراد تأثيراً ملموساً في بيئتهم، وهذا يقلِّل من القلق أو الخوف المرتبطَين بعدم اليقين.

2. الراحة العاطفية:

الانخراط في الممارسات الخرافية يمكن أن يوفِّر الراحة العاطفية والشعور بالطمأنينة، على سبيل المثال يمكن أن يؤدي ارتداء قميص الحظ أو أداء طقوس قبل حدث هام إلى تعزيز الثقة وتقليل التوتر.

3. تأثير الدواء الوهمي:

يمكن للخرافات الاستفادة من تأثير الدواء الوهمي؛ إذ يمكن أن يؤدي الإيمان بفعل أو شيء معين إلى استجابات نفسية وفيزيولوجية إيجابية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين الأداء أو تحسين الرفاهية.

ما هي التأثيرات السلبية للخرافات في الصحة العقلية؟

1. القلق والميول الوسواسية القهرية:

الاعتماد المُفرط على الخرافات يمكن أن يُساهم في اضطرابات القلق أو ميول الوسواس القهري، وإذا أصبح الفرد مُنشغِلاً انشغالاً مُفرِطاً بالطقوس أو مخاوف من سوء الحظ، قد يتداخل ذلك مع الأداء اليومي ويُسبِّب الضيق.

إقرأ أيضاً: دور العلاج المعرفي السلوكي في اضطراب الوسواس القهري

2. المُعتقدات غير الواقعية:

غالباً ما تنطوي الخرافات على إسناد أحداث أو نتائج غير ذات صلة إلى إجراءات أو أشياء مُحدَّدة، ويمكن أن يؤدي هذا إلى فهم مشوَّه لعلاقات السبب والنتيجة، وتعزيز المُعتقدات غير العقلانية وإعاقة التفكير النقدي.

3. التبعية والقيود:

الاعتماد الشديد على الخرافات يمكن أن يَحُدَّ من النمو الشخصي والمرونة، ويمكن أن يمنع الأفراد من تطوير استراتيجيات التكيف الصحية أو مواجهة التحديات مباشرة؛ إذ قد يعتمدون على عوامل أو طقوس خارجية فقط لتحقيق النجاح أو الرفاهية.

ماذا يحدث إذا أثَّرت الخرافات في حياتك اليومية؟

إذا بدأت الخرافات بالتأثير في حياتك اليومية، فقد تكون لها عواقب وتداعيات مختلفة، وفيما يأتي بعض النتائج المُحتملة:

1. زيادة القلق والضيق:

يمكن أن تؤدي الخرافات إلى تفاقم مستويات القلق، وهذا يؤدي إلى زيادة التوتر والضيق، والقلق المستمر بشأن تجنُّب أفعال أو أشياء أو مواقف معينة مُرتبطة بسوء الحظ، ويمكن أن يؤدي هذا إلى حالة مستمرة من عدم الارتياح ويؤثِّر في صحتك العامة.

2. ضعف اتخاذ القرار:

إذا اعتُمد اعتماداً كبيراً على الخرافات، فقد يُضعِف ذلك قدرتك على اتخاذ قرارات عقلانية، بدلاً من التفكير في الأدلة أو الحقائق أو التفكير المنطقي، وإذا بنيت اختياراتك على المعتقدات الخرافية فقط، سيؤدي ذلك إلى اتخاذ قرارات سيئة في مجالات مختلفة من الحياة.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لاتخاذ قرارات أفضل

3. تقليل الاستقلالية والحرية:

الاعتماد المُفرِط على الخرافات يمكن أن يُقيِّد حريتك واستقلاليتك، فإذا شعرت بأنَّك مُجبر على أداء طقوس مُعينة أو تجنُّب نشاطات مُعينة بسبب المُعتقدات الخرافية، فقد يَحُدُّ ذلك من قدرتك على الانخراط في النشاطات التي تستمتع بها أو السعي وراء الفرص، وهذا يعوق في النهاية النمو الشخصي والوفاء.

4. التأثير السلبي في العلاقات:

الخرافات التي تُملي التفاعلات أو العلاقات يمكن أن تُوتر الروابط الشخصية، على سبيل المثال إذا آمنت بعلاقات النحس من خلال التحدث عنها أو اتباع طقوس مُعينة للعلاقة، فقد يؤدي ذلك إلى سوء فهم أو تباعد بينك وبين الآخرين.

5. ميول الوسواس القهري:

يمكن أن تساهم الخرافات في تطوير أو تفاقم ميول الوسواس القهري، فإذا أصبح الانخراط في الطقوس الخرافية قهرياً وتعارض مع الأداء اليومي، فقد يكون ذلك مؤشراً على حالة صحية عقلية أساسية تتطلب تدخلاً مهنياً.

