كلمة واحدة قد تدمِّر قدرة القادة على التعاطف

التعاطف في جوهره، هو رؤية العالم أو الموقف من وجهة نظر شخص آخر. في رواية "أن تقتل طائراً بريئاً" (To Kill a Mockingbird) للمؤلفة "هاربل لي" (Harper Lee)، يُعرِّف "أتيكوس فينش" (Atticus Finch)، التعاطف لابنته بقوله: "لا يمكنكِ فهم أي شخص حقاً حتى تفكري في الأمور من وجهة نظره، وتفهمي سبب تصرُّفه بالطريقة التي يتصرف بها حتى لو لم توافقي عليها".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن ورائد الأعمال "مارك مورفي" (Mark Murphy) المدير التنفيذي لشركة "ليدرشيب" (Leadership).

يبدو التعاطف العملي صعباً بعض الشيء؛ إذ تخيل أنَّك تتحدث مع صديق ويمر بأزمة مالية صعبة وعمليات تسريح للموظفين، حيث يقول لك صديقك: "لست متأكداً من وجود مستقبل في هذا العمل"، لكن أنت ترد بالقول: "أنا أوافقك الرأي، لكنَّك ستنجح في تجاوز ذلك".

هل كان ردك يدل على التعاطف؟

هذا سؤال حقيقي في أحد اختبارات قياس التعاطف؛ واستناداً إلى آلاف الردود، يظن نحو ثلث الموظفين أنَّ هذا أمر تعاطفي، لكنَّهم بالحقيقة مخطئون.

لقد كشفت لصديقك عن مشاعر القلق والشك لديه، وبينما قلت له: "أنا أصغي إليك"، أخبرته أيضاً على الفور أنَّه لا ينبغي له الشعور بالانزعاج، لقد نقلت له هذا الشعور عندما استعملت كلمة "لكنَّك".

شاهد: طرق تعامل المدير الناجح مع الموظفين

عندما تستعمل كلمة "لكن" في الرد، فأنت تقول: "أنا أضع كل ما قلته جانباً بحيث يمكنك التركيز على ما يجب أن أقوله بدلاً من الحديث عن مشكلاتك".

في أثناء إجراء إحدى الدراسات، راقبت مديراً تنفيذيَّاً أياماً عدة، ومن التصرفات التي راقبتها عدد المرات التي قال فيها كلمة "لكن" خلال اجتماع الفريق التنفيذي.

سيقدِّم المديرون التنفيذيون فكرة لتحسين الكفاءة أو خدمة العملاء أو أي شيء آخر، وكان يقول روتينياً شيئاً مثل: "هذه ليست فكرة سيئة، ولكن" أو "نعم، ولكن" وخلال أحد الاجتماعات، قال هذه الكلمة حرفياً أكثر من 50 مرة - بصراحة، توقفت عن العد عند المرة 50 - وفي كل مرة قال "لكن"، كانت الطاقة تخرج من قاعة الاجتماع، وبحلول الوقت الذي انتهى فيه الاجتماع، كان الرئيس التنفيذي هو الشخص الوحيد الذي ما يزال يتحدث.

في دراستنا، "حالة تطوير القيادة" (The State Of Leadership Development)، اكتشفنا أنَّ 26% فقط من الموظفين يقولون إنَّه عندما يشاركون مشكلات عملهم مع قائدهم، فإنَّ القائد يستجيب دائماً استجابة بنَّاءة، في هذه الأثناء، إذا قال أحدهم إنَّ قائدهم يستجيب دائماً عندما يشاركونه مشكلات العمل، فإنَّ احتمال أن يقول هؤلاء إنَّ الشخص الذي يعملون معه رب عمل رائع، يزداد بنحو 12 مرة.

إقرأ أيضاً: الاستماع التعاطفي، الذهاب أبعد من الاستماع الفعّال

توقَّف عن الكلام:

كيف يمكنك تدريب القادة ليكونوا أكثر تعاطفاً واستجابة بنَّاءة؟ ابدأ بتعليمهم أن يتوقفوا عن الكلام بعد أن يقولوا كلمة: "أنا أصغي إليك"، وعلمهم أنَّهم لا يستطيعون قول: "لكن" ولا ينبغي أن يستمروا في الحديث، ويجب أن يقولوا فقط: "أنا أصغي إليك" ولا شيء آخر.

فقد تجبرنا كلمة "لكن" على الخروج من وضع الإصغاء إلى وضع التحدث، وعندما نقول هذه الكلمة، فإنَّنا نقدِّم سبباً لكون أفكار الشخص الآخر خاطئة وما الذي يجب أن يفعله بدلاً من ذلك، وهذا عكس التعاطف، إنَّه نقيض رؤية الأشياء من وجهة نظر شخص آخر.

ومن المفارقات أنَّك عندما تُعلِّم التعاطف لقادة شركتك، فيجب ألا تثقل كاهلهم بنصوص مفصلة؛ إذ يُعَدُّ ارتباط التعاطف بالصمت أكبر من ارتباطه بكلمات محددة، ويتطلب التعاطف أن يستوقفك ما قاله الشخص الآخر للتو، مع مراعاة أفكاره ومشاعره دون محاولة معرفة ما سيقوله بعد ذلك، ويتطلب التعاطف تدريباً، ولكن عند إتقانه، يكون من أقوى الأدوات التي يمتلكها القائد.

المصدر.




مقالات مرتبطة