كيف أعلّم طفلي آداب الصيام؟

ينتظر المسلمون في شتى أنحاء العالم شهر رمضان الكريم بشوق ولهفة، لأداء العبادات والفوز برضا الله ومغفرته ومضاعفة الحسنات، ويكون هاجس الآباء والأمهات تعريف طفلهم بقدسية هذا الشهر الفضيل، وأهمية صيامه، وفوائده وثوابه، والتعرف إلى العبادات من صيام وصلاة وزكاة، وأدائها عن حب وقناعة، وتوصيل المعاني العميقة منها.



الجواب عن تساؤلات الطفل بطريقة روحانية مبسَّطة:

"ماما لماذا لا تأكلي أو تشربي أي شيء؟"، "بابا لماذا يريد الله منا أن نشعر بالجوع؟"، غالباً ما يسأل الطفل هذه الأسئلة في شهر رمضان، ونحن ككبار نعرف أنَّ الغاية من الصيام ليست مجرد الامتناع عن الطعام والشراب من شروق الشمس وحتى غيابها؛ بل الغاية الأساسية هي ترويض النفس والروح، للتنازل عن رغبات النفس إلى خالق هذا الكون، والشعور بإحساس الأشخاص المحرومين، لكنَّ تعريف شهر رمضان لطفل يبلغ من العمر 5 أو 6 سنوات، وشرح المغزى العاطفي والروحي من الصيام، مَهمَّةٌ ليست بالسهلة على الأهل؛ لذا يجب على الأبوين أن يجلسا مع الطفل في رمضان، ويشرحا له ما يلي:

  • فوائد الصيام ولماذا فُرض، وما هو الثواب منه، وألا يطلبا منه الصيام دون أن يعرف لماذا نصوم، أو ما فائدة هذا الصيام، فيتحول الصيام لدى الطفل إلى مجرد عادة، وليس عبادة مقدسة.
  • أنَّ الله يريدنا أن نمتنع عن الطعام والشراب، لنعرف نعمه علينا من طعام وشراب، ولنشعر بالفقراء، ومن ثم نكون أكثر لطفاً معهم ونقدِّم لهم المساعدة.
  • أنَّ هذا الشهر الذي اختاره الله ليُنزل فيه القرآن الكريم، وأنَّ الصيام يُقرِّبنا من الله تعالى، ويجعله يُحبنا؛ وذلك لأنَّنا نفعل ما أمرنا به، وأنَّه سيرضى عنَّا، ويُكافئنا بمكافآت عظيمة.
  • لا يقتصر الصوم على الامتناع عن الطعام والشراب، وإنَّما الامتناع عن أشياء يكرهها الله كالكذب، والغش، والغيبة، والنميمة، والتلفُّظ بالكلام المسيء.
  • قد يتساءل الطفل عمَّا سيحدث إن أكلنا أو شربنا عن طريق الخطأ، يجب أن تشرح له الأم أنَّ هذا النسيان هو مكرمة من الله كمساعدة بسيطة لنا.

شاهد بالفيديو: 5 أمور يجب معرفتها عن صيام الأطفال في رمضان

كيف أشجع طفلي على الصيام؟

يمكن للأم والأب تدريب الطفل على الصيام، من خلال الخطوات التالية:

