كيف أعلِّم طفلي فن إدارة الوقت؟

يؤجِّل أداء واجباته حتى المساء، ويلهو مع رفاقه في الحي مذ يعود من المدرسة وحتى الغروب، ويشاهد التلفاز أو يستخدم الآيباد لساعات متأخرة من الليل، هذا الطفل يفتقر حتماً إلى فن إدارة الوقت، فقد يظن بعض الناس أنَّ الأطفال أصغر من أن يدركوا كيفية إدارة الوقت بأنفسهم وأضعف من أن يستطيعوا التحكم برغبتهم في إنهاء وقت اللعب أو استخدام الأجهزة الذكية.

ولكنَّ الأمر برمته مرتبط بالتدريب ليتقنوه تماماً كما أتقنوا تناول الطعام وحدهم والذهاب إلى المدرسة دون الاستعانة بأحد، فإذا كنت مربياً يبحث عن تعليم طفله أصول تنظيم الوقت وإدارته بين الجد واللهو فتفضل بقراءة هذا المقال.

كيف أعلِّم طفلي فن إدارة الوقت؟

إلى الأم التي تؤمن بقيمة الوقت وتعي أهمية تنظيمه وإدارته وترغب في نقل هذه الميزة إلى طفلها، إليك هذه النصائح التي تسهل عليك مهمتك:

1. ابدئي في سن مبكرة:

لكل أم تتساءل "متى أعلِّم الطفل فن إدارة الوقت؟" وتبحث عن الوقت المثالي لبدء ذلك نجيبك "ابدئي الآن"، فمهما كان عمر طفلك يكون الوقت مناسباً لتعليمه إدارة الوقت، وكلما كان طفلك أصغر في السن كان أفضل؛ إذ يشير الاختصاصيون إلى ضرورة وضع روتين ثابت للرضع منذ أيامهم الأولى يتولى مهمة تعريفهم بالوقت.

في الصباح مثلاً ينصحون بفتح النوافذ والستائر لإدخال أشعة الشمس إلى داخل الغرفة إيذاناً ببدء النهار ونشاطاته الحيوية من تناول الفطور واللعب وغيرها، ومساءً فإنَّ ذلك يكون عبر اتباع روتين يبدأ بالعشاء ثم الاستحمام ثم قراءة القصة وبعدها النوم، مؤكدين على ضرورة بدء هذا الروتين في وقت محدد، حتى لو لم تكن الشمس قد اختفت بعد يجب إغلاق الستائر وتشغيل إضاءة خفيفة تدل على حلول وقت النوم.

أما في الفترة ما بين الروتينين الصباحي والمسائي يجب الحرص على تناول الغداء والوجبات الخفيفة في أوقات محددة؛ لأنَّ ذلك يساعد على ضبط الساعة البيولوجية للطفل وتعويده على إدارة الوقت وتنظيم يومه.

2. ضعي مخططاً للنهار:

نستكمل الإجابة عن تساؤلك "كيف أعلِّم الطفل فن إدارة الوقت؟" بنصيحة وضع مخطط للمهام التي يجب تنفيذها في النهار، فبعد الاستيقاظ ودخول الحمام وتغيير الملابس وتناول الفطور اتفقي مع طفلك على المهام التي ستقومان بها خلال النهار، وإذا ما كان طفلك يستطيع القيام ببعض الأعمال وحده فلا تترددي في إخباره بذلك.

مثلاً تذهبان إلى السوبر ماركت وتشتريان حاجيات المنزل معاً، ثم تقومين أنت بإعداد طعام الغداء بينما يقوم هو بتنظيف الحديقة، أو تقومين أنت بأداء المهام المنزلية بينما يقوم هو بقراءة قصة لتشربا معاً كأساً من العصير فور الانتهاء من واجباتكما.

لا تجعلي المخطط مليئاً بالمهام؛ بل اتركي له وقتاً حراً يقضيه كيفما يشاء، وأدرجي أوقات مشاهدة التلفاز أو استخدام الأجهزة الذكية على مخططكما، فذلك يحفزه على إتمام الروتين والالتزام به، ومن ثم تعلُّم فن إدارة الوقت.

شاهد بالفيديو: 10 نصائح لتعليم طفلك فن إدارة الوقت

3. أضيفي بعض المرح إلى الروتين:

من أجل أن تعلِّمي الطفل فن إدارة الوقت لا بد أن تجعلي من هذا الأمر شيئاً ممتعاً ومحبباً، كأن ترسمي جدولاً بالمهام أو تكتبيه كتابة حسب عمر الطفل وتسمحي للطفل بوضع إشارة (✔) على المهام التي أتمها وقام بها؛ لأنَّ ذلك يزيد من رغبته بالالتزام بالنظام والوقت المحدد لكل مهمة.

لقد صرحت إحدى الاختصاصيات التربويات في صفحتها على "إنستغرام" عن الطريقة السحرية التي حولت الفترة الصباحية التي تسبق ذهاب أطفالها إلى المدرسة من فترة توتر وحث وصراخ إلى فترة مرنة وهادئة، وكانت الأداة المستخدمة هي جدول من تصميمها يحتوي على رسومات تدل على المهام التي يجب على كل طفل فعلها خلال وقت محدد خلال الساعة التي تقع بين موعد استيقاظه وموعد انطلاقه للمدرسة؛ إذ خصصت وقتاً لدخول الحمام وآخر لتغيير الملابس وآخر لترتيب السرير وآخر لتناول الطعام، ورسمت إلى جانب كل نشاط شكل الساعة مع عقاربها لحظة البدء به.

هذا يفيد في تعليم الطفل الالتزام بالوقت وإدارته عن طريق تخصيص وقت محدد لكل مهمة يبدأ عند لحظة معينة وينتهي ببدء وقت تنفيذ المهمة التالية، فإذا ما أنهى الطفل مهمته في وقتها رسم إشارة تدل على ذلك وتشعره بلذة مسابقة الزمن ومتعة الإنجاز.

من الوسائل التي تضيف المرح إلى عملية تعليم الطفل فن إدارة الوقت نذكر ضبط المؤقت على فترة قصيرة والدخول في سباق مع الزمن لإنجاز مهمة محددة والاحتفاء إذا ما تم إنجازها قبل صوت المنبه، وتقديم مكافأة للطفل على سرعته في إنجاز المهمة.

4. علِّمي أطفالك كيفية قياس الوقت:

في خضم الحديث عن تعليم الطفل فن إدارة الوقت لا بد أن تقومي بتعويده بالقدوة استخدام المصطلحات الدالة على الوقت وشكل عقارب الساعة في أوقات معينة، فإذا كنت أماً عاملة مثلاً وتخرجين من المنزل في الساعة السابعة، فأشيري إلى الساعة في ذلك والوقت وأخبريه بأنَّها السابعة وحان موعد ذهابك، وإذا ما كان والده يعود من العمل في وقت محدد وليكن الخامسة مثلاً، فأخبريه بأنَّ هذا هو شكل الساعة الخامسة وفي مثل هذا الوقت يرجع والده من عمله، ويمكنك شراء ساعة يد للطفل من أجل ربط أداء المهمة بوقت معين بعد أن يعتاد على قياس الوقت بالساعة.

من الطرائق المستخدمة أيضاً في تعليم الطفل كيفية قياس الوقت هي استخدام المصطلحات الدالة على المدة الزمنية، كأن نقول له سنسلق البيض لمدة عشر دقائق، وسنشاهد التلفاز لمدة نصف ساعة، وسننتظر دقيقة واحدة، وبهذا يتعلم الطفل استخدام المدة الزمنية في كلامه وأسلوب حياته.

5. تحدَّثي مع الطفل عن أهمية إدارة الوقت:

لا يمكن إجبار الطفل على فعل شيء وانتظار الاستجابة الحسنة منه، فإنَّ الأطفال يستجيبون بالإقناع أكثر بكثير من الإجبار والفرض؛ لذا إذا أردت تعليم طفلك فن إدارة الوقت لا بد من أن تتحدثي له عن فوائد تنظيم الوقت وأداء المهام في أوقاتها المحددة.

عندما يعود طفلك من المدرسة وتعطيه استراحة لمدة نصف ساعة مثلاً بعد الغداء قبل أن يبدأ بالدراسة، يجب أن تنوِّهي له إلى أهمية هذه الاستراحة فهي تجعله يرتاح قليلاً من تعب اليوم المدرسي ويتجهز لبدء عملية المذاكرة، وإذا ما حاول المماطلة فيها فأخبريه أنَّ همته قد تفتر إذا ما أطال فترة اللعب أكثر وسوف يفقد القدرة على التركيز في دروسه، كون جسده قد أصبح منهكاً من اللعب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى وقت النوم ووقت الاستيقاظ ووقت استخدام الآيباد؛ لذا احرصي على مشاركة طفلك لك في وضع الجدول الزمني الخاص به، وتعديل هذا الجدول بما يتلاءم مع طبيعته الخاصة.

6. تمتَّعي ببعض المرونة فهي ضرورية فعلاً:

نحن نعلِّم الطفل فن إدارة الوقت من أجل أن يكون مرتاحاً وسعيداً، لا لكي يكون الوقت شبحاً يطارده؛ لذا فإنَّ المرونة والحالات الاستثنائية وكسر القواعد لا بأس بها في بعض الأحيان، على سبيل المثال إذا ما كان موعد نوم طفلك في الساعة الثامنة وقد ذهبتم إلى المبيت في بيت العائلة؛ وناك جميع أبناء أقربائه ممن هم في مثل سنه سوف يشاهدون فيلماً أو يقرؤون القصص في هذا الوقت، فهل نفوت على الطفل متعة هذه الاجتماعات بحجة الالتزام بالروتين؟ وكذلك الأمر بالنسبة إلى أيام العطل أو الرحلات وغيرها، فبعض من المرونة ستجعل الروتين ملاذاً آمناً يُفضِّل الطفل العودة إليه، ويزيد من تقديره لقيمة الوقت إتقانه فن إدارته.

7. كوني قدوة حسنة:

بالتأكيد لن يتعلم طفلك فن إدارة الوقت إذا ما رآك تتصرفين خلاف ذلك، كأن تفرطي في النوم صباحاً أو تعدِّي الغداء في أوقات متباعدة أو تفعلي ما تنهينه عن فعله؛ إذ إنَّ الأطفال يتعلمون بالقدوة ما يصعب أن يتعلموه بالتوجيه والتلقين.

لذا إذا أردت أن تعلِّمي طفلك فن إدارة الوقت فكوني له قدوة حسنة في ذلك، وخصصي وقتاً لواجباتك المنزلية وآخر لأسرتك، ووقتاً خاصاً بنفسك لك أنت فقط تشاهدين فيلماً أو تشربين شيئاً تحبينه وتتأملين مع موسيقى هادئة، لتعيدي من خلاله شحن طاقتك لأداء مهام اليوم التالي، وبذلك يتعلم الأطفال منك إدارة الوقت أولاً ورفع استحقاقهم وتقدير ذواتهم ثانياً.

8. اتركي طفلك يختبر بنفسه ضياع الوقت:

إذا ما كان طفلك من النوع العنيد ولا يستجيب لكل نصائحك وخططك المتعلقة بتعليمه فن إدارة الوقت، فدعيه يجرِّب انسياب الوقت من بين أصابعه، فإذا ما كان موعد نوم طفلك في الساعة الثامنة وما يزال لديه واجب مدرسي عليه كتابته، فكوني صارمة واعتذري منه مخبرة إياه بأنَّ هذا وقت النوم وأنَّ وقت كتابة الواجبات المدرسية قد انتهى، واتصلي بالمعلمة دون علمه ودعيه يختبر بنفسه الإحراج في اليوم التالي ويدرك عواقب الموضوع، فهي غالباً ما تكون درساً له للالتزام بأداء مهامه في وقتها المحدد، وبمثل هذا التصرف تكونين قد علمت الطفل فن إدارة الوقت والابتعاد عن المماطلة والتسويف والاعتماد على نفسه، فأنت لم تقومي بحل الواجب عنه أو تغيير القوانين من أجله.

شاهد بالفيديو: 6 مهارات على طفلك أن يتعلمها ليكون من الناجحين

في الختام:

يُعَدُّ فن إدارة الوقت مهارة يحتاجها الكبير والصغير في أيامنا هذه وفي ظل هذا العالم المتسارع؛ لذا من الضروري الحرص على اكتسابها كونها تساهم مساهمة كبيرة في تسهيل الحياة وتعويد الإنسان على الالتزام والمسؤولية، ولأنَّ العلم في الصغر كالنقش على الحجر حرصنا أن نقدِّم لكم في هذا المقال نصائح لتعليم الطفل فن إدارة الوقت عبر هذه النصائح البسيطة المدعمة بالأمثلة، ونتمنَّى أن تكون مفيدة في هذه الرحلة.