6. انخفاض المرونة والقدرة على التكيف:

قد يعوق الاعتماد على الخرافات بصفتها آلية للتكيف قدرتك على التكيف مع الظروف المتغيرة أو التعامل مع الشدائد تعاملاً فاعلاً، وبدلاً من تطوير المرونة ومهارات حل المشكلات، قد تعتمد على عوامل أو طقوس خارجية من أجل الشعور بالأمان والرفاهية.

من الهام أن تعرف متى تؤثِّر الخرافات سلباً في حياتك، وإذا وجدت أنَّ الخرافات تُسبِّب ضائقة كبيرة، أو تتداخل مع أدائك اليومي، أو تَحُدُّ من قدرتك على عيش حياة مُرضية، فقد يكون من المفيد طلب الدعم من اختصاصيي الصحة العقلية؛ إذ يستطيعون تقديم التوجيه ومساعدتك على تطوير استراتيجيات التأقلم الصحية لإدارة القلق وتقليل تأثير الخرافات في حياتك اليومية.

الخرافات الشائعة:

الخرافات هي معتقدات أو ممارسات تستند إلى تفسيرات غير عقلانية أو خارقة للطبيعة، وغالباً ما تنتقل عبر الأجيال، في حين أنَّها تختلف باختلاف الثقافات والمناطق، فإليك بعض الخرافات الشائعة التي يعرفها معظم الناس:

1. المشي تحت السلم:

يُظنُّ أنَّ المشي تحت السلم يجلب الحظ السيئ، وربما نشأت هذه الخرافة من فكرة أنَّ السلم المائل يُشكِّل مثلثاً مع الجدار والأرض، والذي عُدَّ رمزاً للثالوث الأقدس؛ ومن ثَمَّ نُظِرَ إلى المرور عبره على أنَّه عدم احترام.

2. كسر المرآة:

يُظنُّ أنَّ كسر المرآة يجلب سبع سنوات من سوء الحظ، وقد تعود جذور هذه الخرافة إلى العصور القديمة عندما كان يُنظر إلى المرايا على أنَّها مُرتبطة بالروح، ونُظِرَ إلى كسر المرآة على أنَّه إضرار بالروح أو دعوة للشيطان.

3. فتح مِظلَّة في الداخل:

يُعدُّ فتح مِظلَّة في الداخل أمراً سيئ الحظ، وربما نشأت هذه الخرافة من حقيقة أنَّ فتح مِظلَّة في مكان ضيق قد يؤدي إلى حوادث أو إتلاف الأدوات المنزلية.

4. الجمعة 13:

يَعِدُّ ناس كثيرون يوم الجمعة الثالث عشر يوماً سيئ الحظ، وقد يكون للخرافات المُحيطة بهذا اليوم صلات بالمعتقدات الدينية؛ إذ يُنظر إلى يوم الجمعة على أنَّه يوم سيئ الحظ بسبب صلب يسوع المسيح، ويرتبط الرقم 13 بالخرافات والأساطير المختلفة.

5. انسكاب الملح:

غالباً ما يُظنُّ أنَّ انسكاب الملح يجلب الحظ السيئ، ومن العلاجات الشائعة لهذه الخرافة هو إلقاء قليل من الملح على الكتف الأيسر، والذي يُظن أنَّه يعمي الشيطان المُنتظر هناك.

6. القطط السوداء:

القطط السوداء

ترتبط القطط السوداء بسوء الحظ في ثقافات عدة، وخاصةً إذا عبرت طريقك، ومن المُحتمل أنَّ هذه الخرافة لها جذور في المُعتقدات القديمة التي تربط القطط السوداء بالسحر وقوى الظلام.

7. الطرق على الخشب:

الطرق على الخشب هو عمل خرافي يُتخَذ لتجنُّب النحس أو إغراء القدر، وغالباً ما يتم ذلك بعد ذكر شيء إيجابي لدرء أي نتائج سلبية مُحتملة.

8. أربع أوراق البرسيم:

يُعدُّ العثور على برسيم رباعي الأوراق محظوظاً في ثقافات عدة، ويُظن أنَّ كل ورقة تمثل الإيمان والأمل والحب والحظ على التوالي.

في الختام:

من الهام ملاحظة أنَّ الخرافات لا تستند إلى أدلة علمية ويجب أن تؤخذ في الحسبان، فغالباً ما تكون تقاليد ثقافية أو فولكلوراً ينخرط فيها الناس من أجل المتعة أو بدافع العادة أكثر من كونها إيماناً حقيقياً بالقوى الخارقة للطبيعة.




مقالات مرتبطة