  • الدروس الدينية المبسَّطة: من الهام جعل الطفل يحضر قصص الأنبياء، وشرحاً مبسطاً عن شهر رمضان وفوائد الصيام وثوابه وأجره عند الله تعالى.
  • التدريج: أهم خطوة لتعليم الطفل الصيام، أن نبدأ تعويده على الصوم بالتدريج، البدء بعدد ساعات محدد، وزيادتها تدريجياً.
  • وجبات الإفطار المفضَّلة له: أن نقوم بإشراك الطفل في إعداد مائدة الإفطار، وأن تحتوي على الأطعمة المفضلة له؛ فيُحمِّسه ذلك على الصوم في ساعات النهار، ليتناول الأطعمة التي يُحبها وقت الإفطار.
  • السحور: تعد وجبة السحور أساسية لصيام الطفل؛ لذا يجب تعويده على النوم مبكراً؛ إذ يُفضَّل أن ينام الطفل بعد صلاة العشاء والتراويح، ليتمكَّن من الاستيقاظ عند موعد السحور، ويجب إعداد أطباق سحور شهية تكون حافزاً له للنوم والاستيقاظ من أجل تناولها.
  • عدم إجهاد الطفل: يجب أن تتنبَّه الأم لعدم تكليف الطفل بمهام شاقة، والتي تتطلب مجهوداً خلال ساعات الصوم، خاصةً في أيام صومه الأولى، أي في مرحلة التعود عليه.
  • الصلاة: من الهام أن يؤدي الأب والأم صلاة الجماعة والتراويح في المنزل، ويطلبا من الطفل أن ينضم لهما، مما يجعل الطفل يشعر بروحانية هذا الشهر.
  • قراءة القرآن: أن يشرح الأب والأم ضرورة قراءة القرآن الكريم، لما لها من ثواب في هذا الشهر الكريم، إضافة إلى تعليمه الإنصات عند سماع صوت الأذان ومدفع الإفطار، والبدء بالبسملة ودعاء الإفطار قبل البدء بتناول الطعام.
  • عدم إجبار الطفل: لا يجوز إجبار الطفل على الصيام؛ لأنَّ ذلك سيجعله يكره الأمر ولا يستمر به؛ بل جعله يصوم عن محبة وقناعة بفوائد الصيام وثوابه، وفي حال اكتشف الأبوان أنَّ الطفل الصائم أكل خفيةً، يجب ألا يُعاقباه، بل يُشعرانه أنَّهما سامحاه وقبلا عذره، على أن يعدهُما بأنَّه لن يُعيد ذلك مرة أخرى، ولا مانع من ترك الطفل يفطر إذا شعر بالتعب حتى لا يعتاد الكذب.
  • الأنشطة الرمضانية: من الضروري إشراك الطفل بالأنشطة الرمضانية، مثل: إعداد زينة وفوانيس رمضان وتعليقها في المنزل، مما يجعل من رمضان شهراً مميزاً، فيتحفز الطفل على انتظاره كل عام.
  • المكافآت: يُمكن تحفيز الطفل على الصوم بوعده بالهدايا والمكافآت.
  • الافتخار به: إشعار الطفل بأنَّ صيامه إنجازاً عظيماً، ومفخرة للعائلة كلها، مما يُحفزه على حب الصيام والاستمرار به.
  • صندوق للتبرعات: أن يشرح الأبوان للطفل أنَّ عمل الخير في شهر رمضان يُضاعف الأجر والثواب، وأن يُعلِّماه أهمية الصدقة، بأن يضعا صندوقاً للتبرعات في البيت، بحيث يقوم الأهل والطفل بوضع النقود فيه يومياً، على أن يفتحوا الصندوق مع الطفل في نهاية الشهر الفضيل، ويجمعوا النقود ويتبرعوا بها للمحتاجين.
  • أجواء رمضان: من الهام أن يقترن رمضان بصورة وذكريات محببة للطفل، من تزيين المنزل، ولحظات انتظار المدفع، واجتماع العائلة، ودعوة الأقارب على مائدة الطعام، وارتفاع أصواتهم بأحاديث مسلِّية قبل أو بعد الإفطار، وتنوُّع الأطباق والحلويات الشهية، مما يُشعِر الطفل بالفرح والبهجة والأجواء الرائعة لأيامه ولياليه، فينتظر هذا الشهر كل عام.

كيف أُدرِّب طفلي على الصيام؟

فرض الله تعالى الصيام على كل مسلم عاقل بالغ، ويسقط حكم الصيام عن الأطفال الصغار الذين لم يبلغوا سن التكليف وهو سن بلوغه، فالطفولة ليست مرحلة تكليف، وإنَّما هي مرحلة إعداد وتدريب وتعويد؛ لذا يُفضَّل تدريب الطفل عندما يبلغ سن السابعة على الصيام تدريجياً، ليُصبح قادراً على الصيام صياماً كاملاً عند الوصول إلى سن البلوغ والتكليف.

كما ويجب التأكد من قدرة الطفل على الصيام، من خلال استشارة الطبيب قبل الصيام، والقيام بتحاليل وفحوصات للتأكد من نسبة الهيموغلوبين في دمه؛ وذلك لأنَّ انخفاضها يُضعف قدرته على تحمُّل الصيام.

ينصح العلماء والتربويون بمجموعة من الطرائق التي يُدرَّب من خلالها الطفل على الصيام، دون أن يشعر بالإرهاق أو الملل، مثل:

  • عندما يكون الطفل في سن السابعة؛ يُوجَّه للصوم يومين فقط من كل أسبوع طوال شهر رمضان، وأن يكون صوم الطفل من وقت صلاة العصر، وحتى وقت صلاة المغرب فقط.
  • في سن الثامنة؛ يُوجَّه الطفل للصوم يومين في الأسبوع طوال شهر رمضان، كأن يصوم أول أسبوع من العصر حتى المغرب، والأسبوع الثاني من صلاة الظهر حتى أذان المغرب، والأسبوعين الثالث والرابع؛ يومين كاملين من أذان الفجر حتى أذان المغرب.
  • في سن العاشرة؛ يُوجَّه الطفل للصوم ثلاثة أيام كاملة من كل أسبوع طوال شهر رمضان.
  • وهكذا عندما يصل الطفل لسن التكليف يكون قد اعتاد على صيام الشهر.
إقرأ أيضاً: 7 نصائح لتعويد الأطفال على الصيام في رمضان

فوائد الصيام الوجدانية والصحية للطفل:

للصيام فوائد وجدانية للطفل، مثل:

  • زرع الدين، والقيم والأخلاق الحميدة، ليكبر الطفل وبداخله الفطرة السليمة.
  • تحمُّل الجوع والعطش يعلمان الطفل الصبر وقوة الإرادة.
  • شعور الطفل بالفقراء والمحتاجين الذين لا يجدون طعاماً أو شراباً.
  • تهذيب النفس.
  • الترابط الأسري، باجتماع الأسرة على الإفطار والسحور.
  • وفوائد صحية مثل:
    • يساعد الصيام على تنظيف جسم الطفل من الشوائب.
    • يُعزز من صحة الكبد ويُخلص الجسم من السموم.
    • يعزز من صحة البنكرياس المسؤول عن إفراز الأنسولين، وتحويل السكر إلى خلايا نشوية ودهنية تُخزَّن في الخلايا.
    • يقلل الصيام نسبة الدهون المتراكمة في جسم الأطفال المصابين بالسمنة.

نصائح لوجبتي السحور والإفطار:

  • وجبة السحور: يُفضَّل تأخير وجبة السحور قدر الإمكان، لتكون أقرب ما يُمكن من موعد بدء الصيام، ويجب أن تحتوي وجبة السحور على البيض أو الفول مع العسل، والزبادي، والخضار الطازجة مثل الخيار والخس لأنَّهما يحافظان على الماء داخل الجسم، ومصادر الحليب ومشتقاته، والابتعاد عن اللحوم لتجنب الإمساك، والابتعاد عن المياه الغازية والشاي لأنَّهما يُنبهان الجهاز العصبي، مما يُصيب الطفل بالأرق.
  • وجبة الإفطار: يجب أن تحتوي وجبة الإفطار حبات من التمر، وطبق شوربة، وطبق سلطة خضار، وقطعة لحم متوسطة أو دجاج أو سمك.

قواعد غذائية لصيام الطفل صياماً آمناً:

يُسبب الصيام تعباً ونقصاً في الطاقة عموماً، وعلى الطفل خصوصاً؛ وذلك لأنَّه يحتاج للغذاء لنموه ووظائف جسمه؛ لذا من الضروري الاهتمام بغذائه وتعويضه ما خسر من فيتامينات ومعادن وسوائل؛ إذ يؤكد الأطباء أنَّ الطفل في مراحل عمره الأولى يكون في حالة نمو، وحاجة ماسة إلى مواد أساسية في التغذية؛ لذا يجب الانتباه إلى القواعد الآتية:

  • تنبيه الطفل لشرب الكثير من السوائل بعد الصيام، لحمايته من التعرض للجفاف أو الإمساك؛ فعلى الأقل شرب 8 أكواب من الماء.
  • عدم الإكثار من تناول الحلويات، والعصائر المصنعة واستبدالها بالعصائر الطبيعية.
  • الابتعاد عن الملح والأطعمة الغنية بالأملاح حتى لا يشعر الطفل بالعطش خلال الصيام.
  • الانتباه لعدم تعرُّض الطفل الصائم لأشعة الشمس خلال ساعات الصيام.
  • هناك بعض الأمراض تمنع الطفل من الصيام، مثل: أمراض الكلى، أمراض السكري، والسل، والأنيميا، قرحة المعدة.
  • الحرص على حصول الطفل على جميع العناصر الغذائية خلال ساعات الإفطار.
  • على الأم ألا تدفع الطفل للأكل أكثر من حاجته على الإفطار، حتى لا يُصاب بالتلبك المعوي ومشكلات هضمية، والكسل والصداع والسمنة.
  • يجب مراقبة الطفل ومتابعته خلال الصيام، وعند ملاحظة تأثر صحته بأي عرض طبي من إسهال حاد أو دوخة أو درجة حرارة مرتفعة؛ وذلك لأنَّهم قد يكونون عرضة للجفاف بسبب نقص السوائل أو غيرها، عندها يجب منع الطفل من الصيام.
إقرأ أيضاً: نصائح الأخصائيين للحفاظ على صحة الطفل الصائم في رمضان

في الختام "كن قدوة لطفلك":

يجب على الأبوين أن يكونا قدوة صالحة للطفل، فالطفل أمهر آلة تسجيل في العالم، فلا يُظهرا التأفف والتذمر من الصيام، ولا يمضيا النهار نائمين، أو في مشاهدة التلفاز، فعندما يُشاهد الطفل أبويه يصومان الشهر وهما سعيدين، ويؤدِّيان الصلاة ويقرأان القرآن، سيقوم بتقليدهما.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة